الحمامات: "ثقافة كرة اليد متجذرة" في تونس. هكذا يعرّف المدرب سامي السعيدي اللعبة في بلاده خلال توجيه لاعبيه قبيل استعدادهم للسفر إلى مصر للمشاركة للمرة الخامسة عشرة في بطولة العالم التي لم يتوج بها "نسور قرطاج" بعد.

تعد كرة اليد اللعبة الشعبية الثانية في تونس بعد كرة القدم، وحققت منذ تأسيس الاتحاد التونسي للعبة مع استقلال البلاد في العام 1956، عشرة ألقاب إفريقية آخرها عام 2018 ووصلت إلى نهائي 2020، كما حققت أفضل ترتيب بها عالمياً باحتلال المركز الرابع في مونديال 2005 على أرضها.

ورغم أنها لم تتوج، تشارك تونس للمرة الرابعة عشرة توالياً في البطولة العالمية لكرة اليد، هذه المرة بقيادة جهاز فني تونسي خالص.

هي ثمرة عمل منذ العام 1990 بحسب ما يقول مدرب الحراس رياض الصانع (55 عاماً) الذي يعتبر أن "تونس تربعت على عرش إفريقيا".

ويشدد الصانع الذي يملك في رصيده 11 مشاركة في بطولة العالم كلاعب ومدرب، على أن كرة اليد تطورت "بتعدّد المنشآت الرياضية وأهمية الإستراتجية وسياسة الدولة تجاه هذه اللعبة، وكذلك من خلال إنشاء مراكز التكوين وتدعيم النوادي".

وبالفعل، فقد قامت السلطات ببناء مجمعات رياضية ووفرت قاعات باختصاصات كرة اليد والسلة والطائرة.

يؤكد الصحافي الرياضي المتخصص بكرة اليد حاتم بن آمنة أن المنعرج الهام كان خلال مطلع التسعينيات "حين أرست الدولة مراكز التكوين داخل النوادي التي تم اختيارها" في عدد من المحافظات في شرق البلاد، مضيفاً أن تلك "هي أندية-محضنة للشبان، وتعتبر معقلاً للعبة تاريخياً".

مونبلييه وبرشلونة

يرى بن آمنة أن بلاده سعت الى تطوير هذه اللعبة على النطاق الاقليمي ودافعت ودعمت فكرة إنشاء الكونفدرالية الإفريقية للكرة اليد باحتضان المؤتمر التأسيسي في العام 1972.

إثر المشاركة في كأس العالم في إيرلندا 1995، تميز اللاعبون التونسيون وأصبحوا لافتين، ما مكنهم من الحصول على عقود احتراف في دول أوروبية و"فتح آفاق جديدة للعبة في تونس وخصوصاً مع بداية سنوات الألفين حين أصبح هناك محترفين في نوادي مثل برشلونة ومونبلييه"، بحسب بن آمنة.

وأصدرت الحكومة قوانين تنص على "وجوب اعتماد 20 في المئة من التمويلات المخصصة لهذه الأندية إلى تكوين الشبان" وفقاً لبن آمنة.

ومن تلك الأندية التي تنتشر في مناطق عدة مثل المكنين وبني خيار والمهدية ومنزل تميم، ظهر لاعبون متميزون تمكنوا من الاحتراف في أندية أوروبية كبيرة، على غرار وسام حمام في مونبلييه الفرنسي عام 2005، ووائل جلوز في برشلونة الإسباني عام 2014.

وعليه، يؤكد السعيدي الذي عيّن في آب/أغسطس الماضي خلفاً للإسباني طوني جيرونا أن "ثقافة كرة اليد متجذرة" في تلك المناطق.

والسعيدي واحد من الذين انتقلوا من لعب كرة القدم إلى اليد "لأنه لم يكن هناك مدارس تحتضن الصغار للتدريب"، عكس ما هو عليه الحال الآن.

استقطاب

ينشط في تونس حوالي 12,500 لاعب في رياضة كرة اليد في مختلف الدرجات، كما يحترف نحو 400 لاعب ولاعبة في بطولات عربية وأوروبية، ويدرب العديد من المدربين التونسيين في دول خليجية.

منهم حارس المنتخب مروان مقايز (37 عاماً)، الذي بدأ مشواره في الأحياء الشعبية بمدينة بني خيار (شرق)، و التي تعتبر معقلاً للعبة، ثم انتقل الى العاصمة وخطى نحو الاحتراف.

يؤكد مقايز في حديثه لوكالة فرانس برس إن "هناك تواصلاً وثيقاً بين الأجيال، وعملية التأطير تمر من هنا، لذلك نتحدث عن تقاليد كبيرة لكرة اليد في بلادنا".

ويضيف الحارس الذي شارك في ثماني بطولات عالمية "كنت أتابع منذ صغري، تألق رياض الصانع حارس المرمى في كأس افريقيا 1994 واليوم أصبح مدربي في المنتخب".

تلاقي تونس في المجموعة "ب" في بطولة العالم السابعة والعشرين التي تنظمها مصر من 13 إلى 31 كانون الثاني 2021، العملاق الإسباني والبرازيل وبولندا.

وستعتمد في تلك المواجهات على 20 لاعباً تتراوح أعمارهم بين 19 و39 عاماً، ينشطون في البطولة المحلية وخارجها. ويعول المدرب على لاعبين مثل مصباح الصانعي (النادي الإفريقي) ومروان شويريف (ترامبلاي الفرنسي) وأمين بنور (دينامو بوخارست).

شارك "نسور قرطاج" أيضاً أربع مرات في الألعاب الأولمبية، وضمنوا منذ العام 1995 مكاناً في البطولة الدولية مع قرار زيادة عدد الدول الإفريقية المشاركة في البطولة، باعتبارهم ضمن الفرق الثلاثة الأولى في إفريقيا.

يدعو السعيدي إلى تشجيع الناشئة على حب هذه اللعبة والإقبال قائلاً "يجب استغلال التظاهرة (بطولة العالم) وبث المقابلات لاستقطاب الأطفال وتحبيبهم في اللعبة".