يرى عضو الكنيست مسعود غنايم (عن الحركة الإسلامية في إسرائيل) في حوار مع إيلاف شعار quot;الإسلام هو الحلquot; يصلح لأن يكون راية الحركات الإسلامية في مختلف أنحاء الوطن العربي والإسلامي، فهو يصلح لأن يرفعه الإخوان المسلمون في مصر والجزائر لكنه لا يصلح في إسرائيل،ويقول quot;لا يمكن أن تتوقع مني، أن أدعو شمعون بيرس أو نتنياهو للإسلامquot;.

حاوره في الكنيست نضال وتد:التقت إيلافعضو الكنيست مسعود غنايم عن الحركة الإسلامية،داخلمقرالكنيست ووجهت له جملة من الأسئلة والتساؤلات، في حوار تناول للمرة الأولى حسابات الربح والخسارة في دخول حركة إسلامية لبرلمان غير عربي وغير إسلامي، في أخف تعبير. وفي هذا الحوار الذي ابتعدنا فيه عن الأسئلة الروتينية عن العرب والمسلمين في إسرائيل ما استطعنا، يرد عضو الكنيست غنايم عن أسئلة مثل: هل يمكن رفع شعارات إسلامية والحديث عن سيرة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) من داخل مقر الكنيست الإسرائيلي؟ وهل يمكن تطويع الإسلام والاجتهادات الفقهية لدخول الكنيست، هل تبيح الضرورات كل المحظورات؟ وهل يمكن للتيار الإسلامي أن يبرر الخوض في تشريع القوانين الوضعية وفي حكم ليس إسلاميًا بل في دولة تعلن حربها على الإسلام وعلى الحركات الإسلامية والتيارات الإسلامية المختلفة؟ وفي ما يلي نص الحوار/ المقابلة:

عضو الكنيست مسعود غنايم عن الحركة الإسلامية في إسرائيل، إسلاميون في الكنيست الإسرائيلي، هل ينفع شعار quot;الإسلام هو الحلquot; في الكنيست الإسرائيلي؟

أولاً سؤال ليس بالهين باعتقادي، فنحن نعيش في واقع معقد، غير سهل ولكن نحن نعتقد أن الإسلام كدين الذي يُعتبر منهاج حياة اجتماعي سياسي إضافة إلى كونه عقيدة ودين، يستجيب لكل واقع بمعنى أنه يعطي المسلم الإمكانية لكي يتلاشى، أو لكي يعيش في الواقع المتغير الذي يمر على المسلم . فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد فرق بين العقيدة الثابتة وبين سياسة العقيدة المتغيرة أو المتبدلة وفقًا للأرضية ووفقًا للواقع الذي يعيشه. وأسوق دليلاً على ذلك القرآن الكريم ، هناك سور مدنية وهناك سور مكية. عندما كانت السور تنزل، بينما كان واقع المسلمين مختلفًا، فمكة كان التركيز على العقيدة وعلى القضايا الأساسية ولكن عندما كانت السور تنزل في المدينة المنورة عند انتقال الرسالة من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة حتى الآيات القرآنية تغير شكلها ومضمونها. إذا أصبحت تعالج قضايا تشريعية أكثر، تعالج قضايا اجتماعية أو اقتصادية يعيشها المجتمع المسلم في الواقع الجديد الذي يعيشه. هذا لا يعني بطبيعة الحال التنازل عن الثوابت، لا يعني التنازل عن الثوابت وأنا أعطي دليلاً آخر: الرسول عليه الصلاة والسلام عاش في واقع جاهلي وهو أراد تغيير هذا الواقع. أي أن الواقعية لا تعني أنني أعطي شرعية للواقع، ولكن تعني أنني عندما أريد تغيير الواقع فإنني آخذفي الاعتبار وبالحسبان هذا الواقع. أو ما أسميته أنا تضاريس يجب أخذها بالحسبان. فالرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان يعيش في واقع جاهلي استغل هذا الواقع من الدعوة الإسلامية والعقيدة الإسلامية.

