طلب بان كي مون تأمين 500 ضابط وعنصر من الجيش اللبناني لمواكبة عمل لجنة التحقيق الدولية،بينما تشيرالمعلوماتإلى أن 11 محققا من لجنة التحقيق الدولية وصلوا إلى لبنان من الخارج أخيرا ويجرون في مقر اللجنة منذ أيام تحقيقات شبه متواصلة تصل الليل بالنهار مع عشرات الشهود بناء على استدعاءات مستندة إلى استنابات قضائية تبلغها القضاء اللبناني.
بيروت: تكاد عبارة quot;فتش عن المحكمة يا عزيزي quot; تختصر كل المشهد في لبنان. فساسة هذه البلاد والعارفون فيها يترقبون بقلوب واجفة منذ مدة التطورات على ثلاثة مسارات تحمل كل منها خطورة تفجيرية بنسبة متفاوتة : العقوبات على إيران، التهديدات الإسرائيلية بالحرب ، والمحكمة الدولية التي ظهر في الأيام الماضية أنها تقدمت أكثر من غيرها وتشق طريقها إلى الأمام على رغم كل الصعوبات، إلى درجة تحمل على الإعتقاد بأن كل ما تشهده الحياة السياسية في لبنان إنما هو من إنعكاسات تطورات المحكمة .
ولعل إعلان الوزير السابق وئام وهاب أن فريقا من لجنة التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري يستدعي منذ أيام مسؤولين وعناصر في quot;حزب اللهquot; لسماع إفاداتهم يفصح عن الأسباب التي كانت غامضة والتي دفعته إلى مهاجمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومطالبته بالإستقالة بعد أيام من إطلاق حملة قوية ضد قوى الأمن الداخلي ممثلة بمديرها العام اللواء أشرف ريفي بذريعة عقدها إتفاق على تدريب الضباط مع الولايات المتحدة . وفي تفسير سياسي لهذين الهجومين إن ثمة من يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي فحواها quot;فلتتوقف المحكمة عند هذا الحد ، وإلا فإن لبنان على مشارف كارثة كبيرة وحرب أهلية قد لا تبقي ولا تُذرquot;.
وقد علمت quot;إيلافquot; أن 11الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ndash; مون طلب من السلطات اللبنانية تأمين 500 ضابط وعنصر من الجيش اللبناني لمواكبة عمل لجنة التحقيق الدولية. ولم تستبعد المصادر التي زودت quot;إيلافquot; هذا الخبر أن يؤدي هذا التطور إلى مضاعفات ، وقالت : لا تستبعدوا أن تتعرض قيادة الجيش أيضاً إلى حملات على غرار الحملات التي تتعرض لها قيادة قوى الأمن الداخلي بذرائع شتى .
وفي المعلومات أيضا أن 11 محققا من لجنة التحقيق الدولية وصلوا إلى لبنان من الخارج أخيرا ويجرون في مقر اللجنة منذ أيام تحقيقات شبه متواصلة تصل الليل بالنهار مع عشرات الشهود بناء على استدعاءات مستندة إلى استنابات قضائية تبلغها القضاء اللبناني، وبعض هؤلاء الشهود كان قد جرى سماعهم ، لكن بعضهم يُطلب إلى اللجنة للمرة الأولى ، وثمة منهم من لم يستجب للإستدعاء.
إلا أن المفاجأة في الموضوع جاءت كماسبق من الوزير السابق وهاب الذي يقول بأنه يتكلم باسمه الشخصي، في حين أنه معروف بعلاقته الوثيقة بسورية وquot;حزب اللهquot; مما يعطي لكلامه وزنا. ففي مقابلة تلفزيونية كشف من غير أن يفصح عن مصادره، أن فريق التحقيق الدولي طلب عناصر quot;حزب اللهquot;، إلى التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واعتبر أن المحكمة تهيئ لفتنة جديدة في لبنان. وهناك أسماء مطلوبة سلمت إلى وهذا الأمر لا يستطيع أن يكون رئيس الجمهورية ميشال سليمان فيه حيادياً ولا يمكنه أن يتصرف ببراءة وأن يقول أنه دعا إلى مؤتمر الحوار الوطني بالصدفة في هذا التوقيتquot;.
وطالب وهّاب رئيس الحكومة سعد الحريري quot;بمسؤوليته العالية وإدراكه للأمور أن يتجنب فخ المحكمة الدولية، والمطلوب منه معالجة هذا الأمر. إن المسؤولية تقع عليه مباشرة ليكون مترفعاً ويبدأ بمعالجة الموضوع ، فنحن واصلون إلى فتنة كبيرة وعلى الرئيس الحريري التحرك وسنكون بجانبه لتدارك الوضعquot;.
وقال وهاب أيضا إن quot;الخوف ليس على حزب الله إنما على البلد . وعلى من يشجعون المحكمة الدولية أن يخشوا على مصيرهم السياسي لأنهم سيأخذون البلد إلى فتنة كبيرةquot; . وتابع:quot; أخشى إذا مرت هذه الفتنة أن تكون 7 أيار( مايو 1988) نزهة صغيرةquot;.
ولوحظ أن المسؤولين في quot;حزب اللهquot; لم يؤكدوا ولم ينفوا ما ذكره وهاب، وكذلك فعلت المتحدثة باسم المدعي العام في المحكمة ( القاضي دانيال بلمار) راضية عاشوري الموجودة في لاهاي إذ قالتquot;ان عمل مكتب المدعي العام متواصل، وتحصل اجتماعات ومقابلات مع اشخاص. لكننا لا نعطي معلومات او اي تفاصيل عن مجريات عملناquot;.
