فتح لقاء حسني مبارك أمس مع مجموعة من المثقفين ومن قبله مع مجموعة من الفنانين الحديث مجدَّدًا عن التداخل وتدخل الفنانين بالمعترك السياسي، لاسيما وأنَّ مصر تستعد إلى انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر المقبل وانتخابات الرئاسة في الخريف القادم.

القاهرة: على الرغم من أنَّ الكثيرين في مصر يعتبرون أنَّ هناك تضاد بين العمل السياسي والعمل الفني أو الثقافي لاسيما في الصحافة الَّتي لا تشغلها كثيرًا مواقف الفنانين السياسيَّة لما تسببها من مشاكل كثيرة لهم، إلاَّ أنَّ الحقيقة الآن الَّتي تفرض نفسها بقوَّة على المشهد السياسي تؤكِّد أنَّ الفنانين والمثقفين سيكونون هم أبرز أسلحة مرشحي الرئاسة خلال الإنتخابات البرلمانيَّة المقرَّرة في أواخر العام المقبل.

فقد التقى الرئيس المصرين حسني مبارك، على مدار الأيَّام الماضية بوفد من الفنانين ضمَّ كل من منى زكي، ونيللي كريم، ويسرا، ومنه شلبي، وعزت العلايلي، ومحمود ياسين، ويحيى الفخراني، وأشرف زكي، فضلاً عن لقاء سابق مع الفنان طلعت زكريا بمفرده استمر لأكثر من ساعتين، كما التقى أيضًا وفد من المثقفين ضمَّ عددًا من قيادات الفكر الثقافي في مصر.

وتعتبر هذه واحدة من المرَّات القلائل الَّتي يقوم فيها الرئيس مبارك باستقبال الفنانين، فخلال العقد الحالي لم نسمع أنَّه التقى أي فنان في المقر الرسمي لرئاسة الجمهوريَّة حيث كانت تقتصر علاقاتهم بالرئيس على الحفلات الَّتي يشاركون فيها أو الَّتي يتم تكريمهم فيها.

وبحسب التَّصريحات الَّتي أدلى بها الدكتور، أشرف زكي، نقيب الممثلين فإنَّ رئاسة الجمهوريَّة تولت إختيار الفنانين وأخبروهم باللقاء قبلها بيوم واحد، وهو ما يبرر أنَّ اللقاء لم يعلن عنه سوى في بيان رسمي من وزارة الإعلام بعد انتهائه بأكثر من 3 ساعات، حيث لم يكن اللقاء معلنًا وهو نفس ما تكرر مع الفنان طلعت زكريا في وقت سابق حيث أعلن عن اللقاء بعدها وليس قبلها.

ويبدو أنَّ الرئيس مبارك والذي يتوقَّع الكثيرون أنَّه يستعد للترشُّح لفترة ولاية خامسة قرَّر أنّْ يسير على نهج أقوى منافسيه الدكتور، محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدوليَّة للطاقة الذَّريَّة والمرشَّح المحتمل لانتخابات الرئاسة والذي أعلن عزمه الترشح إلى الانتخابات في حال توافر الضمانات الكافية لنزاهة العملية الانتخابيَّة.

والبرادعي الذي أثارت عودته إلى القاهرة لأوَّل مرَّة في فبراير الماضي بعد انتهاء عمله في الوكالة الدوليَّة للطاقة الذَّريَّة جدلاً سياسيًّا واسعًا، استقبل وفدًا يضم عدد من الفنانين والمخرجين الذين أعلنوا دعمه ومساندته في دعم قضايا التغيير الَّتي يتبناها ومن الوجوه البارزة الَّتي التقت البرادعي الفنانة الشَّابَّة بسمة، وخالد أبو النجا، والمخرج خالد يوسف، ومجدي أحمد علي، وداود عبد السيد، إضافة إلى عدد من المثقفين.

وبحسب تصريحات البرادعي فإنَّ لقاءه مع الفنانين جاء لكونهم أحد الفئات المؤثرة في الشارع المصري كما أنَّ لهم تأثير على اختيارات النَّاس بحكم ثقتهم فيهم، وهو ما جاء منطقيًّا لاسيما بعد أنّْ شارك عدد من الفنانين الذين التقوا الرئيس مبارك من بينهم يسرا، ونيللي كريم، في إعلانات من أجل الحث على المشاركة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى والَّتي جرت في يونيو الماضي.

ويبقى الفارق بين لقاء البرادعي ومبارك بالفنانين أنَّ الأوَّل تناقض معهم في القضايا السياسيَّة والإجتماعيَّة الَّتي برزت على السَّاحة السياسيَّة مؤخرًا، بينما تناقش الرئيس مبارك عن أحوال الفنانين ومشاكلهم ووعد بحلِّها والَّتي كان من بينها الموافقة على تخصيص قطعة أرض بمدينة الإنتاج الإعلامي لكي تكون مقرًا دائمًا لنقابة الممثلين بدلاً من المقر الحالي بوسط القاهرة.