يدلي العراقيون بأصواتهم اليوم في انتخابات برلمانية ستساعد على تحديد ما اذا كانت ديمقراطيتهم الهشة يمكن ان تنهي الصراع الطائفي وتهزم المسلحين الذين يحاولون اغراق العراق من جديد في عمليات اراقة دماء على نطاق اوسع.

يشارك الناخبون العراقيون في عمليات اقتراع مصيرية بالنسبة لمستقبل بلادهم وسط اجراءات امنية استثنائية بهدف احباط اي هجوم محتمل لتنظيم القاعدة اثر التهديدات التي اطلقها. ودعي حوالى 19 مليون ناخب لاختيار برلمان مكون من 325 نائبا لمدة اربع سنوات سيغادر خلالها 95 الف جندي اميركي بشكل نهائي العراق بعد تسعة اعوام على الاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين. وينتشر مئات الالاف من عناصر الشرطة والجيش لحماية 46 الف مكتب اقتراع في ظل تهديدات انصار اسامة بن لادن بقتل كل من يشارك في الانتخابات.

وسيكون المسار السياسي العراقي حاسما بالنسبة لخطط الرئيس الاميركي باراك اوباما لخفض مستويات القوات الاميركية الى النصف خلال الاشهر الخمسة المقبلة وسحب كل القوات الاميركية بحلول نهاية 2011 . وستراقب هذه الانتخابات عن كثب ايضا شركات الطاقة التي الزمت نفسها باستثمار المليارات في حقول النفط العراقية الواسعة.

ويبدأ التصويت في الساعة السابعة صباحا، (الرابعة في توقيت غرينتش) في شتى انحاء العراق وتلقي بظلالها عليه تهديدات من تنظيم القاعدة بالعراق بشن هجمات. ويستطيع الناخبون الاختيار بين الاحزاب الاسلامية الشيعية بشكل اساسي والتي تهيمن على العراق منذ سقوط صدام حسين ومنافسين يعرضون بدائل علمانية. وقال الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو سياسي كردي محنك يسعى للفوز بفترة اخرى ان هذه الانتخابات تمثل خطوة اخرى في مسيرة الديمقراطية بالعراق كما انها تمثل اختبارا ايضا.

ويوجد نحو 6200 مرشح من 86 جماعة سياسية يتنافسون على 325 مقعدا في البرلمان. ويواجه رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي ينسب ائتلاف دولة القانون بزعامته الى نفسه فضل تحسن الامن منذ ذروة الحرب الطائفية في 2006-2007 تحديا من شركاء سابقين يتطلعون لاستعادة الدعم الشيعي. ويواجه ايضا قائمة علمانية تستغل السخط على سنوات من الصراع والخدمات العامة السيئة والفساد وتأمل بكسب تأييد من الاقلية السنية التي كانت مهيمنة في الماضي . ويشكو رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي وهو شيعي علماني يرأس كتلة القائمة العراقية العلمانية بالفعل من مخالفات في عمليات التصويت المبكرة ممهدا الطريق امام تحديات محتملة لنزاهة الانتخابات.

وادلى الاسبوع الماضي 600 الف شخص من بينهم جنود ومعتقلون بأصواتهم مبكرا مثلما فعل المغتربون واللاجئون العراقيون في الخارج. ويزعم بعض منافسي المالكي وجود عمليات ترهيب واعتقالات مما يزيد من التوترات التي اثارها بالفعل حظر 200 مرشح متهمين بصلتهم بحزب البعث المحظور. وحذرت جماعة دولة العراق الاسلامية التابعة للقاعدة العراقيين من الادلاء بأصواتهم وتوعدت بمهاجمة من يتحداها. وادى العنف الى سقوط 49 قتيلا على الاقل خلال الايام القليلة الماضية.

ومن المتوقع ان تكرس هذه الانتخابات التي تاتي بعد اربعة اعوام من اعمال عنف طائفية اودت بعشرات الالاف، الهيمنة السياسية للشيعة الذين يشكلون الغالبية في العراق. كما سيشارك العرب السنة بكثافة في الانتخابات بعد ان قاطعت نسبة كبيرة منهم انتخابات العام 2005. ويخوض الانتخابات 6281 مرشحا بينهم 1801 امراة موزعين ضمن 12 ائتلافا كبيرا وكيانات اخرى. والقوائم الاوفر حظا هي ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ذات الاتجاهات الشيعية، وكتلة العراقية العلمانية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي.

ويدور الخلاف الاساسي بينهما حول مسألة اجتثاث البعث التي احتلت مساحة واسعة في الحملة الانتخابية مع اقصاء 511 مرشحا بتهمة الانتماء الى الحزب المحظور دستوريا، فضلا عن اختلاف المنابع الفكرية بين الطرفين. ونشرت قوات من الجيش والشرطة في شتى محافظات العراق البالغ عددها 18 وتم حظر تحرك المركبات في محاولة لاحباط التفجيرات الانتحارية. وستبقى القوات الامريكية في العراق التي يبلغ عددها 96 الف جندي في الخلف مؤكدة تراجع الدور الاميركي في العراق.

ومن غير المتوقع حصول اي كتلة على اغلبية وقد يستغرق تشكيل حكومة اسابيع او اشهر . وقد تكون النتيجة فراغا خطيرا قد تستغله الجماعات المسلحة. وعلى الرغم من التوترات الطائفية في مناطق مثل صلاح الدين وهي معقل للعرب السنة حيث مازال بعض الاشخاص يشيرون الى صدام بوصفه quot;زعيمناquot; فان الانتخابات بالنسبة لعراقيين كثيرين تمثل بشكل اساسي اليأس من البطالة والوضع المزري للخدمات الاساسية. وقال ياسين يونس وهو موظف حكومي في سامراء انه يأمل بان تحقق الحكومة المقبلة تغييرا . واضاف انه يحلم باليوم الذي يستيقط فيه ليجد ماء ساخنا وكهرباء .