جدَّد الفنان الفرنسي اليهودي من أصل جزائري، أنريكو ماسياس، رغبته في زيارة الجزائر واتهم أطرافًا متشددة بالوقوف دون تحقيق حلمه، وجمع شتات اليهود في حفل فني ضخم في مدينة قسنطينة.


الجزائر: جدد الفنان الفرنسي اليهودي من أصل جزائري أنريكو ماسياس رغبته في زيارة الجزائر مؤخراً، و كان ذلك خلال حفل تكريمه في مدينة مونتريال الكندية، بحضور سفير إسرائيل و فرنسا، واتهم حينها فنان quot;المليون منفىquot; حنينه إلى مسقط رأسه مدينة الجسور المعلقة، أطرافا متشددة بالوقوف دون تحقيق حلمه وجمع شتات اليهود في حفل فني ضخم بمدينة قسنطينة، لكن يبدو أن حلم ماسياس لن يتحقق مع إصرار الجزائريين على عدم الترحيب بانريكو في بلادهم، لكن ذلك لا يمنعهم من عشق أغانيه وحفظها عن ظهر قلب.

هذا وكانت وسائل إعلام كندية نقلت عن ماسياس قوله بأن quot;هناك متطرفون يمنعونه من تحقيق حلمه بإحياء حفل فني كبير يجمل شمل شتات يهود قسنطينةquot;.

وأضاف ماسياس: quot;انه تلقى عدة تكريمات من دول عديدة بالعالم و يكرم الآن بكندا لكنه لم يكرم في الجزائر ويمنع حتى من زيارتها من طرف متطرفون لأسبابquot; يراها ماسياس quot;تافهة جداًquot;.

رغبة ماسياس في زيارة الجزائر كشف عنها في أكثر من مناسبة، وقد وجه له الرئيس بوتفليقة دعوة شهر ديسمبر من سنة 1999، لكن حملات المناهضة التي قادتها شخصيات سياسية بارزة، على رأسها الرئيس الأسبق احمد بن بلة والسياسي البارز عبد الحميد مهري، ورؤساء أحزاب سياسية، و ضغط الشارع الجزائري حالت دون تحقيق الفنان لحلمه، لكنه أبقى على خيط من الأمل في تحقيق حلمه الذي عبر عنه بعد ذلك في مناسبات عدة، آخرها شهر مارس الماضي حينما كشف للقناة الفرنسية الثالثة بحضور الفنان اليهودي ذي الأصول الجزائرية جيرار دارمون، عن رغبته أكثر من أي وقت مضى في زيارة الجزائر، وهو التصريح الذي أثار موجة من الانتقادات داخل الجزائر أهمها إطلاق حملة مناهضة عبر موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك لجمع مليون توقيع من اجل عدم السماح بدخول هذا الفنان إلى الجزائر.

وعلى الرغم من أن الجزائريون يقبلون بمختلف أعمارهم و فئاتهم على شراء أعمال ماسياس، وذلك ما وقفنا عليه خلال جولة قصيرة قادتنا إلى محلات بيع أشرطة السيدي بساحة الأمير عبد القادر وسط العاصمة الجزائرية أين وجدنا أغلب أشرطة هذا الفنان تم بيعها بالكامل، إلا أنهم متمسكون بقرارهم الرافض لزيارة صاحب البوم quot;سفر معزوفةquot; بمشاركه الفنان الجزائري ايدير.

ومن خلال حديثها مع مجموعة من المواطنين والشخصيات، وقفنا على جملة من الأسباب يتمسك بها الجزائريون كذريعة لمنع ماسياس من زيارة مسقط رأسه، أول تلك الأسباب تتعلق بدعمه العلني لإسرائيل، وخصوصًا خلال حرب غزة الأخيرة، أين شارك ماسياس في مظاهرات لدعم الجيش الإسرائيلي، كما أن الجزائريون يتذكرون جيدًا غناء ماسياس للجيش الإسرائيلي خلال حرب 73، و يتذكرون جيدًا مساندة أسرة ماسياس للمحتل الفرنسي لبلادهم، و يعتبرون الترحيب بماسياس في الجزائر، ذلك يعني فتح الباب أمام الأقدام السوداء الذين كانوا عملاء لثورة التحريرquot;.

