طائرة بدون طيار طراز بريداتور تحلق فوق قاعدة متقدمة قرب قندهار

باتت الطائرات بدون طيار التي تنفذ بين الحين والآخر غارات على أهداف في مناطق باكستان وأفغانستان، السلاح المفضل لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، في ظل الانتقادات الكبيرة التي واجهتها الإدارة السابقة بشأن عمليات الخطف والتعذيب.


كانت وكالة المخابرات المركزية الاميركية تستخدم في عهد الرئيس السابق جورج بوش أساليب أثارت غضب أوساط واسعة ، منها الخطف وتعذيب المشتبه بهم. وتعهد الرئيس باراك اوباما بطي هذه الصفحة فلجأ الى خوض الحرب عن بعد ، وباتت وكالة المخابرات المركزية تمارس تصفياتها بطائرات من دون طيار لا تحتاج الى أكثر من الضغط على زر لإطلاق نيران اسلحتها على الهدف.

قصة اوباما مع هذا السلاح بدأت بعد يومين على الانتخابات الرئاسية عندما طُلب منه وهو لم يزل شيكاغو ، أن يحضر اجتماعا في مكتب وسط المدينة. وطُلب منه ان يحضر بمفرده ، من دون مستشارين أو زوجته أو أي شهود آخرين على اللقاء.

وأوضح له سلفه بوش قبل ان يغادر البيت الأبيض ان الاجتماع يتسم بأهمية بالغة.

كان بانتظار اوباما مدير الاستخبارات الوطنية حينذاك مايك ماكونيل. وكان ماكونيل ايضا بمفرده ، والغرفة التي اجتمعا فيها غرفة لا يخترقها الصوت ، بلا نوافذ ومحصنة ضد أجهزة التنصت. وقيل للرئيس المنتخب ان لدى حكومة الولايات المتحدة برنامجا سريا اسمه quot;سيلفان مغنولياquot; يتعلق باستخدام طائرات غير مأهولة أو بدون طيار لاصطياد الارهابيين في افغانستان وباكستان.

وقال ماكونيل ان البرنامج يتقدم بخطى حثيثة لأن وكالة المخابرات المركزية تمتلك مصادر جيدة وان لديها رجالا يتمتعون بثقة تنظيم القاعدة وقيادة طالبان. وسيوفر هؤلاء المخبرون ما يلزم من المعلومات التي تتيح للطائرات بدون طيار ان تؤدي عملها.

وكان صحفي التحقيقات المعروف بوب وودورد وثَّق وقائع الاجتماع في كتابه الجديد quot;حروب اوباماquot; مستندا الى معلومات من مصادر وكالة المخابرات المركزية نفسها.

في هذه الأثناء وبالتحديد خلال الواحد وعشرين شهرا التي مرت منذ تنصيب اوباما ، أمر الرئيس الاميركي أو اصدر موافقته على 120 غارة بطائرات من دون طيار على باكستان ، منها 22 غارة في ايلول/سبتمبر الماضي وحده. واسفرت هذه الغارات ، على ما افادت التقارير ، عن مقتل أكثر من 100 شخص. بالمقابل لم يأمر بوش إلا بتنفيذ 60 غارة على امتداد ثماني سنوات من توليه الرئاسة. وتلاحظ مجلة شبيغل اونلاين ان الطائرات بدون طيار أصبحت ركيزة الاستراتيجية التي اعتمدها اوباما في الحرب ضد طالبان والقاعدة. وان هذه الأسلحة الفتاكة تحوم في سماء افغانستان وباكستان متسببة في قلب قواعد الحرب بجعلها حربا ذات ادوات مجهولة الهوية.

تشكل هذه الطائرات تهديدا دائما ، ويمكن تشغيلها والتحكم بها عن طريق الضغط على ازرار ، وهي بحسب وكالة المخابرات المركزية اسلحة تتسم بدقة ضرباتها ، أو أكثرها على أقل تقدير.

يخوض حرب الطائرات بدون طيران الجيش الاميركي والقوة الجوية الاميركية ، وقبل هذه وذاك تخوضها وكالة المخابرات المركزية. وهي حرب تُخاض بمنأى عن القضاء العسكري ومحاكمه ، وخارج دائرة النقاش العام وبعيدا عن اضواء الاعلام. والمرة الوحيدة التي تصدرت العناوين مؤخرا ولمدة يوم واحد فقط ، كانت حين اسفرت احدى ضرباتها عن مقتل عدد من المواطنين الالمان. وكان الرجال الذين قُتلوا في هجوم نفذته طائرة بدون طيار في 4 تشرين الأول/اكتوبر ارهابيين ، على ما يُفترض ، يمرون عبر بلدة مير علي في اقليم شمال وزيرستان الباكستاني حين استهدفتهم الضربة الجوية.

وتتيح حرب الطائرات غير المأهولة التي تخوضها وكالة المخابرات المركزية لحكومة اسلام آباد ان تبدو وكأن لا علم لها بما يجري وللرئيس اوباما ان يخوض حملة عسكرية في ارض حليفة دون ان يضطر الى ارسال قوات الى بلد الحليف.

وحين يتعلق الأمر بدعم هذه الحرب فان مواقف الحزبين الديمقراطي والجمهوري تلتقي في اتفاق نادر لأن حرب الطائرات بدون طيار لا تكلف ارواحا اميركية.

لا تنشر وكالة المخابرات المركزية أي ارقام ، لا عن نجاحاتها ولا عن الاصابات التي تقع بين المدنيين. فالوكالة استهدفت بيت الهح محسود ، زعيم طالبان الباكستانية ، 16 مرة. بعبارة أخرى ان مخبرين تعرفوا على مكان محسود ، أو أن أجهزة التصوير التي تحملها الطائرة بدون طيار تعرفت على مكانه 16 مرة فأطلقت الطائرات بدون طيار صواريخها 16 مرة ، كانت المرات الـ 15 الأولى منها فاشلة. وفي المحاولة الأخيرة عندما وصل تقرير صحيح وكان محسود حقا في منزل والد زوجته ، قُتل ومعه 10 من الأصدقاء والأقارب. وتنقل مجلة شبيغل اونلاين عن مصادر في اسلام آباد ان طائرات وكالة المخابرات المركزية بدون طيار قتلت نحو 700 مدني في عام 2009.

ان حرب الطائرات بدون طيار حرب جديدة وهي حرب حديثة بلا أدنى ريب. فقائد الطائرة بدون طيار يجلس في قاعدة تبعد 12 ألف كيلومتر عن ساحة المعركة. وتوجد القاعدة التي يتمركز فيها طيارو سلاح الجو الأميركي الذين يقودون طائرات بدون طيار في قاعدة قرب مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا في حين تعمل وكالة المخابرات المركزية من قاعدة كامب تشابمان في افغانستان ومن مكاتب في قبو مقرها في لانغلي قرب واشنطن.