ينعكس الأمل ببلوغ كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى على رغم سنوات النزاع الدامي، ترقبا وانقساما في سوريا عشية المباراة ضد استراليا في إياب الملحق الآسيوي لتصفيات مونديال روسيا 2018.
قدم المنتخب أداء غير مرجح في مسار التصفيات، وحل ثالثا في المجموعة الآسيوية الأولى، ما خوله خوض الملحق ضد استراليا.
ويسود الترقب والحماس في دمشق عشية هذه المباراة، وسط دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لإعلان الثلاثاء يوم عطلة نظرا لأن المباراة ستبث قرابة الظهر محليا، بسبب فارق التوقيت مع استراليا.
وفضل البعض عدم انتظار قرار بشأن العطلة، ومنهم محمد بارافي (23 عاما) الذي تقدم بطلب إجازة رسمية إلى مديره في شركة للتقنيات، ليتسنى له متابعة المباراة.
كما حرص بارافي على إلغاء كل مواعيده مساء الاثنين ليتابع برامج التحليل الرياضي، وغيّر صورته الشخصية على كل مواقع التواصل الاجتماعي لتكون صورة تعبّر عن لاعبي المنتخب.
ويقول محمد لوكالة فرانس برس "أتمنى أن يكون يوم الثلاثاء يوم عطلة رسمية. في المرة الماضية خلال المباراة، لم يكن أحد في الشارع أو في السوق أو الجامعة، الجميع كان يتابع".
أما جعفر ميا (25 عاما) فحفظ مواعيد المباريات وأسماء اللاعبين وأعمارهم وأيام ميلادهم، وأصبح أشبه بـ "موسوعة" كروية.
ويوضح "أحلم بالتخصص في المجال الرياضي فيما لو تأهلنا لكأس العالم، كي أحكي لأطفالي وأحفادي غداً عن هذه الأيام".
ويستعد جعفر مع أصدقائه لمتابعة المباراة مباشرة في ساحة الأمويين، عبر شاشة عملاقة. ووضعت محافظة دمشق عددا من هذه الشاشات في بعض الساحات العامة في العاصمة.
وانعكس الترقب لهذه المباراة وأداء المنتخب في التصفيات، إقبالا متزايدا على شراء قمصانه في أسواق دمشق.
ويقول أبو شادي الذي يملك متجرا لبيع الملابس الرياضية في سوق الحريقة بدمشق القديمة "السوق بأكمله يفتح باكراً منذ الأسبوع الماضي، نستقبل طلبات على مئات القمصان الحمراء والسوداء والبيضاء" التي يرتديها المنتخب السوري.
أضاف التاجر الخمسيني الذي ارتدى القميص الأحمر "وكأننا فعلاً في أيام العيد التي يكثر فيها البيع، هو عموماً بالفعل عيد وطني"، موضحا انه يقوم في هذه الأيام بفتح متجره عند الساعة السابعة صباحا، أي قبل ساعتين من الموعد المعتاد.
وتابع "طالما أننا نتقدم في البطولة، فإن البيع سيزيد، أتمنى أن نصل إلى موسكو. حينها سيبقى البيع حتى العام المقبل، وتكون المتعة للجماهير والفائدة لنا نحن التجار".
ولا يخفي أبو شادي ان الاقبال المتزايد أدى الى زيادة الأسعار. فبدلا من 2800 ليرة سورية (نحو 5,5 دولارات) للقميص، بات السعر 3500 ليرة (نحو سبع دولارات).
- "محبة بالرياضة" -
قبل المباراة الأخيرة في التصفيات ضد ايران والتي انتهت بتعادل أتاح لسوريا بلوغ الملحق الآسيوي، بدا ان كرة القدم تمكنت - وان موقتا - من توحيد السوريين المنقسمين بين مؤيدين لنظام الرئيس بشار الأسد ومعارضين له، منذ بدء النزاع المستمر منذ 2011، والذي راح ضحيته أكثر من 330 ألف شخص.
الا ان الأمر تغير بعد المباراة ضد ايران، لاسيما مع اعتبار المعارضين ان المنتخب يمثل النظام، وقيام بعض اللاعبين بشكر الرئيس الأسد في أعقاب التعادل مع ايران.
ويقول الشاب محمد عبيد (22 عاما) المتحدر من مدينة بنش في محافظة إدلب "أنا متابع للرياضة بشكل كبير (...) لكن بالنسبة الى المنتخب السوري، لم أتابعه ولم أتابع أخباره لأنه لا يهمني".
يضيف "هذا المنتخب يمثل النظام (...) بما انه أهدى الفوز" الى الرئيس الأسد، مؤكدا "هذا الفريق لا يمثلني أبدا ولا يهمني ان ربح أو خسر. على العكس، أتمنى له الخسارة".
أما فاروق حسون (39 عاما) من الغوطة الشرقية لدمشق، فيشير الى انه بات غير مهتم بمتابعة مباريات المنتخب.
ويوضح "طبعا منتخب وطني هو بقلوبنا لكن لم يعد منتخبا وطنيا بالمعنى الرياضي، وللأسف اصبح معلقا بعلم النظام الذي يمارس القتل والدمار".
من جهته يقول محمد الشامي (25 عاما) المقيم في الغوطة أيضا، انه سيتابع المباراة من خلفية رياضية بحتة "صراحة بالنهاية هذا المنتخب يمثل اسم سوريا (...) المتابعة هي محبة بالرياضة".
التعليقات