وعلى المستوى الرسمي السلطة لا يمكنها أن تنسى أو تتناسى تصريحات أنريكو ماسياس حينما هاجم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، معتبرًا الجزائريين لا يستفيدون من ثروة الغاز والبترول حينما قال quot;الجزائر تربح المال الكثير من وراء الغاز والبترول، لكن الشعب لا يستفيد من هذه الثروةquot;.

وفي سياق متصل رفض مسؤول الإعلام على مستوى وزارة الثقافة بالجزائر السيد حمد سيدي موسى الإدلاء بتصريح رسمي في مقابلة مع quot;إيلافquot; حول موقف وزارة الثقافة في الموضوع قائلاً quot;موضوع انريكو ماسياس يتجاوز وزارة الثقافة، هذا الملف سياسي بالدرجة الأولى، وإذا أردتم معرفة الموقف الرسمي تجاه هذه القضية، فما عليكم سوى الاتصال بوزارة الخارجيةquot;، لكنه لم يمانع من الإدلاء بوجهة نظره الشخصية كجزائري حول الموضوع قائلا quot;أنا كجزائري أقول لماسياس إذا كنت تريد أن تزور الجزائر كفنان فمرحبا بك، لكن الواقع غير ذلك، فماسياس يعتبر سفير الدولة الإسرائيلية، والجيش الإسرائيلي بشكل خاص وخلال الاعتداء على غزة خرج ماسياس في مظاهرة لدعم الاعتداء الإسرائيلي ضد سكان غزة، لذلك أنا ضد زيارة ماسياس إلى الجزائر، على الرغم من أنني استمع واعشق الكثير من أغانيهquot;.

أما محمد حديبي النائب عن حركة النهضة أحد الأحزاب الإسلامية المعارضة يعتقد أن quot;زيارة هذا الفنان إلى مسقط رأسه، مرتبطة بشرط واحد لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحول، وهو أن يعلن صراحة أمام الرأي العام الدولي بعدم ارتباطه الروحي مع الحركة الصهيونية العالمية ولا مع دولة إسرائيلوحكومتها، حينها فقط يمكن لماسياس أن يحقق حلمه بزيارة قسنطينةquot;.

وينفي حديبي أن quot;تكون أسباب الرفض الشعبية والرسمية لزيارة ماسياس الجزائر دينية مرتبطة بأصوله اليهودية، فذلك أمر مجانب للصواب وغير حقيقي، لأن أسباب المنع هي أسباب سياسية مرتبطة بردود فعل حول مواقف ماسياس المستفزة لشعور العرب و المسلمين، من خلال دعمه الصريح والمباشر لانتهاكات الكيان الصهيوني بحق إخواننا في فلسطينquot;.

ويخاطب حديبي ماسياس بقوله وquot;لتعلم أننا سنقف ضدك، وسنوقظ كل الشعب الجزائري من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ضدك وإرادة الشعوب لا تقهرquot;، ويهدد حديبي أي جهة في الجزائر تحاول استقدام هذا الفنان بقوله quot;وأي جهة تستقبل هذا الفنان أو تعمل على استقدامه إلى الجزائر فلتتحمل وحدها المسؤولية في ذلكquot;.

والجدير بالذكر أن رئيس تنسيقية مناهضة المد الصهيوني خالد بن إسماعيل جدد رفضه المتجدد لزيارة ماسياس خلال تصريحات صحفية سابقة، ونفى بن إسماعيل أن يكون الاعتراض على زيارة ماسياس بسبب ديانة المطرب وإنما لمواقفه السياسية ومعاداته للفلسطينيين ومساندته للصهيونية، مستدلًا على ذلك باستقبال الجزائر العديد من الشخصيات اليهودية مثل السينمائي روجي أنان، وجون بياركاستل، وجون دانيال، وغيرهم من اليهود الذين يحضرون إلى تلمسان لزيارة الحاخام المدفون هناك.