شهد موسم دراما رمضان 2010 ارتفاعًا في أجور الفنانين بشكل مبالغ فيه جدًّا.


القاهرة:يبدو أنَّ موسم رمضان 2011 سيشهد ارتفاعات جديدة في أجور الفنانين، حيث جاءت الأرقام المعلنة خياليَّة، بحيث سيحصل الفنان عادل إمام على 30 مليون جنيه نظير بطولته لمسلسل quot;فرقة ناجي عطااللهquot;، فيما سيحصل الفنان عمرو دياب على 40 مليون جنيه مقابل بطولة مسلسل لم تتضح ملامحه بعد، كما أعلن الفنان تامر حسني أنَّه سيحصل على 60 مليون جنيه ليقوم ببطولة مسلسل quot;ابن البلدquot;، و قيل إنَّ الفنان محمد هنيدي سيحصل على مبلغ 25 مليون جنيهفي مسلسل quot;رمضان مبروك أبو العينين حمودةquot;، وسيكون أجر الفنان كريم عبد العزيز عن مسلسله الرمضاني 20 مليون جنيه،لكن لا أحد يعلم على وجه الدقة أين الحقيقة؟ وإنّْ كانت هذه الأرقام حقيقيَّةً أم أنَّها تأتي في إطار التنافس والتباهي بين الفنانين بعضهم البعض؟

ويقول الناقد الفني، عصام زكريا، لـquot;إيلافquot; إنَّ هذه الأرقام المعلنة بعضها حقيقي والبعض الآخر مبالغ فيه، ويأتي ذلك في إطار تسويق الفنان لنفسه، مشيرًا إلى أنَّ المبلغ الذي قيل إنَّ الفنان عادل إمام سيحصل عليهعن مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; ليس مبالغًا فيه، حيث إنَّه فنان كبير ويحظى بجماهيريَّة واسعة، وبالتالي فإنَّ شركة الإنتاج لن تترد في منحه هذا الأجر، على اعتبار أنَّها ستكسب أضعافه، وأضافأنَّ شركات الإنتاجتتنافس على النجوم، لأنَّ صناعة الدراما لم تعد تعتمد في التسويق على الموضوع أو القضية الَّتي تناقشها، بل تعتمد على النجم الذي يحظى بجماهيريَّةٍ واسعةٍ خصوصًا في بلاد الخليج.

وأوضح أنَّ إحجام دول الخليج عن شراء الدراما المصريَّة، بسبب إنتاجها دراما خاصَّة بها، أوقع شركات الإنتاج المصريَّة في ورطة شديدة، حيث لم تستطع تسويق إنتاجها هناك، ولولا تدخل التليفزيون الرسمي من خلال شراء حوالي 75% من الإنتاج الدرامي في رمضان 2010، لأعلنت تلك الشركات إفلاسها، لافتًا إلى إنَّها لم تجد أمامها سوى الإستعانة بنجوم السينما والتنافس على نجوم الدراما، من أجل ضمان تسويق إنتاجها في دول الخليج، الَّتي يفضل جمهورها النجوم المصريين على غيرهم من الفنانين العرب.

ووفقًا للناقد الفني، سمير الجمل، فإنَّ ليس كل ما يعلن فيما يخص أجور الفنانين حقيقي، حيث يتعرَّض لبعض التحريف والمبالغة من جانب الفنانين أنفسهم، وضرب مثلاً ما بما يدور حاليًا بين مطربين معروف أنهما على خلافات، حيث أعلن الأول أنَّه سيحصل على 40 أو 50 مليون جنيه، وأعلن الآخر أنَّه سيحصل على 60 مليون جنيه، وهو كلام مبالغ فيه جدًّا، و لا يقبله منطق.

وأوضح لـquot;إيلافquot; أنَّ بعض الفنانين يبالغون في أجورهم، كمحاولة منهم للدعاية لأنفسهم، والقول بأنَّهم نجوم صف أوَّل، وأنَّهم يحصلون على الأجور الَّتي يحددونها لأنفسهم، وبالتَّالي يحصلون على الأرقام الَّتي يطلبونها فيما بعد، مشيرًا إلى أنَّ ارتفاع أجور الفنانين ظاهرة جديدة تهدد صناعة الدراما، حيث يضطر المنتج للإهتمام باسم فنان واحد، ويدلِّله على حساب باقي فريق العمل، وفي المقابل يبخل أو يقطر في الإنفاق على باقي عناصر العمل، مثل الديكورات، و تجاهل التصوير في الأماكن الطبيعيَّة، و الإكتفاء بالتصوير في الأماكن المغلقة، وبالتالي تتشابه غالبية المسلسلات، ولا تقدم أيَّ جديد للمشاهد، ودعا الفنانين إلى تخفيض أجورهم حفاظًا على الصناعة، و دعا أيضًا المنتجين إلى عدم الإنسياق وراء ما يروجه الفنانون لأنفسهم.

