النائب محمد بركة والزميل نضال وتد

أكد رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عضو الكنيست محمد بركة في حديث خاص مع quot;إيلافquot;، أن منظمة التحرير وإنجازاتها ككل هي إنجاز للشعب الفلسطيني لا يمكن ولا يجوز التفريط فيه، وأنه مهما اشتد الخلاف بين الفرقاء الفلسطينيين فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال رفع السلاح وشرعنة الاقتتال وقتل الفلسطيني على يد الفلسطيني.

الناصرة: يؤكد النائب العربي في الكنيست محمد بركة خلال اللقاء كذلك أن حزبه يختلف مع حركة حماس ومع برنامج حركة حماس، وهو لا يخفي هذا الخلاف، معتبرا أن على حماس إذا كانت صادقة في دعوات المصالحة أن توقع بداية ورقة المصالحة المصرية.

ويرى بركة أن نسبة العنف العالية التي ظهرت في الأعوام الأخيرة في المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، وخصوصا حوادث إطلاق النار، وتكدس الأسلحة ( المرخصة منها، وغير المرخصة)، ليست وليدة الصدفة، بل هي بتشجيع من السلطة الإسرائيلية، التي تعتقد وترى أن العنف الداخلي هو طريق لنهش المجتمع الفلسطيني وتبديد طاقاته الذاتية والداخلية على قضايا العنف والانتقام. ويعتبر بركة أن الفلسطينيين في إسرائيل يعانون من خطر وجودي يهدد بقاءهم في وطنهم.

وفي ما يلي نص الحوار:

* التطورات المتسارعة على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، تسير باتجاهين، فهي قد تفضي إلى انسداد آفاق التسوية والدخول في تصعيد قد ينتهي بمواجهة عسكرية بين السلطة وبين إسرائيل، وقد تفضي، حسبما بدأ يرشح، بعد لقاء نتنياهو مبارك، إلى ضغوط مصرية على الرئيس محمود عباس لإطلاق المفاوضات من جديد مع بنيامين نتنياهو، هل هناك نقطة يمكن منها استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وبين حكومة يقودها نتنياهو بثوابت نتنياهو؟

يمكن أن تكون مفاوضات لكن لا يمكن أن تكون نتائج، يعني أنهم قد يصلون إلى صيغة لوضع مرجعية يمكن أن يتعايش معها الطرفان لعملية التفاوض. يمكن أن تنعكس هذه المرجعية في ورقة أميركية؛ ورقة ضمانات أميركية لإسرائيل، وأخرى للفلسطينيين، ويمكن أن يستند الطرفان إلى هاتين الورقتين للدخول في المفاوضات، لكنني حقيقة أحذر من أن هذه المفاوضات سيكون مصيرها محكومًا بالفشل، لأنه لا يمكن في ظل الحكومة الحالية في إسرائيل توفير الحد الأدنى المقبول به فلسطينيا للتوصل إلى اتفاق، وهو الحد الذي لم تصل إليه المفاوضات مع أولمرت في حينه.

* رغم كل ما قيل عن المشوار الذي قطعته المفاوضات حينها والطروحات quot;غير المسبوقةquot; التي قدمها أولمرت؟

مع كل ما أشيع عن تقدم وعن طروحات من أولمرت، وأنا أعرف أن الطرفين قطعا شوطا كبيرا في المفاوضات في بعض القضايا، وقد سمعت ذلك من أكثر من مصدر، من أبي مازن، وأحمد قريع وحتى من أولمرت نفسه ، لكن هذه المسافة التي قطعتها حكومة أولمرت لم تكن لتشكل الحد الأدنى المطلوب لتوقيع اتفاق.

حكومة نتنياهو بعيدة جدا عن ذلك، لذلك يجب أن تكون هناك مرجعية واضحة للمفاوضات، متفق عليها بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، مع ضمانات دولية تتمثل في الرباعية والجامعة العربية، ويجب أن تستند هذه المرجعية إلى محورين أساسيين : الأول وقف شامل لكل الاستيطان، والثاني يفيد بأن المفاوضات تجري على أساس كون الحدود المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية هي حدود الرابع من حزيران، ما عدا ذلك ستظل إسرائيل تفاوض منطلقة من أن ما لها لها وما للفلسطينيين لها ولهم.

