استمرّت شبيغل أونلاين بمتابعة ما يجري في أروقة الكنيسة الكاثوليكية في ملف الاعتداءت خصوصاً بعد تعليق كهنوتية القس بيتر.ايج في وقت الذي وقع البابا رسالة رعوية حول الاعتداءات الجنسية في الكنيسة بهدف إقفال الملف ومساعدة الضحايا.

المانيا: بعد طول انتظار يبدو ان الكنيسة الكاثوليكية اقرت بمسؤوليتها عما ارتُكب من اعتداءات جنسية. ولكن العملية ليست بتلك البساطة، لا سيما وان بابا الفاتيكان رفض ان يأخذ القضية على محمل الجد عندما كان اسقف ميونيخ.

وتقول مجلة شبيغل ان من بين الذين طالتهم الاتهامات القس بيتر.ايج الذي تساءل لماذا الآن، بعد كل هذه السنوات. ففي عام 1980 قام حتى يوزيف راتسنغر، اسقف ميونيخ حينذاك والبابا بنديكت السادس عشر حاليا، بدور في قرار التعامل مع اعتداءات القس بيتر.ايج بوصفها شأنا داخليا، يُحل بعيدا عن تدخل الشرطة أو الادعاء العام أو المحاكم. وبالعلاج والمحبة سيعود هذا الآثم الى الحظيرة.

بحث مجلس المطرانية برئاسة راتسنغر قضية القس بيتر.ايج في ميونيخ عام 1980. وبحسب محاضر الاجتماع فان القس طلب المساعدة مشيرا الى انه سيخضع للعلاج النفسي. وكان الأسقف راتسنغر (البابا بنديكت حاليا)، وهو أبن شرطي، يعلم ان الشرطة لم تُبلَّغ وان الكنيسة تعاملت مع القضية بين جدرانها الأربعة. ولم يبلغ راتسنغر أو مجلس المطارنية السلطات المعنية بما فعله القس بيتر. ايج. وبدلا من ذلك سُجل في المحضر بيان مختصر يؤكد موافقة المجلس على طلب القس المتهم مساعدته في السكن والعلاج.

بعد اسبوعين أُنيطت بالقس نفسه واجبات رعوية من جديد. ويُقال ان راتسنغر لم يعرف بالامر ولكن مكتبه تلقى اشعارا من القس غيرهارد غروبر بشأن تعيين بيتر.ايج في ابرشية سانت يوهانز في ميونيخ. وتتساءل شبيغل ما إذا كان راتسنغر اغفل هذه المذكرة رغم ان القس غروبر يقول انه وحده المسؤول.

في بلدة غرافنغ قرب ميونخ عاد بيتر.ايج الى الاعتداء جنسيا على عدة تلاميذ. وفي عام 1986 اصدرت محكمة حكما عليه بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 4000 مارك. كما أُدين بتوزيع مواد اباحية، بعد ذلك اكتفى المسؤولون في الكنيسة بنقله الى مكان آخر.

طيلة الوقت كان المدعون العامون يقفون عاجزين نسبيا في مواجهة هذا التساهل من جانب الكنيسة، اساسا لأنهم لم يكونوا يعرفون الجنح المرتكبة. وحين لا يكون هناك مدع لا يكون هناك حكم. وطالما ان مسؤولي الكنيسة لا يرفعون دعاوى رسمية ويفلحون في اقناع عائلات الضحايا بعدم الابلاغ عما ارتكب بحق ابنائهم، يبقى بمقدور الكنيسة الكاثوليكية الاستمرار في التحرك داخل ملكوتها بعيدا عن يد القانون العلماني. وحتى الآن لم يتمكن أحد من خارج الكنيسة ان يفعل شيئا.

الأحداث التي جمعت راتسنغر وبيتر.ايج قبل عقود شاءت ان تلتقي طرقهما مرة أخرى اليوم. إذ عُلقت كهنوتية القس بيتر.ايج في حين وقع البابا رسالة رعوية حول الاعتداءات الجنسية في الكنيسة. ويريد البابا الآن إقفال هذا الملف ومساعدة الضحايا.

بعد تحرك البابا أخيرا اشار مسؤولون في الكنيسة الكاثوليكية الالمانية، لأول مرة منذ انفجار الفضيحة، الى انهم يعتزمون معالجة الأزمة بجدية. وتؤكد الكنيسة الكاثوليكية في ولاية بافاريا انها ستبلغ السلطات فورا بأي حالات كهذه.

السياسيون ايضا اخذوا يدلون بدلوهم. فان ولاية هيسة الألمانية تريد إلزام المدارس الرسمية والخاصة بالابلاغ عن كل ما يُشتبه بأنه حالة اعتداء وتعتزم فتح تحقيق يشمل جميع المدارس الداخلية الثلاث عشرة في الولاية. وتعتزم حكومة برلين تعيين مفوض مستقل للتحقيق في الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية في عموم البلاد.

هذا التشدد في المواقف جاء بعد اسابيع من الضغط وسيل من الشكاوى التي انهالت على مطرانية الكنيسة الالمانية فيما استقال احد مسؤولي الكنيسة المكلفين بالتحقيق من المهمة لأنه لم يتمكن من تحمل عبء العمل.

المدعون العامون ايضا يواجهون مهمة جسيمة. فحتى الآن لم تتح لهم فرص كثيرة لتقديم المتهمين الى القضاء بسبب انتهاء الفترة المحددة لملاحقة الجرائم المفترضة. ولكن تحقيقات تجري حاليا مع اربعة عشر رجل دين على الأقل للاشتباه بارتكابهم اعتداءات جنسية. وظهر هذا الرقم بعد استطلاع اجرته مجلة شبيغل مع جميع مكاتب الادعاء العام في المانيا. ورفض تسعة مدعين التعليق على القضية.

ليست هناك قضايا معروفة حتى اليوم تعرض فيها قساوسة الى الملاحقة القانونية لحمايتهم مرؤوسين منحرفين اعتدوا على اطفال أو سمحوا لهم بالاستمرار في العمل مع يافعين، كما في حالة القس بيتر ايج.