عبّر بابا الفاتيكان عن quot;العار والندمquot; على الاعتداءات الجنسية quot;المخزية والإجراميّةquot; التي ارتكبها أفراد من رجال الدين الكاثوليك في أيرلندا على مدار عقود، إلا أن وصف البابا هذا لم يكن كافيًا بالنسبة إلى المعلّقين الألمان، كون البابا لم يعلق على فضيحة الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها أطفال في وطنه.

القاهرة: على الغم من ترحب مُعلِّقين ألمان برسالة الاعتذار التي أصدرها بابا الفاتيكان بيندكت السادس عشر، بشأن فضيحة الانتهاكات الجنسية التي وقعت بحق أطفال وقاصرين من قِبل أعضاء في الكنيسة بإيرلندا، إلا أنهم أكدوا على أنها لم تكن كافية. وذلك لأنه لم يُعلِّق، بعد هذا كله، على فضيحة الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها أطفال في وطنه، ضمن الجوقة التابعة لكاتدرائية مدينة ريغنسبورغ في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا.

وفي تلك الرسالة، عبَّر البابا عن quot;العار والندمquot; على الاعتداءات الجنسية quot;المخزية والإجراميةquot; التي ارتكبها أفراد من رجال الدين الكاثوليك في أيرلندا على مدار عقود. وعلى الرغم منأن الاعتذار كان متوقّعًا، إلا أنه لم يُستَقبَل بالشكل اللائق. حيث انتقده كثيرون لأنه لم يشتمل على مطلب يقضي بإقدام الكاردينال شون برادي، رئيس الكنيسة الايرلندية، على التنحي من منصبه. وفي هذا السياق، تقول مجلة دير شبيغل الألمانية في تقرير نشرته بعددها الصادر اليوم حول تداعيات رسالة اعتذار البابا، إنه لم يتم الوفاء بالتوقعات التي راجت ألمانيا في ما يتعلق بإمكانية خروج البابا أخيرًا عن صمته إزاء فضيحة الاعتداءات الجنسية التي هزت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.

وأوردت المجلة في هذا الشأن أبرز ما ورد بمختلف وسائل الإعلام المحلية من تعليقات بشأن رسالة البابا وتداعيات الفضيحة الجنسية التي تعصف بألمانيا في تلك الأثناء. فعلى صدر موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت، قالت صحيفة quot;فرانكفورتر الجماينة تسايتونجquot; المحافظة :quot; لم يفعل البابا شيئًا يُذكر لتوضيح ما ينتظر الكنائس في كل من أيرلندا وألمانيا، بحيث يمكنهم التكفير عن أخطاء الماضي وتجنب إلحاق الضرر كذلك في المستقبل. ومع هذا، فقد قدَّمت تجارب الكنائس في أميركا الشمالية وإنكلترا خطة واضحة. حيث اشتملت على دروس بشأن معايير تدريب الكهنة، وضرورة وقف ممارسات الماضي التي كانت تحدث على نطاق واسع بشأن إظهار قدر أكبر من الاهتمام بمرتكبي الجرائم عن الضحايا، والقيام كذلك بتأسيس مراكز إبلاغ تتميز بالاستقلالية من الناحية المؤسساتية عن الكنيسةquot;.

وتابعت الصحيفة حديثها في هذا الشأن بالقول :quot; لقد حان الوقت لأن يتوقف اعتماد التحقيقات في تلك المسائل بصورة منفردة على رغبة الضحايا في الإفصاح عما تعرضوا له من انتهاكات واعتداءات أو القدرات الابلاغية الخاصة بالصحافة. وبدلاً من تنظيم quot;مائدة مستديرةquot; من قِبل الكنيسة نفسها، سيكون من الأفضل إنجاز المهمة الحتمية لتعويض الضحايا على يد لجنة تجمع بين الخبرة العلمية والنزاهة والسلطة الاجتماعية. وبتلك الطريقة، من الممكن أن يصبح ثالوث البابا المقترح - 'الشفاء، والتجديد، والتعويضquot; - مبادرة لإصلاح الكنيسة على كافة المستوياتquot;.