* ولكن إذا كانت نتيجة المفاوضات معروفة سلفا كما تحددها أنت فما الداعي أصلا للخوض فيها؟

هذا بالضبط ما أقوله وأعنيه فأنا أحذر من مفاوضات لا تستند إلى مرجعية واضحة. يعني إذا جاءت حكومة نتنياهو ووافقت ( وأنا أستبعد ذلك) على هاتين المرجعيتين الأساسيتين، وهذا ليس شرطا مسبقا كما تدعي هذه الحكومة.

فوقف الاستيطان ليس شرطا مسبقا، لكن الاستيطان هو الشرط المسبق، وليس وقفه، والأمر الثاني هو حدود 67 فهذه الحدود ليست شرطا مسبقا بل هي مرجعية أساسية وحتى في خارطة الطريق المليئة بالثقوب والتحفظات، فقد جرى الحديث بشكل واضح، في خارطة الطريق في كافة المرجعيات الدولية على أن حدود 67 هي حدود بين دولتين.

* هل يمكن أصلا للسلطة الفلسطينية أن تفاوض إسرائيل في ظل الشرخ الفلسطيني الحاصل؟

هي يجب أن تفاوض إسرائيل، ويجب أن تسعى في الوقت نفسه لاستعادة اللحمة الفلسطينية، وللأسف فإن هذا الأمر ليس مرهونا الآن بمنظمة التحرير بل بقيادة حماس، فإذا وقعت حماس على الوثيقة المصرية، فسيشكل ذلك فتح باب ، معنوي لإعادة اللحمة، ولا أقول باب عملي لأن ستبدأ بعد ذلك مماحكات لا آخر لها حول كيفية تطبيق ما جاء في الورقة المصرية ، ولكن من دون أدنى شك، يشكل التوقيع على الورقة إنجازا معنويا للوحدة الوطنية الفلسطينية.

* عمليا، فإن الجبهة التي ترأسها أنت كانت ربما الأبرز بين الأحزاب والكتل العربية في إسرائيل التي حددت موقفا واضحا معارضا لسيطرة حماس على قطاع غزة، لم تغيروا هذا الموقف ولا حتى في ظل العدوان على غزة، فقد بقيتم على هذا الموقف المعارض لخطوة حماس، وهناك من اتهمكم بأنكم بذلك تقفون ضد حماس وضد المقاومة؟

برنامجنا هو مشروع يتناقض مع مشروع حماس، سياسيا واجتماعيا، وهذا ليس سرا ولا هو مفاجئ لأحد. ونحن حتى عندما نلتقي بالأخوة في حركة حماس، وهذه اللقاءات تتم كثيرا، فإنهم يعرفون أننا مختلفون في القضية الاجتماعية وشكل المجتمع الفلسطيني الذي نريده ويريدونه، ومختلفون في قضية الحل، لكن هذا لا يعني أننا نفرط في أبناء شعبنا الفلسطيني.

وهذا لا يعني أننا غير ملزمين باحترام الفلسطيني إذا كان هذا الحسم في صالح حماس، إذا كان هذا الحسم ديمقراطيا، لكن أن يكون الحسم عسكريا وأن تحل الأمور عسكريا، فهذا غير مقبول علينا، واليوم لا يختلف إثنان على أن الحسم العسكري أو ما قامت به حماس في غزة كان هدية، بالكامل لإسرائيل، يعني أن أتحدى أن يعطيني أحد نقطة إيجابية واحدة حدثت للشعب الفلسطيني نتيجة لذلك.

* ألا تعتقد أن السلطة الفلسطينية، بدورها، أعطت حماس الفرصة للقيام بذلك، ألا توجد مسؤولية أيضا على الجانب الآخر؟

من دون أدنى شك، وهناك مسؤولية كبيرة، فالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ارتكبت العديد من الأخطاء، فهي راهنت أولا على الحل الأميركي، وهي مراهنة على فراغ. الأمر الثاني هو موضوع الإصلاح الداخلي، فحتى عندما أعلن عن هذا الإصلاح وعن إطلاقه فقد كان تطبيقه متعثرا بشكل كبير.

