بحماسة وابتسامة دائمة، تستعد السباحة الليبية الشابة دانيا حجول لتمثيل بلدها في دورة الالعاب الاولمبية الصيفية في ريو دي جانيرو، لتصبح بذلك اول سباحة تمثل ليبيا في الاولمبياد منذ سقوط نظام معمر القذافي.

وتامل دانيا (17 عاما) ان تحقق انجازا باسم بلدها في الالعاب الاولمبية، لكنها تتطلع ايضا لان تصبح مصدر الهام لليبيات اخريات يعشن في مجتمع محافظ لا يتساهل مع فكرة ارتداء المراة لثوب السباحة.

وتقول دانيا لوكالة فرانس برس ان "اعداد الفتيان الذين يمارسون رياضة السباحة (في ليبيا) اكبر بكثير مقارنة باعداد الفتيات"، مضيفة "آمل بان تتابعنني (الفتيات) وان اشكل مصدر الهام لهن حتى يقمن بالمثل".

وفي بلد يتعلم فيه الاطفال ركل الكرة حتى قبل النطق، لا يولي الليبيون اهتماما كبيرا بالسباحة رغم سواحله التي تمتد بطول نحو 1770 كلم، حيث تكاد تنعدم احواض السباحة والنوادي الخاصة بهذه الرياضة، فيما تبقى موازنة الاتحاد الليبي للسباحة محدودة.

لكن رغم هذه الموانع الاجتماعية واللوجستية، بالاضافة الى الفوضى السياسية والامنية التي تشهدها ليبيا منذ الاطاحة بنظام القذافي، استطاعت دانيا ان تتخطى كل العوائق لتصبح اول سباحة ليبية تمثل بلدها في بطولة كبرى منذ انتفاضة العام 2011.

وتعبر دانيا الهادئة والمبتسمة دوما عن حماستها لتمثيل ليبيا بالقول "انه شرف وامتياز كبيرين. لا اطيق الانتظار حتى اجعل بلادي فخورة بي".

- تحدي العقليات السائدة -

في سنواتها الاربع الاخيرة منذ بدئها المنافسة في رياضة السباحة، حققت دانيا سجلا متميزا حيث فازت العام الماضي بثلاث ميداليات ذهبية في دورة دولية في قطر واستطاعت ان تتاهل الى بطولة العالم في روسيا.

وتدين دانيا في تألقها هذا الى قرار والديها بالانتقال في فترة التسعينات الى مالطا حيث يعيش العديد من الليبيين، لتبدا من هذه الجزيرة المتوسطية التي تبعد نحو 300 كلم عن سواحل ليبيا رحلتها مع رياضة السباحة.

وتقول دانيا "في مالطا، يكون الطقس حارا جدا في الصيف والناس كلها تكون دائما اما في حوض السباحة واما في البحر، لذا فان على الجميع ان يتعلموا السباحة".

وتضيف "بدات اتابع دروسا في السباحة عندما كانت في الثالثة او الرابعة من عمري، وعندما اصبحت في الثانية عشرة قررت ان انتقل الى مضمار المنافسة".

بالنسبة الى والدها بشير، فان الاقامة خارج ليبيا وفر لابنته فرصة المنافسة على صعيد دولي، حيث واصل مع والدتها سميرة تشجيعها ومنذ صغرها على التمسك بشغفها تجاه هذه الرياضة، املين ايضا بان تتغير في يوم ما طبيعة العقليات المحافظة السائدة في ليبيا.

وترى سميرة ان "بعض الناس يرون في مشاركة الفتيات في منافسات رياضة السباحة تحديا كبيرا (...) لكنني اؤمن بان المسالة كلها تتعلق بتصرف الاهل الذين يتوجب عليهم تحدي العقليات المتحجرة من خلال تشجيع ودعم بناتهن".

- تدريب وتمويل -

بعد ان بدات تدريباتها في مالطا، انتقلت دانيا الى مدرسة ماونت كيلي في ديفون في جنوب غرب انكلترا، وهي مدرسة سبق وان قدمت الى العالم 19 سباحا اولمبيا او مشاركا في دورة العاب الكومنولث، بينهم ستة فائزين بميداليات اولمبية.

ومع اقتراب انطلاق الالعاب الاولمبية في البرازيل في الخامس من اب/اغسطس المقبل، تستيقظ دانيا باكرا كل صباح لتمارس السباحة قبل بدء الدوام الدراسي. وخلال العطل في منزل عائلتها في مالطا، تقضي في كل يوم عدة ساعات في حوض السباحة تتمرن مع مدربها.

وتروي دانيا ان شغفها بالسباحة يعود الى طفولتها، لكن متابعتها للالعاب الاولمبية التي استضافتها لندن في العام 2012 في مزرعة جدها في ليبيا حيث كانت تقضي عطلها الصيفية، جعلها ترغب في ان تدخل المنافسة.

وتوضح دانيا التي تستعد لدخول الجامعة العام المقبل وتتطلع لان تتخرج منها مهندسة "كنت اتابع كل مسابقات السباحة عن كثب، وظننت حينها انه سيكون من الرائع ان امثل ليبيا في الالعاب الاولمبية اللاحقة".

لكن في ظل الازمات التي تشهدها ليبيا، ادركت دانيا ومعها عائلتها ان الحصول على التمويل الكافي لتحقيق حلمها هذا، سيكون صعبا. ولذا، فان تكاليف التدريب والسفر يتكفل بها والداها، في موازاة دعم مادي تحصل عليه من مجموعة "اتش بي غروب" الليبية. كما اطلقت عائلة دانيا حملة على الانترنت لجمع تبرعات بلغت نحو سبعة الاف يورو في شهر واحد.

وسبق وان شاركت ليبيا في عشر دورات للالعاب الاولمبية عبر رياضيين بينهم اربع سباحات، الا انها لم تفز باي ميدالية سوى بميدالية برونزية في الالعاب البارالمبية. ورغم ذلك، تقول سميرة ان ابنتها ستكون خيرة ممثلة لبلدها، الى جانب السباح الليبي الاخر احمد التليسي الذي يتدرب حاليا في السويد.

وتوضح "دانيا تتحلى بالتصميم والتركيز، وهي على قدر التحدي دائما. لا اشك في انها ستكون سفيرة حقيقية لليبيا وستجعلنا كلنا نشعر بالفخر".