الأنبا كيرلس مطران نجع حمادي

تقول صحيفة لوس انجليس تايمز إن الخوف يهيمن على أقباط مصر بسبب بدء انحسار التسامح وتزايد التوترات خلال السنوات الأخيرة في مجتمع تهيمن عليه الأغلبية المسلمة التي أضحت أكثر تحفظاً وباتت تميل للحرص على التمييز الديني.

القاهرة: تجري صحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية في عددها الصادر اليوم الأحد تحقيقاً مطولاً تحت عنوان quot;الخوف يهيمن على أقباط مصر وسط موجة متزايدة من التوترquot;، وفيه تتطرق إلى التداعيات الاجتماعية المتباينة التي مازالت تلقي بظلالها على الطائفة المسيحية في البلاد، بعد أحداث نجع حمادي الأخيرة.

وتستهل الصحيفة حديثها بالقول إنه في الوقت الذي تتحول فيه الآن غالبية البلاد المسلمة إلى فئة أكثر تحفظًا، تواجه الأقلية المسيحية، التي تعيش في سلام نسبي منذ قرون، مستقبلاً مجهولاً.

وتنقل في هذا الإطار عن الأب متياس مانكاريوس، الذي يدير جريدة للأقباط المسيحيين، قوله : quot;الأمور خطرة اليوم، وتنطلق مصر الآن صوب اتجاهات جديدة بدأت تؤثر على الوئام بين الأديان. وهذا الموقف واضح ليس فقط بين المسلمين العاديين ولكن بين كبار المسؤولين الحكوميين والإسلاميينquot;.

بعدها، تمضي الصحيفة لتشير إلى أن أقباط مصر ومسلميها يتعايشون مع بعضهم البعض منذ قرون عبر تشنجات من إراقة الدماء والاتهامات، لكن في حالة من السلام النسبي في أغلب الأحيان. لكنها تلفت إلى بدء انحسار التسامح وتزايد التوترات خلال السنوات الأخيرة في مجتمع تهيمن عليه الأغلبية المسلمة التي أضحت أكثر تحفظاً وباتت تميل للحرص على التمييز الديني في المدارس والمكاتب العامة والأحياء المختلطة.

ثم تنتقل الصحيفة لتقول إن الأجواء شهدت مزيداًً من الاضطرابات خلال ذلك الشهر بعد أن تلقى أحد الأساقفة تهديدات بالقتل ولقي ستة مسيحيين مصرعهم بعد حضورهم قداس ليلة عيد الميلاد بشمال الأقصر إثر تعرضهم لإطلاق أعيرة نارية. وقد قيل إن المهاجمين المسلمين كانوا يسعون للانتقام لحادثة تعرضت فيها فتاة مسلمة للاغتصاب على يد شخص قبطي.

وتلفت الصحيفة في هذا السياق كذلك إلى أن حوادث القتل هذه جاءت لتلقي الضوء على سنوات من التوتر الطائفي في مدينة نجع حمادي، حيث اندلعت أعمال الشغب على الفور وحرقت عدد من الشركات والمتاجر.

ولم تفوت الصحيفة في هذا الشأن أن تنوه للاتهامات التي وجهتها إحدى الجماعات المنوطة بحقوق الإنسان إلى عبد الرحيم الغول، نائب نجع حمادي ورئيس لجنة الزراعة بمجلس الشعب، بالدور الذي لعبه في التحريض على العداوات من خلال صلته بأحد المهاجمين. وادَّعت تلك الجماعة، التي قامت برفع قضية، أن الغول تدخل لكي يتم تم الإفراج عن أحد المسلحين قبيل أيام من حادثة إطلاق النار. ومع هذا، نفى الغول كافة هذه الأحاديث جملةً وتفصيلاً، وأعلن مكتب النائب العام أنه لم تكن هناك مؤامرة كبرى.