في حين قالت صحيفة quot;دي تاجس تسايتونجquot; ذات الميول اليسارية :quot; سوف تبقى المسائل المركزية للفضيحة. والآن ndash; كما كان في السابق ndash; وعلى الرغم من كلماته الدافئة للضحايا، نأى البابا بنفسه بعيدًا من أي نقاش حول الأخلاق الجنسية في الكنيسة. وكل ما يمكن للمرء أن يأمله هو ألا يكون صمت البابا العام حول حالات الاعتداء في ألمانيا نتيجة لتورطه شخصيًّا في مثل هذه القضية عندما كان رئيسًا لأساقفة ميونيخquot;.

أما صحيفة quot;زود دويتشه تسايتونجquot; المعروفة بانتمائها إلى تيار يمين الوسط، فقالت: quot;إن هذا كله ليس مجرد نتاج للضغوطات التي تمخضت عن الحوادث الجديدة لتجاوزات رجال الدين. فقد ظل يشدد جوزيف راتسينجر طيلة سنوات على ضرورة أن تعلن الكنيسة عن موقفها بوضوح وبلا ريب ضد الاعتداء الجنسي. وفي مواجهة هذا التاريخ، كانت الرسالة التي تم توجيهها إلى الكنيسة الكاثوليكية الأيرلندية رسالة شديدة الاحترام. فلم يسبق لأي بابا من قبل أن أوضح أن مثل هذا الاعتداء الجنسي الذي ارتكبه الموكلون برعاية الكنيسة قد أصاب لُب المعتقدات الروحية كافةquot;.

وأضافت الصحيفة بالقول: quot;وعلى الرغم من ذلك كله، إلا أن الرسالة لن تُنقذ الكنيسة من الأزمة المنغمسة فيها حاليًّا. ولن تفعل الرسالة ذلك، لأنها وُجِهت للكنيسة الأيرلندية فحسب. كما حددت موقع مشكلة تؤثر في واقع الأمر على الكنيسة بجميع أنحاء العالم. كما كانت رسالة البابا مريبة، عندما حاولت أن تضع يدها على الأسباب التي قادت لوقوع الاعتداءات. وأشار البابا إلى أن تلك المشاكل قد نشأت بسبب التراخي المعنوي لدى رجال الدين والكنيسة التي نشأت بعد إصلاحات المجمع الفاتيكاني الثاني. ويمكن القول إن البابا نظر إلى الاعتداءات من النظام الخاص بعقيدته. وتلك هي نقطة الضعف الحقيقية والبعيدة المدى لكلماته ذات النية الحسنة. وبحسب وجهة النظر هذه، فإن الاعتداء على أطفال وقاصرين هو نتيجة لنسبية القيم، التي تسربت أيضًا إلى الكنيسة. وهو ما يتناقض على الرغم من ذلك مع العالم الحقيقيquot;.

بينما قالت صحيفة quot;دي فيلتquot; المحافظة: quot;لو كان البابا قد تطرق في واقع الأمر لما حدث في وطنه، لكان تأثير رسالة اعتذاره على الكنيسة في جميع أنحاء العالم قد تزايد بلا شك. وحتى من دون ذلك، يمكن القول إن النص كان متفجرًا. ويمكن النظر إلى دعوة البابا التي طالب من خلالها بأن تخضع الكنيسة لقانون البلاد التي تتبعها على أنها أحد التعاليم التي لا لبس فيها لجميع الأشخاص الملتزمين بقواعد الكنيسة. لكن رسالته الرعوية لن تعمل على تبديد كافة الغيوم الداكنة التي تحوم فوق الكنيسة الكاثوليكية. ولن تعمل على تهدئة النقاش الدائر حول العزوبة، ذلك الأمر الذي يراه كثيرون في الكنيسة مقلقا ً للغاية. وما زال أمام الكنيسة طريق طويل، سيتعين عليها فيه أن تقوم بتوضيح الكثير من الأمور وأن تقوم كذلك بتجديد نفسها روحيًّا. وهو ما ينطبق على أيرلندا، وألمانيا، وبقية دول العالم. وعلى الكنيسة أن تسير هذا الطريق بشجاعة، إلى أن يتم تبديد أي انطباعات سلبية عن النخبة الدينيةquot;.