ستختار اللجنة الاولمبية الدولية المدينة التي تنظم الالعاب الشتوية عام 2022 يوم 31 تموز/يوليو المقبل، خلال مؤتمرها المقرر في كوالالمبور.
&
وفي وقت ينحصر السباق لاستصافة الاولمبياد الـ24 بين مدينتين آسيويتين هما آلماتي الكازاخستانية وبكين الصينية، نظرا لانسحاب مدن اوروبية عدة، فان الاستعداد للترشح لاستصافة الالعاب الصيفية عام 2024 يشغل مدنا كثيرة.
&
وازاء هذه المفارقة، تبدو "الحال الشتوية" مشابهة الى حد ما لظروف اختيار لوس انجليس لتنظيم الالعاب الصيفية عام 1984، فهي كانت وحيدة في السباق وضمنت "شرف التنظيم". والمدينتان الآسيويتان صمدتا في مقابل احجام مدن اوروبية عدة مثل ميونيخ وستوكهولم وخصوصا اوسلو، وكأن "الشعوب لا تريد العابا مرهقة ماديا".
&
والسؤال الذي يطرحه "الاولمبيون" هل تجربة سوتشي الروسية التي نظمت الاولمبياد الشتوي في شباط/فبراير الماضي تهرب الجميع من تجرع كأس مرة، لا سيما ان روسيا انفقت 32 مليار يورو على التنظيم والبنية التحتية؟
&
والمعروف ان اعداد ملف الترشح يمر في المدن الاوروبية بمراحل الاستقطاب الشعبي والاستفتاءات واستطلاعات الرأي، على عكس المتعارف عليه في بلدين مثل الصين وكازاخستان. واللافت ايضا ان "دول الثلج الكبرى" باتت تتحاشى الاستضافة لاسباب عدة، كما ان رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ يدرك تداعيات الازمة الاقتصادية ويتفهمها.
&
واذا كانت اللجنة الاولمبية الدولية لا تستطيع تعديل آلية الترشح حاليا وسط "الانهيار" الحاصل او تبدلها، وبالتالي ستنحصر المنافسة الشتوية بين المدينتين الآسيويتين، فانها ستجري "الاصلاحات اللازمة" لاحقا كما يؤكد باخ.&
&
باخ تلقى 40 اقتراحا لـ"اجندة 2020" التي اعلن عنها من ضمن برنامجه الانتخابي، من اجل اعداد خريطة طريق استراتيجية لمستقبل الحركة الرياضية. وستصوت عليها الجمعية العامة لاعضاء اللجنة الاولمبية الدولية على اثر انتهاء اجتماعاتها غدا الثلاثاء في موناكو.
&
ولفت باخ الى ان الخطوات المقبلة ستؤثر في طرق تقدم المدن بعروض لاستضافة الالعاب وكيفية ادراج رياضات في البرنامج الاولمبي.
&
وتتمثل اكبر التغييرات بما بتعلق بالتقدم بعروض الاستضافة، اذ تسعى اللجنة الدولية لجعل الكلفة اقل واكثر تأقلما مع حاجات المدن مقارنة بالمعايير الحالية وصولا الى المنشآت والبنية التحتية. ويؤكد خبراء ان دخول رياضات جديدة الى البرنامج سيجذب جماهير جديدة ورعاة مع زيادة عائدات البث التلفزيوني.
&
ويشدد باخ ان وقت التغيير حان في الحركة الاولمبية، من خلال "فتح الباب امام صيغة جديدة لاستضافة الدورات بحيث يمكن لاكثر من مدينة ان تستضيف الالعاب كيلا يكون العبء على مدينة واحدة، ولكي تتمكن المدن الاخرى من الاستفادة من التطور الذي يلحق بالمدن المضيفة"، ملمحا الى استضافة مشتركة بين اكثر من بلد، على الاقل على الادوار الاولى من المنافسات.
&
يلخص فريق عمل باخ الطرح الجديد بانه سعي الى تنوع وابتكار اكثر من قبل المدن، وستساهم اللجنة الدولية بمد يد العون خلال مرحلة تكوين ملف الاستضافة بخبرات ودعم مادي يصل الى 2ر1 مليون يورو. كما ان البحث في ادراج العاب جديدة لن يكون على حساب اخرى معتمدة ضمن البرنامج الاولمبي، لكن ستلغى مسابقات من العاب كي تضاف العاب جديدة، ووفق معادلة الابقاء على عدد المتنافسين 10500 رياضية ورياضي في الالعاب الصيفية (310 مسابقات)، و2900 رياضية ورياضي في الالعاب الشتوية (100 مسابقة)، وبلوغ حد المناصفة بين الجنسين (50 في المئة مشاركة نسائية).