ولكن هل يمكن إسقاط ما تقوله أنت عن الواقع الإسلامي في عهد الرسول عليه السلام على الواقع الإسرائيلي المركب لدرجة أن شقًّا كبيرًا في الحركة الإسلامية رفض مجرد المشاركة واعتبر أن دخول مؤسسة التشريع يعني المشاركة في سن القوانين الوضعية وهذا مخالف لأحد أسس العقيدة الإسلامية؟

أولا: باعتقادي فإن السياسة هي قضية اجتهادية برأيي وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام من اجتهد فأصاب، فله أجران. ومن اجتهد فأخطأ له أجر واحد. يعني القضية هي قضية اجتهادية، فيها اجتهاد وفيها آراء. ثانيًاالأخوة في الحركة الإسلامية الشمالية عندما انشقوا العام 96 (عند مشاركة الحركة الإسلامية للمرة الأولى في انتخابات الكنيست) لم تكن القضية قضية مبدئية ولم يقولوا بذلك، بل على العكس فإنهم وافقوا على مبدأ الاحتكام لمؤسسات الحركة الإسلامية ولكن عندما سارت النتيجة في غير صالحهم انشقوا وأنا أقول ذلك بأسف شديد. فلم تكن القضية قضية مبدئية وإنما كان السؤال الرئيس هو هل من المستحسن خوض انتخابات الكنيست أم لا، أي قضية واقعية نفعية أكثر منها قضية مبدئية، صحيح أن هذا الطرح المبدئي يطرح من قبل الحركة الشمالية ( التي يقودها الشيخ رائد صلاح) لكنه لم يكن في البداية. .إذا القضية هي قضية اجتهادية ، ونحن اجتهدنا وفقًا للواقع الذي نعيشه. وأعتقد أن مؤسس الحركة الإسلامية في إسرائيل الشيخ عبد الله نمر درويش قال حينها : نحن اليوم نعيش واقعًا معينًا في دولة إسرائيل، نحن وحدنا قادرون على فهمه والتعامل معه، يعني لا يستطيع من يعيش في أفغانستان والباكستان مثلا أن يفتي في قضايا لم يعشها لم يتذوقها لا يشعر بها لا يستطيع أن يفتي لي، أنا أسمع رأيه ولكن بالتالي أنا أعيش هذا الواقع ، وأنا من يجب أن يتعامل مع هذا الواقع ونحن نعيش في واقع اسمه دولة إسرائيل. نحن مواطنون في هذه الدولة، نعم لنا انتماؤنا المميز الذي نعتز به؛ الانتماء العربي، الفلسطيني والإسلامي. سأحافظ على شخصيتي، سأحافظ على هويتي ضمن محدوديات المواطنة الإسرائيلية. أعتقد أن الإسلام كدين، الذي جاء منهاجًا ليوفر للإنسان أن يجتهد ويعمل عقله حتى يتعامل مع الواقع الذي يعيشه، أعتقد أنه أعطانا المجال لنكون واقعيين بهذه الجزئية ومن هذه الواقعية نستطيع دخول الكنيست إذا كان الهدف الأساسي هو المحافظة على هويتنا وعلى أرضنا وعلى جذورنا وليس الذوبان في الآخر.

يعني الضرورات تبيح المحظورات؟؟

يعني إذا كان من تعقيب فهو أن هذه الضرورات ، وقد قلت ذلك في مقالة لي، فقد اعتمد عليها صحابي من صحابة رسول الله، وهو عمار بن ياسر، كفر بلسانه لكن قلبه كان مطمئنًا بالإيمان، وإنما كفر لسانيًا حفاظًا عليه وعلى أهله وعلى حياته، أعطته الآية وأعطاه الرسول التبرير ليكفر مجردًا بلسانه. أعتقد أن الإسلام هو دين واسع، دين مرن ودين واقعي فيجب ألا نضيقه بوجهة نظر معينة.

ولكن وفق كل التيارات الإسلامية فإن المبدأ الأساسي يقول بأن الإسلام هو دين ودولة فكيف يستقيم الدين الإسلامي مع الدولة الإسرائيلية؟ كيف يمكن لكم أن تكونوا حركة إسلامية ، وتبدأ بتعريف نفسك أنك عربي ثم فلسطيني وتصل إلى تعريفك كمسلم مع أنه يفترض بالتيار الإسلامي والفكر الإسلامي أنيقول بأمة إسلامية ولا يقول بأمة عربية؟

