إعتذر المخرج التلفيزيوني العراقي، أكرم كامل، عن مواصلة إخراج مسلسل quot;طريق انعيمةquot; للمؤلف عباس الحربي وانتاج قناة البغدادية، على الرغم من التَّحضيرات الَّتي اجراها للبدء بتصوير العمل، معربًا عن استغرابه لما وجد من شروط، فضلاً عن رائحة الطَّائفيَّة الَّتي تفوح من حلقات المسلسل الَّتي استطاع ان يشمها ما بين سطور النص.


بغداد: أكد اكرم كامل ان الجهات المنتجة او القنوات الفضائية لا تقرأ نصوص المسلسلات التي تقدم اليها بقدر ما تسمع الفكرة التي يتحدث عنها، لذلك يأتي المسلسل مفتقرًا للحوار الجيد، مشيرًا الى ان هناك ازمة نصوص جيدة تشكو منها الدراما العراقية لان النص هو الاهم في العملية الفنية، وقال اكرم لـquot;إيلافquot; انه يفضل ان يبقى بلا عمل على ان يخرج نصًا غير جيد ويحسب عليه.

ما سبب اقالتك او استقالتك من quot;طريق انعيمةquot;؟
لا اقالة ولا استقالة وانما اعتذار لاسباب معينة، فبعد ان اشتغلنا مع فريق العمل العراقي في دمشق اكثر من عشر مسلسلات، تأتي الجهة المنتجة او القناة وتفرض على المخرج اسم quot;مدير تصويرquot; من بلد اخر، وتكون اللغة المشتركة للتفاهم بيننا صعبة وتحتاج الى شهر لتسهيلها، فيما المفترض ان ينجر المخرج خلال هذه الشهر ثلاثة ارباع المسلسل، ما يضطره للإستمرار الى اربعة اشهر أخرىلانجاز المسلسل، علمًا الممثل او الفني اذا ما ظلوا يعملون خمسة شهور لانجاز مسلسل واحد، يعني انهم لن يعملوا في اعمال اخرى، وهو ما أراه قطع لارزاقهم فضلاً عن اشكالات اخرى.

أين يكمن الخلل اذن برأيك ؟
اعتقد ان القنوات التي نعمل معها لا تقرأ النصوص بل تقرأ الافكار المقدمة لها، كما انني اختلفت مع قناة البغدادية حول العمل لانه لا يمكن ان يكون من30 حلقة، لانه مكتوب بشكل مختصر، يعني احدى الحلقات تتضمن 12 مشهدًا فقط، ونحن نعرف ان 900 مشهد لا تحل قس 30 حلقة، لذلك اقترحت على القناة التعديل، وبما ان مؤلف المسلسل يقيم في استراليا فالاتصال بيننا يتم عبر الانترنت لذلك يوم نتصل به ونتحدث معه وعشر ايام لا، المؤلف كما اعرف انه غادر المسلسل منذ زمن وحين بعث مشاهد جديدة وجدت ان هذه المشاهد لا تضيف وقتًا ولا اهمية للعمل، اعتقد ان العمل مهم لصديقي المؤلف عباس الحربي واعتقد ان الجهة المنتجة جيدة، ولكن ادوات الانتاج من العاملين ليست لديهم اية دراية بالعملية الفنية.

لا يبدو ان هذه الاسباب وحدها وراء الاعتذار عن اخراج العمل، الا ترى ذلك ؟
اغرب ما يمكن سماعه هو ان القناة تطلب من المخرج ان يسمي ثلاثة ممثلين لكل شخصية، في كل الكون لا يوجد احد يشبه الاخر، يعني انني اختار لكل شخصية في العمل ثلاثة ممثلين والجهة المنتجة تختار احدهم، يعني انها ليست بحاجة الى مخرج بل الى مخرج منفذ، لاننا نعرف ان المخرج هو الذي يقود العملية الفنية من الالف الى الياء، لكنهم يضعون عراقيل امامك، فلو انني اخترت ثلاثة وقاموا باختيار احدهم، وحين تسألهم لماذا اختاروا هذا دون سواه ستجدهم لا يعرفون لماذا وهذا امر غريب، لان اختيار الممثلين من ضمن عمل المخرج، وربما غدًا يطلبون مني ان اصور العمل بالمشهد الواحد، اذن اين انا من العملية الفنية.

ما الجديد في العملية الفنية الذي استفزك كمخرج ؟
هناك قضية جديدة وهي انهم يعطون الممثل قرص quot;سي ديquot; مكتوب فيه المسلسل كاملاً ليقرأه، فيما هناك الكثير من الممثلين ليس لديهم حاسبات في بيوتهم،وعندما يوافق الممثل على العمل فيما بعد يقومون بطبع المسلسل على ورق ويقدمونه له، اي الخسارة تكون مضاعفة.

