واسط: يبدي الطالب الذي فضل أن نسميه احمد الواسطي من أهالي مدينة الكوت، استغرابه من استهجان البعض للبس الشباب الخواتم والمحابس، ويقول وهو يحرك خاتميه باعتزاز quot;فهما غاليا الثمنquot;، بحسب توصيفه، quot;إن الكثير اليوم من الشخصيات المعروفة ترتدي الخواتم والمحابس، ولا يثير ذلك استهجان احد، وبالتالي أنا لا أجد ضيرا في أن يرتدي الشباب الخواتمquot;.
وتزداد ظاهرة لبس الخواتم والمحابس اتساعا هذه الأيام بين الشباب وخاصة الطلبة من مختلف المراحل الدراسية في محافظة واسط، نحو 180 كم جنوب شرق بغداد، وهي ظاهرة أعقبت انتشار سابقتها المتمثلة باقتناء السبح التي أخذت هي الأخرى تلازم العديد من الشباب.
الناس على دين ملوكها
ويوضح أحمد 23 سنة، لـquot;السومرية نيوزquot; أن quot;العديد، حتى من الشخصيات السياسية التي تنتمي للأحزاب الدينية حاليا ترتدي الخواتم والمحابس، ولديهم سبح أيضا تلازمهم، وهم في اكبر المناصب في الدولة مثل رئاسة الوزراء والنواب والقادة السياسيين، والناس بالتأكيد تتأثر بهم، وما يسلكونه يعتبر عاديا مادام يصدر من اكبر قادة البلدquot;.
وينهي كلامه متسائلا quot;ألا تقولون انتم بلغة الثقافة ان الناس على دين ملوكها، نحن إذن نتأثر بسلوك القادة الجدد فحسب، ولم نرتكب خطأquot;.
ويلاحظ أن أغلب الطلاب لا يكتفي بخاتم أو اثنين أو حتى ثلاثة، بل تجد من يلبس أربعة أو خمسة. وسببت هذه الظاهرة، التي انتشرت سريعا، إزعاجا لبعض إدارات المدارس، في حين لم تعر لها إدارات أخرى أي اهتمام، لكنها قوبلت بالرفض القاطع من الفتيات. فإذا صادفن شابا يلبس خاتما أو أكثر يتهامسن حوله فيما بينهن.
وترى الطالبة نور أحمد في حديثها لـ quot;السومرية نيوزquot;، أن الكثير من الشباب يعتقدون أن quot;الخواتم مكملة للشخصية، بينما هي حالة هوس شبابي، وتقلل من قيمة الشاب والطالب بشكل خاص عند البنات، إذ صرنا نطلق كلمة أبو المحابس على من يلبسها، بل نكره الشاب الذي يلبس عدة خواتمquot;.
وتعتقد زميلتها بثينة جبار أن quot;على رب الأسرة أن يمنع أبناءه من تقليد الآخرين في الظواهر غير المجدية مثل الإكثار من لبس الخواتم التي وصلت إلى تلاميذ المدارس الابتدائيةquot;.
خواتم لإبعاد المدرس عن التلميذ الكسول
يقول الطالب أمجد عبد الرضا، لـquot;السومرية نيوزquot;، وهو في الصف الثاني المتوسط، إن quot;لبس الخواتم والإكثار منها ظاهرة بدأت تتسع هذا العام، فبدلا من أن يفاخر الطالب بملابسه صار اليوم يفخر كثيرا بالخاتم أو بمجموعة الخواتم التي يلبسهاquot;.
ويرى زميله حيدر خليل أن quot;معتقدات كثيرة تحيط بهذه الخواتم، منها أنها مدعاة للخير وجلب الرزق وإبعاد الشر وحفظ الإنسان من كل مكروهquot;.
ويضيف حيدر مازحا quot;قد يصد الخاتم عين المدرس عن التلميذ الكسول، وربما يساعده على النجاحquot;، مؤكدا أن quot;لبس الخواتم أصبح موضة بين الطلبة، حتى أن البعض منهم أخذ يغالي بذلك دون مبرر، وهو يلبس الخاتم ولا يعرف أهميته ومعناه، فالمعروف ان لكل خاتم ميزة خاصة به يعرفها فقط كبار السنquot;.
ويرى مصطفى محمد، طالب في الإعدادية، أن quot;ظاهرة الإكثار من لبس الخواتم ليست شائعة بين جميع الطلبة بل برزت لدى قسم منهم، وهؤلاء غالبيتهم من المدخنين والكسالى، بينما الطالب المجتهد وصاحب السلوك القويم تراه بعيدا عن تقليد الآخرين في الظواهر الشاذةquot;.
ويضيف مصطفى أن quot;من الممكن أن يلبس أحد الطلبة الجيدين خاتما لكنه يلبسه بحشمة ووقار بعد أن يكون عرف أهميته طبقا لاعتقادات سائدة هنا وهناكquot;.