ثالثا: جرى إهمال وتهميش للعلاقات الدولية المؤيدة والمساندة للشعب الفلسطيني على مستوى العالم، وجرى التعاون مع هذا التأييد وكأنه مضمون وفي الجيب، وكل ما في الأمر هو العمل لكسب ود أميركا.

هذه أخطاء هي باعتقادي قاتلة،لكن من هنا ولغاية الحسم العسكري لخلافات وصراعات داخل الساحة الفلسطينية فإن المسافة بعيدة. لا يوجد أي شيء يمكن أن يبرر أن يقتل الفلسطيني أخاه من أجل سلطة جزئية واهية لا مضمون لها، فالسلطة هي من أجل تسهيل الأمور لكن المعركة هي من أجل الاستقلال. أعتقد أن ما حدث في غزة من حسم عسكري في 15 تموز 2007 كان خطأ قاتلا وضررا فادحا للشعب الفلسطيني المستفيد الأول والأخير منه هي إسرائيل .

* أريد أن أبقى في الساحة الفلسطينية حيث نرى اليوم كافة الفصائل الفلسطينية تقريبا، خصوصا تلك التي كانت تعارض وتختلف مع طريق فتح كالجبهة الشعبية والديمقراطية والحزب الشيوعي، أي جميع الفصائل والتنظيمات العلمانية في اليسار، وغيرها تقف في صف السلطة الفلسطينية في مسألة الوحدة الفلسطينية؟

هنالك مشروع لمنظمة التحرير، وأنا أعتقد أن اختزال الموضوع وكأنه سجال بين فتح وحماس خاطئ. فهنالك انجاز تاريخي حققه الشعب الفلسطيني في إقامة منظمة التحرير الفلسطينية و حصوله على اعتراف أغلبية دول العالم، وهنالك برنامج تتفق عليه، وحتى حماس توافق عليه وإن أسمته بالحل المرحلي، الجميع يتفق عليه، كافة أطياف الشعب الفلسطيني توافق على مشروع دولة فلسطينية في حدود 67 عاصمتها القدس.

* بما في ذلك حماس؟!

بما في ذلك حماس طبعا، فالشيخ الراحل أحمد ياسين في حينه قال ذلك، وإسماعيل هنية، وحتى خالد مشعل قبل عدة أسابيع، ومحمود الزهار عندما التقى مع الوفد الأميركي في سويسرا ، برئاسة توماس بيكرينغ، هم قالوا كلاما واضحا وأنا سمعت من بعض قياداتهم كلاما واضحا في هذا الموضوع.

وبالتالي فإنه يجب عدم التلاعب بهذا المشروع الوطني وعدم التفريط فيه. إن التزام الفصائل بهذا المشروع هو الأمر المهم، والآن سقطت المراهنات حتى على أوباما،نأمل أن يتغير الموضوع، لكن وصول أبي مازن إلى استنتاج بأنه لا يريد أن يرشح نفسه ، فهذا موقف سياسي وليس موقفا شخصيا ويجب قراءة هذا الموقف بالشكل الصحيح... إسرائيل هي آخر معاقل العنصرية والأبرتهايد الأكثر فظاظة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

* هل أنت مقتنع بأن هذا موقف جدي وليس مناورة من أبي مازن؟

عضو الكنيست محمد بركة: أنا أعرف أبا مازن، قد تتفق معه وقد تختلف معه كثيرا، لكن الرجل يقول دائما ما يعتقده، حتى عندما يكون هذا الأمر غير مقبول على قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وهو يقول بصراحة تامة ما في قلبه.

أنا لا أعتقد أنه يناور، يعني لست أدري في نهاية المطاف ما إذا كان سيرشح نفسه، أو أن تجري الانتخابات الفلسطينية أصلا ففي ظل هذا الانقسام الحاصل لا يمكن إجراء الانتخابات، هذا كلام فارغ.

* أنتقل إلى الملف الفلسطيني في إسرائيل، فقد شهد الشهر الأخير من العام الماضي، تقديم لوائح اتهام وشكاوى وتوصيات بالمحاكمة لثلاثة من أعضاء الكنيست العرب، انت، وزميليك طلب الصانع وسعيد نفاع، والشيخ رائد صلاح.. كل هذه القضايا عمليا تشكل رسالة سلطوية، أم أن هناك سندا قانونيا لمحاكمتكم؟ وهل هي رسالة تسعى إلى خفض سقف نشاطكم وحرية التعبير عن الرأي والتظاهر؟

هناك هجوم، ليس فقط على الحقوق الديمقراطية للفلسطينيين في إسرائيل، كأفراد وكجماعة وإنما هناك خطر على وجودهم في وطنهم. فمعركة الحركة الصهيونية كانت دائما على الأرض، وعلى الحيز وعلى المكان وعلى التاريخ.

