دمشق: كشف المخرج السوري نجدة إسماعيل أنزور في لقاء مطول مع موقع إيلاف أنه لم يتعمد الإثارة في مسلسله الأخير quot;ما ملكت أيمانكمquot;، وقال أن موضوع مسلسله كان يتطرق للكثير من القضايا الجدلية، والإشكالية في العالم العربي، بكسر التابوهات الثلاث المحرمة (الدين والجنس والسياسة)، الأمر الذي فرض عليه إدخال عنصر الإثارة في بعض الأحيان، معتبراً في الوقت نفسه أنها لم تكن مجانية بل خدمت تركيبة العمل من الناحية الفنية والموضوعية.
وإعتبر المخرج السوري أن شخصية quot;توفيقquot; كانت من الشخصيات السلبية في العمل، وكان يمثل الوجه المنافق من الإسلام، لذا تعمد إظهار كل سلبياتها، نافياً أن تكون الشخصية قد جرحت العائلات المتدينة.
وأشار المخرج السوري إلى أن الرسالة التي كان يود إيصالها من وراء عرض مسلسله قد وصلت إلى الجمهور بشكل فاق توقعاته الشخصية، بدليل إن الحديث عن المسلسل قائم حتى الآن في المقاهي والجامعات، بعكس الأعمال الاخرى التي انتهى الحديث عنها بمجرد انتهاء الحلقة الأخيرة منها.
وصرح المخرج السوري لإيلاف أن العمل أحدث نوع من الحراك الثقافي والفكري بعيداً عن التشنج والتعصب، داعياً باقي المثقفين السوريين من فنانين وأدباء وشعراء في فتح إبداعتهم تجاه مواضيع مثيرة للجدل لخلق مساحات أخرى من الحوارات، معترفاً في الوقت نفسه أن صناع الدراما في سورية هم الأكثر حرية من غيرهم في طرح الكثير من المواضيع والقضايا الإشكالية.
وقال المخرج السوري إلى أن الدعاية التي أثيرت حول المسلسل قد خدمته وساعدت على نشره وزادت من فرص عرضه، وأن بعض الفتاوى والاعتراضات ظهرت نتيجة عدم مشاهدة العمل من بدايته، نافياً بأنها قد أثرت سلباً على مسلسله، بدليل أن العمل يعرض حالياً على قناة quot;أبو ظبيquot; المعروفة بتحفظها ورغم ذلك لم تر لجنة مراقبة المسلسلات بالقناة أي شيء في العمل يمكن أن يخدش الدين أو الحياء. معتبراً بأن حذف بعض المشاهد من المسلسل هو شيئ طبيعي لإن لكل محطة مستوى معين من الرقابة التي تتعامل معها.
وعند سؤاله حول إطالته للمسلسل من خلال إعادته للكثير من اللقطات بأكثر من طريقة مستخدماً quot;الفلاش باكquot; قال أنزور ضاحكاً : quot;لا يوجد مسلسل في العالم إلا و يمكن إختزاله وتحويله لسباعية، ومن الخطأ محاسبة المخرجين على التطويل بل يجب محاسبة القنوات التي لا تشتري المسلسلات إلا إذا كانت 30 حلقة، أي على مقاس أيام شهر رمضان، والمحطات أصبحت تشتري المسلسلات حسب عدد حلقاتها وليس حسب مستواها أوعلى الأقل حسب تكلفتها الانتاجيةquot;.
وأضاف أنزور أن إعادته لبعض المشاهد كان لها من المبررات والأهداف الدرامية ما يكفي quot;كمشهد (جلد توفيق لأخته) كان لابد من الإشارة والتركيز وإعادة اللقطة على دفعات بشكل متتالي كنوع من التأكيد على الفعل الذي أتى بالنهاية من وجهة نظر شخصية (ليلى) نظراً لتغير ظروفها، وأيضاً من وجهة نظر القائم بالفعل (توفيق)، كاشفاً بأنه لم يعيد المشهد كما هو وإنما أعيد بتدخل مونتاجي ولعبة اخراجية، مضيفاً أنه استغنى عن الكثير من المشاهد التي تم تصويرها.
