تبدو السلطات في جنوب السودان عاجزة عن احتواء تدفق الوافدين بعد اطلاق حملة برنامج quot;عودوا الى دياركم للاختيارquot;.


روبكونا: يلقي رجل بالامتعة على الارض من على سطح حافلة تحت انظار الركاب الذين غطت التربة الحمراء شعرهم ووجوههم، في ختام رحلة عودة هؤلاء السودانيين الجنوبيين quot;الى ديارهمquot; بعد سنوات امضوها في الخرطوم.

وبعد رحلة مرهقة بدأت في الخرطوم ودامت يومين، وصل هؤلاء الركاب مثل الالاف الاخرين في الاسابيع الماضية الى روبكونا في ضاحية بانتيو عاصمة ولاية الوحدة.

وعلى الارض اطر اسرة حديدية واكياس بلاستيكية وضعت جنبا الى جنب مع زجاجات فارغة ونفايات اخرى متناثرة على هذه الجادة الناشطة تحت شمس حارقة.

وعلى مسافة قريبة ينتظر شبان مع عربة يد لنقل امتعة الوافدين الجدد مقابل اكرامية.

واطلقت سلطات جنوب السودان برنامج quot;عودوا الى دياركم للاختيارquot;، الحملة التي بلغت كلفتها 25 مليون دولار لاعادة حوالى 1,5 مليون جنوبي يعيشون في الشمال الى ديارهم قبل موعد الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان في كانون الثاني/يناير المقبل.

ومن الصعب تحديد عدد الجنوبيين الوافدين الى بانتيو. واشارت ولاية الوحدة والمنظمة الدولية للهجرة الى ان عددهم بلغ 12 الفا منذ ايلول/سبتمبر.

وهذا التدفق المفاجىء اربك السلطات المحلية التي ارغمت على مصادرة خمس مدارس في بانتيو لايواء الوافدين الجدد موقتا لان الامطار اعاقت الوصول الى بعض القرى خصوصا في مايوم وابييمنوم.

وقال مسؤول في منظمة انسانية في بانتيو طلب عدم كشف اسمه quot;انها فوضى عارمةquot;.

واضاف quot;لم يكن هناك استعدادات على الاطلاق وصدمنا عندما رأينا ان خمسين حافلة وصلت مطلع تشرين الثاني/نوفمبر خلال يومين. كنا نظن ان الحكومة ستقود العمليات واننا سنقدم الدعم لها، لكن الامر عكس ذلك تماما!quot;.

واقر الحاكم تابان دينغ غاي بان عودة هؤلاء quot;المواطنينquot; ليست مسألة سهلة مقللا من صعوبة اوضاعهم.

وصرح لفرانس برس quot;سيواجهون مشاكل لكنها لن تكون مختلفة عن تلك التي واجهوها في الشمال (...) نأمل بان نتخطى هذه الصعوبات مع شركائناquot;.

ووصل جيمس ماويتش (38 عاما) وهو اب ل10 اولاد بعد ان امضى عامين في الخرطوم يعمل كعامل بناء.

وقال quot;لن اعود الى الخرطوم لان الوضع ليس جيدا فيها. ومع الاستفتاء ستزداد الامور سوءاquot; بالنسبة الى الجنوبيين.

واضاف quot;قال لنا شماليون +اذا لم ترحلوا الان وحصلتم على استقلالكم اين ستسكنون؟+quot;.

واعربت مصادر انسانية عدة لفرانس برس عن ترددها في تنظيم او تمويل مساعدة الوافدين الجدد الى جنوب السودان.

وفي هذه الاثناء تتواصل الحياة طبيعية في quot;مدرسة الدعوة الاسلاميةquot; حيث تطهو نساء في مبنى قديم فيما الاولاد يلعبون في قاعة محاذية امام لوح اسود.

وفي quot;مدرسة الجمعيةquot; القريبة، تحول الملعب الى مكان تخزن فيه الاغراض القديمة. فتكدست فيه قطع اثاث واجهزة تلفزيون واطر اسرة وارائك وآنية.

وقال ابو بكر البالغ من العمر 26 عاما والذي وصل الى الخرطوم في نهاية الثمانينات بسبب الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب (1983-2005) quot;لا يمكن مقارنة العيش هنا مع الشمال لانني على الاقل لا اتعرض لمضايقات حتى وان لم تتوفر لي وسائل الراحةquot;.