الدوحة: أسدلت قطر الستار على بروفة دسمة لمونديال 2022 في كرة القدم، مع ختام كأس العرب بمشاركة 16 منتخباً واختبار ستة من ملاعبها الثمانية المترفة التي ستستضيف الحدث العالمي للمرة الأولى في الشرق الأوسط.
على مدى 19 يوماً، استضافت الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز والشغوفة بلعب أدوار كبرى على الصعيد الدولي، 32 مباراة اختتمت السبت بتتويج منتخب الجزائر على حساب تونس 2 صفر بعد التمديد وحصوله على جائزة 5 ملايين دولار، بمجمل حضور بلغ أكثر من 600 ألف متفرّج، ومشاركة خمسة آلاف متطوّع من 90 دولة بينهم 350 من خارج البلاد.
وكانت مباراة قطر والإمارات في ربع النهائي الأكثر حضوراً مع 63 ألف متفرّج على استاد البيت الذي دُشّن في هذه البطولة واحتضن مباراة نهائية حضرها 60 ألفاً.
إنفانتينو
أشاد رئيس فيفا جاني إنفانتينو بالبطولة خلال اجتماع مع ممثلي سفراء الدول في قطر "شهِدنا في النسخة الحالية من كأس العرب كيف أن التنافس الدولي أبهر شعوب الدول المتنافِسة".
وفيما يأمل المنظّمون بقدوم 1.2 مليون زائر في أول مونديال في الشرق الأوسط، تُطرح تساؤلات حول قدرة قطر في استقبال هذا الكم خلال شهر واحد.
يقول عبد العزيز المولوي مدير إدارة عمليات النقل في اللجنة العليا للمشاريع المضيفة انه تم الانتهاء من "محطة طيران خاصة بالفرق بحيث تم استقبال 15 منتخباً على مطاري حمد والدوحة الدولي".
وعن تعرّض شبكة المترو التي عملت 21 ساعة يومياً خلال البطولة، لعطل أجبر المتفرجين على إيجاد حلول بديلة، قال المولوي "حدث عطل لفترة محدودة. تمت معالجة هذه الاخطاء قبل أن تعود الامور إلى طبيعتها".
وفيما رأى جاسم الجاسم نائب رئيس العمليات في مونديال قطر ان بلاده "تسعى للحصول على دروس مستفادة لتنظيم أفضل كأس عالم"، كشف بعض المشاركين عن ثغرات يتعيّن تحسينها في الحدث العالمي.
قبل أقل من سنة من المباراة الافتتاحية للمونديال في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، تبدو البلاد البالغ عدد سكانها 2.7 مليوني نسمة، ورشة ضخمة، حيث تنتشر أعمال الطرق والصرف الصحّي ومواقع البناء في كلّ مكان تقريبا متسبّبة بازدحامات، لكن معظم الأسس باتت جاهزة.
تواصل وتناغم
يجيب البرتغالي كارلوس كيروش مدرب مصر على سؤال لفرانس برس حول جاهزية قطر للاستضافة "هناك بعض الامور يجب تحسينها، أحدها التواصل والتناغم بين الاقسام المختلفة. المباراة داخل الملعب وهناك آخرون يعملون في الخارج لانجاحها، لكن الناس في الخارج يتحرّكون في اتجاه ومن هم داخل الملعب يتحرّكون في اتجاه مختلف. إذا كانت لدي نصيحة لتوجيهها: نحن بحاجة للتحدّث، لانه كلما تحدثنا بشكل أفضل كلما كان الانسجام بين الاحتياجات داخل وخارج الملعب أفضل".
لكن مدرب البرتغال وإيران وكولومبيا السابق أبدى إعجابه بالنسخة العربية "لدينا ظروف رائعة وكل مقوّمات النجاح. بالتأكيد يجب أن تكون قطر فخورة بما فعلته".
وبعد اختباره كأس العالم مرّتين كلاعب، وصف مدرب الجزائر مجيد بوقرة تجربته "لدي نفس الشعور حيال الأمور التنظيمية. بصراحة كل شيء على ما يرام وليس على سبيل الإشادة بأحد. الملاعب والأرضيات رائعة".
تابع بوقرة المتوّج مرتين بلقب الدوري القطري مع الدحيل (لخويا سابقاً) في 2012 و2014 "يكمن الجانب السلبي الصغير بإقامتنا في فندق واحد مع الآخرين، لكن هذا لن يحصل في كأس العالم. أعتقد ان كأس العالم ستكون استثنائية".
أقيمت البطولة في ظل استمرار جائحة كورونا وظهور متحوّرات جديدة، بيد أن الملاعب كانت مفتوحة أمام الجماهير، أوّلاً عبر بطاقة المشجعين "فان آي دي" قبل التخلي عنها خلال البطولة.
يحلّل دانيال رايشي الأستاذ المحاضر في جامعة جورج تاون في قطر "لقد أبهرتني قدرة المنظمين على التعلّم من الأخطاء. على سبيل المثال، لم تعمل بطاقة المشجعين بشكل جيّد، فتمّ التخلي عنها".
وعمّا إذا كان يُعوَّل على كأس العرب لمقارنتها مع المونديال، أضاف "بشكل عام أعتقد ان الاختبار سار بشكل جيّد، لكن من الصعب المقارنة بين كأس العرب وكأس العالم، لأن معظم الزوار (المشجعين) جاؤوا هذه المرة من الداخل وفي العام المقبل سيأتون من خارج البلاد".
طاقة استيعابية كاملة
وفيما تصاعدت وتيرة الحضور الجماهيري في الأدوار الاقصائية، بدا إنفانتينو متفائلا بطاقة استيعابية كاملة خلال المونديال وقال في مقابلة مع قناة الكاس القطرية "ستكون كأس العالم المقبلة بحضور جماهيري كامل، بالطبع. هذا شعوري وأنا متفائل".
لكن المطبات التي تنتظر فيفا والمنظمين مرتبطة بقضايا رفاه العمال المهاجرين وحقوق المثليين والسماح بتناول الكحول، ما دفع إنفانتينو للقول عقب اجتماعه مع مجموعة من المؤسسات السياسية والمنظمات الحقوقية "عليناً أن نُقرّ بحجم التقدّم الهائل حتى الآن. لا تزال هناك تحديات، لكن السلطات القطرية تستحق الإشادة منّا جميعاً".
أوضح "توجد بعض المشكلات وهذا هو الحال في جميع أنحاء العالم. الأمور ليست كلها مثالية في عالمنا الغربي أيضاً، لذا علينا أن ندفع لتحقيق التقدم لكن ينبغي في الوقت ذاته أن ندعم من يريدون بصدق تحقيقه وأن نُقرّ أن الأمر يستغرق وقتاً".
في المقابل، بعثت الأمينة العامة لفيفا السنغالية فاطمة سامورا برسالة واضحة للغاية "مسؤوليتنا أن تكون كل واحدة من بطولاتنا شاملة. لقد كان الرئيس واضحًا جدًا ، فالناس أحرار في عرض أي نوع من الأعلام يريدون، بما في ذلك علم قوس القزح (رمز المثليين)، دون استهدافهم أو تمييزهم".
التعليقات