هل هنالك صعوبات وجدتها مؤثرة على العمل الفني في بغداد ؟
الاهم والاعم والاشمل ان ظرف البلد لا يمكن ان تنجز به الذي في بالك، لاننا نعتمد على عطاء الممثل في المشهد الاول الذي نقوم بتصويره، لان مشاعره الحقيقية تتدفق فيه، ولكن حين نعيد تصوير المشهد لسبب ما راحت مشاعر الممثل وانتهت، ونحن في العراق في اي لحظة من الممكن ان نوقف الممثل، ثم ان هناك قضية مهمة لا بد ان تعرفها الجهات المنتجة هي ان الممثل هو المنتج الوحيد في العملية الفنية، اي اننا غير منتجين لانه الوحيد على الشاشة، والناس تتحدث عن الممثل، ونحن الذين وراء الكاميرا في خدمته وهو الذي يوصل كل الذي نريده للمتلقي.

وفي سوريا ألم تشعر بالمعاناة ؟
اثناء عملي في سوريا لم اعان ما عانيته في بغداد، فأنا اختار الممثلين بوجود المنتج المنفذ وانا اختار الموقع وحتى تدخلت في اختيار الكومبارس ذات مرة، وضحك المخرج المنفذ فأوضحت له السبب المقنع، والجهة الانتاجية اكدت ما ذهبت اليه لان لديها خبرة، فالمنتج الذي عمل 300 ساعة تلفزيونية مثل المنتج الذي لديه ساعتان تلفزيونيتان ؟ الجواب : لا.

يقال ان مسلسل quot;طريق نعيمةquot; مكتوب منذ اربع سنوات وكان المؤلف يعدل به ويرفض من جهات معينة، ماذا تقول ؟
العهدة على القائل

كيف يمكن لعمل ان ينتج ومؤلفه يكتب عن واقع العراق وهو ساكن في استراليا، وكيف يمكنك القبول لاخراج عمله ؟
اسأل الجهة المنتجة، انا اتصلت بالرجل لانه صديقي وقلت له ان النص الذي كتبته انت نحن غادرناه عام 2006، وطلبت منه ان لا يعيد مشاعر عام 2006، وقد شممت فيه رائحة طائفية، فقال النص مقدم من زمان والعهدة على عباس الحربي، انا ارى ان ظرف العراق مختلف، فالطائفية المقيتة لست انا سببها ولا انت، بل جاءت من الخارج، فلماذا اعززها .

كيف يمكن كمخرج ان تشتغل هكذا عمل ؟
انا لم اشتغله، وقمت بارجاع النص بعد ان قدمت الكثير من الملاحظات عنه ومنها انني شممت رائحة طائفية فيه فكرهت ان اشتغله.

يشاع في الوسط الفني العراقي ان المخرجين الذين عملوا في سوريا اساؤوا للدراما ولم يقدموا عملاً فنيًا بقيمة فكرية او فنية ؟
انا قدمت مسلسل (البقاء على قيد العراق) قلنا فيه العراق للعراقيين والعراق هوللذي يبني وطنه وليس للذي يهدمه، واستوقفتني امرأة عراقية هناك وقد عرفت انني مخرج العمل وقالت: (لماذا كل يوم تجعلنا نجلس في بيوتنا الساعة العاشرة لنبكي)، قلت لها: البكاء تطهير للذات، ثم ان علينا كمثقفين ان نقول شيئًا، اما ردي على من يقول اننا في سوريا لم نقدم اعمالاً جيدة فهو ان البرميل الفارغ يحدث ضجيجًا اكثر من البرميل المملوء .

ربما هناك اعمال جيدة ولكنها نادرة ؟
لا يوجد عمل فني سيء، فلا بد من وجود جهد، فيه جهد المصور ومدير التصوير والممثل وعامل الخدمة، وهذا جهد انساني، فأهل المسرح يعرفون المسرح على انه مكان ما تمارس فيه عملية فنية الغرض منها الحصول على السالب والموجب، فالعمل الفني الذي قد يكون سيئًا من وجهة النظر الثانية لابد ان تكون فيه زوايا ممتازة .

ما الذي تعتقد ان الدراما العراقية تحتاجه لتكون قابلة للتسويق ؟
في البدء كانت الكلمة، فعندما يأتيك نص جيد يظهر العمل جيدًا، فمن المستحيل ان تتسوق (باميا) وتطبخ (باذنجان)، اعطني نصًا يلامس القلب ويلامس الذهن ويطرح قضية مهمة مع جذوات ثانوية مع حوار مميز، انا لم اشاهد عملاً واقول عن الحوار فيه (الله .. الحوار جميل)، الصنعة الان صنعة الحوار .

هل هذا يعني ازمة نصوص ام ازمة مؤلفين ؟
سمها ما شئت، احد زملائنا قال (لا يوجد مخرج في العراق)، لماذا لا يوجد، اعطني نصًا جيدًا نعطيك نتيجة جيدة، ساقوم بترجمة افكارك واتبناها واظهرها صورة، انت كتبتها على الورق وفي بيتك ولوحدك، بينما انا معي فريق عمل.

ما جديدك المنتظر حاليًا ؟
الجلوس بلا عمل افضل، فأن تشتغل نصًا غير جيد ويحسب عليك، هذا شيء صعب، ولا اكتمك انني ارفض الاعمال التي ما زالت تتحدث عن الطائفية، فبدل ان تلعن الظلام اشعل شمعة، يكفينا ما جرى لنا، الا تكفينا سبع سنوات تهجير وغربة.