وزير التخطيط في الحكومة العراقية علي بابان
لم يتم التوصل إلى حل للخلافات حول إدراج القومية في استمارة الإحصاء السكاني العام في العراق، كما يطالب الأكراد، لذا اضطرت اللجنة العليا المكلفة بإجراء الإحصاء إلى إحالة الأمر على الحكومة لتقرر المضي بتنفيذه في موعده المقرر في الخامس من الشهر المقبل أو تأجيله إلى موعد آخر وهو الخيار القائم على ما يبدو ..

لندن: نظراً لعدم التوصل إلى حل الخلافات حول موضوع إدراج القومية من عدمه في استمارة الإحصاء السكاني العام في العراق، اضطرت اللجنة العليا المكلفة بإجرائه إلى إحالة الأمر على الحكومة لتقرر المضي بتنفيذ الإحصاء في موعده المقرر في الخامس من الشهر المقبل أو تأجيله إلى موعد آخر وهو خيار قوي وقائم على ما يبدو.

من جهة ثانية أعلنت مجالس محافظات الجنوب العراقي يوم غد الخميس عطلة رسمية لمناسبة احتفالات quot;عيد الغديرquot;، وجرى حشد 30 ألف عسكري لحماية مئات الآلاف من المحتفلين به في مدينة النجف.

الخلاف لم يُحسم

منذ ثلاثة أيام تعقد اللجنة العليا للإحصاء السكاني في العراق اجتماعات لحسم الخلاف حول إدراج حقل القومية في استمارة الإحصاء، كما يطالب الأكراد، من عدمه كما يدعو ممثلو محافظات تضم مناطق متنازع عليها مثل كركوك والموصل الشماليتين. ولأن الإجتماعات لم تؤد إلى الوصول إلى قرار حول الموضوع، قررت اللجنة العليا تشكيل لجان مشتركة مع ممثلي تلك المناطق لحل الخلافات وتقديم المقترحات المناسبة لحل القضايا العالقة خلال الأيام المقبلة، بهدف عرضها على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.

ويشارك في الإجتماعات أعضاء من مجلس النواب ممثلين عن إقليم كردستان وآخرون عن الحكومات المحلية في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك، وذلك بحضور وزير التخطيط علي بابان الذي يرأس الإجتماعات ورئيس الجهاز المركزي للإحصاء.

القومية هي المشكلة

تدور النقاشات حول القومية فتطال عدة جوانب، فهناك خلاف حول هوية الأقلية الأيزيدية، ففيما يعتبرها الأكراد كردية بدين أزيدي، ترى الأطراف الأخرى أنها قومية بحد ذاتها وليست كردية. كما تطرح في الاجتماعات مطالب باحتساب الأكراد والشبك والفيليين كقوميات مختلفة عن بعضها البعض. يذكر أن الوزير بابان كان قد هدد الشهر الماضي أنه سيقدم استقالته ما لم تحذف فقرة القومية من إستمارة الإحصاء.

وفي سبيل دعم موقفه حول ضرورة إجراء الإحصاء في موعده في الخامس من الشهر المقبل، ولممارسة ضغوط بهذا الإتجاه، قرر التحالف الكردستاني ضم النائبين محسن السعدون ومحمد خليل إلى وفده لاجتماعات اللجان التي سترفع توصياتها إلى الحكومة.

القرار بيد الحكومة

يقول المسؤول التنفيذي للجنة التحضيرية للإحصاء في إقليم كردستان محمود عثمان الذي يحضر الإجتماعات، إن المشاركين الآخرين فيها يدركون أن إقليم كردستان مع إجراء الإحصاء السكاني في موعده المحدد، وسلطاته ليس لديها أي مانع في هذا الجانب لكن القرار النهائي أصبح الآن من صلاحية رئاسة الوزراء العراقي. غير أنه لا يعتقد أن باستطاعة الحكومة العراقية quot;إجراء الإحصاء في موعده المقرر، وحل المشكلات المتعلقة به، لهذا فإن تأجيله إلى موعد آخر أمر محتمل بقوة.

من جهتها طالبت قائمة التآخي الكردية في مجلس محافظة كركوك، رئيس الوزراء نوري المالكي باستخدام سلطاته الدستورية والقانونية وإرغام وزارة التخطيط على إجراء الإحصاء في موعده المحدد وحسب الإجراءات القانونية المتبعة.

تأجيل يليه تأجيل

طبقا للدورة الاحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد السكاني عام 2007، إلا أنه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009، ثم إلى 24 تشرين الأول -اكتوبر الماضي، وتأجل أخيراً إلى الخامس من الشهر المقبل بسبب مخاوف من تسييسه. فقد عارضت قوميات عراقية إجراء الإحصاء في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان (حوالى مليون نسمة)، والتي تضم حقولا نفطية كبرى، إضافة إلى مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى التي تضم سكانا بديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والمسيحيين والأيزيديين والشبك، وذلك تحسبا من أن هذا التعداد قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها القضاء على طموحات سياسية لقوى تمثل تلك القوميات.

يذكر أنه تقرر في وقت سابق إجراء التعداد السكاني الجديد في العراق للمرة الاولى منذ 23 عاما حيث كان آخر تعداد شامل قد أجري عام 1987، بينما أجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات إقليم كردستان الثلاث خارج سيطرة الحكومة. لذلك فالتعداد المرتقب سيجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003.

