بغداد: في أحد مستشفيات بغداد، ينتظر عسكري تلقي حقنة اللّقاح فيما يستعدّ أصدقاؤه لتخليد هذه اللّحظة عبر كاميرات هواتفهم الذكيّة. وهو المشهد الذي يكرره العديد من العراقيّين الذين بدأوا يتهافتون بأعداد كبيرة مؤخّرًا إلى مراكز التلقيح ضد كوفيد-19 وسط تسجيل ارتفاع كبير في عدد الإصابات.

وبات هذا المشهد يتكرّر يوميًّا في مركز التلقيح هذا بعد انكفاء لشهور من العراقيين عن تلقّي اللّقاح. ويُحقن الوافدون بلقاح فايزر/بايونتيك، وسط أجواء من الفوضى وعدم التنظيم.

ويقول الطبيب عباس محمد لوكالة فرانس برس "خلال الأيّام العشرة الأخيرة، ارتفع كثيرًا عدد الوافدين لأخذ اللّقاح، إلى نحو 600 أو 700 في اليوم" مقابل نحو 200 في السابق. ويعزو ذلك ببساطة إلى "الإرتفاع بعدد الإصابات والوفيّات، ما بات يخيف الناس".

وتخطّى العراق هذا الأسبوع عتبة 12 ألف إصابة في اليوم، وهو عدد لم تشهده البلاد منذ بدء تفشّي الوباء في آذار/ مارس 2020، فيما سجّل الأربعاء أعلى عدد إصابات يوميّة وقد بلغ 13515.

وتواصل الحكومة تحذيراتها للعراقيّين بضرورة أخذ اللّقاح والإلتزام بالإجراءات الوقائيّة التي غالبًا ما يهملها العراقيّون.

إقبال على اللّقاح

وفيما كان منتظرًا دوره لتلقّي اللّقاح في قاعة صغيرة، قال علي البالغ من العمر 24 عامًا "حتّى الآن، كنت أخشى أن أتلقّى اللّقاح. لكن زيادة خطورة الوضع دفعتني إلى أخذه. سأتلقّى الجرعة الأولى، أشعر بحماس شديد".

قد يطول الإنتظار في المركز ساعات، ما جعل صبر عدنان عبد الحميد ينفد، فلم يتوانَ عن التعبير عن غضبه من "عدم التنظيم" و"الواسطة. إذا كنت تعرف أحدًا يأتي دورك قبل غيرك".

لكن رغم طول الإنتظار، يخرج آخرون من غرفة التلقيح والإبتسامة تعلو وجوههم، مثل سليمة مهدي، البالغة من العمر 71 عامًا التي قالت لفرانس برس "أنا سعيدة فعلًا أنّني تلقّيت اللّقاح، الحمدلله".

ويوضح الطبيب عبّاس أنّ عدد الأشخاص الذين يتلقّون اللّقاح يوميًّا في العراق ارتفع من 23 ألفًا إلى 110 آلاف في اليوم خلال الأيّام الأخيرة.

وبات مشهد صفوف الإنتظار لتلقّي اللّقاح أحيانًا تحت الشمس الحارقة أمام مراكز التلقيح في العاصمة، لكن أيضًا في محافظات أخرى مثل واسط شرقًا وإقليم كردستان شمالًا، اعتياديًّا في الأيّام الأخيرة.

ويؤكّد المتحدّث باسم وزارة الصحة سيف البدر لفرانس برس أنّ "هناك طفرة نوعيّة في معدّل الإقبال على تلقّي اللّقاحات في جميع المحافظات"، موضحًا أنّ عدد من تلقّوا جرعتين من اللّقاح حتى الآن بلغ مليون ونصف مليون.

مشكّكون

لكن هذا العدد لا يزال قليلًا من بين 40 مليون عراقي. ويبقى كثر مشكّكون باللّقاح.

ويقرّ علي البالغ من العمر 50 عامًا بأنّه كانت لديه مخاوف من الآثار الجانبيّة للّقاح، مصدرها الأساسي الأخبار غير الدقيقة التي يتم تداولها عن الموضوع.

ويقول "أطباء كثيرون على التلفاز يدعون الناس إلى أخذ اللقاح. ونرى كثيرين من حولنا يمرضون ويفارقون الحياة. لذلك قمت بهذه الخطوة".

لكن أفراد عائلته ما زالوا مشكّكين في الأمر، وفق ما يقول، مضيفًا "ينتظرون ليروا ما سيحصل بي، أنا بمثابة فأر تجارب لهم".

ويرى طبيب يعمل في مركز طبّي في العاصمة، فضّل عدم الكشف عن هويّته، أنّ تدفق الناس لتلقّي اللّقاح "أمر جيّد، فهذا يعني زيادةً في الوعي عند الناس إزاء الوباء. لكن ما زال كثر لا يدركون أهميّة اللّقاح وأهميّة إجراءات الوقاية الصحيّة لتجنّب الإصابة بهذا الوباء".

ويشير إلى أنّه يستقبل يوميًّا "ما لا يقلّ عن عشرة مرضى يعانون من أعراض كوفيد-19، يطلبون العلاج، ولكن ليس اللّقاح"، مضيفًا "لكن عندما نحذّرهم من خطورة الفيروس ونشرح لهم أهميّة اللّقاح يتغيّر رأيهم بسرعة".

جرعات إضافيّة

وأطلق العراق حملة التلقيح ضد كوفيد-19 في آذار/ مارس الماضي، بلقاحات فايزر/ بايونتيك الأميركي وأسترازينيكا البريطاني وسنيوفارم الصيني.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يزور واشنطن، أنّ العراق سيحصل في الأسابيع المقبلة على 500 ألف جرعة فايزر إضافيّة.

وتوفّي أكثر من 18 ألف شخص في العراق بسبب فيروس كورونا، بينما بلغ عدد الإصابات الإجمالي نحو مليون و600 ألف إصابة.