توصل بعض الخبراء المتخصصين الى ان التغييرات الطفيفة في الغذاء والرياضة لا تقي من شر البدانة.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في وقت سبق وأن خلص فيه بعض الخبراء المتخصصين في داء البدانة إلى أن إدخال تغييرات طفيفة على النظام الغذائي والتمرينات الرياضية سيوفر الحماية للأطفال من خطر زيادة أوزانهم، أظهرت مجموعة من النماذج الحسابية نتيجة مغايرة لذلك. حيث تنشر صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في هذا الإطار تقريرًا مطولا ً تبرز من خلاله بعض النتائج التي توصلت لتلك النتيجة المثيرة. فتقول ndash; استنادًا إلى العديد من الدراسات العلمية ndash; إن إدخال تغييرات طفيفة على الكميات التي يتحصل عليها الجسم من السعرات الحرارية، لا يكاد يحظى بتأثير طويل المدى على الوزن.

وتنوه الصحيفة هنا كذلك إلى التعليق الذي تم نشره أخيرًا في مجلة الرابطة الطبية الأميركية، والذي أكد على أن نظرية quot;التغييرات الطفيفةquot; فشلت في أخذ آليات التكيف الخاصم بالجسم بعين الاعتبار. وقد
ثبت، طبقاً للعلماء، أن الارتفاع في مستويات البدانة لدى الأطفال على مدار العقود القليلة الماضية، لا يمكن تفسيره بما يتم تناوله بصفة يومية من مقدار إضافي من الصودا يتألف من 100 سعر حراري، أو حضور عدد أقل من حصص التربية البدنية. كما تبين أن عدم تناول كعكة صغيرة أو المشي إلى المدرسة سيحدثان بالكاد تأثيرًا في اختلال السعرات الحرارية، الذي يذهب لما هو أبعد من قدرة معظم الأفراد على التعامل معه على المستوى الشخصي.

وهو ما لا يعني أن التحسينات الصغيرة تكون عديمة الجدوى ndash; على العكس من ذلك. لكن الناس بحاجة للنظر بصورة واقعية في ما يمكنهم أن يحققوه. من جهته، يقول دكتور دافيد لودويغ، مدير مشروع الوزن الأمثل لبرنامج الحياة في مستشفى الأطفال ببوسطن والمؤلف المشارك في التعليق الطبي الذي نشرته مجلة الرابطة الطبية الأميركية :quot; كأطباء، نقوم بالاحتفاء بالتغييرات الطفيفة لأنها غالبًاً ما تقود إلى تغييرات كبرى. وقد ثبت أن المراهق الذي يعاني من السمنة المفرطة ويقوم بخفض عدد ساعات مشاهدته للتلفاز من ست إلى خمس ساعات كل يوم، قد يستمر حينها في خفض عدد ساعات مشاهدته أكثر من ذلك. ومع هذا، سيكون من غير الواقعي تمامًا أن نعتقد في أن تلك التغييرات بمفردها ستؤدي إلى فقدان كبير في الوزنquot;.

وهنا، تشير الصحيفة إلى أن السر في ذلك يكمن في الناحية البيولوجية للجسم. وتوضح بقولها quot;يظل جسم الشخص مستقرًا طالما أن عدد السعرات الحرارية المستهلكة لا يتجاوز كمية السعرات الحرارية التي يستخدمها الجسم، سواء في ممارسة الرياضة والحفاظ على وظائف الجسم الأساسية. وأنه لطالما يتغير التوازن بين السعرات الحرارية الداخلة والسعرات الحرارية الخارجة، فإننا نقوم بكسب أو فقدان الوزن. لكن الأجسام لا تكسب أو تفقد الوزن إلى أجل غير مسمى، حيث تحدث في نهاية المطاف سلسلة من التغيرات البيولوجية التي تساعد الجسم على المحافظة على وزن جديدquot;.

ووفقا ً لما ورد بالمقال الذي نشرته المجلة، فإن الشخص الذي يتناول كعكة صغيرة إضافية بصفة يومية، سيكتسب مقدارًا من الوزن، لكن مع مرور الوقت، ستقوم كذلك نسبة متزايدة من السعرات الحرارية للكعكة بالاعتناء بوزن الجسم الزائد. وفي الأخير، يبدأ الجسم في التكيف، ومن ثم يتوقف عن اكتساب الوزن، حتى وان استمر الشخص في تناول الكعكة. وحينما نحجم عن تناول الكعكة الإضافية، تبدأ عوامل مماثلة في دخول حيز اللعب. فقد نفقد مقدارًا ضئيلا ً من أوزاننا في البداية، لكن سرعان ما يتكيف الجسم على الوزن الجديد، ويكون بحاجة لعدد أقل من السعرات الحرارية. لكن الجسم، ولسوء الحظ، يعتبر أكثر مقاومة لفقدان الوزن عن اكتساب الوزن.

وهنا، تنقل الصحيفة عن دكتور جيفري فريدمان، رئيس مختبر علم الوراثة الجزيئي التابع لجامعة روكفلر الأميركية، الذي كان له السبق في كشف إشارة quot;ليبتينquot; الهرمونية التي تفرزها خلايا الجسم الدهنية وتقوم بتنظيم الاستهلاك الغذائي واستهلاك الطاقة، قوله:quot; هناك صورة أكبر من تحليل كعكة كل يوم. فإذا سألت أحد المارة في الشارع ( لماذا يعاني الشخص من السمنة المفرطة ؟ )، فستجدهم يقولون: ( لأنهم يأكلون أكثر من اللازم ). وهو رأي صحيح بلا شك، لكن السؤال الأعمق هو: لما يأكلون كثيرًا ؟ - من الواضح الآن أن هناك العديد من العوامل المهمة للأكل، وأن المسألة ليست قرارًا واعيًا أو نابعًا من رؤية معرفية أكبر بصورة خالصةquot;.

أما جيمس أوهيل، مدير مركز التغذية البشرية في جامعة كولورادو في دنفر، فيقول إنه وفي الوقت الذي يتطلب فيه إنقاص الوزن تغييرات كبيرة في نمط الحياة، فإن أخذ سعرات حرارية إضافية من خلال خطوات صغيرة، يمكنه أن يساعد في إبطاء ومنع زيادة الوزن. وفي الوقت الذي بدا فيه من الواضح أن الخطوات الصغيرة لن تحل على الأرجح أزمة البدانة التي تعانيها الولايات المتحدة، يقول الأطباء إن إنقاص قدر قليل من الوزن، وتناول قدر أكبر من الأطعمة المفيدة صحياً للقلب، وزيادة التمرينات الرياضية، من الممكن أن تؤدي لإحداث تغيير ذي مغزى في مجال الصحة العامة ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. ومع هذا، ينصح د/ لودويغ بانتهاج تغييرات طفيفة، مثل مشاهدة التلفاز لساعات أقل أو تناول كمية قليلة من الخضروات الإضافية، لأن مثل هذه التحولات قد تكون مقدمة لتغييرات أكبر في نمط الحياة، ربما تؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الوزن. لكنه يعود ليؤكد رفقة آخرين على أن مقاومة السمنة ستتطلب تحولات أكبر، مثل تنظيم الدعاية الغذائية للأطفال والقضاء على الإعانات الحكومية التي تجعل من الأطعمة السريعة أطعمة رخيصة ومربحة.