بعد أكثر من عشرة أعوام على منع إعلاناتها، عادت شركات التبغ من الباب الضيق الى عالم الفورمولا واحد، بفضل اتفاقات بين بعض الفرق وشركات أو مبادرات مرتبطة بها، من دون أن تحمل اسمها بشكل مباشر.
وعاد عملاق السجائر الأميركي فيليب موريس، صاحب علامة "مارلبورو" الشهيرة، منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي (أي قبل نهاية موسم 2018) للتعاون مع فريق فيراري من خلال إعلان "ميشن وينو" الذي لا يبدو شعاره بعيدا عن الشعار التقليدي للسجائر ذات العلبة الحمراء والبيضاء.
ويوضح مدير الاتصال في فيليب موريس تومازو دي جوفاني أن "ميشن مينو تهدف الى إظهار التزامنا بالنمو الدائم. هذه المبادرة تسلط الضوء على (شركة) فيليب موريس الجديدة وشركاؤنا يربطهم بنا التزام ورغبة مشتركة في التطور نحو الأفضل".
ومنذ سباق جائزة اليابان الكبرى في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حملت سيارتا فريق فيراري وخوذتا سائقيه الألماني سيباستيان فيتل والفنلندي كيمي رايكونن (يحل بدلا منه في الموسم المقبل شارل لوكلير من موناكو)، شعار "ميشن مينو" الذي يتضمن ثلاثة خطوط بيضاء اللون.
وشكلت شركات التبغ والسجائر نقطة الثقل الإعلانية لما يناهز أربعة عقود في الفورمولا واحد، رياضة السرعة الأبرز عالميا والتي تتطلب من فرقها توفير قدرات مالية ضخمة اذا ما أرادت المنافسة على الفوز. الا أن الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) المشرف على هذه الرياضة، منع بشكل صارم إعلانات التبغ والسجائر منذ عام 2006، في إطار الحملات العالمية للتحذير من مضار التدخين ومكافحة إعلانات السجائر والترويج لها.
لكن في ظل معاناة الفرق لتوفير الموارد المالية اللازمة وتغطية أكلاف ميزانياتها، عاد إغراء المال الإعلاني الذي يوفره التبغ والسجائر، لدغدغة مشاعر مسؤولي الفرق، ما وفر للشركات قدرة للعودة وإن بأسماء مختلفة.
وإضافة الى فيراري، سيحمل فريق ماكلارين بدءا من 2019 شعار "بَتِر تومورو (غد أفضل)"، وهي شركة فرعية مرتبطة بشركة "بريتيش أميركان توباكو"، تركز نشاطها في مجال البحوث المرتبطة بالسجائر الالكترونية، بحسب ما تم الكشف عنه في وقت سابق هذا الأسبوع.
ويقول متحدث باسم شركة "بريتيش أميركان توباكو" التي تنتج علامات تجارية مختلفة من السجائر أبرزها "كِنت"، أن العملاق البريطاني سيدرس بعناية القواعد المختلفة في دول العالم المتعلقة بالترويج للتبغ والسجائر.
ويوضح "لا يزال يتعين علينا دراسة أي إشارات للعلامة التجارية يمكننا تطبيقها في أي بلد، لكننا بالتأكيد سنحترم القواعد التنظيمية".
ويشدد المتحدث على أن ما ستقوم به الشركة حاليا "لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بما كنا نقوم به قبل 2006"، علما بأن "بريتيش أميركان توباكو" ارتبط اسمها بشكل كبير بالفورمولا واحد، وصولا الى المشاركة بفريق تابع لها بين العامين 1996 و2005، حمل اسم "بي ايه آر"، أي الأحرف الأولى من عبارة "بريتيش أميركان رايسينغ".
- مرحلة صعبة التقييم -&
وقبل منع الإعلانات بشكل كامل، وفي خلال الفترة التي كان يتم فيها البدء بتقييد الترويج للتبغ في بعض الدول المضيفة للسباقات لاسيما في أوروبا، عمد المعلنون والفرق الى "تمويه" الإعلانات.&
وعلى سبيل المثال، كان فريق فيراري يزيل اسم "مارلبورو" عن كل ما يرتبط به في الدول حيث تمنع الإعلانات، ويبقي على الشعار والألوان من دون اسم العلامة التجارية، على أن يعيد الأخير الى سابق عهده في الدول حيث لم تكن إعلانات التبغ قد منعت بعد.
ومنعت كل أشكال هذه الاعلامات بالكامل منذ عام 2006.
وكما كان حضور إعلانات التبغ يثير جدلا، بدأت العودة التدريجية لهذه الشركات الى رياضة السرعة تثير انتقادات وتحفظات، لاسيما في الدول التي تحظر أي إعلان من هذا النوع، أكان للسجائر أو الشركات المنتجة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أبدى منظمو سباق جائزة أستراليا الكبرى قلقهم من ظهور إعلانات مرتبطة بشركة فيليب موريس على سياراتي فريق فيراري وملابس سائقيه، لدى بث السباق في بلادهم.
ويوضح المنظمون لوكالة فرانس برس أنهم "على تواصل دائم مع كل المعنيين بشأن هذه المسألة المهمة"، مؤكدين العمل لضمان أن تكون الأحداث التي يستضيفونها "تتلاءم مع متطلبات" القوانين الأسترالية.
لكن الشركات تؤكد أنها لا تخرق أي قوانين من خلال ما تقوم به.
ويوضح دي جوفاني أن "الشعار على الملابس والسيارات وموقعنا الالكتروني، يحترم القوانين في أستراليا وفي ولاية فيكتوريا" حيث تقع مدينة ملبورن وحلبة ألبرت بارك المضيفة للجائزة الافتتاحية لموسم، والتي من المقرر إقامتها هذا العام في 17 آذار/مارس المقبل.
وبحسب منظمي السباق الأسترالي، تعود الكلمة الأخيرة الى دائرة الصحة والخدمات الانسانية في ولاية فيكتوريا، وهم على تواصل مع فيراري بشأن شعار الشركة المرتبطة بفيليب موريس، وما اذا كان سيشكل مخالفة للقوانين الأسترالية التي تحظر تماما أي ترويج للتبغ والسجائر.
وفي حين امتنعت مجموعة "ليبرتي ميديا" الأميركية المالكة لحقوق بطولة العالم عن التعليق على استفسار لفرانس برس، يشير الاتحاد الدولي (فيا) الى أنه "أخذ علما بتفاصيل هذه الاتفاقات (بين الشركات والفرق)".
ويوضح "من الصعب في هذه المرحلة تقييم طبيعتها. على رغم ذلك، ومنذ العام 2006، يعارض فيا بشكل صارم كل إعلان أو رعاية للسجائر أو منتجات التبغ في إطار بطولاته، وهذه المقاربة لم تتغير".
التعليقات