&
ويتحدث كريستوف دوبي المدير التنفيذي للالعاب الاولمبية، عن "سوء فهم" لناحية التكاليف، موضحا انه يجب الفصل بين كلفة التنظيم وتلك الخاصة بالبنية التحتية والمحيط، لا سيما ان بلدانا تغتنم فرصة استعداد احدى مدنها لتنظيم الالعاب، لاطلاق مشاريع عملاقة على صعيد البنية التحتية والاعمار.
&
عموما، لا تبدي اللجنة الدولية قلقاً في شأن عدم الاقبال على الترشح للاستضافة، باعتبار ان التعديلات المقترحة ستأخذ في الحسبان "الرؤية المحلية في ما يطرح" وفق دوبي، و"رغبة المجتمع المحلي من خلال ما تقدمه المدن عبر الالعاب"، متوقعا "ورشة تواصل ضخمة"، لأن "فكرة الاحتضان والتوأمة وحتى التنظيم المشترك، ستشجع مدنا كثيرة على الترشح. كما ان التواصل والشرح سيسهلان فهم دفتر الشروط".
&
وتقلصت المدن المرشحة للالعاب الشتوية في غضون عقدين بين 8 و5 مدن حتى دورة 2014، الى 3 مدن لدورة 2018 التي ستنظمها مدينة بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية، الى مدينتين لدورة 2022، بعد اعتذارات وانسحابات (ميونيخ، استوكهولم، دافوس، اوسلو، لفيف وكراكوفيا).
&
وبحسب رئيس لجنة التقويم الملفات لدورتي 2006 (تورينو) و2014 البطل الاولمبي الفرنسي جان كلود كيلي، تتعدد اسباب الانسحابات والاحجام عن الترشح بين السياسية والاقتصادية والبيئية والشعبية، الى قراءات خاطئة لمعطيات في غير محلها، لافتا الى ان العامل الاقتصادي يلعب دورا رئيسا في الاحجام الاوروبي، ومجددا التأكيد أن الـ32 مليار يورو التي انفقتها روسيا لتنظيم العاب سوتشي، كان معظمها للتطوير واستثمارات في البنية التحتية لمئة سنة مقبلة (24 مليارا لتشييد 22 الف غرفة فندقية وانشاء خط السكة الحديد ومحطة توليد الطاقة وانفاق مسافتها 11 كليلومترا، وشبكة اتصالات والياف بصرية)، في مقابل نحو ملياري يورو للتنظيم. علما ان الدورة حققت ارباحا بلغت 96 مليون يورو، كما ان المنطقة اصبحت قبلة سياحية استقطبت 400 الف زائر في الصيف الماضي.
&
ولعل المفاجأة الكبرى في الاعتذار عن المضي في الترشح لالعاب 2022، موقف اوسلو التي رصدت موازنة تقدّر بـ3ر4 مليار يورو، نظرا لتوافر بنية تحيتة متقدمة جدا. والنروج البالغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة فازت بـ331 لقبا اولمبيا شتويا، لكن عاصمتها التي سبق ونظمت الالعاب عام 1952 فضلاً عن استضافة مدينة ليليهامر دورة 1994، لم تحظ بضمانة حكومية، كما ان الانطباع عن اللجنة الاولمبية الدولية لدى الرأي العام النروجي سلبي. وبالتالي استقر الرأي على ان تنفق الموازنة المرصودة على تنمية مناطق في البلاد.
&
في المقابل، يبدو "البارومتر" الصيفي صافيا وناشطا حتى اشعار آخر، اذ تتوقع اللجنة الدولية ورود تراشيح اولية من نحو 10 مدن لتنظيم العاب 2024، ومنها سان فراسيسكو ولوس انجليس وبوسطن وبرلين وهامبورغ واسطنبول والدوحة مجددا، فضلاً عن مدينة من جنوب افريقيا، وربما باريس التي تدرس خطوتها بحذر خشية ان تأتي ناقصة، اذ تصادف الدورة ومئوية استضافة العاصمة الفرنسية لالعاب عام 1924. &