من هنا فإن وجود هذه الأقلية يشوه الرؤية الصهيونية لما تريد أن تكونه طبيعة هذا البلد، فهم لا يستطيعون الآن أن يقولوا كموقف رسمي إنهم ضد وجودنا، أو إنهم يريدون ترحيلنا مليون ومئتي ألف فلسطيني، لذلك نراهم يضيقون علينا في كل المجالات، في التشريعات وفي الحقوق الاجتماعية؛ تمييز في قضايا العمل والأجور والتعليم، القوانين العنصرية التي تحاصر وجودنا في البناء والتنظيم، والملاحقة السياسية.

فعندما تجري محاكمتي، والمحاكمة ستبدأ بالمناسبة خلال أيام، فأنا سأحاكم على أربع قضايا، لحوادث ونشاطات وقعت في أربعة أمكنة، بتواريخ مختلفة وظروف مختلفة يقرر المستشار القضائي للحكومة أن يجمعها في ملف واحد.

في الوضع الطبيعي عندما يرتكب أي شخص مخالفة، تقدم ضده لائحة اتهام مباشرة، لكن المستشار القضائي للحكومة، وجهاز النيابة العامة جمع كل الحوادث، وهي أربع تظاهرات لا يستطيعون أن يدعو أن خرقت قانونا وإنما هي أربع تظاهرات، واحدة في بلعين وواحدة في الناصرة واثنتان في تل أبيب نفسها. يحاكمون عضو كنيست يملك حصانة برلمانية جوهرية عن قيامه بعمله الأساسي فأنا واجبي أن أقوم بتظاهرات وأن أشارك بها، وأن أكون ناشطا ميدانيا.

* لكنك متهم بالاعتداء على جندي من حرس الحدود؟

في جميع الملفات المنسوبة إلي أنا أتهم بالاعتداء على رجال الشرطة وجنود الاحتلال، يصورون محمد بركة على أنه رامبو يهدد الجيش الإسرائيلي بأكمله في بلعين ومنعته من اعتقال المتظاهرين، هذا أمر غير معقول.

واضح للجميع أن هذه التهم كلها ملفقة وكاذبة، أنا أعتز بأن مواقفي حاسمة وصارمة ضد الاحتلال لكن لست مصارعا، أنا أعمل في السياسة والميدان السياسي، وهم يريدون تلفيق هذه التهمة لي ولصقها بي، في أربع ملفات والتهويل من هذه الشخصية التي تهدد جيش إسرائيل.

الأخ سعيد نفاع يحاكم على زيارة سوريا مع وفد من الدروز، زيارة إنسانية بكل معنى الكلمة، وهم يقولون دولة معادية، وأقل ما يقال في كلامهم هذا إنه استفزاز للانتماء الإنساني، لنا كشعب.

الشيخ رائد صلاح يحارب على أنه ملتزم بدينه وبعباداته وملتزم بحماية المسجد الأقصى كما يراها، وهم يحاكمونه على ذلك. وعلى ماذا يحاكمون الفنان محمد بكري، هذا أمر غير مسبوق على ماذا يحاكم، لأنه أنتج فيلما يصور ويوثق فيه لفظائع الاحتلال ( فيلم جنين).

يتهمون محمد بكري بالكذب والافتراء على الجنود الإسرائيليين وكأنهم كانوا في نزهة لحماية الطبيعة في جنين، ماذا فعلت كل آلياتهم وجرافات الدي ناين. كل هذا يدل على الانحطاط الأخلاقي والسياسي الذي تعيشه إسرائيل.

