باريس : بدأت الخصومة الرياضية بين الاسباني رافايل نادال والسويسري روجيه فيدرر في الحرّ الشديد لمدينة ميامي الأميركية، وانتهت بعد نحو عقدين وهما غارقان في دموعهما إثر وداع عاطفي في لندن.
التقى الصديقان 40 مرة على ملاعب كرة المضرب، توزّعت على الأرض الترابية في أوروبا، العشب اللندني والأرض الصلبة في الولايات المتحدة وأستراليا.
تفوّق نادال في المواجهات المباشرة 24 16، بينها 9 انتصارات مقابل 3 خسارات في نهائي البطولات الأربع الكبرى، خصوصاً التتويج المذهل في ويمبلدون 2008 الذي يُعدّ من أعظم المباريات النهائية في تاريخ الغراندسلام.
رغم ذلك، فإن الاحصائيات لا تعبّر عن الواقع.
أقرّ نادال وهو يبكي عندما خاض زوجي الرجال في كأس ليفر إلى جانب ابن الحادية والأربعين، في الظهور الأخير للسويسري في أيلول/سبتمبر 2021 "عندما يرحل روجيه، فإن جزءاً هاماً من حياتي يرحل أيضاً".
شبك الأسطورتان يديهما في المشوار الأخير لفيدرر قبل اعتزاله.
قال نادال "فخور جداً أن أكون جزءاً من مسيرته، لكني سعيد جداً بأن ننهي مسيرتنا كصديقين بعد كل ما شاركناه في الملاعب كخصمين".
عندما عادل نادال الرقم القياسي لفيدرر محرزاً لقبه العشرين في البطولات الكبرى، اثر تتويجه بلقبه الثالث عشر في رولان غاروس عام 2020، وصفه السويسري بانه "أعظم إنجاز في الرياضة".
لم يحسد فيدرر أبداً نادال على تخطيه وإحراز 22 بطولة كبرى.
قال خلال اعتزاله المهيب في لندن "يمكنني الاتصال برافا والحديث عن أي شيء. نستمتع بصحبة بعضنا البعض. لدينا مليون موضوع للحديث عنه. أشعر دوماً ان الوقت يمرّ بسرعة بعد كل أمسية نمضيها سوياً".
عندما التقيا للمرة الأولى في آذار/مارس 2004 في ميامي، كان نادال بعمر السابعة عشرة ومصنفاً في المركز 34 عالمياً.
كان فيدرر في صدارة التصنيف العالمي وقد أحرز لقبي بطولة أستراليا المفتوحة ودورة إنديان ويلز في ذلك الموسم.
مع ذلك، ضرب نادال بقوّة محققاً الفوز 6 3 و6 3 في سبعين دقيقة.
قال إبن جزيرة مايوركا "كنت قلقاً من أن يسحقني 6 1 و6 1 أو 6 1 و6 2، لكني أردت حقاً أن أخوض المواجهة ضد المصنف الأول عالمياً".
عبّر نادال عن قلقه من عدم قدرة اصدقائه في إسبانيا على متابعة المباراة على خدمة "تيلي تيكست"، فيما توقع فيدرر المزيد منه "كنت مندهشاً مما رأيته".
ملحمة ويمبلدون
التقى الثنائي على الأقل مرّة واحدة في كل عام بين 2004 و2015، ونجح فيدرر بحسم سبع مواجهات من أصل آخر ثماني جمعتهما.
في 2019، هزم نادال السويسري في نصف نهائي رولان غاروس، فيما ردّ الأخير في نصف نهائي ويمبلدون على العشب بعد أسابع قليلة في آخر مواجهة بينهما على الإطلاق.
كانت المباريات الملحمية مضمونة بينهما.
ثأر فيدرر لخسارة ميامي 2004 بعد 12 شهراً، محرزاً النهائي بعد أن قلب تأخره بمجموعتين.
عمل نادال جاهداً لحماية سمعته كـ"ملك للملاعب الترابية" في 2006، فاحتاج أيضاً إلى خمس مجموعات للتفوّق على السويسري في نهائي روما.
أرهق فيدرر لخرق هيمنة نادال على الملاعب الترابية، حيث فاز عليها مرتين فقط في 17 مباراة.
في المنزل الثاني للسويسري على ملاعب عموم إنكلترا في ويمبلدون، هزم نادال في نهائي 2006 و2007، قبل ان يحرز الإسباني احدى أعظم انتصاراته بعد 12 شهراً.
بعد نهائي عرقلته الأمطار، أحرز نادال خامس ألقابه الكبرى والأول بعيداً عن رولان غاروس.
أهدر كرتين لحسم اللقب في المجموعة الرابعة، لكنه حسم المباراة 6 4 و6 4 و6 7 (5 7) و6 7 (8 10) و9 7، في 4 ساعات و48 دقيقة.
شرح الماتادور "بالنسبة لي كانت المباراة الأقوى عاطفياً في حياتي، ربما الأفضل".
التقيا مجدداً في ثلاث مباريات نهائية في الغراندسلام، فضمن نادال لقبه الأول في بطولة أستراليا في خمس مجموعات عام 2009، ورولان غاروس 2011، قبل أن يخرج فيدرر فائزاً في بطولة أستراليا 2017 اثر ماراثون آخر.
جاء فوز فيدرر في ملبورن بعد أن أمضى ستة أشهر مبتعداً بسبب الاصابة في العام السابق.
قال فيدرر الذي كان بعمر الخامسة والثلاثين آنذاك، وكان قد أمضى 10 سنوات دون الفوز على نادال في البطولات الكبرى "التنس رياضة قاسية".
التعليقات