هدية جدي وحالة ايمانية
ويوجه مصطفى انتقادا للطلبة الذين يبالغون في عدد الخواتم الذي يصل إلى أربعة أو خمسة موزعة بين اليدين، ويقول لـquot;السومرية نيوزquot; quot;أنا شخصيا البس خاتما واحدا منذ نحو عامين، وهو هدية عزيزة من جدي بعد ان نجحت في الامتحان الوزاري للثالث المتوسطquot;.
أما كاظم البديري، وهو موظف حكومي وأب لستة أولاد، فيقول quot;أولادي منقسمون في هذا المجال، بعضهم يلبس الخواتم لكن بعدد محدد جدا والبعض الآخر لا يلبسها، وأنا لن أضغط عليهم برفض أو قبول لأن ذلك جزء من حريتهم أولا وليس فيه ضرر ثانياquot;.
ويضيف البديري قائلا quot;في بعض الاحيان يحصل بينهم مزاح فيقول أحدهم للآخر إن تفوقي في الامتحان الفلاني جاء بسبب الخاتم الذي ألبسه لأنه يجلب الخير والرزقquot;.
من جانبه يرى عبد الأئمة عبد الحمزة (74 سنة) إن quot;الخاتم لا يلبس في غير إصبعين هما الخنصر أو البنصر بالنسبة للرجل والمرأة، وفي كلتا اليدين. ومن النادر جداً أن تجد أحدهم يلبس خاتمه بالوسطى أو السبابةquot;.
ويوضح عبد الحمزة أن quot;لبس الخواتم حالة ليست اجتماعية بل هي إيمانية، فالأنبياء والرسل والأولياء الصالحون هم أول من لبس الخواتم، ومنذ ذلك الحين أصبحت معتقدا عند عامة الناسquot;.
مدرس: أدعو إلى معاملتها كالتدخين
ويقول مدرس طلب عدم الكشف عن اسمه في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; إن quot;تنامي هذه الظاهرة في المدارس امر غريب، فبعد موضة المسابح جاء دور الخواتمquot;، داعيا إدارات المدارس الى منعها quot;مثلما تمنع التدخين والمسابح وحتى الموبايل داخل المدرسةquot;.
مدير مدرسة ثانوية في واسط طلب هو الآخر عدم الكشف عن اسمه يقول إن quot;الظاهرة بدت اكثر انتشارا هذا العام، وتجري المبالغة فيها الى حد لا يصدق، الأمر الذي يسبب إزعاجا لإدارات المدارسquot;.
ويضيف قائلا quot;مع ان أية تعليمات مركزية بمنع لبس الخواتم أو السماح بها لم تصلنا من التربية لكننا نعتقد أن الظاهرة مبالغ فيها، ولا بد من التصدي لها في الوسط الطلابي مثلما نمنع الطالب من التدخين أو استخدام المسابح أو غير ذلك من الممارسات التي تقلل من أهمية الطالبquot;.
بينما يرى مدرس آخر هو يحيى العتابي أن quot;لبس الخاتم مسألة طبيعية ولا داعي للقلق منها، حتى وإن تفاقمت بين أوساط الطلبةquot;، مشيرا إلى أن quot;لبس الخاتم له الكثير من المدلولات الإيمانية والقضايا الاعتبارية التي يثق بها الاخرونquot;.
ويعتبر العتابي إن quot;لبس الخواتم كان، منذ أن لبسه الانبياء أول مرة، ظاهرة ومعتقدا إيمانيا عند الناس، وليس حالة كمالية أو للزينة كما يتصور بعض الشباب حالياquot;.
لا يحبذ لبس الخواتم بالأعداد الزوجية
ويعرب رجل دين طلب عدم الكشف عن اسمه عن اعتقاده بأنه quot;من الأفضل أن يكون الخاتم من الفضة وليس من الذهب أو المعادن الأخرىquot;.
ويضيف في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; إن quot;المغالاة في لبس الخواتم حالة غير مستحبة، ومن الممكن الاكتفاء بخاتم واحد، ويفضل أن يكون فص الخاتم، أي الشذرة الموجودة فيه من العقيق لأنه مبارك كما تشير الى ذلك الرواياتquot;.
ويتابع أن quot;لبس الخواتم يفضل أن يكون بالعدد المفرد وليس الزوجي، أي من الأفضل لبس خاتم واحد أو ثلاثة أو خمسة مثلما كان يلبسها الأنبياء والأولياء والصالحون وليس بالعدد الزوجيquot;.
لكنه يدعو الشباب والطلبة منهم إلى quot;الانصراف إلى دراستهم فهي أكثر أهمية بالنسبة لهم من أي شيء آخر يغالون فيه من دون أن يعرفوا أهميته ومعناهquot;.
يذكر أن الموروثات والمعتقدات الاجتماعية منحت الأحجار التي تدخل في الخواتم ميزات وصفات ولذا سميت بـquot;الأحجار الكريمةquot; فبعضها، وفقا للمعتقدات، ينفي الفقر عن لابسه ويحرسه من السوء ويجلب البركة والفرح والرزق وحتى الأزواج للنساء، كما انه بعضها الأخر تضفي عليه المعتقدات فوائد صحية أو انه يبطل السحر ويحمي من اللصوص ويطرد الحسد.
التعليقات