يتعين على الرئيس السوداني عمر البشير بذل الكثير من الجهود من أجل الوصول إلى سلام حقيقي في دارفور.
الخرطوم:وقع الرئيس السوداني عمر حسن البشير اتفاقا لوقف اطلاق النار مع أكبر جماعة للمتمردين في دارفور في اطار اتفاق يحدد بنود مفاوضات السلام.
ويمثل الاتفاق مع حركة العدل والمساواة الذي وقع يوم الثلاثاء خطوة للامام لكن سيتعين على البشير بذل جهد أكبر بكثير لتحقيق هدفه المعلن وهو quot;مداواةquot; الصراع في دارفور.
- حركة العدل والمساواة ليست الحركة المتمردة الوحيدة في دارفور.
ويرفض جيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور ومقره باريس هذا الاتفاق ويقول انه سيواصل القتال.
وقال نور لرويترز quot;نحن مهتمون بالسلام لكن ليس هذا السلام المظهري.quot;
ويقول نور ان جيش تحرير السودان ما زال يسيطر على أراض وانه يتمتع بولاء مئات الالاف من سكان دارفور على الرغم من أنباء وردت مؤخرا عن اقتتال بين أنصاره.
وربما يكون لدى حركة العدل والمساواة أكبر قوة عسكرية متمردة في دارفور لكن قبيلة واحدة هي الزغاوة مسيطرة على قيادة الحركة. ولن يصمد أي اتفاق بدون دعم الكثير من القبائل الاخرى في المنطقة بما في ذلك قبيلة الفور التي ينتمي اليها عبد الواحد.
- ماذا عن عرب دارفور؟
ما زالت الميليشيات العربية في دارفور قوة عسكرية كبيرة يتعين ادخالها في أي اتفاق نهائي. وأشار الكثير من المعلقين اليهم باعتبارهم الطرف quot;الشريرquot; في هذا الصراع مثل ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة في دارفور.
ويتجاهل هذا التوصيف العرب الذين انضموا للمتمردين أو لم يشاركوا في القتال. وحتى المقاتلين الموالين للحكومة يشعرون أنهم أصبحوا ينظر اليهم على أنهم مجرمون بشكل جائر. والكثير من العرب يشعرون بتهميش بنفس قدر ما يشعر به غير العرب الذين بدأوا حمل السلاح في دارفور عام 2003 كما أن ولاءهم للخرطوم ليس مضمونا على الاطلاق.
- انهيار اتفاقات سابقة لوقف اطلاق النار
يأتي توقيع الاتفاق يوم الثلاثاء بعد عام بالضبط تقريبا من اتفاق لوقف اطلاق النار أيضا بين حركة العدل والمساواة والخرطوم والذي يقول المتمردون انه انهار خلال يوم واحد.
وبدأ بالفعل ظهور اتهامات من حركة العدل والمساواة بأن الجيش السوداني هاجم مواقعها قرب الحدود مع تشاد منذ توقيع النسخة المبدئية لاحدث اتفاق يوم السبت. وتنفي الخرطوم هذه الاتهامات.
وسيتعين على الخرطوم أن تعمل على صمود هذا الاتفاق لفترة من الوقت حتى تشعر الجماعات المتمردة الاخرى بالثقة الكافية للسعي لتسويات مماثلة.
- احتمال ظهور خصومات جديدة
ربما يؤدي التقارب الجديد بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة الى احداث توترات جديدة.
وربما يكون هذا الاتفاق مصدر تهديد على وجه الخصوص لميني اركوا ميناوي زعيم الفصيل الوحيد في جيش تحرير السودان الذي وقع اتفاق سلام فاشل في 2006 مع الخرطوم. وأصبح ميناوي وهو أيضا من الزغاوة الذي اشتبكت قواته مع حركة العدل والمساواة مساعدا رئاسيا كبيرا بعد الاتفاق.
وربما يتهدد منصبه باعتباره أبرز شخصية من دارفور داخل الحكومة اذا أوفت الخرطوم بوعدها بمنح أعضاء حركة العدل والمساواة مناصب رسمية في اطار اتفاق سلام نهائي.
كما أن أي تحالف بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة ضد جيش تحرير السودان بزعامة نور ربما يزيد من العنف في واقع الامر.
وبموجب اتفاق الاطار ستتحول حركة العدل والمساواة الى حزب سياسي بعد اتفاق السلام النهائي. وربما يكون الوصول المفاجيء لقاعدة جديدة للسلطة الى الساحة السياسية السودانية أثر مفسد للانتخابات المقررة في ابريل نيسان هذا بافتراض أن حركة العدل والمساواة والخرطوم ستلتزمان بالمهلة التي حدداها للتوصل الى اتفاق نهائي بحلول 15 مارس اذار.
- مفاوضات طويلة مقبلة
اتفاق الاطار الذي تم توقيعه يوم الثلاثاء يقع في ثلاث صفحات فقط. لكنه يضم قائمة طويلة من رؤوس الموضوعات التي سيجري بحثها خلال محادثات.
وهناك علامة استفهام كبيرة حول ما اذا كانت حركة العدل والمساواة والخرطوم ستتمكنان من التوصل الى هذا العدد الكبير من الاتفاقات خلال مثل هذا الوقت المحدود. وأشارت حركة العدل والمساواة بالفعل الى أن موعد 15 مارس اذار ربما لا يكون واقعيا وهي تطلب من الخرطوم أن ترجيء الانتخابات وهي خطوة مثيرة للجدل بشكل كبير في أجزاء أخرى من الساحة السياسية بالسودان.
- أهداف على المدى الطويل
لدى البشير أهداف على المدى القصير والمتوسط من توقيع اتفاق يوم الثلاثاء. وبمجرد تحققها ليس هناك ضمان أنه سيشعر بالحاجة للمضي في سلام على المدى الطويل.
يريد البشير القيام بانقلاب دبلوماسي خلال الفترة التي تسبق الانتخابات وابعاد الانظار عن القضية التي تقيمها المحكمة الجنائية الدولية ضده للزعم بارتكابه جرائم حرب في دارفور. كما أن اتفاقا مؤقتا لوقف اطلاق النار مع الخصم العسكري الرئيسي في دارفور سيتيح له المجال الكافي للتعامل مع جيش تحرير السودان وأعداء اخرين.
ولحركة العدل والمساواة طموح سياسي على المدى الطويل يمكن تحقيقه من خلال اتفاق.
- تشاد كعامل أساسي
ينظر لتشاد المجاورة على أنها مصدر دعم رئيسي لحركة العدل والمساواة حيث انها تمدها بالسلاح والملاذ الآمن لقواتها. وفي وقت سابق من الشهر الجاري اتفق السودان مع تشاد على انهاء الحرب بالوكالة التي يخوضها كل منهما والمستمرة منذ فترة طويلة وقالا انهما لن يسلحا بعد الان متمردي الطرف الاخر أو يوفرا لهم الملاذ.
وأشار الكثير من المحللين الى أن هذا التحسن الجديد في العلاقات ربما يكون وراء الاتفاق الجديد بين حركة العدل والمساواة والخرطوم بعد أن ضغطت تشاد على الحركة للتصالح مع الحكومة السودانية. وان صح هذا الامر رغم نفي حركة العدل والمساواة مثل هذه الصلة فانه ليس مؤشرا مشجعا على الاطلاق.. اذ ان أي اتفاق سلام يقوم على استمرار العلاقات الطيبة بين هذين البلدين المشاكسين المنتجين للنفط ما هو الا أساس هش ولا شك.
التعليقات