أنا قلت إن المسالة مركبة وغير هينة وغير سهلة ولا نستطيع التعاون معها من زاوية واحدة فقط بل يجب رؤية كل الزوايا. إذا تحدث عن الهوية فأنا قلت عربيًا فلسطينيًا وإسلاميًا، وهذا لا يتناقض مع رؤيتي أن الإسلام الحضاري والثقافي كفضاء يجمع الجميع هو الحل. لا يتناقض ولكن أنا في تركيبتي في هويتي كل هؤلاء: أنا عربي، وأنا فلسطيني وأنا أيضا مسلم دون تناقض بكل هوية وكل انتماء منها يقوي الآخر. وأنا بحاجة إسرائيل كفلسطيني، كأقلية عربية فلسطينية، علي بالدرجة الأولى أن أحافظ على شخصيتي وهويتي المميزة من الذوبان في الآخر. ثانيا أنا أؤيد المواطن العربي الفلسطيني في داخل دولة إسرائيل أن يصمد أمام سياسية التمييز على أرضه. هذان الأساسان هما، دعني أقول، البوصلة التي توجه مسيرتنا السياسية كحركة إسلامية.
في ما يخص مسألة الإسلام دين ودولة، فإن المعنى هو أن الإسلام إذا إستطاعت أن تنبثق عنه دولة تطبق أسس الإسلام في أي دولة عربية أو إسلامية، أي لو كنت في الجزائر أو الأردن أو أي دولة فسوف ارفع هذا الشعار، ولكن أنا موجود ضمن واقع آخر. أنا أريد أن أحافظ الآن على الإنسان. لا أستطيع اليوم أن آتي لشمعون بيرس أو لرئيس الوزراء نتنياهو وأن أقول له طبق الشريعة الإسلامية ليصبح الإسلام دين ودولة. ولكن تفسيري للإسلام دين ودولة ضمن الواقع الذي أحياه في إسرائيل هو أنه علي ألا أنزوي عن العالم السياسي وعن الفعاليات السياسية الموجودة في الدولة، دولة إسرائيل، بل يجب أن أنخرط فيها بمعنى الانتخابات والأحزاب، من أجل مصلحتي كعربي وفلسطيني في هذه البلاد وأن أحافظ على مصالحي.

انت تنتمي إلى تيار إسلامي يعرف بأنه مقرب كثيرًا من تيار وحركة الإخوان المسلمين وهذا يفسر العلاقة المميزة لكم مع حماس مع ذلك فإنك تلجأ إلى طروحات تبدو مأخوذة من فكر حزب التحرير في كل كما يتعلق بالواقعية السياسية وما إلى ذلك!

أولاً اليوم الألوان كثيرة والأحزاب كثيرة، واقصد في المجال الإسلامي، هناك تيارات وهناك حركات سلفية وجهادية، والأخوان وحزب التحرير وغيرها . نحن انتقلنا، أو لم نحصر أنفسنا في حزب معين، وأن هذه الفكرة تابعة لحزب معين. ليس الأمر كذلك، فأنا أحمل فكرة معينة وأنا أقول بأنه آن الأوان بألا نحصر أنفسنا في حركة من الحركات. فأنا لا أريد أن تحصر الحركة الإسلامية في إسرائيل نفسها بأنها من الأخوان المسلمين أو أنها سلفية أو أنها حزب التحرير.هناك تيار إسلامي يجب أن يعترف بشرعية التعدد بداخله، لأنني آخذ على التيار الإسلامي كما آخذ على باقي التيارات أن كلا منها يحتكر الحقيقة لوحده وأنه هو الإسلام والباقي هم كافرون. أنا لا أحمل هذا الفكر ، وإنما أحمل فكرًا منفتحًا على الجميع، يريد أن يأخذ من الجميع ولكن بالتالي هو الإسلام، والقاعدة هي الإسلام لأنه يشكل الأساس للهوية العربية والإسلامية . ذكرتَ أننا متأثرون بالإخوان المسلمين، وهذا صحيح ولكن الأخوان المسلمين لوجودهم في مصر فهم يستطيعون أن يطالبوا بحكم إسلامي وبمقدورهم أن يقولوا لحسني مبارك طبق الشريعة الإسلامية ولكن الفرق أنني موجود في دولة إسرائيل، واقع آخر، أستطيع فيه أقلمة إسلامي وفقًا لهذا الواقع بحيث تصبح الأسس الإسلامية من صلاة وسلام وزكاة وصوم وكل هذه الأمور عوامل في بناء شخصيتي والحفاظ على هويتي. سأعطي لك مثالاً بسيطًا ؛ عندما تقوم الحركة الإسلامية بركن من أركان الإسلام الذي كان خاملاً، وهو ركن الزكاة وتستغل هذا الركن من أجل محاربة سياسة التمييز ومن أجل وقوف هذا الإنسان العربي والفلسطيني في حياته اليومية ليبقى صامد ولا يتخاذل ولا يضر فأعتقد أن هذه هي إحدى معاني مقولة الإسلام هو الحل. والصدقات والإغاثة. عندما تقوم جمعيات الإغاثة التابعة للحركة الإسلامية باستغلال القانون الإسرائيلي من أجل مساعدة إخواننا في الضفة الغربية وغزة، فهذا ما أدعوه وأسميه أقلمة نفسي وفقًا للواقع مع استغلال معطياته من أجل أهدافي الخاصة وأهمها الحفاظ على هويتي ومساعدة إخواننا في الضفة.

