انطفأت في مصر الضجة التي ثارت حول قتل المواطن المصري محمد سليم مسلم على أيدي أهال غاضبين بعدمااتهم بقتل اربعة اشخاص في بلدة كترمايا في جبل لبنان الاربعاء الماضي، إذ اعتبرت السلطات في القاهرة الحادث quot; فرديا quot;وشددت على التعامل معه في هذا الإطار. لكن التأويلات لما حصل تواصلت في لبنان على المستويين الصحافي والسياسي، وإن بهمس.

بيروت: بعدما نشرت صحيفة quot;السياسةquot; الكويتية تقريرا لمراسل لها في لندن فحواه أن عناصر قوى الأمن الداخلي الذين اقتادوا المتهم إلى ساحة الجريمة ينتمون إلى quot;حزب اللهquot;، وقد تقصد من أرسلوهم تسليم محمد مسلم إلى الأهالي الغاضبين كي ينتقموا به بعنف لمجرد أنه مصري ، وذلك ردا على إصدار القضاء المصري أحكامه المشددة على ما سمي بـ quot;خلية حزب اللهquot;، رجح متابعون للقضية في بيروت أن نشر هذا الخبر يندرج في إطار حملة تشويه صورة الحزب أكثر في مصر بعد أعمال التشهير والتحريض التي تعرض لها هناك من خلال قضية الخلية ومحاكمة أفرادها .

وأجمع أفراد من عائلة الضحايا الأربع سألتهم quot;إيلافquot; عمّا حصل على أنه ما كان يجب على السلطات الأمنية والقضائية إحضار الرجل إلى ساحة الجريمة بعد ساعات من حصولها فيما الناس في البلدة في حالة ثورة انفعالية لهول ما حصل، وكانوا يتساءلون من المسؤول عن هذا الخطأ. لكنهم في مقابل استنكارهم quot;عدالة أخذ الثأر باليدquot; بدل ترك المسألة تأخذ مسارها القضائي والعدلي، أبدوا استياء شديدا من وسائل الإعلام التي بثت ونشرت مشاهد التنكيل بالمتهم فحوّلته ضحية، وذلك في مسعى إلى سب صحافي على حساب المشاعر البشرية وبعيدا من أي اعتبار.

وقال أحد أفراد عائلة أبو مرعي لـ quot;إيلافquot; إن قناة فضائية مصرية (دريم) ألحت على العائلة في إطار سعيها إلى تصحيح الصورة للحصول على موافقتها على بث صور ومشاهد لضحايا العائلة الأربع ، الجد والجدة والحفيدتين، لئلا يتعاطف الناس مع المرتكب وتغيب عنهم صورة الجريمة الرباعية الوحشية، لكن العائلة أصرت على الرفض quot;احتراما لحرمة الموت، خصوصا أن المشاهد مؤذية، غير إنسانية وتثير الرعبquot;.

ولم يعرف بعد في بيروت المسؤول عن إرسال المتهم إلى كترمايا لتمثيل الجريمة قبل دفن الضحايا ومن غير مواكبة أمنية عملياً، وقال أحد أفراد العائلة إنه كان غارقا في دموعه لكنه شاهد ما جرى من بعيد، وقال إن عناصر قوى الأمن الذين كانوا مولجين حماية المتهم وصلوا معه في سيارتين عاديتين تشبه التي تستخدمها المخافر وغرقوا فورا في بحر من الجمع الهائج الذين اندفعوا إلى المتهم لضربه في حالة شديدة من الإنفعال، فما كان في وسع رجال الأمن أن يفعلوا شيئا أو أن يعودوا أعقابهم .

ولكان الأمر اختلف لو أحضر المتهم في العربة المصفحة التي تستخدم لنقل السجناء إذ لما كان الأهالي استطاعوا الوصول إليه. وفي المطلق كان قرار إحضاره إلى مكان الجريمة خطأ فادحا ، وكان ممكنا الإنتظار أياما بل أسابيع قبل تمثيل الجريمة . علما أن أفراد العائلة والأهالي لا يشكون إطلاقا في أنه مرتكب الجريمة البشعة، بدليل اعترافه وثبوت أن الدم على ثيابه كان دم الضحايا عبر فحوص الحمض النووي ( دي أن آيه).

وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي أكد في بيان ، أن quot;هذا الحادث يمثل ،على بشاعته ، حادثاً فردياً وينبغي التعامل معه في هذا الإطارquot;.وأشارإلى أن quot;التكليفات الصادرة إلى السفارة المصرية في بيروت تقضي بالتنسيق مع السلطات اللبنانية لملاحقة مرتكبي جريمة القتل والتنكيل التي حدثت واتخاذ الإجراءات القانونية وفقا للقانون اللبنانيquot;.

وخلال وجود وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي في القاهرة الأحد الماضي وفيما كان يستعد للعودة الى بيروت بعدما شارك السبت في الاجتماع الطارىء لquot;لجنة مبادرة السلام العربيةquot; تبلغ ان مجهولا اتصل بالسفارة اللبنانية في القاهرة هاتفيا وهدد بالانتقام للعامل المصري الذي قتل في كترمايا وأقفل الخط.وحصل على التو اتصال بالسلطة الامنية المصرية المختصة وأبلغ بالتهديد والخطوات الواجب اتخاذها.

