أثمر قرار السعودية والإمارات والبحرين المشاركة في بطولة بقطر للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية قبل عامين، "لم شمل" رياضيا سينعكس مشاركة جامعة في "خليجي 24" التي تنطلق في 26 تشرين الثاني/نوفمبر.

وأعلن اتحاد كأس الخليج العربي الأربعاء أن البطولة التي كان من المقرر أن تنطلق في 24 من الشهر الحالي، سترجأ ليومين بعد تأكيد مشاركة منتخبات السعودية والإمارات والبحرين في البطولة على الأرض القطرية، في أول خطوة من هذا النوع منذ قرار الدول الثلاث (إضافة الى مصر)، قطع علاقاتها مع الدوحة مطلع حزيران/يونيو 2017.

وعقد المكتب التنفيذي للاتحاد اجتماعا لتعديل نظام النسخة المقبلة والعودة الى صيغة المجموعتين، إثر عودة الدول الثلاث عن قرار عدم المشاركة. وكانت قرعة البطولة قد سحبت الشهر الماضي على أساس مشاركة خمسة منتخبات هي قطر والعراق والكويت واليمن وسلطنة عمان.

وغداة إعلان اتحادات السعودية والإمارات والبحرين خوضها المنافسات بعد دعوة متجددة من الاتحاد الخليجي، عقد المكتب التنفيذي للأخير اجتماعا في الدوحة، قرر فيه العودة الى نظام المجموعتين (بدلا من مجموعة واحدة من خمسة منتخبات)، على أن تقام قرعة جديدة الخميس.

وقال نائب رئيس الاتحاد الخليجي جاسم الشكيلي في مؤتمر صحافي "يثمن اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم تجاوب الاتحادات الثلاثة مع دعوة الاتحاد الخليجي المقدمة لهم كمحاولة أخيرة للم شمل الاتحاد الخليجي وإقامة البطولة بنظامها السابق على مجموعتين".

أضاف "نظرا لوضع المنتخب السعودي الشقيق ومشاركة نادي الهلال في مباراة الإياب" للدور النهائي لمسابقة دوري أبطال آسيا ضد أوراوا ريد دايموندز الياباني، والمقررة في 24 من الشهر الحالي (أي الموعد المحدد سابقا لانطلاق "خليجي 24")، "تم تأجيل إقامة البطولة من 24 الى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى 8 ديسمبر (كانون الأول)".

وسيكون الموعد الختامي قبل ثلاثة أيام من استضافة قطر لمونديال الأندية بين 11 تشرين الثاني/نوفمبر و22 منه.

وردا على سؤال عن تبدل موقف الدول الثلاث، قال الشكيلي "حصلت محاولات مستمرة وأيضا بعد القرعة، محاولات جادة وزيارات الى الاتحادات الخليجية الثلاثة أو بعضها"، مشددا على أن "نجاح هذه البطولة بمشاركة الجميع (...) الكل يعلم خصوصية كأس الخليج والكل يعلم ماذا تعني بطولة كأس الخليج بالنسبة الى أبناء هذه المنطقة".

وتابع "الاتحاد الخليجي (...) لم يأل جهدا لآخر لحظة في محاولاته لمشاركة الأشقاء جميعا"، شاكرا رؤساء كل الاتحادات، لاسيما رئيس الاتحاد الخليجي القطري الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، ورئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل.

وأشار مسؤولو الاتحاد الخليجي الى أنه من المرجح أن يتم اختيار ملعب ثانٍ لاستضافة البطولة مع زيادة عدد المنتخبات، يضاف الى ستاد خليفة الدولي، أحد الملاعب المضيفة لمونديال قطر 2022.

وسيتم إعلان ذلك بعد القرعة الجديدة، بحسب الأمين العام للاتحاد الخليجي جاسم الرميحي الذي كان مشاركا في المؤتمر الصحافي.

- "دعونا نلعب كرة قدم" -

وقطعت الرياض وأبوظبي والمنامة علاقاتها مع الدوحة على خلفية اتهامها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو ما تنفيه الأخيرة.&

وشمل قطع العلاقات وقف الرحلات الجوية ومنع استخدام المجال الجوي، وإقفال الحدود البرية بين السعودية وقطر.

وردا على سؤال عما اذا كان سيتاح لمشجعي المنتخبات الثلاث، زيارة قطر لحضور المباريات، شدد الشكيلي على أن "الباب مفتوح من الأساس ولا تعقيدات من الأساس لدخول الجماهير. اذا ثمة شيء من هذا النوع نحن على ثقة ان الاخوان في قطر لن يترددوا في تسهيل هذا الأمر".

وشدد الشكيلي الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الاتحاد العماني، على أن "الخلافات الرياضية غير موجودة (...) دعونا نلعب كرة قدم. دعونا نلعب رياضة. باقي الأمور لا أريد أن أدخل فيها".

وستكون هذه المرة الأولى التي تشارك فيها المنتخبات الوطنية للدول الثلاث في بطولة مقامة في قطر بعد الازمة. وسبق للسعودية والإمارات والبحرين أن امتنعت عن المشاركة في "خليجي 23" بين نهاية العام 2017 ومطلع 2018، نظرا لأن قطر كانت المضيفة. لكن البطولة نقلت الى الكويت كبادرة من الاتحاد الخليجي بعدما رفع الاتحاد الدولي (فيفا) الإيقاف الذي كان مفروضا على الكويت، ما دفع المنتخبات الثلاثة للمشاركة.

وفازت سلطنة عمان باللقب على حساب الإمارات بركلات الترجيح.

وفي الأشهر الماضية، شاركت فرق من الدول المقاطِعة في مباريات المسابقات القارية التي أقيمت على أرض الأندية القطرية.

ورأى محللون أن قرار الدول الثلاث بالمشاركة في البطولة التي تحظى بشعبية واسعة في منطقة الخليج، قد يؤشر الى وجود جهد سياسي معين.

وقال المحلل جيمس دورسي، مؤلف كتاب عن كرة القدم في الشرق الأوسط، "قرار عدم المقاطعة هو الدليل الأحدث على أن دول الخليج قد تكون تتقدم تدريجيا نحو خفض التوترات التي أدت لانقسام" في المنطقة.

من جهته، اعتبر المتخصص في الشؤون الخليجية علي بكير أن التوتر المتزايد بين السعودية وإيران قد يكون عاملا مساهما في تقارب خليجي.

وأوضح "دبلوماسية كرة القدم هي خطوة مرحب بها لكنها لا تكفي لحل الأزمة الخليجية"، معتبرا أن القطريين يرغبون في خطوات إضافية أبرزها وضع حد لـ "الحصار" المفروض على بلادهم منذ أكثر من عامين.

ولقيت الخطوة ردود فعل متباينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، راوحت بين الترحيب والمطالبة بالمزيد من أجل إنهاء الأزمة الخليجية.

وكتب المهندس القطري حمد لحدان المهندي عبر حسابه على "تويتر"، "يتحدثون عن مؤشرات لقرب انتهاء الأزمة الخليجية، المؤشر الوحيد الذي تستطيع من خلاله ان تقول ان الأزمة ستنتهي هو +رفع الحصار+".