يعرف المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب نادي ريال مدريد حالياً بقدرته على إنهاء حالة الصيام التي تعاني منها الأندية الأوروبية ، وذلك من خلالجلبه للبطولات و الكؤوس المحلية والقارية لها وفي ظرف زمني قصير قد لا يتعدى موسمه الأول مع تلك الأندية ،ويبرهن على ذلكتجاربه السابقة .


ديدا ميلود - إيلاف :فنادي بورتو البرتغالي تمكن تحت امرته من التتويج بالدوري الأوروبي ثم دوري أبطال أوروبا بعد غياب عن المنصات الأوروبية دام قرابة العشريتين ، و تشيلسي الإنكليزي نال معه لقب البريميير ليغ ثلاث مرات متتالية بداية من الموسم 2004-2005 بعدما غاب عن خزائنه لفترة طويلة،كماأنهمنحإنترميلانودوريأبطالأوروبا بعد قرابة اربعين سنة من الصيام ، و هاهو يتجه بثبات مع ريال مدريد لإحراز اللقب الأغلى قارياً الذي غاب عنه منذ العام 2002 ، بعدما نجح في إستعادة لقب الليغا الموسم الماضي الغائب منذ أربع مواسم.

غير ان هذه النعمة التي يجلبها السبيشل ون سرعان ما تختفي عندما يقرر الرحيل عن النادي إلى ناد اخر ، بل و تتحول تلك النعمة إلى نقمة وأزمة تتفاقم و تحتاج الأندية التي مرت بها إلى مواسم للتعافي من تداعياتها الكثيرة خاصة أن تجاوزها يحتاج إلى علاج من نوع خاص.

إصلاح يخلفه دمار

فالمدرب البرتغالي الشهير يأتي بالاصلاح للأندية ، لكنهعندما يرحل فأنه يترك خلفه الدمار، و إذا كان النادي الذي يتولاه يتحصل على بطولات في أول موسم له فان السنوات العجاف قد تطول مابعد بعد رحيله إلى سنوات ، و هو ما جعل البعض ممن تعاملوا معه على غرار رئيس نادي إنتر ميلان الإيطالي ماسيموموراتي يصفه بقاتل الأندية التي يدربها ، فهو بذلك يصبح و كأنه نوع من أنواع المخدرات التي تمنح لمتعاطيها نشوة و نكهة لا توصف لكنها تتحول إلى داء ينخر جسده .

و التجارب أيضا تؤكد هذا الوصف ، فعندما غادر البرتغال بإتجاه إنكلترا لتدريب البلوز ترك بورتو البرتغالي تحت رحمة غريمه بنفيكا ينهشه و يخطف منه لقب الدوري المحلي أما قارياً فأن بورتو احتاج لسبع سنوات لمعانقة خامس ألقابه ، و حتى عندما غادر تشيلسي الإنكليزي عام 2008 فقد تركه يتخبط في حالة من اللاتوازن مما ساهم في إهدارهلبطولاتكانت في متناول الفريق خاصة نهائي أبطال أوروبا عام 2008 أمام مانشستر يونايتد ، غير ان صفة قاتل الأندية تجسدت أكثر بشكل واضح في إيطاليا عندما كان مدرباً لإنتر ميلان الإيطالي الذي بقي معه موسمين فقط ثم رحل عنه في صيف 2010 ،و الآن يمر الموسم الثالث على رحيله من ميلانو و لا يزال الإنتر لم يخرج بعد من عنق الزجاجة رغم انه عرض حالته الصحية على أربعة اخصائيين ، إلا أن النتائج من سيئ إلى أسوء على الصعيد المحلي والقاري ،حتى أنه انه خرج من ترتيب الثلاثة الأوائل مهدراً فرصة المشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل .

الآن و مع ترديد نغمة رحيل مورينيو عن النادي الملكي فأن عشاق المرينغي يشعرون بالخوف من ان تصيبهم العدوى البرتغالية التي أصابت من قبلهم عشاق الإنتر و البلوز و بورتو خاصة في حال توج الفريق بطلاً لأوروبا للمرة العاشرة في تاريخه فمع عدوى مورينيو قد تضربهم عين حسود.
يعمل للمدى القصير فقط
تعتبر التجارب الأربعة التي مر بها مورينيو مؤكدة أنه فعلاً مدرب يختلف إختلافا كبيراً عن بقية المدربين على غرار الإسباني غوارديولا أو الإيطالي إنشيلوتي أو الإيطالي كابيلو و غيرهم ممن يتركون لخلفائهم العديد من الأمور الإيجابية تجنبهم الإنطلاقة من الصفر لسبب بسيط لانهم يعملون و يخططون على المدى القريب و البعيد ،و يعملون وكأنهم سيبقون مع أنديتهم لسنوات طويلة ،فهم لا يرحلون إلا عندما يرغبالآخرونفي ذلك ، في حين أن مورينيو يعمل للمدى القصير فقط وتاريخ رحيله عن الأندية التي دربها يكشف ذلك بغض النظر عن رضى و موافقة النادي ، فهي تعتبر بالنسبة إليهمجرد صفحة تطوى لتفتح صفحة أخرى يكتب فيها ما يشاء و باللون الذي يريده ، لتكون قاعدته في الحياة و فلسفته في العمل و التي جعلت منه المدرب الأغلى و الأنجح والأكثر جدلاً في العام في العشرية الأخيرة .
و من هذا المنطلق فأن مورينهو يراهن دوماً على موسمه الأول أو الثاني فيركز جهوده عليهما و يُخرج من لاعبيه كل ما بجعبتهم و يطلب من الإدارة أن تتعاقد مع أفضل اللاعبين بغض النظر عن أسعارهم و يخطط للظفر بجميع البطولات التي يدخلها ، فعندما يكسبها أو على الاقل يكسب أفضلها فأنه يقرر الرحيل فيترك الفريق ينهار لأن اللاعبين أستهلكوا فنياً و بدنيا و بلغوا معه درجة التشبع التي تنعكس بالسلب على معنوياتهم و أدائهم بعدما حققوا ما كانوا يصبون إليه من بطولات، و تجعلهم يفكرون في نهاية الموسم وفي تغيير الأجواء لان أجواء النادي لم تعد تناسبهم ، بل ان مورينهو نفسه يساهم و بقسط هام في تلبيد تلك الاجواء من خلال خطة فرق تسد التي يجيدها و التي تجعل الفريق تسوده صراعات بين اللاعبين مثلما يحدث حالياً في قضية حارس ريال مدريد الإسباني ايكر كاسياس ، فمورينيو يريد دائماً ان يكون هو النجم الأوحد في أي ناد يدربه و لا يرضى أن يقاسمه أحد ذه النجومية بما في ذلك نجوم مثل مواطنه رونالدو أو الإسباني كاسياس و غيرهما .
كما انه يجعل أي فريق يشرف عليه منبوذاً من قبل بقية الأندية المنافسة و جماهيرها و إعلامها و تزاد عداوتهم للنادي بسبب مهاتراته و حروبه الإعلامية التي لا تنتهي و لسانه السليط الذي يضعه ويضع النادي في مأزق.
كما يعمد مورينهو إلى جلب أبرز وأهم النجوم من ناد لأخر مثلما فعله مع بورتو في 2004 إذ جلب معه إلى لندن كل البرتغال و أصبح تشيلسي برتغالياً أكثر منه إنكليزياً ، و ها هو يخطط ليأتي إلى لندن مجدداً و معه رونالدو و ربما لاعبين أخرين .
قوة تأثير كبيرة على اللاعبين
ويتمار المدرب البرتغالي مورينيو بقدرته على التأثير الشديد على اللاعبين بجعلهم أكثر ولاء له و ليس للنادي ، فبمجرد رحيله فأن اللاعبين تصيبهم رغبة كبيرة في ترك النادي صيفاً أو شتاء حتى لو تطلب الأمر الانتقال إلى النادي الغريم مما يجعل مردودهم يقل و يدخلون في صراعات مع إدارة أنديتهم التي تسعى للابقاء عليهم.
و بسبب لهثه وراء النتائج والإنجازات الشخصية فأنه يعتمد على تكتيك جديد يقوم على ربح المساحات و يتحول معه اللاعب إلى مجرد بيدق يخضع لتعليمات صارمة ، تكتيك خال من المشاهدة و المتعة لانه يهتم فقط بتحقيق المكاسب فيفقد النادي هويته الفنية التي يصعب على من يخلفه إستعادتها دون التضحية بالنتائج .
غير أن هناك عاملاً أخر نفسي يرتبط بشخصية مورينيو ذاتها، فهو يحب أن يترك دائماً رسالة للأندية التي دربها ،رسالة تجعله يشعر بالتفوق مفادها أنه هو الوحيد القادر على إيصال النادي للقمة دون غيره من المدربين و ربما هذا العامل هو الذي جعله يدخل في صراع غريب مع الإسباني غوارديولا وقبله مع الإسكتلندي السير اليكس فيرغوسون لانه كان يشعر بالغيرة إتجاههم ثم تكرر الأمر مع الإسباني ديل بوسكي و الذي تجلى ذلك بوضوح في قضية قائد منتخب صربيا بانديف الذي لعب تحت أمرته في إنتر ميلانو من خلال تصويته لجائزة الفيفا ، بل ان تلك العقدة تؤكد بأن مورينيو يجتهد و كأن تلك البطولات ستدون في سجله هو لوحده و ليس للنادي قبل ان يكتشف بأن ذلك أمراً مستحيلاً ، و من هنا فعقدة التفوق و الغيرة السلبية تشجعه على زرع بذور الدمار في النادي الذي يدربه ، بذور تنمو أشواكها بعد مغادرته مباشرة .