القاهرة: توقيف حكم من هنا وإعادة مباراة من هناك وما بينهما شائعات لا تنتهي ينشرها المصريون حتى اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، مصدرها حسرة على آمال تبدّدت بخوض منتخب "الفراعنة" غمار مونديال 2022 في قطر. لكن الحظّ كان سنغالياً.

من إيطاليا بدأت "الحدوتة" المصرية. قد يتخاطر إلى ذهن كثيرين أن الدعسة المونديالة الأولى لـ"الفراعنة" بدأت في العام 1990، لكن العام 1934 كان أول الغيث.

من ثنائية عبد الرحمن فوزي، مروراً بهدف مجدي عبد الغني، وصولاً إلى كتف محمّد صلاح.

فتح المصريون عهد العرب والأفارقة في كأس العالم عندما شاركوا في العام 1934 في إيطاليا بثاني نسخ الحدث الكروي الأكبر. تأهلت حينها على حساب فلسطين.

ولأن البطولة حينها كانت بنظام خروج المغلوب، لم تبحر السفن المصرية طويلاً في بحر المنافسات، فودّعتها بالنزال الأول أمام المجر عندما خسرت 2-4.

حينها، سجّل عبد الرحمن فوزي هدفين لمصر أحدهما كان لفرض التعادل 2-2 في الشوط الأوّل قبل الخسارة في الثاني.

بقي هذان الهدفان يتيمين في السجّلات التاريخية لمصر، حتى عاد أبناء النيل إلى كأس العالم، من البوابة الإيطالية مجدداً في العام 1990.

لم تخدم القرعة مصر آنذاك، وفي باكورة مبارياتها واجهت هولندا بطلة أوروبا مع ترسانة نجومها، على غرار ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك رايكارد.

بداية عهد عبد الغني

استبسل الدفاع المصري وخلفه الحارس أحمد شوبير أمام المدّ البرتقالي، لينتهي الشوط الأول دون أهداف. لكن البديل فيم كيفت باغتهم بهدف التقدم قبل نصف ساعة على نهاية الوقت.

لم يستسلم الفراعنة، ضغطوا على مرمى الحارس هانز فان برويكلين، ثم أسقط المدافع رونالد كومان المهاجم حسام حسن متسبباً بركلة جزاء ترجمها مجدي عبد الغني قبل 7 دقائق على نهاية الوقت الأصلي في باليرمو.

بعد حصدهم نقطة ثمينة من نجوم هولندا، واجه رجال المدرب محمود الجوهري جمهورية ايرلندا بعد خمسة ايام في باليرمو أيضاً. وُصفت بالمباراة المملة بسبب التمريرات العقيمة بين المدافعين وحارس المرمى خصوصاً شوبير، وكانت من أسباب تغيير قوانين اللعبة ومنع الحرّاس من التقاط تمريرات مدافعيهم.

وبعد تعادلين، أصبح بلوغ الدور الثاني واقعياً لمصر، بيد أن انكلترا أوقفت طموحها في كالياري. في ظل سيطرة انكليزية، دافع المصريون وأجلوا الحسم الى الشوط الثاني عندما اخطأ شوبير بالتعامل مع رأسية للمدافع مارك رايت. لم تثمر محاولات جمال عبد الحميد ورفاقه على مرمى بيتر شيلتون، فودّعت مصر من الدور الأول بتعادلين وخسارة.

بالهدف في مرمى هولندا، حلّ عبد الغني زميلاً لفوزي بالأهداف المونديالية لمصر.. وبقي كذلك 28 عاماً.

يقول عبد الغني لاعب الأهلي ومنتخب مصر السابق لوكالة فرانس برس "لحظة احتساب ركلة الجزاء ذهبت لالتقاط الكرة كي أسددها... وكنت انتظر أن يطلب أي زميل الكرة. لم يطلبها أحد".

وأضاف "شعرت أنني أحمل أحلام 75 مليون مصري على ظهري. ذلك الهدف نقل منتخب مصر إلى مكانة ثانية".

