رغم الفوز الأخير الذي حققه المنتخب الجزائري على السنغال ودياً بهدف نظيف الثلاثاء ، إلا أن المباراة الودية التي خسرها محاربي الصحراء أمام نظيره الغيني الجمعة بهدفين لهدف، قد كشفت عن العديد من نقاط القصور لدى الخضر على مختلف الأصعدة، ما كشف أن تصدرهم لقائمة المنتخبات العربية والإفريقية بحسب الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يخفي تلك العيوب التي من شأنها ان تعيق تأهله لنهائيات كأس العالم للمرة الثالثة على التوالي والخامسة في تاريخه ، إذا لم يسارع القائمون على المنتخب إلى إصلاح الوضع وتفادي سياسة الترميم المنتهجة حالياً، والتي وإن نجحت في إخفاء الحقائق المرة فإنها اخفقت في معالجة الداء.

عقدة نفسية
&
الهزيمة من غينيا جعلت الجميع يتأكد بأن لاعبي المنتخب الجزائري أصبحت لديهم عقدة نفسية من ملعب الخامس من يوليو بالعاصمة الجزائرية ، ومصدر شؤم للفريق الوطني منذ النكسة التي تعرض لها الخضر في يونيو من عام 2007 في عهد المدرب الفرنسي جون ميشال كافالي عندما تعرض لخسارة مفاجئة ـأمام المنتخب الغيني بهدفين دون رد- تسببت في إقصائه من سباق تصفيات كأس أمم افريقيا التي جرت بغانا عام 2008 ، ثم بعدها خسارة المباراة الودية أمام البوسنة والهرسك.&
&
ومنذ عام 2008 أصبح اللاعبين يشعرون بالراحة الفنسية في أي إستاد اخر باستثناء ملعب الخامس من يوليو خاصة ملعب مصطفى تشاكر بمدينة البليدة الذي تحول إلى فأل خير على المحاربين وعليه صنعوا إنجازاتهم في السنوات الأخيرة ، حيث &لم يخسروا عليه أي مباراة رسمية مما جعله يرتبط بأفراح الخضر بينما أصبح الخامس يوليو مرتبطا بأحزانهم.
&
&وبحسب تقارير إعلامية فإن الاتحاد بدأ يروج لعيوب تقنية وتنظيمية في ملعب الخامس من يوليو ، مبرراً بها خيار العودة إلى مصطفى تشاكر في الاستحقاقات القادمة.
&
بصمة غائبة
&
رغم مرور عام و نصف العام على تواجد المدرب الفرنسي &كريستيان غوركوف على رأس الجهاز الفني للمنتخب الجزائري بعدما عين خلفاً للبوسني وحيد حاليلوزديتش عقب نهائيات مونديال البرازيل 2014 ، وحصوله على فرصة كافية وطويلة للتعرف على كافة خبايا وتفاصيل الخضر، إلا ان بصمته لا تزال غائبة على أداء المنتخب الجزائري.
&
فالفريق الوطني استعاد هويته في عهد الناخب البوسني الذي نجح في إحداث تغييرات جذرية على طريقة اللعب التي كان يتبعها رابح سعدان وبعده عبد الحق بن شيخة ، ليحقق أبناء المحارب البوسني نتائج مميزة في مختلف البطولات، إلا ان رحيله وإسناد المهمة لغوركوف جعل المنتخب يعود للبحث عن هوية أخرى.&
&
ورغم أن غوركوف ورث عن حاليلوزيتش فريقا جاهزاً، إلا ان الفني الفرنسي آثر تحويله إلى ورشة مفتوحة فشل في إتمامها رغم ضغط الاستحقاقات الرسمية التي لن تمنحه الوقت لتجريب عناصر جديدة وفق أسلوب جديد لم يستوعبه اللاعبون بعد ، خاصة أن الجمهور والصحافة والاتحاد يطالبونه بتحقيق نتائج جيدة وعلى رأسها التتويج بكأس أفريقيا وليس التأهل للنهائيات فقط بالإضافة إلى بلوغ لنهائيات مونديال روسيا 2018.
&
والحقيقة التي يجب ان يدركها غوركوف هي أنه قد وضع نفسه في موقف ضعيف لا يحسد عليه ولن تنفع معه تبريراته بعدما شاهد الجميع الأداء الباهت لزملاء سفيان فيغولي أمام غينيا.