قناة الـ mbc لا تمثل السعودية
وعلى صعيد متصل قال المخرج السوري أنزور لموقع إيلاف أنه أصغر من أن يهاجم المملكة العربية السعودية أوقنواتها ، وأضاف أنه يحترم المملكة ويحترم تاريخها وعلاقته بها من خلال الكثير من الشخصيات الفاضلة مذكراً بأنه كان من أوائل المدعويين لحفل اليوم الوطني للسعودية الذي أقيم مؤخراً، وإنتقد بعض الاقلام التي كتبت بالصحف السعودية ان انزور يهاجم الفضائيات السعودية ووصفها بالأقلام المأجورة.
وقال أنزور بهذا الخصوص أنه يدرك تماماً من إن القناتين السعوديتين الأولى والثانية لها بعض المحاذير والتحفظات تجاه عرض بعض الأعمال الدرامية التي تمس القضايا الدينية، وأنه لم يطالبهم أبداً بشراء عمل مثل quot;ما ملكت أيمانكمquot; وأنه لم يتطرق بحديثه لقناة BBC في برنامج (في الصميم) تجاه القنوات الحكومية، ولكنه تكلم وبشكل صريح عن القنوات الخاصة التي تدعي ليلاً نهاراً بمحاربة الإرهاب في إعلاناتها وأنها ضد الظاهرة. مشيراً بشكل علني لفضائية الـ mbc التي فاوضته على شراء العمل وانسحبت في آخر لحظة. معتبراً أنله الحق المشروع في السؤال لماذا تظهر بعض القنوات عكس ما تبطن؟.
وأضاف أنزور لإيلاف أن عمله يحارب ويكافح ظاهرة الإرهاب وكان من المفروض أن يكون مسلسه من أولويات قناة الـmbc بغض النظر عن مستوى العمل فنياً لأنه يماشي سياستهم المحاربة للإرهاب، مشيراً في الوقت نفسه أن عدم شراء العمل من قبل القناة لم تكن لتزيد من أرباح مسلسله، وأنها ربما كانت ستزيد من عدد مشاهديه وهي الغاية الأساسية لأنزور في كل أعماله على حد تعبيره.
و قال أنزور أن quot; قناة الـ mbc لا تمثل المملكة، مشيراً إلى أنه ليس كل من ينتقد القناة يفسر كلامه ويؤول على أنه يهاجم السعودية، واصفاً أن من يفكر بهذه الطريقة هم كثر معتبراً ذلك نوع من التخلف المزمن الذي لا يستطيع الإنسان العربي التخلص منه.
واعتبر أنزور أن حديثه كان ضد مصالحه الشخصية كمنتج ويناقضها تماماً وهذا دليل على براءته من القضايا الشخصية التي تحدث عنها المغرضون وإن ذلك يعتبر دليلاً لإفلاسهم.
ودعا أنزور من خلال إيلاف أنه حريص على أن تقال كلمة الحق عبر كل المنابر الاعلامية.
ذاكرة الجسد
وفي سياق آخر تحدث المخرج السوري نجدت أنزور عن عمله الآخرquot;ذاكرة الجسدquot;، نافياً فشل الحلقات الأولى. وقال أنه اتبع نفس أسلوب الرواية ولم يشذ عنها والنص كان أميناً، ولكن عند إفلاس الرواية وانتهاء أحداثها اجتهدت الكاتبة (ريم حنا) في خلق أحداث جديدة من خلال قراءتها لما بين سطور الرواية، و إستنباط أحداث جديدة لإضافة عنصر التشويق. معتبراً نفسه أنه كان يتعامل مع النص بالنهاية وليس مع الرواية التي بقيت قيمتها الأدبية والفكرية كما هي ولم يمسها أحد.
وعن انطباع الكاتبة الجزائرية أحلام مستنغانمي عن المسلسل خص أنزور إيلاف بتصريحه quot; قالت لي الكاتبة أحلام حرفياً ( كما هناك صفحات قوية وصفحات ضعيفة في روايتي هناك أيضا حلقات قوية وحلقات ضعيفة في المسلسل )quot;.
وأضاف أنزور في هذا الصدد أنه من الخطأ إستخدام مصطلح (تحويل الرواية لعمل فني ) فالرواية من وجهة نظره لا تتحول ، والعمل الفني ما هو إلا قراءة جديدة للفكرة الموجودة والتعبير عنها بأساليب فنية.
وأشار أنزور إلى إمكانية التعاون مع كل الأدباء والروائيين العرب لدعم مسيرته الفنية، وأنه الآن بصدد التعاون مع الروائي السوري فواز حداد لتحويل أحد رواياته إلى مسلسل تلفزيوني جديد.