يؤكد عبد الغني "عشت على هذا الهدف 28 عاماً نجم نجوم مصر، باعتباري آخر من أحرز هدفاً للفراعنة في المونديال".

من سجّل الهدف؟

سدّد عبد الغني في المرمى الهولندي. أثناء فرحة اللاعبين، ذهبت كاميرا مخرج المباراة ناحية عادل عبد الرحمن، فظنّ البعض أنه من سجّل الهدف، حتى أن بعض الصحافيين استصرحوه بعد المباراة.

يقول عبد الرحمن لاعب الأهلي ومنتخب مصر السابق، أن صدفة الهدف كانت كصدفة انضمامه للمنتخب عام 1990.

ويضيف لفرانس برس أنه عقب مشاركة منتخب مصر "الرديف" في أمم إفريقيا التي أقيمت في الجزائر عام 1990، بناءاً على قرار الجوهري إراحة المنتخب الأول قبل المونديال "وجدت رسالة في انتظاري بمطار القاهرة من محمود السايس مدرب الأهلي".

كانت تلك الرسالة لاستدعائه إلى المنتخب للمرة الأولى قبل ستة أشهر من انطلاق المونديال.

ضحّى عبد الرحمن بعرضي احتراف من ناديي رويال أنتويرب وستاندار لياج البلجيكيين، لأن محمد عبده صالح رئيس الأهلي رفض انتقاله معللاً، ذلك بأنه سيلعب في المونديال وستكون فرص احترافه أفضل، وكان له ذلك الهدف الوهمي.

صلاح يُنهي الأسطورة

هدف، حمله لاعب ليفربول الإنكليزي محمّد صلاح على كتفه مع آمال وتمنيّات ملايين المصريين.

قبل كأس العالم 2018، وتحديداً في 26 أيار/مايو، تعرّض صلاح في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين ليفربول وريال مدريد الإسباني لإصابة قوية في الكتف، هي عبارة عن التواء في المفصل الأخرمي الترقوي بعد تدخّل من سيرخيو راموس.

غاب أفضل لاعب إفريقي وأفضل لاعب في الدوري الإنكليزي حينها عن الملاعب، ولم يشارك ابن محافظة الغربية في وديات بلاده الأخيرة قبل المونديال.

وبعد وصوله إلى معسكر المنتخب في غروزني، غاب في اليوم الأول عن التمارين، قبل أن يحضره إليها من الفندق الرئيس الشيشاني رمضان قديروف لإلقاء التحية على جماهير هتفت باسمه، في لقطة أثارت جدلاً واسعاً.

غاب صلاح عن المباراة الأولى التي خسرها المنتخب المصري أمام الأوروغواي صفر-1، وعاد أمام روسيا صاحبة الأرض.

رغم عودة صلاح، فقد "الفراعنة" تركيزهم وارتكبوا أخطاء وتأخروا بثلاثية، قبل أن يسجّل نجم ليفربول هدفاً شرفياً من ركلة جزاء.

بهذا الهدف، عاد اسم عبد الغني على ألسنة المصريين. فبمزيج من السخرية والتهكم، أمطر عبد الغني المصريين بعبارته "أوعى تنسوا غون (لا تنسوا هدف) مجدي عبد الغني" في مرمى هولندا.

علّق الممثل الكوميدي المصري محمد هنيدي مغرداً قبل مباراة روسيا "يارب وفقنا، لو مش عشان الـ100 مليون، يبقى عشان كابتن مجدي عبد الغني، عشان 28 سنة عاشهم جيلنا جيل التسعينات، وهو بيتذل (يذل) كل يوم وكل ساعة من الكابتن".

وانهت مصر مشوارها المونديالي بخسارة جديدة أمام السعودية 1-2، في مباراة اصبح فيها حارسها عصام الحضري أكبر لاعب يشارك في تاريخ المونديال عن 45 عاماً و161 يوماً.