&
ضعف وتمرد
&
وفضلاً عن غياب البصمة الفنية والتكتيكية ، فإن مباراة غينيا ومباريات سابقة أخرى ودية ورسمية كشفت بأن غوركوف ليست لديه القدرات الشخصية التي تسمح له بالسيطرة على غرف الملابس وفرض الانضباط على لاعبيه مثلما كان الحال مع البوسني الذي نجح في فرض شخصيته على اللاعبين ، من خلال استخدامه لجميع صلاحياته الفنية، وواضعاً بذلك حداً امام تدخل اي جهات أخرى مهما كان نفوذها بما فيها رئيس الاتحاد نفسه ، خاصة فيما يتعلق باختيار التشكيل الأساسي.
&
وخلال مباريات مونديال البرازيل لم يتجرأ أي لاعب على انتقاد خيارات مدربه البوسني ، حتى بعد الخسارة أمام بلجيكا ، غير ان الامور اختلفت مع خليفته الفرنسي الذي أظهر لأبنائه ضعف شخصيته وقلة صرامته مما استغله العديد من العناصر الفنية للتمرد عليه وانتقاد تكتيكاته لدى وسائل الاعلام بكافة أشكاله (المقروء والفضائي) &مثلما حدث مع المهاجم العربي هلال سوداني في نهائيات كأس امم افريقيا مطلع العام الحالي بجنوب افريقيا.&
&
وهذا وأصبح اي لاعب يراهن على مواجهة المدرب الفرنسي ومهاجمته إعلامياً كسلاح من أجل استدعائه أو لإشراكه في التشكيل الأساسي بعدما تعامل معهم غوركوف كلاعبين نجوم خاصة الذين تألقوا منهم في المونديال محجماُ من نفسه أمامهم ، ليظهر وكأنه يعتمد في خياراته الفنية على تلبية الخواطر وليس على معايير فنية وفق قناعاته.
&
مدافعين أقوياء ودفاع ضعيف
&
تحول الخط الدفاعي للمحاربين من نقطة قوة في عهد حاليلوزديتش إلى نقطة ضعف كبيرة يعاني منها الفريق منذ تولي غوركوف ، ورغم أن الأخير اعترف بذلك، مبرراً ذلك بغياب عدد من المدافعين لأسباب مختلفة على غرار رفيق حليش وسعيد بلكالام ، إلا انه يتحمل جزءً هاما من المسؤولية في حدوث هذه المشكلة ، بعدما حول المنتخب إلى حقل تجارب لعدد كبير من اللاعبين في كافة خطوط الفريق، سواء في خانة الظهيرين أو متوسطي الدفاع دون جدوى.
&
والواقع يكشف أن المشكلة التي تسببت في إضعاف الخط الخلفي للخضر، ليست في عدم وجود عناصر دفاعية جيدة بل غياب الخطة الملائمة وسوء اختيار الرباعي لهذا الخط ، وفق تناغم و تناسق بين العناصر المشكلة له ، وعدم استفادته من الأخطاء المرتكبة لتفاديها مستقبلاً، &لأن غوركوف يعلم جيداً أن الإصابات والإيقافات عرضة لأي فريق وعليه التعامل معها ولا يمكنه ان يخسر كلما غاب أحد الأساسيين طالما ان أمامه خيارات أخرى لإثراء تركيبته البشرية وتقوية دكة احتياطه.
&
تواضع أمام الكبار
&
الحقيقة المرة الأخرى التي وقف عندها الجمهور الجزائري كثيراً ، هي أن منتخبهم الوطني ورغم تصنيفه الأول في افريقيا ، إلا أنه لايزال يعاني الأمرين عندما يواجه منتخبات افريقيا القوية التي تمتلك هي الاخرى نفس الطموح وتتوفر لديها ترسانة من المحترفين في الأندية الأوروبية ، وهو ما تؤكده نتائج المحاربين، إذ خسروا من غانا وساحل العاج في نهائيات كأس أمم أفريقيا الأخيرة ، كما &خسروا من مالي في تصفيات كان 2015، وخسروا مؤخراً من غينيا ، حتى أن فوزهم على السنغال في نهائيات أمم افريقيا لم يكن مقنعاُ بسبب تراجع أداء أسود التيرانغا في تلك البطولة.&
&
هذا ويخشى عشاق الخضر أن يتحول ذلك إلى عقدة نفسية تطارد زملاء ياسين براهيمي في المواعيد القوية خاصة ان تصفيات مونديال 2018 ستجعلهم في مواجهة كبار القارة السمراء ، وبلوغ النهائيات يتطلب منهم تجاوز المطبات العالية والعقبات الطويلة على غرار ساحل العاج وغانا ونيجيريا والكاميرون، حيث بات عليهم لتفادي هذه العقدة تحقيق فوزاً مقنعاً مقروناُ بالأداء والنتيجة.
&