واشنطن: عندما بدأت جائحة كوفيد في التفشي أوكل البروفسور غريغوري غراي بمعهد الصحة الدولية في جامعة ديوك الأميركية إلى أحد الطلاب المتخرجين في مختبره مهمة تطوير اختبار يكشف عن سلالات مختلفة من فيروس كورونا من أجل درء الكارثة التالية.

وكان الهدف من ذلك استخدام أداة الفحص تلك فور التحقق من دقتها، لدراسة نتائج اختبارات على عيّنات من مرضى، بحثا عن مؤشرات على فيروسات كورونا قد تكون بدأت في الانتقال من حيوانات.

وأظهرت الدراسة التي أجراها غراي وزميله ونشرت الخميس في مجلة الأمراض المعدية السريرية، رصد فيروس كورونا يصيب الكلاب، لدى عدد من المرضى غالبيتهم من الأطفال، ادخلوا مستشفيات في ماليزيا للعلاج من التهاب رئوي في 2017 و2018.

ويشتبه الفريق في أن يكون فيروس الكلاب تسبب بمرضهم، بعكس ما كان يعتقد بأن الفيروس موجود فقط في الشعب الهوائية للمرضى، من دون أن يتمكن من إثبات ذلك بشكل قاطع.

وبالنظر إلى التركيبة الجينية للفيروس، من غير المرجح أنه يتفشى حاليا بين البشر.

وقال غراي لوكالة فرانس برس "ما ندعو له ... هو إجراء المزيد من اختبارات التشخيص العابرة للأجناس لرصد خمس سلالات مختلفة نعتقد أنها تطرح أكبر إشكالية في التسبب بجائحات لدى البشر".

لم تحظ فيروسات كورونا بدراسات كافية لعدة سنوات لاعتبارها على ارتباط بالإنفلونزا العادية.

وتغير الأمر بعد تفشي فيروسي سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) وميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) في 2002 و2012 وكان مصدرهما السنور والإبل على التوالي.

ويعتقد غالبية العلماء أن فيروس سارس-كوف-2 المتسبب بجائحة كوفيد، له أصول حيوانية أيضا.

وكلّف غراي طالب الدكتوراه الصيني ليشان شيو وضع اختبار يكشف عن سلالات مختلفة من فيروس كورونا، وهو ما توصل له عن طريق البحث عن التسلسل الجيني لمختلف السلالات.

واستخدم الفريق أداة الاختبار هذه على مسحات الانف المأخوذة من مرضى الالتهاب الرئوي في مستشفى في سراوك بماليزيا، ووجد أن ثمانية نماذج من أصل 301 أخذت تحمل على ما يبدو فيروس كورونا الذي يصيب الكلاب.

حملت نتائج الدراسة مفاجأة، ولتأكيدها ضم الفريق جهده إلى عالمة الفيروسات الكبيرة انستاسيا فلاسوفا بجامعة أوهايو التي تمكنت من توليد مزيد من هذا الفيروس ووضع كل تسلسله الجيني.

بفضل ذلك تمكنوا من التأكيد بأن الفيروس الذي أطلقوا عليه ككوف-هوبن-2018، يعود أصله للكلاب ولكن لديه مكونات من القطط والخنازير.

وأظهر الفيروس بعض التغيرات المتطابقة مع التكيّف لانتقاله بين البشر، لكن من غير المعروف كم سيستغرق هذا التطور، ربما لعقود وربما لن يحصل أبدا، بحسب غراي.

وجميع المرضى الذين تعافوا من الالتهاب الرئوي عادوا إلى منازلهم.

"لكن دخول المستشفى للعلاج من التهاب رئوي عموما، يعني أن عوارض المرض شديدة، وأن الطبيب قلق على المريض"، وفق غراي

ونجاح الفريق في رصد كورونا الكلاب لدى البشر في دراسة محدودة، إضافة إلى نتائج مشابهة مؤخرا توصلت لها مجموعات أبحاث أخرى، يمكن أن يشي بمشكلات أكبر بكثير، بحسب غراي.

وقال "إننا نفوّت الفرصة هنا".

وأضاف "إذا شرعنا في مراقبة عمال مزارع الخنازير والدواجن والماشية، سنصاب بالدهشة إزاء ما يتعرض له جهاز المناعة لديهم".

وتابع "هذا لا يعني إنهم سيكونون وقود إشعال الجائحة التالية، إنما يمثلون مصدرا يستحق الدراسة".