مفاعل لو أغيري في شيلي

يعلق القائمون على الصناعة النووية الآمال على المفاعلات المصغرة التي ستكون قادرة في المستقبل على حل الكثير من التحديات، فهي ستكون متاحة بأسعار منافسة تقل عن 600 مليون دولار، وستستغرق عمليات تطويرها مدة تتراوح ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام. أما المفاعلات في نطاق الجيجاوات، فتتكلف أكثر من خمسة مليارات دولار، وتمويلها غالبًا ما يُشكِّل تحديًا.

القاهرة: في ظل التحديات التي تواجه صناعة الطاقة النووية - بكل ما يحيط بها من جدل في مختلف الأوساط الدبلوماسية والسياسية - تخصّص اليوم مجلة دير شبيغل الألمانية تقريرًا مطوّلاً تؤكد خلاله على أن القائمين على تلك الصناعة الحساسة يعلّقون الآمال الآن على المفاعلات الصغيرة الحجم. .

وتشير المجلة في السياق نفسه إلى أن المحطات الصغيرة التي تقع تحت الأرض، من المفترض أنها ستكون أكثر أمانًا من المحطات الكبيرة، وسوف تقوم بخفض تكلفة الكهرباء من الطاقة النووية. بيد أن منتقدين أكدوا أن الكهرباء التي ستولدها المحطات ستكون مكلفة للغاية، وحذروا في الوقت ذاته من خطر انتشار الأسلحة النووية.

وفي بداية التقرير الذي أفردته لتسليط الضوء على ذلك الواقع المستقبلي الجديد للطاقة النووية، تتحدث المجلة عن مدينة جالينا، التي تقع وسط ولاية ألاسكا التي تغطيها الجبال الجليدية، وتلفت إلى أن الطاقة هناك لا غنى عنها، لكنها باهظة الثمن. وعلى الرغم من توفير مولدات الديزل قدرًا كبيرًا من الكهرباء، إلا أن سكان المدينة الذين يبلغ عددهم 600 نسمة تقريبًا، يتلقون بانتظام فواتير كهرباء شهرية تقدر بمئات الدولارات. وهو الواقع الذي يُنتظر تغييره قريبًا، بقدوم تلك الآلة الجديدة التي تعرف اختصارًا بـ quot;4Squot;، وسيتم دفنها على مسافة قدرها 30 مترًا (98 قدمًا) أسفل التربة الجليدية.

كما تقول المجلة إن الجزء الداخلي الساخن للجهاز، الذي قامت بتطويره شركة توشيبا اليابانية، يبلغ طوله مترين فقط وعرضه 70 سم. لكن وعلى الرغم من ضآلة حجمه، إلا أنه من المتوقع أن يقوم بإنتاج 10 ميغاوات من الكهرباء. وتشير المجلة في الوقت ذاته كذلك إلى أن جهاز quot;4Squot; هو عبارة عن محطة نووية، ومن الممكن أن تصبح مدينة quot;جاليناquot; حالة اختبارية لأسلوب جديد من أساليب توليد الكهرباء.

وتمضي لتؤكد على أن المسؤولين عن صناعة الطاقة النووية يأملون أن ينجحوا في تأمين مستقبلها بالمفاعلات النووية المصغرة، لاستخدامها في أغراض مدنية.

كما ترى المجلة أن مفهوم القنابل النووية الصغيرة القادرة على إنتاج ما يصل إلى 300 ميغاوات من الكهرباء قد لاقى ترحيبًا كبيرًا، ولا سيما في الولايات المتحدة. وتتنافس تسعة تصاميم الآن للفوز باهتمام المرافق الكهربائية واللجنة التنظيمية النووية الأميركية ( NRC )، تلك الوكالة الحكومية التي تقوم بتنظيم مفاعلات الطاقة النووية.

أما المنتقدون، لهذا التوجه المستقبلي الجديد، من أمثال العالم الفيزيائي ادوين ليمان، من اتحاد العلماء المعنيين، فهم على قناعة بأن المشاريع محل الذكر هي مشاريع في quot;مرحلة الخيالquot;. بينما انتقد جيم ريكيو، الخبير النووي لدى منظمة غرينبيس البيئية، الضجيج المثار على تلك الآلة الجديدة المعنية بالصناعة النووية.

لكن، وفي مقابل ذلك، تحظى تلك الخطوة الجديدة بمؤيدين بارزين. فقد قام على سبيل المثال بيل غيتس، المؤسس الشريك في شركة مايكروسوفت، بالاستثمار في شركة يطلق عليها quot;TerraPowerquot;، تخطط لتطوير مفاعلات صغيرة مبتكرة. كما تعهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بتوفير 54 مليار دولار (40 مليار يورو) في صورة ضمانات قروض للصناعة النووية، وسيتم تخصيص جزء من تلك الضمانات للمفاعلات النووية المصغرة، كما سبق وأن أكد وزير الطاقة الأميركي، ستيفن تشو.

ويطرح مؤيدو الطاقة النووية الحجج التالية لدعم الفكرة الجديدة، وهي كما لخصتها المجلة في النقاط التالية:

* قد تصبح المفاعلات الصغيرة متاحة في المستقبل بأسعار منافسة تقل عن 600 مليون دولار، وستستغرق عمليات تطويرها مدة تتراوح ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام. أما المفاعلات في نطاق الجيجاوات، فتتكلف أكثر من خمسة مليارات دولار، وتمويلها غالبًا ما يُشكِّل تحديًا.

* ولكونها تُسَلَّم قبل أن يتم تجميعها، فإن المفاعلات المصغرة من الممكن أن تُستخدم كذلك في دول لا يوجد بها خبراء نوويين محليين.

* وتقوم المفاعلات المُصغَّرة بإطلاق العنان لقوتها الانشطارية من مواقع عميقة تحت الأرض، ستُصعِّب على الإرهابيين سرقة المواد الانشطارية. وتنقل المجلة في هذا الجانب عن توم ساندرز، رئيس الجمعية النووية الأميركية، قوله: quot;تعتبر المفاعلات النووية الصغيرة أرخص، وأكثر أمنًا، وأكثر مرونةquot;.

وتشير المجلة إلى أن ساندرز يريد أن يُسهِب في إنتاج محطات توليد الطاقة النووية، مثلما فعل هنري فورد مع السيارات، بجعلها متوافرة في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في الدول النامية.

ويوضح في هذا الشأن كريس موري، من شركة بابكوك آند ويلكوكس، المنتجة لمحطات الطاقة النووية، ويوجد مقرها في لينشبورغ بولاية فيرجينيا، قائلاً: quot;هناك اهتمام عالمي بالتأكيد بتلك النوعية من الأنظمة. كما أن هناك إمكانية لتطوير المكونات الأساسية في مصنع واحد فقطquot;. وتشير المجلة إلى وجود اهتمام من جانب ثلاثة مرافق كهربائية كبرى في الولايات المتحدة بتلك التكنولوجيا الحديثة. كما أن المرافق تنجذب بشكل خاص لفكرة بناء محطات للطاقة النووية بطريقة نموذجية في المستقبل.