يشهد اليمن توجها نحو دفع قبائل في محافظة شبوة المضطربة إلى التعاون مع القوات النظامية لملاحقة عناصر القاعدة ورموزها وعلى رأسهم الداعية انور العولقي في سيناريو مشابه لما حدث في العراق. في حين أكد محافظ quot;شبوةquot; الأسبق محمد صالح قرعة لـ(إيلاف) إن تضخيم خطر القاعدة مبالغ فيه.


صنعاء: تشهد الساحة السياسية اليمنية جدلا جديدا مع تسليم مجاميع من القبائل في محافظة شبوة دفة مواجهة عناصر القاعدة هناك.

التوجه حسب ما فهم بشكل عام يهدف إلى ملاحقة بعض القادة وأبرزهم أنور العولقي الداعية الأميركي من أصول يمنية والملاحق بتهمة انتمائه إلى تنظيم القاعدة.

ويختبئ العولقي لدى القبائل نفسها التي أعلنت وقوفها مع الدولة لمحاربة القاعدة، وهو الأمر الذي أثار مخاوف وغرابة في الوقت ذاته كون القبائل نفسها هي من تحمي بعض تلك العناصر.

وأعلن مسوؤل أمني قبل أربعة أيام أن قوات الأمن اليمنية وقبائل محلية بدأت تمشيط مديرية الصعيد في شبوة بحثاً عن متشدّدي القاعدة وهم أعضاء من قبيلة أنور العولقي.

وتابع المسؤول إن quot;محافظ شبوة وقبيلة العولقي وقّعا اتفاقا يقضي quot;بطرد عناصر تنظيم القاعدة من مناطقهم وان تقوم عملية مشتركة بين أبناء القبائل وقوات الجيش، لحماية مناطقهم من عناصر القاعدة ومطاردتها مقابل تجنيب المنطقة أي ضربات جوية جديدة محتملةquot;.

وتوزعت القبائل منذ صباح السبت على جبال quot;عيمنه ومربون والطوية والمصباحquot; وبعض المناطق الأخرى، في حين تمت تغطية المجاميع بطائرات مقاتلة، غير أن البحث لم يسفر عن شيء.

حجم الإرهاب مبالغ فيه

يقول محافظ quot;شبوةquot; الأسبق وعضو مجلس الشورى الحالي محمد صالح قرعة لـ (إيلاف) إن quot;المشكلة لا تتوقف على ملاحقة الإرهاب في شبوة، ودور قبائل شبوة فقط وإنما على ملاحقة الإرهاب بشكل عام، والمسألة في رأيي لا تعتمد على الجانب القبلي والجانب المجتمعي ولكن أيضا ارتباط ذلك الدور بالدور الذي يجب أن تضطلع به الحكومة وقواتها الأمنيةquot;.

وشكك قرعة بطرح الحكومة اليمنية معتبرا أن quot;حجم الإرهاب الذي يتم الحديث عنه مبالغ فيه بدرجة كبيرة جداquot;.

وأضاف: quot;حجم القاعدة مبالغ فيه بدرجة كبيرة جدا، كما أعرف لا يوجد في شبوة معسكرات للقاعدة ولا مجاميع كبيرة للقاعدة، ولكن هناك استياء لدى المواطنين من تدني الخدمات ومن العجز عن الوفاء بما يتطلبه المواطن من استقرار وعدلquot;.

وتابع المحافظ السابق للمحافظة قائلا: quot;متى ما كانت قوات الأمن تقوم بأدوارها تجاه المجتمع، ومتى تم تأمين لقمة العيش للمواطن، والأمن والاستقرار ونزاهة القضاء فسيكون كل المواطنين أو الغالبية العظمى منهم متعاونين مع الأمن والنظامquot;.

ورأى أن القصور الحاصل من قبل السلطة في أداء دورها يؤدي إلى نتائج عكسية من قبل المواطنين إما في عدم اللامبالاة وأحيانا بالمؤازرة من قبل البعض للجماعات غير الشرعيةquot;.

ويضيف:quot;المواطنون لا يبحثون عن جماعات مسلحة لإيصال أصواتهم، والصورة التي تشاع مجسمة بشكل كبيرquot;.

وقال: quot;أحيانا تعمد الحكومة إلى تضخيم دور القاعدة طلباً للدعم من الخارج، ظنا منها أن هذه المسألة ستستمر ولا تشعر أن هذا خطأ كبير يضع الدولة ويضع الحكومة والمواطنين في موقع لا يحسدون عليه، في الوقت الذي كان يفترض أن توضع الأمور في نصابها.

وأشار إلى أنه quot;تمت المبالغة في دور القاعدة، ودور الإرهاب، وكان المفترض أن تقوم الحكومة بأدوار حقيقة من خلال ما هو موجود من قوانين وأنظمة ودستورquot;.

ويعتقد أن quot;الأنظمة القائمة لو طبقت بحزم وشفافية، فإن كثيرا من هذه الاختلالات ستنتهي، لكن عدم المساءلة، وعدم المحاسبة وعدم وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وعدم المتابعة والتقييم جعل السلطة المحلية تعجز عن أداء أدوارها بل أحياناً تغيب تماما عن كثير من المديريات، ما يجعل المواطن لا يستشعر أهمية وجود هذه الإداراتquot;.

وأوضح أنه quot;لو قامت السلطة بدورها الكامل في حل كثير من الأزمات لوجدنا أن مثل هذه الصورة المضخمة غير موجودة، ولكن بشكل عام أنا أكاد أجزم بأن جميع المواطنين في شبوه لا يؤيدون القاعدة ولا يشكلون لها حضنا تستظل تحته، ولكن الأمر يتطلب فعلا وجود أجهزة إدارية، ومنظومة مؤسسات كاملة ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب في كل الإدارات، من أسفلها إلى أعلاها، وأؤكد أنه لا يوجد أي دعم حقيقي للقاعدة من قبل المواطنين في اليمنquot;.

مخاوف حزبية ومجتمعية

تحميل القبائل مسؤولية ملاحقة عناصر القاعدة أثار قلقا لدى القوى السياسية حيث عبر تكتل أحزاب اللقاء المشترك في محافظة شبوة عن قلقه من تجنيد المئات من أبناء قبيلة العوالق لملاحقة عناصر القاعدة في مديرية الصعيد.

وقال بيان للتكتل إن quot;من أهم واجبات الدولة هو حماية المواطن وإقامة العدل وإنفاذ سلطة القانون وإن التقصير في أداء هذا الواجب هو البوابة الكبرى لضياع الحقوق وغياب الأمن ونشر الفوضى في المجتمعquot;.

ورأت الأحزاب أن تشبيه الوضع في شبوة بمناطق أخرى عالمية نوع من المقامرة السياسية والإساءة إلى شبوة، محذرا من تشكيل فرق مسلحة على غرار quot;صحواتquot; العراق، معتبرا تجربتها في شبوة أشبه بزراعة الألغام التي لا يمكن إلا أن تثمر الخراب والدمار.

الأمر لم يمر سريعا على الجميع ورفضت بعض العناصر القبلية فكرة قتال عناصر القاعدة بأنفسهم، حيث اعتبرها البعض محاولة من الحكومة لزج القبائل هناك في صراع مع نفسها.