تحاول إسرائيل الترويج لنفسها وكأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنا أقول بمسؤولية كاملة إسرائيل هي آخر معاقل العنصرية والأبرتهايد الأكثر فظاظة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

* في سياق الأبرتايد والعنصرية، أنت ترأس حزبا وجبهة فيها يهود يساريون وعرب، وأنت متهم بأنك قدت الحزب باتجاه درجة أكبر من تعريب الهوية والمواقف، وبالتالي كيف ترى هذه التوليفة بين العرب وبين اليساريين اليهود في الحزب؟

أعتقد أن هذه هي التوليفة الصحيحة في واقع الفلسطينيين العرب في إسرائيل، وهي صحيحة في كل مكان في العالم ولكن أكثر صحة في واقعنا نحن. فالجماهير الفلسطينية في إسرائيل تواجه عنصرية وتمييزا عنصريا وقمعا اجتماعيا طبقيا.

لا يمكن أن تكون مخلصا لقضية هذه الجماهير إذا لم تكن يساريا. لا تستطيع أن تكون غير مؤمن بالأممية، لأنه إذا لم تؤمن بعمل أوسع ديمقراطي فأنت تحكم على جمهورك وعلى شعبك أن يكون منعزلا ضمن أقلية على هامش المجتمع وفي هامش الحياة السياسية.

ولكن أيضا في المفهوم الاجتماعي الطبقي لا يمكن أن تقول إنك تؤيد اقتصاد السوق والليبرالية المنفردة، لأننا أولى ضحاياها فنحن مضطهدون قوميا بوسائل طبقية، ومضطهدون طبقيا بوسائل عنصرية، لذلك لا يمكن أن تكون مخلصا لقضية هذه الجماهير دون أن تكون يساريا.

أنا أعتقد أنه لا يمكن أن تكون قوميا حقيقيا ملتزما بقضايا شعبك من دون أن تكون إنسانيا. ولا يمكن أن تكون إنسانيا إذا لم تكن معتزا بهويتك وبملامح وجهك.

* مع أن هذا جر عليكم اتهامات من الأحزاب العربية الأخرى بأنكم تعرقلون تنظيم الأقلية العربية قوميا، بعرقلة تنظيم لجنة المتابعة العليا، وأنكم تسيرون باتجاه الأسرلة!

دعنا نضع الأمور في نصابها الصحيح (في الميزان) منذ قامت الأحزاب ( التي جاءت بعد الجبهة والحزب الشيوعي)، يعني الحركة التقدمية تأسست عام 84، ثم الحزب الديمقراطي العربي، والحركة الإسلامية، بعد انشقاقها على خلفية الدخول للكنيست بين شمالية وجنوبية، ثم التجمع الوطني.

يعني هذا الحديث عن عرقلة التنظيم القومي، لا يستقيم والحقائق التاريخية، فجميع الهيئات والمؤسسات الوطنية الجامعة، لجنة المتابعة، اللجنة القطرية للرؤساء العرب، اتحاد الطلاب العرب في الجامعات، لجنة الدفاع عن الأراضي، اتحاد الطلاب الثانويين العرب، لجنة المبادرة الدرزية، كل هذه المؤسسات المنظمة للعرب الفلسطينيين في إسرائيل أقامتها الجبهة والحزب الشيوعي قبل أن تظهر باقي الأحزاب، فلننظر على الأمور وفق حقيقتها وليس في باب الإنشاء واللغة، فهنا يمكن لي أن أنظِر لك حتى آخر الدنيا. لكن هذه الهيئات الجامعة والموحدة للجماهير العربية أقيمت وتأسست ونمت وكبرت، وقامت وما زالت تقوم بدورها قبل أن تظهر هذه الأحزاب مجتمعة. أي أن هذا الخط هو الخط الذي ليس فقط أنه قاد معركة البقاء، وصياغة الثقافة واللغة والهوية بل أيضا بمفهوم إقامة الهيئات الشعبية الوطنية النضالية للجماهير العربية، ولا أقول إننا قمنا بها لوحدنا، فقد كان معنا مستقلون ووطنيون نعتز بهم، ولا أقول هذا الكلام اعتدادا واعتزازا، بل ردا على أولئك الذين يتطاولون على الحزب والجبهة.

* لكنكم فشلتم باختراق الشارع الإسرائيلي، أو على الأقل بتحقيق الاختراق الذي كنتم تأملون به؟

هذا الكلام صحيح من دون شك، نحن لم نستطع اختراق الشارع الإسرائيلي لاننا نعمل في وجه ماكنة رهيبة من غسل الدماغ الصهيوني التي تحاول أن تستفيد من حالة الحرب والعداء والاحتلال لتجميع الشارع الإسرائيلي على القاسم المشترك من العدواني الذي يصورونه هم على أنه معركة وجود.

