لقاء التصنيفات الفكرية شهد حضورًا هادئًا

أوصى لقاء الحوار الوطني السعودي في ختام جلساته الأربعاء، بتعزيز دور القبلية والمناطقية وكذلك التصنيفات الفكرية في بناء مستقبل حضاري للمملكة، في وقت طالب فيه العديد من المثقفين عبر quot;إيلافquot; بقبول الآخر والتعايش معه وفق هوية وطنية تنفي كل إشكالات تعزيزها.


جدة: في حوار شهد حضورًا أقل مما كان عليه أمس الثلاثاء مع مناقشة موضوعي quot;القبلية والمناطقية ودورها في تعزيز الوحدة الوطنيةquot;، أنهى اللقاء الثقافي الثالث الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني اليوم الأربعاء في مدينة جدة جلساته بمناقشة موضوع quot;التصنيفات الفكريةquot;.

ورغم أن الجلسات التي عقدت خلال اليومين الماضيين حملت أكثر الموضوعات حساسية مابين القبلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية؛ إلا أن الهدوء كان سمة هذا اللقاء، مع حضور كبير تجاوز أكثر من سبعين مشاركًا ومشاركة.

نصر الله: التصنيفات الفكرية تشع الكراهية
عن الصراع الذي يحيط بالنخبة في مسألة التصنيف الفكري أوضح الكاتب والإعلامي السعودي محمد رضا نصر الله خلال حديث خاص لـquot;إيلافquot; أن انحصار التصنيفات في السعودية من ليبرالي أو إسلامي تتحمله الأيديولوجية، مشيرًا إلى أن هذه الحالة قد quot;مررنا بها في الخمسينات والستينات الميلاديةquot;، ومضيفًا أن التصنيف إبان الحرب الثقافية الباردة بين الرجعية والتقدمية، واليوم بين إسلامي وليبرالي أو ديني و محافظ، مطالبًا بنزع العامل الأيديولوجي من هذه التصنيفات والنظر برؤية موضوعية إلى من يؤمن ببعض القناعات.

ورأى محمد نصر الله أن هذه المصطلحات لن تؤثر على الثوابت الأصيلة في الثقافة العربية الإسلامية، لكونها ملتزمة بصحيح الدين والميراث الحضاري للأمة.

وفي سؤال طرحته quot;إيلافquot; عن دور التصنيفات في تحقيق هوية المواطنة السعودية، أوضح نصر الله أن quot;التصنيفات الفكرية تساعد على تقسيم المجتمع وإشاعة ثقافة الكراهيةquot;، مستدركًا أنه حال تعلق التصنيفات الفكرية بالرؤية المنهجية فهذا أمر طبيعي في المجتمعات الثقافية.

وأوضح أن أطوار التاريخ فيها تيارات فكرية متصارعة، لكن ينبغي إذا استدعينا هذا المصطلح إلى مجالنا الثقافي التأكيد على المشتركات التي تعزز من قيمة الولاء الوطني وكذلك تعزز الهوية الثقافية.

واختتم نصر الله حديثه لـquot;إيلافquot; بالإشارة إلى أن قضية التصنيفات الفكرية هي قضية حساسة وشائكة وبالغة، طامحًا أن يتم مناقشتها في حلقة مغلقة وبعدد محدود من المتخصصين في العلوم الاجتماعية الثقافية والسياسية للخروج بنتائج مرضية.

آل الشيخ: التصنيف ميزة المجتمعات الراقية
بدورها، أبدت الكاتبة الصحافية حصة آل الشيخ في حديث تقبلها للتصنيف الفكري، مع رافضها للحجر على الآراء. وقالت quot;تم تصنيفنا ككاتبات، وهذا لا يزعجني ولا أرفضه أبدًا، لكنني أرفض الحجر على الرأيquot;، وأضافت أن ذلك هو لبّ لغة الحوار التي ننادي بها.

ورأت آل الشيخ أن التصنيف يعد ميزة للمجتمعات الراقية، حيث قالت إن quot;التصنيفات دائمة التنوع والتعدد، فهي ميزة لكل المجتمعات الراقية والمتحضرة التي تحترم الرأي الآخرquot;. ولفتت آل الشيخ إلى أن الإشكالية الثقافية تكمن في المتشددين أو المحافظين الذين يريدون حصر الحياة في فكر معين ورؤية واحدة، وترى أن القراءة التاريخية هي من ستمكننا من الخروج من هذا المأزق على حد وصفها.

السنيني: التصنيفات بين النساء أكثر شيوعًا
في سؤال عن وجود التصنيفات الفكرية في المجتمعات النسائية التي يغلب عليها الخصوصية، أكدت الكاتبة السعودية بشائر السنيني خلال حديثها quot;لإيلافquot; أن ما يدور في التصنيفات بين الذكور هو ما يدور بين النساء، سواء كانت الليبرالية أو المتشددة.

واعتبرت الكاتبة السنيني أن التصنيف الدائم في المجتمعات النسائية تكون واضحة أكثر مما هي عليه بين الذكور في مجتمعاتهم التي تتسم بإلغاء الخصوصية مقارنة بين النساء، حيث يتم الملاحظة على أدق التفاصيل حتى على طريقة اللباس الذي يحدد كثيرًا من التصنيفات من خلاله.

وأضافت السنيني أن تلك التصنيفات تسربت وتنامت بالألقاب، كما إن تلك التصنيفات سواء كانت مذهبية أو فكرية فهي تؤدي إلى تشظي هذا المجتمع الواحد وإلى التفرقة لمصلحة جهات تهدف أساسًا إلى زعزعتنا. وطالبت في ختام حديثها الشعور والقبول بالآخر، سواء لجهة الاختلاف والتعددية أكانت مذهبية أو فكرية quot;مادمنا جميعًا تحت مظلة وطن واحد ندين بالولاء لهquot;.

الإعلام معني بتكريس المواطنة
اختتم اللقاء الثقافي الثالث جلساته مركزًا على أن السعودية مكونة من مجتمع متنوع وقبائل متعددة، لا يمكن تدعيم وحدتها الوطنية إلا بالتوجيه والمساندة. ورأى المشاركون والمشاركات أن تغليب الولاء للقبيلة أو المنطقة أو المذهب أو الفكر على حساب الولاء للوطن، المرتكز على الشريعة، مخالف للإسلام ولنظام الحكم وحقوق الإنسان.

ودعت توصيات اللقاء إلى استثمار هذا التباين في تعزيز الوحدة الوطنية وخدمة التنمية بما يضمن بناء مستقبل وطني حضاري موحد.

وأجمع المشاركون والمشاركات في اللقاء الوطني أن دعم مفهوم الوحدة الوطنية بين المواطنين مناط بشكل رئيس بوسائل الإعلام والجهات التربوية والتعليمية، التي تعوّل عليها في تعزيز الوحدة الوطنية، ونشر وعي المواطنة، وتكريس مفهوم الوحدة والتلاحم الوطني بين قبائل المملكة ومناطقها.