إلى هنا، تمضي الصحيفة لتنقل عن أشرف راضي، واحد من النشطاء السياسيين المسلمين الذين أدانوا حادثة نجع حمادي الأخيرة، قوله: quot;نريد فتح تحقيق برلماني للكشف عن هوية الأشخاص الذين وقفوا وراء تلك المذبحة. فالواضح لنا جميعا أن المجرمين الثلاثة الذين ألقي القبض عليهم لم يقدموا على تنفيذ تلك الجريمة بمفردهم، بل كان ورائهم شخص يحظى بالنفوذquot;.

ثم تقول الصحيفة إن الحادثة كدَّرت التحيزات الدينية المتوطدة في بلد أثير فيها رجال الدين الإسلامي بحالة من الغضب نتيجة الحظر الذي تم فرضه مؤخراً على بناء المآذن في سويسرا، في حين كانوا أقل نشاطاً في حديثهم العلني ضد الانتهاكات أو حماية حقوق الأقباط في بلادهم.

ووسط حالة الانقسام التي تشهدها البلاد في هذه الأثناء حول أبعاد حادثة نجع حمادي الأخيرة وعلاقتها بحقيقة المشاعر الوطنية التي توحد المسيحيين والمسلمين في مصر، تمضي الصحيفة لتلفت إلى ما صرَّح به أخيراً الرئيس مبارك في حوار نُشر له بصحيفة الأهرام المصرية الحكومية، حيث قال: quot;نحن شعب واحد. ولسنا متعصبين لأننا جميعاً أبناء هذه الأرض، وليس هناك فرقاً بين المصريين المسلمين والمسيحيين واليهودquot;.

وهنا تعاود الصحيفة لتقول إنه وفي الوقت الذي يوفر فيه الدستور المصري الحماية للحرية الدينية، تتعرض بعض الكنائس للهجوم، بينما يواجه بعضها الآخر سنوات من النزاعات على الأراضي والتدقيق الحكومي قبل أن يتم بنائها.

وتلفت كذلك للصعوبات الجمّة التي يواجهها المتحولون من الإسلام إلى المسيحية في أروقة المحاكم ليتمكنوا من تغيير ديانتهم في بطاقات الهوية القومية، فضلاً عن التهديدات بالقتل التي تُرغِم بعضهم على الاختباء أو مغادرة البلاد.

وفي الختام، تنقل الصحيفة عن شخص يدعى عوني ميخائيل، قبطي ويمتلك محل مجوهرات بالقاهرة ولديه زبائن من السيدات المسلمات المحجبات والرجال المسيحيين على حد سواء، قوله: quot;أتعامل مع المسلمين كل يوم. لقد تركت متجري الآخر وقدمت إلى هنا لكي آخذ شيء ما. وينتظرني زبونين مسلمين هناك بمفردهما الآن. فبمقدورهما أن يسرقا ما يشاءا إن كانت لديهما الرغبة في ذلك. لكن ليس أمامك من بد سوى أن تضع ثقتك في الناس كافة. لا أريد أن أرى سلسلة من ردود الأفعال بشأن حادثة نجع حمادي. لكن وسائل الإعلام ستحاول تضخيم المسألة. لكن الأمور ليست بهذا السوء. صحيح أن المسلمين باتوا أكثر تحفظاً، لكني أدعم الحكومة في ما تبذله من محاولات لوقف التطرف الإسلاميquot;.

ثم تعاود لتنقل عن الأب متياس قوله: quot;عندما كنت صغيرًا، لم أكن أرى كل هذا التوتر القادم. وكانت تسير الأمور بيننا وبين المسلمين على ما يرام. لكن ذلك كله قد تغير الآن. لا تشعر الحكومة المصرية بقلق إزاء الاضطرابات القبطية. فليس لدينا ميليشيات أو حزب سياسي. ولا يمثل الأقباط أي تهديد على الحكومة. وكل ما يمكننا فعله هو الصراخquot;.