باريس: تسبب تفشي فيروس كورونا المستجد في دخول الأندية الأوروبية الكبرى في صراع مع لاعبيها من أجل التوصل الى اتفاق بشأن خفض الرواتب نظرا لتوقف البطولات المحلية والقارية على السواء، وذلك في ظل الوضع المالي الصعب الذي فرض نفسه جراء تعليق المنافسات لأجل غير مسمى.

لكن الضرر قد يكون أكثر خطورة على أندية الدرجات الدنيا التي خسرت إيرادات حيوية جدا لها من عائدات تذاكر المباريات، وبالتالي ستعاني الأمرين للبقاء على قيد الحياة وستحرم فرصة محاولة الترقي الى الدرجات الأعلى.

في إيطاليا، قد نشهد هذا الصيف فوضى قانونية حيث ستحاول الأندية الدفاع عن حلمها بالصعود الذي سيؤمن لها إيرادات مالية هامة لبقائها، ومن بينها فروزينوني الذي هدد رئيسه ماوريتسيو ستيربي الثلاثاء بـ "إجراء قانوني" إذا حرم فريقه من الصعود الى الدرجة الأولى، مع إنه كان يحتل المركز الثالث في دوري الدرجة الثانية قبل أن يتخذ قرار تعليق الموسم بسبب فيروس "كوفيد-19".

ويصعد الى الدرجة الأولى تلقائيا متصدر وثاني ترتيب الدرجة الثانية، على أن تخوض الفرق من المركز الثالث الى الثامن دورا فاصلا لتحديد هوية الصاعد الثالث الى "سيري آ".

وإذا اتخذ القرار بإنهاء الموسم واحتساب الترتيب الذي كان قبل قرار التعليق، فذلك يعني أن فروزينوني لن يحظى بفرصة محاولة الصعود الى دوري الأضواء نتيجة الغاء الدور الفاصل، وهو القرار الذي سيؤدي الى معارك قانونية في المحاكم بسبب العائدات المالية الهامة جدا التي ينالها الفائز بحق الصعود من حقوق النقل التلفزيوني.

واقترح ستيربي نفسه الشهر الماضي تمديد هذا الموسم حتى نهاية يونيو 2021، ومعه العقود حتى ذلك التاريخ، لكن على أن يكون "الدفع فقط لهذا الموسم"، في ما يخص رواتب اللاعبين.

لكن حلا من هذا النوع، سيكون كارثيا بالنسبة للاعبي الدرجات الدنيا، لاسيما أولئك الذين يلعبون في دوري الدرجة الثالثة، لأنهم، وفقا لمدير مونزا التنفيذي أدريانو غالياني (ميلان سابقا) "ليس لديهم في الأساس أي إيرادات" و"يخسرون 120 مليون يورو سنويا (بالمجمل)".

"إجراءات استثنائية" في إسبانيا

ستؤدي التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الحؤول دون صعود الفرق الى الدرجات الأعلى الى تفاقم الوضع المالي الصعب أصلا لأندية الدوريات الدنيا.

يغيب ريال سرقسطة عن الدرجة الأولى الإسبانية منذ 2013، لكنه يحتل حاليا المركز الثاني في الدرجة الثانية بفارق 5 نقاط عن أقرب ملاحقيه، وذلك مع بقاء 11 مرحلة على انتهاء الموسم.

وقال رئيس سرقسطة كريستيان لابيترا "سأدافع عن مصالح النادي" إذا تم إلغاء الموسم ولم يعد الفريق الى الدرجة الأولى، موضحا في مؤتمر صحافي عبر الفيديو "هناك تداعيات اقتصادية لجميع الأندية إذا لم نستأنف اللعب. سيتعين علينا تبني إجراءات استثنائية حتى نستطيع الخروج منها (التداعيات) والاستمرار في المنافسة".

وواصل "إذا انتهى بنا الأمر بتركنا في الدرجة الثانية، سوف نجد أنفسنا تحت ضغط أكبر وسيتعين علينا الاستمرار في البحث عن طرق لتجاوزها (الأزمة). الصعود هو أفضل طريقة لتمويل أنفسنا".

إنكلترا: "أتوقع بعض الضحايا"

ولا يختلف الوضع في إنكلترا، الدولة الأغنى كرويا. فالشهر الماضي، قالت أندية الدرجتين الثانية والثالثة (الثالثة والرابعة فعليا)، أنها تواجه خسائر بقيمة حوالي 50 مليون جنيه استرليني (63 مليون دولار) إذا لم يُستأنف الموسم.

ورفض فيل والاس، رئيس ستيفيندج الذي يقبع في قاع ترتيب الدرجة الثالثة، أن يترك النادي الذي ملكه طيلة 20 عاما لمصير مشؤوم، لكنه قال إن الحالة الراهنة "كارثية. أتوقع بعض الضحايا هذا العام".

وأوضح "يبلغ معدل الحضور الجماهيري قرابة 3 آلاف شخص، وبالتالي نحن نخسر بين 45 و50 ألف جنيه استرليني لكل مباراة مقررة على أرضنا (بسبب التوقف). لقد حصلنا على دفعة مقدمة من قبل "أي إف إل" (رابطة الدوري الإنكليزي)، وهو ما نتلقاه عادة في شهرأغسطس. ومع ذلك، عندما نصل الى شهر يوليو، علينا أن نفكر بما يتوجب أن نفعله حينها".

واكمال الموسم خلف أبواب موصدة من دون جمهور، لا يشكل حلا ايضا بالنسبة لستيفيندج، نظرا لفقدان الدخل من الحانات والمطاعم والشركات الراعية و"كل ذلك سيذهب أدراج الرياح" بحسب ما يرى والاس.

مخاوف فقدان الوظائف

وضعت الأندية في جميع أنحاء أوروبا تدابير لحماية رواتب الموظفين غير اللاعبين، إما من خلال تطبيق البطالة الجزئية التي تخولهم تقاضي جزءا كبيرا من رواتبهم من الحكومة، أو من خلال تبرعات من اللاعبين. لكن العديد من العمال في وضع الضياع بسبب تعليق الموسم.

وأفاد التلفزيون الألماني "دويتشه فيله" هذا الأسبوع أن قرابة ثلثي وظائف الدوري الألماني البالغ عددها 56 ألفا، مثل الأمن وخدمة المطاعم، مؤمنة من قبل أطراف ثالثة عوضا عن الأندية.

وتم تجاهل هؤلاء الموظفين الى حد كبير في تدابير التضامن التي طبقتها الأندية الألمانية.

وقالت المحامية فيرينا سبيكين لـ "دويتشه فيله" أن أندية كرة القدم لديها مسؤولية قانونية فقط تجاه أولئك الذين يتم توظيفهم بشكل مباشر من قبلها، في حين أن الغالبية العظمى من أندية الدوري لم تضع أي خطط لمساعدة الموظفين المعينين من قبل طرف ثالث.

ورأت سبيكين أن "التحدي الذي يواجهه العديد من الموظفين هو الخوف والضغط الناجمان عن إمكانية فقدان قوتهم"، ما يعني أنهم يخشون تحدي أصحاب العمل، مضيفة "يفضل الكثيرون التزام الصمت ويختارون عدم فعل أي شيء حتى يتمكنوا من الحفاظ على عملهم".