معركتهم على وجودهم وفي هذه المعركة تستطيع اختراق الشارع الإسرائيلي بشكل واضح. ولكن دعني أقول لك إنه كلما اشتد الوضع تأزما في الشارع اليهودي، لا يعني ذلك أننا بحاجة على التراجع أكثر بل إلى أن نعمل أكثر. فليس من مصلحتنا لا من قريب ولا من بعيد أن تكون الأغلبية الساحقة للمجتمع الإسرائيلي ضدنا وضد حقوق شعبنا الفلسطيني، نحن معنيون باختراق هذا الشارع، هذا خيار حياة بالنسبة إلينا، ونرفض أن نغلق على أنفسنا في قن دجاج نصرخ ونقرقر.

فمثلا في حرب لبنان الأخيرة، عام 2006، وأنا أحاكم على تظاهرتين نظمتا خلال الحرب في قلب تل أبيب، لها جانب معنوي يتمثل بإخراج آلاف الإسرائيليين للتظاهر ضد الحرب في قلب تل أبيب ضد العدوان على لبنان، وتكرر الأمر خلال الحرب على غزة.

* أما زلت ترى أن هناك إمكانية لتعاون مع جهات يهودية، حتى لو كانت غير ماركسية وغير يسارية من حزبك؟

طبعا، حتى لو وجدت جمعيات ومجموعات من الناس على استعداد للتعاون معي على موضوع المساواة في جهاز التعليم العربي، سأتعاون معها، لو وجدت في القطب الآخر مجموعات على استعداد للنضال ميدانيا في بلعين وفي كل مكان من أجل إنهاء الاحتلال سأتعاون معها.

* لكنك لن تجد ولا مجموعة واحدة تقبل أن تقف مع محمد بركة ابن قرية صفورية المهجرة بالعودة إلى صفورية؟

عضو الكنيست محمد بركة: كلا، هذا غير صحيح، هناك من يقبلون طبعا. رفاقي في الحزب وهناك مجموعات أخرى مثل مجموعة زوخروت (جمعية تقوم بتوثيق قصص وحكايات القرى الفلسطينية المهجرة) فقد أطلقنا قبل سنوات شعار أنه لم يعد هناك مجال للدعوة لوقف المصادرات.

والآن نطلب بإعادة الحياة لما صودر عام 48 من القرى المهجرة ، فهناك 300 ألف فلسطيني يعيشون في إسرائي لاجئين في وطنهم، ومن حقهم أن يعيدوا الحياة لمراتع صبا أهلهم.

* أنت عمليا نجل والدين لاجئين من قرية صفورية، وقد قمت بزيارتها عندما كبرت فأنت لم تولد بها؟

أنا لا اذكر نفسي بعيدا عن صفورية منذ أن تفتحت عيناي. صحيح أنني لم أولد فيها لكنني عشتها في كل قصصها وحكاياتها التي سمعتها من والدي ووالدتي، وأنا أعرف أسماء حاراتها ومناطقها، التلة والخله، وأبار الماء فيها، صفورية تعيش في داخلي وقد أورثتها لأبنائي، وعندما ولد ابني سعيد، أخذته على عيون صفورية وquot;عمدتهquot; فيها مع أن هذه الطقوس غير موجودة عندنا في الإسلام، لكنني أردته أن يتكحل بمائها وينابيعها.كل أولادي أخذتهم إلى عين صفورية وquot;عمدتهمquot; فيها ليتذكروا دائما أن هذا بيتهم.

* وما زلت تحلم بالعودة إلى صفورية؟

عضو الكنيست محمد بركة: أنا أناضل من أجل ذلك، سيأتي يوم نعود فيه، فهناك كثير من الأمور التي كانت تبدو مستحيلة أصبحت اليوم حقيقة ناجزة، من كان يتخيل أن تعبر الحدود بين ألمانيا وبين فرنسا من دون ختم جواز السفر، لو قلت هذا في سنوات الربعين من القرن الماضي لاتهموك بالجنون.