وجرت عدة محاولات بعد سقوط النظام، لإحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية حوله وخاصة في مدينة كركوك التي يطالب الأكراد بضمها إلى إقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 وسط اعتراض سكانها من العرب والتركمان.

أجري أول تعداد لسكان العراق الذي يتجاوز عدد سكانه اليوم 30 مليونا، عام 1934 وبلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين، ولاحقاً في إحصاء 1957 بلغ سبعة ملايين، وهو التعداد الذي اعتبر فيما بعد أساساً في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران، فإن آخر تعداد أجري عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليوناً. ومنذ ذلك الوقت لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق، خصوصاً أنه لا توجد أي إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية.

ويبلغ عدد سكان العراق 27.962.968 نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005، يؤلف المسلمون (نحو 95%) من السكان كما يوجد مسيحيون ويزيديون وصابئة وديانات صغيرة أخرى. وكان عدد العراقيين 16 مليون نسمة عام 1987 ويتوقع ان يبلغ عددهم هذ المرة ما بين 30 و32 مليون نسمة بحسب توقعات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء.

عطلة جنوباً في عيد quot;الغديرquot;

في مجال آخر، قررت مجالس المحافظات العراقية الجنوبية اعتبار يوم غد الخميس عطلة رسمية لمناسبة quot;عيد الغديرquot;. وقد حشدت السلطات 30 ألف عسكري لحماية زائري مدينة النجف حيث يقع مرقد الإمام علي الذي يتوافد عليه مئات الآلاف من المسلمين الشيعة من مختلف محافظات العراق ودول إسلامية إلى مدينة النجف حيث يجددون البيعة للإمام علي.

واستنفرت الأجهزة الأمنية في محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) قواتها ونشرت 30 ألف عسكري، ونصبت حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة في مناطق المحافظة جميعها وخاصة عند حدودها المجاورة للمحافظات الأخرى. وقسمت المدينة إلى عدة قواطع وأطواق أمنية، إلى جانب تكثيف الدوريات على مداخل ومخارج المدينة مزودة بأجهزة كاشفة للمتفجرات والكلاب البوليسية.

وحظرت السلطات تجول العجلات في مدينة النجف، وخاصة بالقرب من مرقد الإمام علي، كما وضعت خطة أمنية متكاملة لتوفير الحماية اللازمة للوافدين سيراً على الأقدام من المحافظات الجنوبية إعتمادا على العنصر الاستخباري والمعلوماتي.

واضافة الى هذه الإحتياطات الأمنية، أعدت الجهات الصحية في المحافظة خطة وقائية وعلاجية لمنع انتشار الأوبئة بين الزوار ومواجهة أي أخطار صحية. وتم نشر عدد من المفارز الطبية والمراكز الموقتة بالقرب من المرقد ومسجد الكوفة، إضافة إلى نشر 50 سيارة إسعاف على جميع الطرق المؤدية إلى مركز المدينة.

تحضيرات لشهر محرم

بالترافق مع ذلك أعلنت وزارة الدفاع اتخاذ عدد من الإجراءات الأمنية بالتعاون مع مجالس المحافظات، استعدادا للشهر المقبل محرم الذي يشهد احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ورهط من اهل بيته في واقعة الطف الاليمة .

وقال الناطق الاعلامي باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري في تصريحات اليوم ان وزارة الدفاع وضعت عدة إجراءات أمنية استعدادا لشهر محرم، مشيرا الى أنها ستعمل على تكثيف الحواجز العسكرية الثابتة في الطرق المؤدية إلى كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، إضافة إلى تكثيف الغطاء الجوي وتأمين المناطق المحيطة بالطرق المؤدية الى المدينة المقدسة.

وأضاف أن quot;القوات الأمنية ستزيد عدد الدوريات المتحركة في الطرق، وتعمل على تكثيف الوعي الاستخباري لتفويت الفرصة على المجموعات الإرهابية في القيام بأعمال مسلحة تستهدف زوار كربلاء، إلى جانب التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية لتوفير أفضل الأجواء للزوار. وأوضح ان غرفة العمليات في الوزارة ستركز على الخروقات التي حدثت في الخطط السابقة والتي كانت تستخدمها القاعدة لتنفيذ أعمالها الإرهابية بهدف معالجة هذه الهفوات.

وضع بغداد الأمني

حول الوضع الامني في بغداد أشار العسكري إلى أنه من الصعب تغيير الخطط الأمنية الخاصة بالوضع الأمني في العاصمة حالياً، كما تناقلت وسائل الاعلام مؤخراً لأن عملية التغيير تتطلب الحصول على قرار حكومي من الجهات المهتمة بالوضع الأمني ومن قبل القائد العام للقوات المسلحة وهذا لن يتم حالياً إلا بعد تشكيل الحكومة. ونفى أن تكون وزارة الدفاع قد فتحت تحقيقا حول تصريحات قائد أميركي حول أن العراق سيكون خاليا من الغطاء الجوي حتى عام 2012، كما ذكرت وسائل الاعلام مشددا على أن العراق لديه القدرة على الحفاظ على أجوائه عبر سلاحه الجوي المتطور والطيارين الذين تم تأهيلهم عبر دورات خارج العراق.