ونفى السفير اللبناني في القاهرة خالد زيادة quot;أن تكون اتخذت اجراءات استثنائية لحماية السفارة اللبنانية في القاهرةquot;.وقالquot; لا داعي ولا مبرر لاتخاذ اجراءات استثنائية علما أن الجهات الامنية المصرية تقوم بما تراه مناسباquot;. وأضاف quot;إن اتصالات روتينية واعتيادية تجرى بالجهات المصريةquot; مشيرا الى أن حادث قتل المواطن المصري الذي quot;استنكره كل المسؤولين في لبنان ولا يمكن أن يكون سببا لتعكير العلاقات بين مصر ولبنان خصوصا بين الشعبين المصري واللبنانيquot;.

وكان النائب العام في مصر طلب من وزارة الخارجية المصرية موافاتها بتقرير عن تفاصيل مقتل الشاب المصري.وقال زكي ان الخارجية ردت على طلب النائب العام على النحو الذي أفادت به السفارة المصرية في بيروت موضحا أن تقرير الخارجية تضمن خلفية عن واقعة حادث القتل الجماعي للأسرة اللبنانية المكونة من أربعة أفراد وقبض السلطات اللبنانية على المواطن المصري للاشتباه بارتكابه لها في ضوء وجود أدلة جنائية تفيد بذلك. وأن التقرير تضمن أيضاً ما أفادت به السفارة حول ملابسات هجوم أهالي البلدة على المواطن المصري وقتله طعناً ثم التنكيل بجثته، وكذلك الاتصالات الجارية مع السلطات اللبنانية في شأن تلك الوقائع.

وفي بيروت اجرى السفير المصري أحمد البديوي إتصالات مع كل منوزير العدل إبراهيم نجار والنائب العام التمييزي سعيد ميرزا في شأن نقل جثمان مسلم الى بلاده.ورفضالبديوي quot;محاولات الربط الخبيثةquot; بين قضية مقتل المواطن المصري في كترمايا محمد مسلم وبين الأحكام التي صدرت ضد المتهمين في quot;قضية خلية حزب اللهrlm;quot;rlm; في مصرrlm;، مؤكدا عدم وجود علاقة بين هذه القضية وتلكrlm;quot;.وقالquot; إن ما حدث في لبنان قضية جنائية لا تحتمل أي تأويل. وشدد على علاقة مصر الجيدة مع لبنان بكل مكوناتهrlm;. منوها بتعامل جميع المسؤولين اللبنانيين مع قضية مقتل المواطن المصريquot;.

الى ذلك وافق النائب العام التمييزي سعيد ميرزا على تسليم جثة مسلم الى السفارة المصرية تمهيدا لنقلها الى مصر فيما تستمر التحقيقات في سبيل القاء القبض على الذين قاوموا عناصر قوى الامن الداخلي بالعنف واقدموا على قتل مسلم. واشارت quot;وكالة انباء الشرق الاوسطquot; الى ان والدة مسلم غادرت كترمايا وتقيم حاليا مع ابنها من زوجها اللبناني في منطقة اخرى خشية التعرض للاعتداء من جانب اهالي البلدة مشيرة الى انها التقت القتيل في مركز الشرطة قبل ان تقوم قوى الامن باصطحابه الى موقع الجريمة لاستكمال التحقيقات وانها لم تكن تعلم انه سيتم اصطحابه الى البلدةquot;.

وذكرت للوكالة انها quot;كانت تنتظر في مركز الشرطة لاستكمال التحقيقات عندما وقعت الجريمة وان القتيل كان يعمل مع زوجها اللبناني منذ قدومه الى لبنان في كانون الاول الماضي quot;مساعد جزارquot;،وهو عمل لم يكن يحترفه في مصر حيث كان يعمل في صناعة الالمنيوم في حي الجمالية في القاهرة. وقالت ان مسلم وصل عبر سوريا عن طريق بعض المهربين من منطقة الهرمل الذين طلبوا اموالا مقابل تسهيل دخوله الى لبنانquot;.

الى ذلك وصف مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو الجريمة الرباعية في كترمايا بأنهاquot; جريمة وحشية بكل معنى الكلمة، وهي جريمة كبرى ضد اناس ابرياء واطفال صغار، وكان لا بد من معرفة ابعادها؟ ومن خطط لها؟ ومن يقف وراءها؟ ولماذا حدثت بهذا الاسلوب الوحشي؟ وما هي الدوافع التي تقف خلف هذه الجريمةquot;؟ وقال quot;كل هذا فقدناه امام جنون الغضب وثورة الانتقام، وبسبب الاخطاء الجسيمة التي ارتكبت عند استقدام المتهم الى كترمايا لتمثيل جريمتهquot;. وأضاف: quot;صحيح ان من حق اهل كترمايا ان يغضبوا وان يثوروا، ولكن ليس من حقهم ان ينصبوا انفسهم قضاة، وان يحكموا بالقتل والتعذيب والتمثيل بجثة المتهم ايا كانت جنسيته لان معالم الجريمة لم تكن قد اتضحت بعدquot;.