يعني تحدثت بلسان التيار الإسلامي، واليوم أنتم وباقي الأحزاب العربية، الوطنية والقومية والماركسية، وكل حزب يقول عن نفسه بأنه تيار، لكنكم في النهاية تقفون في الكنيست وتقسمون يمين الولاء لدولة سرائيل، واليوم مطلوب منكم ( يقاطع قائلاً، نلتزم) الالتزام باحترام دولة إسرائيل وقوانينها كدولة يهودية.. كيف يمكن لتيار إسلامي منفتح وليبرالي كما تراه أنت ان يبرر الخضوع لإسرائيل كدولة يهودية. ماذا يبقى من الإسلام ؟

(ضاحكاً): يبقى الكثير. كما قلت لك الإسلام واسع يجب ألا نضيقه. أريد أن أطرح سؤالاً، الرسول عليه السلام عندما طلب من أصحابه أن يهاجروا إلى الحبشة، وكان يعلم أن فيها ملكًا مسيحيًا ( صحيح أنه أسلم بعد ذلك)، قبل الرسول أن يذهب هؤلاء إلى الحبشة نتيجة الضرورة لأنه كان عادلاً. أعطيك مثلا ًآخر من سيرة الرسول عليه السلام: هناك سورة الروم، في بداية الدعوة كانت هناك الحرب بين الروم والفرس وقد ايد الرسول والصحابة الروم المسيحيين على الفرس الكفرة، بمعنى أن هناك نسبية. فالقضية ليست قضية مطلقة. وسبق لي ان قلت غنني عندما ألتزم في الكنيست فأنا التزم باحترام قوانين الدولة، لا يوجد نص دولة يهودية، لذلك هناك تعديل جديد الذي يريدون إدخاله بيتنا من قبل حزب إسرائيل ، يقول بالولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية وصهيونية والخدمة بعد ذلك. هذا جديد ولم يكن في السابق ، في النص الحالي دولة إسرائيل وقوانين دولة إسرائيل؟

وماذا ستفعلون عندها؟
لكل حادث حديث. ولكن نحن لن نقول بطبيعة الحال، فنحن لا نعترف بدولة إسرائيل دولة صهيونية أو فرض يهوديتها علينا. نحن لا نقبل بذلك. لذلك فإن الالتزام الذي التزمت به في الكنيست لا ينص على يهودية ولا على صهيونية، بل هو التزام مدني، كأي مواطن آخر. فأنت أيضًا عندما تأخذ الهوية أنت تلتزم باحترام قوانين الدولة. وأنا كذلك التزم باحترام قوانين الدولة.

لكنك دخلت الكنيست باسم الإسلام، وهنا يكمن الفرق، فالتجمع مثلاً دخل الكنيست باسم القومية العربية، الجبهة باسم الماركسية اللينينية، وأنت الشيخ إبراهيم عبد الله ومن سبقكما تدخلون باسم الإسلام!

هذا صحيح ، يعني نحن أتينا من خلفية، دعني أقول إسلامية، لنخدم نفس الهدف. نفس الهدف وهو المواطن العربي، الذي نريد أن ندخل هذه المؤسسة من أجل خدمته بدون أن نتنازل عن ثوابتنا، لا عن الثوابت العربية ولا الفلسطينية ولا الإسلامية. نحن إنما نريد استغلال هذا المنبر الذي يسمى الكنيست لمصلحة العرب في هذه البلاد. نحن من تيارات مختلفة وهذا طبيعي وأعتقد أنه لا يمكننا أن نكون جميعًا من التيار نفسه، فالطبيعي أن يكون بيننا شيوعيون، وقوميون وطبيعي أن يكون لدينا إسلاميون. يوجد بيننا حوار حول من هو الأفضل للعرب في هذه البلاد. وأنا أقول دائمًا تفضلوا فلنتنافس في من يضيف أكثر للقضية الأساسية وهي قضية المحافظة على وجودنا في هذه البلاد.