وحول ما أشيع عن ان 11 محققاً دولياً وصلوا الى لبنان قبل ايام ويجرون تحقيقات وقد استدعوا عددا من الشهود لسماع اقوالهم بناء على استنابات قضائية، وبعضهم من quot;حزب اللهquot;، قالت عاشوري: quot;لا تعليق على هذه المسألة ولا تفاصيل، ان هذا هو خطنا في عدم اعطاء معلومات عن التحقيق سواء تداولت وسائل الاعلام أم لم تتداول حيثيات التحقيق. فنحن لا نؤكد ولا ننفي ولا نعطي تفاصيل عن عملناquot;.
تصوير ثلاثي البعد لمسرح الجريمة
وكانت جريدة quot;النهارquot; أوردت معلومات مفادها أن فريق التحقيق الدولي طلب مهلة ، تبدأ اليوم، من اجل قيام خمسة خبراء من الفريق الجنائي التابع للمحكمة بمهمة تصوير ثلاثي البعد لمسرح الجريمة في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وبحسب المعلومات هذه ، فان فريق التحقيق الدولي، في خطوة تكمل التحقيق والاستماع الى شهود والاستجوابات وجمع المعلومات، تقدم الى الجهات الامنية والعسكرية اللبنانية قبل نحو اسبوع بطلب لمواكبة عمل الفريق الفني في مهلة تمتد من 21 آذار مارس) أي اليوم الى 29 منه.
وسيعكف الخبراء على تصوير ثلاثي البعد لمسرح الجريمة، استكمالا لعمل الفريق الدولي في انجاز التحقيق الخاص، تمهيدا لصدور القرار الظني.
ويأتي عمل الفريق الفني تطبيقا لرسم التحقيق بالمنظور المتطور المستند الى خبرات علمية حديثة في علم الجريمة. واهميته انه يستخدم للمرة الاولى لكون المحكمة الدولية ستنظر بجريمة ارهابية، وليس في قضايا جنائية معروف من نفذها كما كانت الحال في راوندا ويوغوسلافيا السابقة.
ويعرف خبراء التصوير الفوتوغرافي الجنائي جيدا اهمية هذه التقنية في اعادة تجسيد مسرح الجريمة في صورة حقيقية وحية.
وتشير المعلومات الامنية الى ان وحدة مشتركة عسكريا وامنيا ستتولى حماية الخبراء الفنيين وتسهيل مهمتهم، وتقفل طريق مسرح الجريمة لمدة 24 ساعة ليتسنى للفريق الفني تصويره والمنطقة المحيطة به، من مختلف الجوانب والزوايا، واجراء مسح حسيّ تصويري لكلّ ما يمت بصلة الى المسرح . وقد طلب الفريق الفني تأمين نقاط مراقبة له، وتزويده خرائط ورسوما لبعض الابنية المحيطة والقريبة من مكان الانفجار، وازالة المكعبات الحديد والباطون من المنطقة المراد العمل بها، على ان يحدد يوم عمله وفقا لتقدير الفريق الدولي.
ويأتي هذا التطور الميداني فيما عاد موضوع المحكمة الدولية مجددا ليكون موضع تعليقات وسجالات مبطنة، حول عمل فريق التحقيق وموعد صدور القرار الظني. وتحدثت اوساط بارزة في المعارضة عن ان quot;الاكثرية تعمد الى حملة ترويجية لموضوع المحكمة، بعدما فقدت كل الاعذار الموجبة لاشاعة توترات داخلية. وتقول ان quot; اليأس اعترى هذه القوى من احتمالات شن حرب في المنطقة، مما دفعها الى بدء الحديث عن المحكمة بتوقيت يتكرر دوريا عندما تصبح الحاجة ملحة الى اعادة تعويم دورهاquot;.
لكن في المقابل، اكدت اوساط بارزة في قوى 14 آذار( مارس) ان قلقا بدأ يساور شخصيات لبنانية وغير لبنانية من تسارع وتيرة عمل المحكمة، بدليل الهجوم الذي يشنّ على المحكمة في اكثر من موقع. وتشير الى ان كل ما يجري حاليا من توترات متنقلة في السياسة يهدف الى تطويق استباقي لاي مفاعيل يمكن ان تظهر من خلال صدور القرار الظني. لافتة الى ان الاكثرية لا تتعاطى من قريب او بعيد ملف المحكمة، افضل تعبير عن صدقيتها هو كلام رئيسها انطونيو كاسيزي الذي نفى اخيرا في حديث الى محطة quot; العربيةquot; quot;امكان توقع موعد صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه quot;لانه من صلاحية المدعي العامquot; دانيال بلمار. لكنه أمل في حصول quot;تطور ايجابي بحلول كانون الأول المقبلquot;.
وسط هذين التجاذبين، يستمر فريق التحقيق الدولي البالغ عدده نحو 70 شخصا في عمله الروتيني من تحقيقات تشمل كل الجرائم التي حصلت منذ عام 2005. فيما لفت طلبها اخيرا جملة معطيات تتعلق ببصمات محددة وبحركة الطيران في فترات معينة.
ونفت المعلومات الامنية ان يكون أي جهاز امني يتولى حماية شهود او حتى ان يكون طلب من احد تأمين الحماية للشهود. الا انها تذكر بان مبدأ حماية الشهود يفرض بطبيعته عدم اعلام الاجهزة الامنية عن حماية الفريق الدولي لأي شاهد. وتاليا يمكن ان يكون الفريق الدولي قد امن حماية بعض الشهود ونقلهم الى الخارج، بطرقه الخاصة من دون اعلام الاجهزة اللبنانية.
التعليقات