تلوح في الافق حلول بديلة مع توقف عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

القدس: خسرت عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين متابعيها في العالم في حين لا يزال الجانبان يتساومان حول محادثات بشأن إجراء محادثات تتناول قضايا ظن العالم أنها حسمت منذ وقت طويل.

وهنا على الارض في هذا الجزء من ساحل البحر المتوسط الذي تتساوى مساحته مع مساحة بلجيكا تندلع حرب كلمات حتى الان حول quot;حل الدولتينquot; والذي يحظى بتوافق وقبول في الغرب منذ تسعينات القرن الماضي.

والكثير من quot;البدائلquot; الاخرى التي تناقش أحادية الجانب أو غير عملية. لكن جهود التفكير هذه جعلت العقول في المنطقة وخارجها تركز على مدى استمرار وضع قائم تسيطر فيه اسرائيل على أرض كاملة قد يفوق عدد العرب فيها عدد اليهود قريبا.

وفي ظل رئيس وزراء اسرائيلي لم ينضم سوى العام الماضي فقط -وبحذر- لهدف التقسيم الذي نصت عليه اتفاقات أوسلو عام 1993 يروج الاسرائيليون لبدائل يرون أنها أفضل من إقامة دولة فلسطينية وتشمل مفهوم اسرائيل الكبرى أو دولة واحدة للعرب واليهود أو تسليم الفلسطينيين وأرضهم الى دول عربية.

ويحذر منتقدو هذه البدائل من quot;أنهار من الدماءquot; في quot;اسرائيل ينتشر فيها الفصل العنصريquot; وتصبح منبوذة في العالم اذا قتل خيار الدولتين. وقال برادلي بيرستون وهو الكاتب بصحيفة هاارتس الليبرالية الاسرائيلية quot; هناك حرب أهلية حاليا من أجل روح اسرائيل.quot; وينذر الفلسطينيون أيضا بسيناريو يصل الى حد الكارثة.

ولوح الرئيس الفلسطيني محمود عباس quot;بحل الدولة الواحدةquot; -الذي يعني وجود أغلبية عربية تطالب بحقوق متساوية- ما لم يوقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستيطان اليهودي للضفة الغربية واذا رفض إقامة دولة فلسطينية. وحذر عباس الاسبوع الحالي من أن شعبه قد يتحول الى المزيد من العنف اذا فشلت مساعيه.

ومع تضاؤل الاهتمام العالمي بالقضية ربما لعدم ورود صور لإراقة دماء في الاراضي الفلسطينية أو تثاقل جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما للحصول على موافقة الجانبين حتى على اجراء محادثات غير مباشرة بينهما فان الاسرائيليين والفلسطينيين يراقبون الوضع بقلق ليروا ما اذا كانت عملية السلام التي انطلقت قبل 20 عاما ستعيش أم ستموت.

وتشير استطلاعات الرأي بشكل عام الى أن الاغلبية في الجانبين تفضل حل الدولتين بصورة ما. لكن قادة في الجانبين يخشون رد فعل عنيفا اذا قدموا التنازلات التي يريدها الطرف الآخر. ولهذا السبب تظهر على السطح أفكار أخرى ونشر جيورا ايلاند المستشار السابق للامن القومي الاسرائيلي ورقة قال فيها ان أوسلو في طريق مسدود بالفعل بسبب الخلافات غير القابلة للاصلاح بين الجانبين.

واقترح بدلا منها اعادة رسم الحدود الاقليمية لمنح غالبية الفلسطينيين جنسيتي مصر والاردن المجاورتين. وقال ايلاند quot;الشروط الضرورية للتوصل الى تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين في المستقبل القريب غير موجودة.quot;

لكن ياسر عبد ربه وهو مفاوض فلسطيني كبير قال ان سعي اسرائيل في الوقت الحالي لايجاد بدائل لخطة التقسيم القديمة مدفوع بتفضيل الجمود والضم التدريجي للاراضي. وأضاف أنه لا يسمع بدائل غير ابقاء الوضع الراهن والحيلولة دون اقامة أي شيء يستحق اسم دولة فلسطينية قابلة للنمو.

وقال عبد ربه لرويترز ان حديث بعض الفلسطينيين عن تفضيلهم أن يكونوا مواطنين اسرائيليين أو اعلان الدولة بشكل مستقل دون انتهاء الاحتلال هو تحذير للاسرائيليين فضلا عن كونه نتيجة لحالة الاحباط. وانضم وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك وهو رئيس وزراء أسبق دخل حزب العمل بزعامته في ائتلاف نتنياهو اليميني الى الاصوات التي تحذر الاسرائيليين من أن الفشل في تقاسم أرض اسرائيل المذكورة في التوراة مع دولة فلسطينية قد يؤدي الى وأد الاحلام الصهيونية بديمقراطية يهودية.

وأضاف أنه قريبا وبالنظر الى معدلات المواليد بين العرب داخل اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة فان الابقاء على دولة واحدة بين نهر الاردن والبحر سيعني أنها ستكون دولة quot;اما غير يهودية أو غير ديمقراطية ... دولة فصل عنصري.quot;

ولا يزال البعض يتحدث عن اتحاد ثنائي القومية على غرار البوسنة يعيش فيه 12 مليون من العرب واليهود معا في انسجام لكن كثيرين يرون هذه الفكرة خيالية. ويريد اخرون أن يحصل اليهود أو الفلسطينيون على كل الارض.

لكن في الوسط بين الاتجاهين يتزايد الجدل في اسرائيل ليس حول تسليم الارض ولكن حول طريقة تسليمها فهل سيكون بعد مفاوضات مضنية مع الفلسطينيين أو بشكل أحادي الجانب كما حدث مع غزة عام 2005 . ويقول دان شيوفتان الاستاذ بجامعة حيفا ان اسرائيل يجب أن تنسى المحادثات وتترك الضفة الغربية وتبقى على الاقل خلف الجدار العازل الذي يبقي غالبية العرب خارج اسرائيل والمستوطنات اليهودية.

ورفض شيوفتان اعتراضات ذهبت الى أن انسحاب اسرائيل من غزة جعل الاسرائيليين عرضة لنيران مقاتلي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وقال ان الانسحاب كان أفضل من الاحتلال بالنسبة للمجتمع الديمقراطي في اسرائيل.

وقال quot;لا تعطوا العرب حق النقض بشأن ما هو ضروري بالنسبة لاسرائيل وهو فك الارتباط بشكل أحادي.quot; ويرى منتقدون لهذا المنهج مثل يوسي بيلين وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق والمفاوض المخضرم أن الحلول أحادية الجانب تحرم اسرائيل من مكاسب مثل التجارة والسلام مع الدول العربية وهي مكاسب تضمنها تسوية يتم التفاوض بشأنها.

لكن بيلين يتفق مع الرأي القائل انه اذا أرادت اسرائيل ألا تصبح quot; دولة منبوذةquot; فان خيارها يتلخص في أنه quot;يجب أن يكون لديها حدود. توجد طريقتان لتحقيق هذا اما أن تتوصل الى اتفاقية أو تفعل ذلك بدون اتفاقية.quot;

وأضاف أنه سيتعين على نتنياهو أو من سيخلفه في رئاسة الوزراء الاختيار بين الامرين قريبا اذا مارس الحلفاء الغربيون ضغوطا quot;لا تطاقquot; حين يرون أن اليهود أصبحوا جماعة أقلية حاكمة.