في شهر كانون الثاني المقبل سيجري استفتاءٌ في جنوب السودان لتقرير مصيره لجهة بقائه ضمن دولة السودان الموحدة أو انفصاله كدولة مستقلة. وقد بدأت مبكراً الدعوات المتناقضة من قبل عدد من الساسة داخل وخارج السودان متكهنة مسبقا لما سيقرره ابناء الجنوب الذين تشير معظم التوقعات لاختيارهم الانفصال عن دولة السودان.


ايلاف: القمة العربية التي جرت مؤخرا في سرت الليبية مطلع شهر اكتوبر الجاري آخر من يدلي بدلوه في هذه القضية حيث أكد بيانها الختامي ضرورة احترام سيادة ووحدة الأراضي السودانية واستقلال البلاد ودعم المساعي الرامية إلى تحقيق السلام في ربوعه والرفض التام لأي محاولات تستهدف الانتقاص من سيادته ووحدته وأمنه واستقراره. وهو يقترب من موقف الحكومة السودانية الرافضة لانفصال الجنوب وتستعد للحرب الأهلية فيما لو قرر الجنوبيون الانفصال حسب معظم تصريحات المراقبين.

لكن المثير أن تصريحات عدد من الزعماء القريبين من السودان بدت متناقضة في ما بينها لجهة مصلحة كل بلد. فوزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي كان قد حذر من انعكاسات انقسام السودان على كل إفريقيا. مبيناً أن احتمال حدوث انقسام في السودان عقب الإستفتاء المقبل على مصير جنوب البلاد قد يكون له انعكاسات على بلدان القارة الافريقية بحيث قد يؤدي ذلك إلى إحداث الوضعيات نفسها في هذه البلدان.

وأوضح quot;أن الجزائر ومعظم الدول الأخرى منشغلة حيال أخطار استفتاء قد يؤدي إلى تقسيم السودان إلى جزءينquot;. واعتبر مدلسي أن هذه الوضعية قد تؤدي إلى quot;تفاقمquot; الوضع وحالة لا استقرار في هذه المنطقة لفترة أطول ما سيفضي إلى سابقة خطرة.

وأضاف أن الجزائر كانت قد أعربت عن تضامنها مع السودان وسعت من أجل أن يكون للحكومة السودانية الإمكانيات لتنظيم هذا الإستفتاء في أفضل الظروف الممكنة.

غير أن كاتباً كان قريبا من السودان وازماته السياسية مثل محمد حسنين هيكل يرى أن هناك أكثر من سودان واحد أو اثنين وإنما أربعة سودانات؛ هي سودان مجرى النهر لغاية الملاكال تقريبا وسودان الجنوب وسودان الغرب كردفان ودارفور وسودان الشرق قبائل هدندوا وكسلة إلى آخره.

أما موقف العرب والمسلمين الرسمي والشعبي فهو خشية من ان يكون الجنوب السوداني ممراً لاسرائيل وتنصير المنطقة، كما يكرر عدد من المتصدين لانفصال الجنوب وللاستفتاء حول تقرير مصيره أصلاً.

فالبعض يرى أن فصول الكارثة الأولى في السودان بدأت مع الاحتلال الإنكليزي ثم الاتفاقية الثنائية عام 1899.. الفصل الثاني مع ثورة يوليو 1952.. والآن.. الفصل الثالث والأخير، مستشهدين بموقف الحكومة الأميركية التي ضخت 6 مليارات دولار في السودان منذ التوقيع على اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب سنة 2005. وتقدير اليمين معظم الساسة الأميركيين لقائد الجنوب سلفيا كير نائب الرئيس السوداني رغم أن التحذيرات تشير الى عدم جدوى مساعدات إنشاء بنى تحتية لدولة مقبلة في الجنوب لان السودان ذاهب الى الحرب الاهلية لو اعلن الانفصال في الجنوب. وفق ما نقلت مجلة نيوزويك مؤخرا على لسان جون بندرغاست، مدير مركز laquo;إينافraquo; في واشنطن، وهو واحد من المراكز التي ظلت تعادي حكومة البشير منذ سنوات كثيرة: laquo;ما هي فائدة استخدام كل هذا الدعم لبناء الدولة إذا كانوا ذاهبين إلى الحرب؟raquo;. مضيفا أن هذا مثل بناء قلعة على الرمل مع توقع موجة عملاقة تتجه نحوها.

هذه الحرب المتوقعة باتت موضع تحذير الكثيرين خاصة في الولايات المتحدة الأميركية التي صرح رئيسها أوباما مؤخراً قائلا: quot;إذا اندلعت الحرب بين الشمال والجنوب في السودان، فإن ذلك لن يسفر فقط عن أعمال عنف ستسفر عن ملايين القتلى بل إنها ستزيد من صعوبة حل مشكلة دارفورquot;.

من جانبها، قالت سفيرة أميركا في الامم المتحدة سوزان رايس للصحافيين في نيويورك إثر جلسة لمجلس الأمن اطلع خلالها على نتائج زيارتها للسودان quot;إن الهدف من زيارتنا كان التأكيد بأن مجلس الأمن الدولي موحد في رغبته حيال إجراء استفتائي تقرير المصير في الجنوب وآبيي وفقا لاتفاق السلام الشامل. لقد أبلغناهم رسالتنا هذه بأنه ينبغي إجراء الاستفتاء في الوقت المحدد وبصورة تحظى بالمصداقية مع وجوب احترام النتائجquot;.

انقسام المواقف حيال انفصال الجنوب السوداني امتد لقراء ايلاف الذين انقسموا تأييداً ورفضاً خلال مشاركتهم في استفتاء إيلاف للاسبوع الماضي، ربما تأثر بعضهم بتصريحات الساسة المتناقضة تأييدًا ورفضًا مع زيادة طفيفة لجهة رفض الانفصال حيث وجد 6408 ما نسبته (48.56%) من المصوتين في الاستفتاءأنهم يؤيدون الانفصال، فيما رأى 6788ما نسبتهم (51.44%)أنهم ضد هذا الانفصال. وبلغ عدد المشاركين في الاستفتاء 13196.