فتحي الشيخ من القاهرة:في حي مصر القديمة بالعاصمة المصرية القاهرة وسط الفسطاط أول عاصمة لمصر بعد دخول الإسلام اليها يقبع أحد الشهود على مر عصور مختلفة على الدولة المصرية، والذي شهد تطور هذه الدولة وماشهدته من انكسار وازدهار طوال 1369 عام ميلادي، مسجد عمرو بن العاص الذي انشيء عام 21 للهجرة 641 ميلادي هو ثالث المساجد خارج quot;الحجازquot; بعد quot;البصرةquot; وquot;الكوفةquot;، وأقدم مساجد قارة إفريقيا، البداية مسجد صغير لا تتعدي مساحته 29 متر في 18 متر لتصل حاليا بعد العديد من التوسعات الى 120 في 110 متر عبر العديد من التوسعات والتغيرات التي مرت به، على فرع النيل قرر القائد الاسلامي عمرو بن العاص ان يبني المسجد امام بيته الذي كان يقع شمال المسجد،وكانت البساطة و التواضع هي عنوان الدولة في ذلك الوقت حتي ان الخليفة عمر بن الخطاب عندما علم ان عمرو بن العاص صنع منبر خشبي للمسجد ارسل اليه ان يكسره قائلا أما يكفيك أن تقوم قائما والمسلمون جلوس تحت عقبيك...quot; فكسره، ويظل المسجد طوال 14 قرن شاهد على ما مر بارض مصر.

الدكتور احمد رياض استاذ الاثار الاسلامية يحكي البداية قائلا: عندما بعث الخليفة عمر بن الخطاب إلى ولاته يأمرهم بأن يبنوا مساجد لإقامة صلاة الجمعة فى كافة الأمصار التى فتحت وقتئذ، وقد اختار عمرو بن العاص مكاناً يقع في منتصف مدينة الفسطاط العاصمة، و افتتاح المسجد بأول صلاة جمعة فى 6 محرم 21هجرية، فكان بذلك أول مسجد جامع فى مصر والقارة الأفريقية، وكان له ستة أبواب.. بابان تجاه دار عمرو بن العاص من الجهة الشمالية، وبابان من الجنوب وبابان من الغرب، وكان سقفه مكوناً من الجريد والطين محمولاً على جذوع النخل،، وكان به بئر يعرف بالبستان استخدمه المصلون وقتها للوضوء، تم تجديد وزياده الجامع عدة مرات وذلك على يد الحكام والولاه كانت اول هذه التوسعات على يد quot; مسلمه بن مخلد الأنصارى quot; والي مصر من قبل معاويه بن أبى سفيان فى سنه 53هـ / 673 م.وذلك عندما ضاق المسجد بأعداد المصلين فزاد فيه من الجهه الشماليه وادخل فيه دار عمرو بن العاص ومن الجهه الغربيه وجعل له 4 صوامع فى اركانه الاربعه نقش عليها اسمه وتوالت بعد هذا التوسعات ليكون اخرها التي قام طاهر عبدالله بن طاهر بإضافه مساحه جديده الى المسجد من ناحية الجنوب تعادل مساحته التى كانت عليها وهى خاتمة الزيادات بالجامع الذى اصبحت مساحته الحاليه 120.5 فى 112.5 م.

كان جامع عمرو بابوابه الست هو المكان الذي دخلت مصر من خلاله الاسلام،فيه كان يقام مجلس القضاء الذي كان يحكم في الخلافات العادية وكذلك الدينية وكانت تعقد جلساتها في الجانب الغربي منه وكذلك كان يعد اول مدرسة دينية تقام في افريقيا وقام بها في البداية الصحابي quot;عبد الله بن عمرو بن العاصquot; - رضى الله عنه ndash; وتتابع عليه العلماءالكبار فقد ألقي فيه الإمام الشافعي دروسه عند قدومه لمصر، وبلغ عدد الدارسين فيه أكثر من ألفي طالب في عشر حلقات في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وكذلك السيدة نفيسة رضي الله عنهاوهو مايصفه الشيخ محمود حبيب وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة قائلا هذا شيء طبيعي فقد كان المسجد عبارة عن جامعة شاملة تقوم بالعديد من الادوار وهذا كان واضح من البداية لان من اشرف علي بناء المساجد هم اربعة من الصحابةوهم أبو ذر الغفاري، و محمية بن جزء الزبيدي، وأبوبصرة،ونبيه بن صواب البصري واي مكان تضع قدمك به داخل المسجد فقد خطي فيه رهط من الصحابة سابقا به وهو كذلك كان المكان الذي اختاره الامام الشافعي ليعطي دروسه منه و هو نفسه المكان الذي تعلم فيه الامام الليث بن سعد احد الائمة الكبار. كما أن مسجد عمرو كان به بيت المال الخاصة بالولاية المصرية حين ذلك، وقد وصفه الرحالة ابن رسته بأنه كان موجوداً أمام المنبر على شكل قبة عليها أبواب من حديد وكذلك كان سلاطين مصر وملوكها يفضلون صلاة الجمعة اليتيمة به في رمضان، وكان المشايخ يصلون فيه صلاة الاستسقاء ليفيض النيل.

كل ذلك جعل لجامع عمرو مكانة خاصة بين المصريين، حيث يحرص عدد كبير على التواجد في الجامع في المناسبات الدينية مثل صلاة الترويح في رمضان وكذلك صلاة العيد في المسجد، وايضا دفعت الفكر الشعبي ان يبحث عن اسباب اخري ليزداد ارتباطه بالمكان فكانت بعض الخرافات التي كانت موجودة بين بعض الناس حتي وقت قريب اشهرهاالاعتقاد في بئر قديم انه يساعد المراة العقيمة على الانجاب،و كان يستخدم قديما في الوضوء، ومع مرور الزمن جف هذا البئر إلا من بعض المياه الراكدة، و شاع بين النساء أن هذا الماء يشفي المرأة العقيم بعد أن يصب على ظهرها، وظل هذا البئر قبلة للسيدات حتى قامت هيئة الآثار بوضع غطاء على هذا البئر في الترميم الأخير، وشاء القدر أن تجف مياهه بعد مشروع المياه الجوفية حول المسجد، لتنتهي هذه الأسطورة التي استمرت سنوات.