ظلت الميادين الرياضية بعيدة عن جرائم الإرهاب، الذي ركز مخططاته على أهداف أخرى، حيث كانت مختلف البطولات في شتى الرياضات تقام في ظروف أمنية جيدة، لم تكن تشعر معها الجماهير التي تدخل الملاعب بالقلق على سلامتها وأمنها.

وشهدت الأعوام المنصرمة تحولات محورية، حيث أصبحت الملاعب اكثر استهدافًا من قبل الإرهاب الذي بدا وكأنه وجد الملاعب هدفاً سهلاً لتنفيذ مخططاته الإجرامية مستغلاً الهالة الإعلامية التي ترافق الأحداث الرياضية خاصة في مباريات كرة القدم، وتحديداً عندما تقام بين أندية أو منتخبات تضم ضمن صفوفها أسماء لامعة وشهيرة.
 
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تعرفها المنافسات الرياضية، إلا أن الحضور الجماهيري الكبير أفرز ثغرات، تم استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية للقيام بعمليات إجرامية ألقت بظلالها على بقية الأحداث الرياضية سواء في المناطق الساخنة أو المناطق الآمنة.
 
وتؤكد تقارير إعلامية مختلفة أن عام 2016 عرف تصاعد حدة الإرهاب الذي يستهدف الملاعب الرياضية في مختلف أنحاء العالم بالنظر إلى الأحداث الدامية التي شهدتها العديد من المباريات الكروية، فضلاً عن العديد من التهديدات التي أرسلت للجهات المنظمة عشية انطلاق البطولات الكبرى، مما دفعها إلى تعزيز تدابيرها الأمنية لدرجة تحولت معها الملاعب إلى ثكنات عسكرية.
 
وتعرضت عدة مباريات إلى عمليات إرهابية عرفها 2016 خلفت ضحايا لم يأتوا سوى للاستمتاع، كما خلفت أجواء من القلق أصبحت تهيمن على عشاق الرياضة عامة والساحرة المستديرة خاصة التي تعرف إقبالاً كبيرًا من الجماهير الرياضية .
 
واللافت ان الإرهاب لم يستهدف فقط الملاعب الكبرى بل وجه بوصلته الإجرامية الى ملاعب مغمورة مستغلا الإجراءات الأمنية المتواضعة التي ترافقها عكس الملاعب العالمية التي تعزز الإجراءات كلما زادت التهديدات.
 
ضحايا في قرية عراقية
 
ففي العراق الذي يعرف ظروفًا أمنية سيئة منذ التدخل الأميركي في عام 2003، وبعدما نجحت الجهات الرسمية في إعادة النشاط الكروي إلى الملاعب العراقية، فإن الإرهاب يهدد بتجميدها مجددًا بعدما استهدفها في نهاية شهر مارس 2016 ، وذلك بعدما عرفت مباراة في قرية مغمورة في نواحي العاصمة بغداد تفجيراً انتحارياً أسفر عن مقتل 32 من الجماهير الحاضرة لنهائي بطولة محلية، كانت غالبيتهم من الأطفال الصغار.
 
السعودية تكشف مخططا إرهابيا
 
ونجح الأمن السعودي في تفادي كارثة إرهابية بعدما افشل مخططًا إجرامياً استهدف المواجهة الكروية العربية التي جمعت بين المنتخبين السعودي والإماراتي ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال روسيا 2018 على إستاد "الجوهرة " بمدينة جدة في شهر أكتوبر المنصرم . 
 
ووفقاً لما اعلنته الداخلية السعودية، فإن المخطط الإرهابي استهدف إلحاق أكبر ضرر ممكن بالحدث الرياضي سواء بإسقاط للأرواح البريئة أو احداث الاضرار في المنشآت الرياضية من خلال وضع سيارة مفخخة بكميات كبيرة من المتفجرات في أحد المواقف التابعة للملعب الذي احتضن اللقاء .
 
الملاعب الفرنسية عانت الأمرين
 
وعانت الملاعب الفرنسية الأمرين من استهداف الإرهاب لها خلال الموسم الرياضي 2015-2016 ، حيث نجا من الموت عشرات الآلاف من الجماهير، والذين حضروا المباراة الودية التي اقيمت بين منتخبي فرنسا وألمانيا في شهر نوفمبر من عام 2015، بعدما شهدت مناطق قريبة من إستاد "سان دوني"، الذي احتضن المواجهة الودية بين المنتخبين بالعاصمة باريس، تفجيرات إرهابية، حتى ان عدداً من وسائل الإعلام الفرنسية قد أكد ان المخطط الإرهابي كان يستهدف تفجير الملعب نفسه في ظل وجود شخصيات رفيعة المستوى، وحضور جماهيري مميز لتلك المباراة على رأسهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وعدد من الوزراء، حيث أدت تلك التفجيرات إلى إيقاف المباراة وإلغاء مباريات أخرى بعدها .
 
كما عاشت أجهزة الأمن الفرنسية برفقة الجماهير الأوروبية على أعصابها في ظل التهديدات التي رافقت استضافة فرنسا لنهائيات كأس أمم أوروبا التي اقيمت في العاشر من شهر يونيو وحتى العاشر من شهر يوليو لعام 2016 ، بدليل ان الشرطة المحلية أحبطت مخططاً إرهابياً استهدف مباراة فرنسا مع ألمانيا في الدور الربع النهائي من البطولة، حيث بدا وكأن الإرهاب أصر على أن يكون البلدان ضمن ضحاياه سواء في مباراة ودية أو رسمية.
 
تهديدات للمباريات الإنكليزية
 
ولم تنجُ الملاعب الإنكليزية من التهديدات الإرهابية، بعدما اقدمت الشرطة البريطانية على إخلاء إستاد أولدترافورد الذي كان سيحتضن مواجهة نادي مانشستر يونايتد بضيفه بورنموث من اجل تفجير طرد مشبوه وجد داخل ملعب المباراة، وذلك في شهر مايو من عام 2016 .
 
اعتقالات في البرازيل
 
وعرفت أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 في شهر أغسطس المنصرم تعزيزات وإجراءات أمنية غير عادية استنفرت خلالها مختلف الأجهزة الأمنية البرازيلية طاقاتها البشرية والمادية لتفادي أي عمل إرهابي يهدد الحدث الرياضي الكبير الذي يستقطب أنظار العالم، بعدما توصلت تلك الأجهزة إلى وجود تهديدات حقيقية من شأنها التأثير على الأولمبياد، حتى ان الشرطة اعتقلت عدداً من الأشخاص اكتشفت لاحقاً انهم كانوا بصدد التخطيط للقيام بتفجيرات خلال البطولة الأولمبية.
 
وهذا أجبرت التحديات الإرهابية العديد من الحكومات على تجميد النشاط الرياضي خاصة الكروي منه مثلما حدث في ليبيا، بينما اضطرت بلدان أخرى مثل مصر إلى إجراء المباريات ومختلف الأنشطة الرياضية من دون حضور جماهيري لتوفير الأجواء الأمنية .