سمية خليفة

تحقق المرأة المسلمة في الولايات المتحدة ما لا تستيطع أن تحققه في وطنها الأم. وتتمتع المرأة المسلمة في أميركا بأفضلية ايضا من خلال سعيها لكسر القوالب النمطية والتصدي لمشاعر الارتياب من الإسلام.


تشهد غالبية المدن الكبيرة في الولايات المتحدة نشاطاً نسوياً تتصدره أميركيات مسلمات يتحركن على محورين أحدهما تحدي الهيمنة الذكورية والآخر التصدي لمواقف الارتياب والتحامل على الاسلام.وحققت هؤلاء النساء مستوى لا يُضاهى من النجاح والحضور في مسعاهن. وهن يقولن إن نشاطهن يستلهم الحريات المتاحة في الولايات المتحدة والاختمار الفكري الذي يحدث حين يلتقي المسلم المولود في اميركا والمسلم المهاجر.

وقالت شيرين زمان المديرة التنفيذية لمعهد السياسة الاجتماعية والتفاهم وهو مؤسسة ابحاث غير ربحية أُنشئت بعد اعتداءات 2001، quot;ان ما نشهده الآن في اميركا شكل من اشكال تمكين المرأة بطريقة هادئة لا نظاميةquot;.

واضافت زمان في حديث لصحيفة نيويورك تايمز quot;ان اضطلاع المرأة المسلمة بدور قيادي سيكون أصعب اجتماعياً أو سياسياً في العديد من أوطاننا الأمquot; منوهة بفرص تمكين المرأة المسلمة في اميركا.

نجاح بازي ممرضة مولودة في الولايات المتحدة بادرت الى تأسيس عدة منظمات خيرية في ولاية مشيغان. وقد عبرت عن مشاعرها قائلة: quot;نعم أنا عربية، ونعم انا اميركية جدا، ونعم أنا اسلامية جدا، ولكن إذا وضعتَ هذه الأشياء في الخلاطة لن اعود مجرد شيء بل أكون شيئا جديداquot;.

المسألة ليست دائما سهلة. وأكدت عدة مسلمات في احاديث لصحيفة نيويورك تايمز استهدافهن برسائل أو ايميلات أو مدونات مهينة. ولكن المسلمات الاميركيات يتمتعن بأفضليات ايضا في سعيهن لكسر القوالب النمطية. فهن افضل تعليما من نظيراتهن في اوروبا الغربية وحتى من متوسط المرأة الاميركية بحسب استطلاع اجرته مؤسسة غالوب. كما اظهر الاستطلاع ان المرأة الاميركية المسلمة أقرب من أي امرأة من الأديان الأخرى الى كسب ما يكسبه الرجل بسبب قدراتها في عالم الأعمال.

وقال ابراهيم موسى استاذ الدراسات الاسلامية في جامعة ديوك quot;ان المسلمين الذين يأتون الى اميركا الشمالية كثيرا ما يسعون الى تطبيق نسخة مساواتية من الاسلام وان هذا يفرض المرأة على الأجندة ويجعلها صاحبة حضور أكبر منها في اوروبا الغربية مثلاquot;.

سمية خليفة مسلمة اميركية أخرى من مواليد مصر وهي تدير منظمة تعتبر نفسها quot;جسرا بين الاسلام والاميركيين من الديانات الأخرىquot;. كما ترأس سمية مكتبا استشاريا يعمل مع الطلاب ومدراء الشركات والجنود وحتى مكتب التحقيقات الفيدرالي لمكافحة الصور والقوالب النمطية عن الاسلام. وبعض الذين تتعامل معهم لم يلتقوا مسلما في حياتهم أو ينظرون باستغراب الى الحجاب.

طيبة تايلور

وكانت سمية التي تحمل شهادات جامعية في الكيمياء والموارد البشرية بدأت ترتدي الحجاب قبل 15 عاما، في منتصف الثلاثينات من العمر. وقالت ان الآخرين نظروا اليها في البداية وكأنها مخلوق مختلف quot;مسلم لا اميركي، مغفلquot;. ولكنها واصلت عملها بإصرار واعصاب باردة. وعندما رفضت جريدة محلية صغيرة نشر اعلان عن مسجد قريب وأوقات عمله، نظمت سمية خليفة حملة مقاطعة تكللت بالنجاح بعد مشاركة قساوسة فيها.