وتؤكِّد الفنانة، ميس حمدان، لـquot;إيلافquot; أنَّ أجر الفنان أمر يخصه وحده، هو من يحدده على أساس نجوميته، ومدى ملاءمة العمل له، و هل سيكون مرهقًا له، و يمنعه من تقديم عمل آخر، أم لا؟ ولا تنكر حمدان أنَّ بعض الفنانين قد يتعمدون الإعلان عن رفع أجورهم للتأثير على المنتجين، والإيحاء بأنَّهم مطلوبون بأجور كبيرة، و لفتت حمدان إلى أنَّ المسـألة تخضع للعرض والطلب، مؤكِّدةً أنَّ شركات الإنتاج تكسب جيِّدًا من وراء الفنانين، ولو كان الأمر غير ذلك، لما أقدموا على دفع هذه المبالغ الخياليَّة إليهم.

وفي السياق ذاته، تقول الفنانة، رانيا فريد شوقي، لـquot;إيلافquot; إنَّ غالبية أجور الفنانين المعلنة غير صحيحة، ولا تعدو كونها مجرد توقعات من جانب وسائل الإعلام أو تسريبات من شركات الإنتاج، حتَّى تتفاوض مع القنوات الفضائيَّة على بيع المسلسلات بأسعار مرتفعة، وأضافت أنَّ الفنان لا يعلن عادةً عن أجره إلاَّ في أضيق الحدود، و يرجع ذلك إلى خوفه من الحسد، أو من ملاحقه الضرائب له، لافتةً إلى أنَّ بعض الفنانين يطلبون من المنتجين بعد توقيع العقد التصريح بأنَّه حصل على أجر أعلى من المتعاقد عليه، حتَّى يحصل على المبلغ الذي يريده من منتجين آخرين.

وتعود شوقي لتؤكِّد أنَّ مسألة أجور الفنانين تخضع للعرض والطلب، فلو أنَّ المنتج غير راضٍ عن الأجر الذي يطلبه الفنان يجب عليه البحث عن آخر أقل أجرًا، ولا أحد يستطيع إجباره على التعاقد مع فنان ما، إلاَّ مصلحته، خصوصًا أنَّ quot;المنتجين يحسبونها بالمليمquot; ـ وهي أقل فئة عملة مصريَّة، لم تعد متداولة منذ عشرات السنين ـ و لكن الأمر يحتاج إلى ضوابط بحيث تتدخل فيها نقابة الممثلين، لضمان تشغيل باقي الفنانين الذين يعانون من البطالة.

أما الفنانة، غادة عبد الرازق، فتشير إلى أنَّ أجر الفنان أمر يحدِّده على أساس المكاسب الَّتي يحقِّقها المنتج من جراء التعاقد معه، وتقول لـquot;إيلافquot; إنَّ الفنان عندما يتعاقد مع شركة إنتاج لا يعلن عن أجره، ولكن الشركة قد تسرب تفاصيل العقد أو تبالغ فيها أحيانًا، رغبة منها في الإيحاء بأنَّ العمل تكلف مبالغ ضخمة، وبالتالي ترفع أسعار التسويق، أي أنَّ الأمر مسألة تجاريَّة بحتة.

ومن جانبه، يعترف المنتج، صفوت غطاس، الذي تعاقد مع الفنان عادل إمام على بطولة مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; مقابل 30 مليون جنيه، لـquot;إيلافquot; بأنَّ هناك مبالغة في أجور الفنانين، وأنَّ المنتجين مضطرون للخضوع لهم، خصوصًا أنَّ عملية التسويق في دول الخليج تعتمد بالأساس على أسماء النجوم، بعد أنّْ قرَّر إتحاد الإذاعة والتليفزيونعدم شراء عدد ضخم من مسلسلات العام المقبل، حيث أنقذ شركات الإنتاج من شبح الإفلاس العام الماضي، واشترى معظم الإنتاج المصري، ولم ينكر غطاس أن يكون بعض الفنانين يبالغون في أجورهم المعلنة لوسائل الإعلام، اعتقادًا منهم أنَّ تقييم الفنان يتم حسب الرقم الذي يتقاضاه.