يستند رئيس الاتحاد الدولي لرياضة السيارات جان تود الى خبرة عميقة لدى حديثه عن حال عالم المحركات وتطوراتها وآفاقها التقنية المواكبة للعصر. خبرة اكتسبها هاويا ومنافسا ومديرا لفريق بيجو الفائز ببطولة العالم للراليات وسباق "24 ساعة لومان" ورالي دكار، وفريق فيراري الفائز ببطولة العالم لسباقات فورمولا واحد وسائقه "الاسطورة" الالماني ميكايل شوماخر.

يتطرق تود (70 سنة) في طرح افكاره عن مستقبل رياضة السيارات، الى "الثورة التقنية" وانعكاساتها على التحديات البيئية وتجهيزات السلامة والجدل القائم حول توفير موازنات عالية للطواقم او شد الاحزمة وتقليص الانفاق. ويعرج على "معادلة" السائق والسيارات، والاستمرار في جذب الجمهور لمتابعة السباقات على انواعها.

ينطلق تود في طرحه من ان السيارة عموما لعبة يستمتع بها الصغار وتحفزهم على الحلم كي يصيروا ابطالا خلف مقودها.

وفي زمن تتنوع فيه اسبوعيا المنافسات والسباقات بين فورمولا واحد وجديدها الكهربائي وسباقات التحمل والراليات العادية والدراجات النارية، مشكلة مروحة خيارات غنية لهواة الرياضات الميكانيكية، يلفت تود الى ان بعض السيارات الكلاسيكية اصبحت قطعا فنية نادرة، علما ان تجهيزاتها لا تقارن بما تتضمنه السيارات العصرية خصوصا الطرز "الحديثة الصارخة".

ويتناول تود في عرضه المتشعب دور السائق الفائز في تعزيز شعبية رياضة السيارات، فـ"هذا النجم أو ذاك قد يصبح بطلا قوميا او مثالا يحتذى، على غرار الشعبية التي نالها اخيرا الهولندي الشاب ماكس فيرشتابن"، الذي اصبح اصغر سائق (18 سنة و229 يوما) يحقق الفوز في احدى جولات بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد (جائزة اسبانيا الكبرى) خلف مقود سيارة "رد بل". وبالتالي يقود "اي بطل قومي" مسيرة تطور الرياضة التي يبرع فيها.

ويحرص تود على التشديد على دور اجراءات السلامة في السباقات، لأنها "تعزز الشعبية بطريقة غير مباشرة"، منوها بالافكار التطويرية والخطوات في هذا الصدد على غرار مشروع اليخاندرو اغاغ لسيارات ذاتية القيادة، علما انه "ليس العالم الحقيقي للمنافسة، القائمة دائما على عنصر الآلة اي السيارة والسائق".

في مفهومه لتأثير قطاع رياضة السيارات على النمو الايجابي لصناعة السيارات، يبدي تود ارتياحه للتفاعل المتنامي بين العارضين والزوار في المعارض الدولية، خصوصا التسابق لاطلاق "سوبر كارز" بمثابة "سيارات احلام". لكنه ينبه الى المسؤولية الاجتماعية البيئية التي يجب ان يتحلى بها الجميع، سيما ان السباقات "هي واجهة صناعة السيارات، ونقدر جيدا التقدم الكبير الذي حققته في السنوات الاخيرة على صعيد تجهيزات السلامة والمعايير البيئية والحد من التلوث"، لكن "علينا الا ننسى في الوقت عينه ان النقل العام غير متوافر لملايين من البشر".

ويلفت تود الى الصراع القائم حاليا في الولايات المتحدة بعد فضيحة "ديزل غايت" وبطلتها فولكسفاغن. فقد تبلغ من نيك كراو رئيس الاتحاد الاميركي الشمالي لرياضة السيارات، قرار حظر مشاركة السيارات في اي نشاط لا يراعي معايير الحد من الانبعاثات، وفترة السماح وفق شروط قاسية ستكون لاجل محدد فقط.

ومن الاسئلة المطروحة على صعيد التحديات التي قد تواجهها رياضة السيارات، الى اي مدى سيسمح في غضون سنوات بالتسابق على طرق حتى وان كانت مقفلة امام حركة المرور كما يحصل في الراليات؟ لذا، فان خيار الفورمولا الكهربائية مشروع حيوي للابقاء على السيارات في قلب المدن. وطبعا يبحث المصنعون في طرق واساليب لاستخدام الهيدروجين كوقود في السباقات، ودور الاتحاد الدولي المؤامة بين ما ينتظره المصنعون والمستخدمون او المستهلكون.

يكشف تود ان للاتحاد الدولي دورا في جعل الجمهور اكثر انخراطا ميدانيا في عالم السباقات من خلال فعاليات عدة، علما أن عشاق هذه الرياضات باتوا يتعايشون اكثر مع هذه الانشطة امام الشاشة الصغيرة او بواسطة النت والتطبيقات المختلفة مثل متابعة السائق المفضل وتفاصيل منافسته على المسار، ووجود تأثيرات خارجية مساعدة على غرار الـ"فان بوست" في سباقات فورمولا الكهربائية، حيث يمكن التصويت عبر الانترنت للمتسابق المفضل حتى 6 لفات بعد انطلاق السباق. ويحظى الثلاثة الاوائل بمزيد من القوة لفترة محددة، ما يعني تدخلا خارجيا في السباق الرياضي.

ويؤيد تود كل ما هو "طبيعي" كي تأخذ الامور مجراها في السباقات، وبالتالي لا يحبذ الثقل الاضافي في السيارات الذي يحد من الاداء، علما ان الامور ايجابية كانت ام سلبية قابلة دائما للشكوى والتذمر، حتى ان النتائج الممتازة والتفوق الذي تسجله فرق، يجد بعضهم انه يضعف المنافسة لانه يجعلها محصورة ومملة، فيتجه للمطالبة بتغيير الانظمة وتعديلها.

وفي ضوء ذلك، يؤكد تود ان الاتحاد الدولي يرحب بالمقترحات المثيرة للاهتمام ولو اضطر الى تعديل ما اعتمده او اقره، كما حصل في شأن آلية التصنيف في تجارب الفورمولا واحد مطلع هذا الموسم.