مرّ 16 عامًا على وجود الحركة الإسلامية في الكنيست، وعام على انتخابك للكنيست هل ترى أن هناك نتيجة حقيقية تبرر كل التنازلات...
عضو الكنيست مسعود غنايم مقاطعًا: أنا لا اسميها تنازلات فأنا كما قلت الإسلام أوسع مما نظن في الحقيقية، ويعطينا مجالاً للاجتهاد في التعامل مع الواقع الذي نعيشه، الواقع المتغير والمتبدل، أعتقد أن وجود الحركة الإسلامية في الكنيست كان وجودًا نافعًا لأنه أضاف أولاً قطاعات جديدة من المصوتين ومن القوى التي كانت خاملة في السابق. ثانيا نحن نخدم وخدمنا من خلال الكنيست قضية العرب الفلسطينيين في إسرائيل. يعني أن أقول بأن التغيير على المستوى الكبير، طبعًا لا، فلا شيء من هذا القبيل في المعطيات المجودة وفي محدودية الأغلبية اليهودية لا نستطيع أن نحدث مثل هذا التغيير. أما على المستوى اليومي والحياة اليومية للمواطن، نعم هناك خدمة للناس.
ثانيا أعتقد أن الوجود في الكنيست يقوي ويعطي زخم أكبر للنضال الجماهيري والشعبي للعرب في البلاد. وأنا ضد النظرة التجزيئية التي تقول إما هذا أو ذاك. تنازل عن الكنيست لدخول الشارع، فأنا أصلاً متواجد في المكانين في الشارع وبين الجماهير وفي الكنيست، فقد كنت أصلاً وبداية قوة شعبية واجتماعية، وأنا أستمد قوتي من الشارع، ووجودي في الكنيست هو إضافة إلى هذه القوة الشعبية والجماهيرية.

قلت إن دخول الحركة الإسلامية للكنيست أضاف عمليًا قطاعات جديدة، ولو أردت قراءة هذا القول بصورة مشاكسة لقت لك إنك أحضرت قطاعات جديدة أعطت إسرائيل شرعية جديدة؟

لا أبدًا فإسرائيل ليست بحاجة أولاً، فلنتحدث بصراحة، فالعرب في إسرائيل منذ العام 1948 وهم يصوتون للكنيست، كانت هناك أحزاب عربية دائما. لكن التغيير الذي صار في الثمانينات والتسعينات، يعني عام 96 عندما شاركت الحركة الإسلامية للمرة الأولى في الانتخابات كان العام الأول الذي صوت فيه العرب بنسبة اكبر للأحزاب العرب منها للأحزاب الصهيونية. هذه أول مرة زادت فيها نسبة العرب الذين صوتوا للأحزاب العربية عن نسبة المصوتين لحزب العمل وأحزاب السلطة وهذا ما عنيته بعبارة قطاعات جديدة جاءت لتصوت ولتدعم القضية الوطنية الفلسطينية من خلال الكنيست كما أراها بطبيعة الحال فأنا أعبر في النهاية عن وجهة نظري.
ثانيًا إسرائيل ليست بحاجة إلى هذه الشرعية. فإسرائيل تستطيع أن تدعي الديمقراطية لمجرد أنها تسمح للعرب في الداخل أن يتظاهروا. إسرائيل عندما قامت أصلاً لم تبحث عن شرعيتها عندي، فقد قامت بالقوة وبالتالي فإن قضية دخولي الكنيست لا تقدم ولا تؤخر في مسالة شرعية دولة إسرائيل، التي لنا نقاش طبعًا حول أسلوب إقامتها وما سببه ذلك ومسؤوليتها عن نكبة الشعب الفلسطيني. فإقامة دولة إسرائيل كانت على حساب الشعب الفلسطيني.

أنا أحاول أن اسمع منك كيف يمكن لإسلامي أن يعطي شرعية لدولة إسرائيل، وأنت تجيد المماطلة

يعني أولاً هذا واقع موجود. أنا موجود في دولة إسرائيل وأمامي واحد من خيارين: إما أن أقول أن إسلامي لا يتيح العيش في هذه الدولة وبالتالي علي أن أهاجر، وإما أن أقول أنا أستطيع أن أعيش في هذه الدولة، لأنني موجود بها، فالدولة هي التي جاءت إلي، هاجرت إلي، وأنا لست مهاجرًا بل مواطنًا أصليًا في هذه البلاد.

ونحن نتحدث عن البلاد التي أعلنها آخر خليفة مسلم وقفًا إسلاميًا لا يجوز التصرف فيه!!

طبعا، هذا لا يتناقض فنحن نقول إن هذه الأرض أرض عربية وارض إسلامية. ولكن نحن نقول نريد أن نتعامل مع الواقع فإما أننا نريد استخدام واستعمال اللعبة السياسية في الدولة من أجل مصلحتنا وإما أن ننفصل عنها. أنا لا أريد الانفصال. أنا أريد أن أعيش في بيتي وأن أبقى في سخنين محافظًا على هويتي : عربي فلسطيني مسلم واستغل اللعبة السياسية لمصلحتي.