المخرجين السوريين والعمل في مصر
وعن رأيه بالمخرجين السوريين الشباب قال أنزور أنهم جيدين ويحاولون تحديد هويتهم وشخصيتهم، معتبراً أن الأكثر تألقا في هذا الموسم كانا (الليث حجو وسمير حسين) داعياً الآخرين إلى عدم الاستعجال وبناء طريقهم بهدوء وثقة أكبر، بإعتبار أن الفرصة موجودة للمخرج الجيد وأن الدراما السورية تعتمد في مستقبلها عليهم بشكل كبير.
وعند سؤاله عن إمكانية عمله في الدراما المصرية خاصةً وأنه عمل في كل من الاردن، وليبيا، بالإضافة إلى سورية قال أنزور أنه لن يتردد للعمل في مصر إن أتته فرصة عمل في ظل إمكانيات انتاجية جيدة ،وأنه ينتظر الفرصة الحقيقية لإضافة شيء مهم للدراما المصرية التي بدأت تتغير بذكاء شديد خاصةً هذه السنة مستشهداً بعملي (الجماعة وأهل كايرو)، مشيراً إلى اجتهاد المخرجين المصريين في إظهار الصورة القريبة من السينمائية على أنه دليل من أن الدراما المصرية في حالة مخاض لإنتاج أعمال هامة وستثير القضايا التي يحتاجها المواطن العربي.

محمود درويش
وأضاف أنزور في حديثه لإيلاف أن هناك إتفاق مبدئي مع المنتج فراس ابراهيم لإخراج مسلسل quot;في حضرة الغيابquot; الذي يتناول السيرة الذاتية لحياة الشاعر الفلسطيني الراحل (محمود درويش) مؤكداً على أنه لم يتفق معه بشكل رسمي، معرباً أن ما تم تناوله في وسائل الإعلام مؤخراً ليس له أساس من الصحة كونه لم يوقع العقد الذي يبت بالموضوع، معتبراً أن الفكرة جميلة ولكن الأمر متعلق بالإمكانيات لإنتاج هذا النوع من الأعمال.
وأشار المخرج السوري أن شخصية درويش تستحق عمل تلفزيوني أوسينمائي هام يليق به، كونها من الشخصيات الهامة والمؤثرة على مستوى النضال الفلسطيني، والفاعلة على مستوى الشعر العربي، ولها من التأثير الكبير على الأجيال.
وأضاف أنزور أن القضية الفلسطينية مغيبة على مستوى الدراما العربية إلا أنها موجودة وحاضرة دائماً في الدراما السورية، ولم تكن يوماً غائبة عنها، منتقداً بالوقت نفسه كل المحطات التي لا تكلف نفسها بشراء الأعمال المهتمة بالقضية الفلسطينة كما حصل هذا الموسم مع مسلسل quot; أنا القدسquot; للمخرج باسل الخطيب، واصفاً تلك القنوات بالوصول إلى درجة كبيرة من الإنهزامية والخوف من عرض مسلسل لن يحرر فلسطين ولن يسرع بالمفاوضات، إلا أنها ستذكر بقضية العرب الأولى. ويجب الاعتراف بأن الفضائيات العربية أصبحت عارية تماماً.
وأنتقد أنزور عرض الدراما المتعلقة بالقضية الفلسطينية على مستوى الأعمال التركية والإيرانية المدبلجة وإكتفاء العرب بمشاهدتها على إعتبار أن (كل شيء مقبول من الغريب) مشيراً إلى أن تلك الأعمال ليست أمينة أكثر من العرب في التطرق لقضاياهم وحمل رايتهم.
جورج وسوف
وعن سبب لجوء المخرج أنزور إلى الفنان العربي جورج وسوف لغناء شارة مسلسل quot;ما ملكت أيمانكم quot; قال أنزورعنه quot;الفنان جورج وسوف يعتبر قامة فنية كبيرة وأنا أعتبر هذا الرجل من النوع العصامي الذي بنى نفسه بنفسه فنياً ،فهو يغني منذ إن كان صغيراً وليس من خريجي البرامج الفنية التي أعتبرها من وجهة نظري لا تصنع سوى بعض الأصوات المؤقتة، وبالطبع كنا بحاجته كثيراً لإغناء العمل بصوته، مشيراً إلى التعاون الكبير الذي أبداه وسوف لإنجاح أغنية العمل.