وتعتبر صحيفة نيويورك تايمز من ابرز النساء المسلمات الاميركيات انغريد ماتسون التي وقفت بجانب أئمة ورجال دين مسلمين احتشدوا في واشنطن في ايلول/سبتمبر الماضي لطمأنة الاميركيين الغاضبين على مشروع بناء مسجد قرب موقع مركز التجارة العالمي في نيويورك.

واصبحت ماتسون (47 عاما) التي تعمل محاضرة في مدرسة دينية في كونكتيكت، اول امرأة ترأس الجمعية الاسلامية في اميركا الشمالية، التي تندرج في عداد أكبر المنظمات الاسلامية في القارة.

وكانت ماتسون انتُخبت نائبة للرئيس في 2001 ثم رئيسة ابتداء من عام 2006 ولغاية ايلول/سبتمبر الماضي. وكانت هذه السنوات زاخرة بحملات من كل صنف ضد الاسلام والمسلمين حتى ان قضية المرأة تراجعت الى الظل.

وقالت ماتسون quot;ان ما حدث في 11 ايلول/سبتمبر وبعده دفع المسلمين الاميركيين الى ان يكونوا أكثر انخراطا في المجتمع المدني وان المرأة المسلمة وجدت في ذلك مجالا رحبا للنشاطquot;. واضافت ان المضمار الوحيد الذي تُفرض فيه قيود على دور المرأة هو إمامتها للمصلين متوقعة ان تكون لدى بعض الجماعات الاسلامية في المستقبل امرأة تؤم المصلين. وترى صحيفة نيويورك تايمز ان المرأة المسلمة كانت تاريخيا تمارس دورها من وراء الكواليس مع استثناءات ابرزها بنازير علي بوتو رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة.

واظهرت دراسة اجرتها جامعة جورجتاون والمركز الملكي للدراسات الاستراتيجية الاسلامية في عام 2009 بشأن أوسع المسلمين نفوذا في العالم ان هناك امرأتين فقط بين الخمسين الأقوى نفوذا هما قائدة دينية سورية والملكة رانيا عقيلة العاهل الاردني الملك حسين. ونوهت الدراسة بانغريد ماتسون في بادرة تكريم.

وتعكس مسلمات الولايات المتحدة تنوع البلد العرقي: بيضاوات اعتنقن الاسلام مثل انغريد ماتسون ومسلمات من اصول شرق اوسطية مثل سمية خليفة ومسلمات من اصول كاريبية مثل طيبة تايلور التي اصدرت مجلة فاخرة اسمها quot;عزيزةquot; تركز على انجازات المرأة الاميركية المسلمة.

والى جانب مواضيع مثل اول منظمة قانونية في اميركا جميع اعضائها من المسلمات الاميركيات أو أول مضيفة محجبة في اميركا فان المجلة لا تتردد في معالجة قضايا مثل مرض الأيدز والعنف المنزلي ضد المرأة.

ولكن في حين ان المسلمة الاميركية تبوأت مكانة مرموقة في مجالات عدة فان الكثير من نشاطها يبقى خارج المسجد. وقالت سمية خليفة ان هناك حلقة مفقودة بشأن تعاليم الدين الاسمي حول المساواة بين الجنسين مؤكدة ان quot;القيادة في مساجدنا لا تعكس تركيبنا السكاني. فالمرأة تكاد تكون غائبةquot;.

ومن القضايا المرتبطة بقضية المرأة المسلمة الفصل بين الجنسين في الصلاة تعبيرا عن مفاهيم التواضع في الاسلام. وفي بعض المساجد تُخصص غرف منفصلة للنساء. ولكن امام مسجد اتلانتا المتقاعد بلمون الأمين يؤكد ان هناك مساجد تحاول تحقيق المساواة بين هذه الاماكن المنفصلة.

وكان انتخاب انغريد ماتسون رئيسة للجمعية الاسلامية في اميركا الشمالية ايذانا بمرحلة جديدة. وقالت داليا مجاهد مديرة مركز غالوب للدراسات الاسلامية ومستشارة الرئيس اوباما السابقة لشؤون الأديان ان انتخاب ماتسون quot;اخترق حاجزا وجعل من المقبول أكثر ان تتولى المرأة دورا قياديا على رأس جماعة بشرية كاملة وليس مجموعة من النساء فقطquot;.