أمر العاهل السعودي اليوم بإحالة المتهمين في كارثة جدة إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام وهيئة الرقابة بعد استكمال إجراءات ضبطهم،وشمل القرار سلسلة توجيهات كلها تتعلق بما حدث في جدة نهاية نوفمبر/تشرين الثانيالماضيوسط ترقبحول تورط مسؤولين مؤثرين من رجال أعمال وموظفين حكوميين في الكارثة التي أودت بحياة مئة وثلاثة وعشرين شخصًا وأحدثت خسائر قدرت بمليارات الريالات.

الرياض: أصدر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز أمرًا ملكيًا يقضي بإحالة المتهمين في كارثة جدة إلى التحقيق بعد استكمال إجراءات ضبطهم، وشمل الأمر الملكي ملاحقة الشركات والمؤسسات التي ثبت تورطها مع إدراجها في قوائم وزارة الداخلية بحيث لا يشملها العفو مستقبلاً.

وجاء القرار الملكي الذي صدر اليوم الاثنين بمقدمة قوية تحدثت عن الأمانة وأن القرار لا يمثل إلا انتصاراً للوطن والمواطن والمقيم، وتخفيفًا للوعة ذوي الضحايا وتعزيزًا لكرامة الشهداء.

وكانت اللجنة المشكلة في تقصي كارثة جدة التي وقعت نهاية فبراير الماضي قد اجتمعت بالملك عبدالله في الخامس من مارس/آذار الماضي وأطلعته على نتائج التحقيق وآخر ما توصلت إليه، إلا أن القرار الذي صدر اليوم عزز المعلومات التي دارت حول تورط مسؤولين مؤثرين من رجال أعمال وموظفين حكوميين في الكارثة التي أودت بحياة مائة وثلاثة وعشرين شخصًا وأحدثت خسائر قدرت بمليارات الريالات.

وبحسب القرار الذي صدر اليوم، فإن ملاحقة المتورطين وإحالتهم لجهات التحقيق ومن ثم حصر قوائم الشركات والمؤسسات ومكاتب الاستشارات وإدراجها في قوائم وزارة الداخلية، ليس هو الأمر المهم الوحيد فيه، إذ حض الأمر الملكي أيضًا علىتعديلات وتوجيهات متعدّدة في الكثير من الاحتياجات التي تتطلبها أكبر مدن الغرب السعودي.

ونص القرار على فتح قنوات وتمديد للسيول وتعديل الكثير من الأنفاق والطرق وإزالة العوائق الترابية المحيطة ببعض الأحياء ووقف المخططات والمنح وحجج الاستحكام في الأودية ومجاري السيول، والتخلص تمامًا من بحيرة الصرف الصحي خلال عام واحد، كل ذلك متوزع على جهات متعددة، كلٌ في ما يخصها سواء وزارة الداخلية أو إمارة منطقة مكة أو أمانة جدة أو الجهات المختصة، وطالت التعديلات والتوجيهات وزراة العدل التي نص القرار على أن تصدر نظامًا جديدًا يحدد الأخطاء بحيث يعاقب المتسببون فيها من خلال أخطائهم وطريقة عملهم وآلية اتخاذ العقوبات بحقهم.

وفي آخر البيان كلف القرار الملكي جهات عديدة في جميع أنحاء السعودية بالاستفادة مما حدث والعمل على وضع الدراسات التي تكفل عدم تكرار ذلك مستقبلاً، وكان أهم الجهات التي أتى القرار على ذكرها الدفاع المدني ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهيئة المساحة الجيولوجية.

وتتكون لجنة التحقيق التي أمر بها العاهل السعودي بعد يوم من حدوث الكارثة وأعطاها صلاحيات واسعة من عدة جهات حكومية إمارة مكة والمباحث العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والدفاع المدني ووزارة العدل وديوان المراقبة العامة مع استبعاد أمانة جدة ومجلسها البلدي.

وحضرت اللجنة كاملة إلى مقر الملك في مزرعة الجنادرية شمال غرب الرياض بعد ثلاثة أشهر من التحقيقات وهي تحمل إضافة إلى تقريرها السري، خرائط وصور وعرض مرئي يتضمن الكثير مما ألم بجدة. أضف إلى حصر للخسائر في الأرواح والممتلكات قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وعُرضت أمام الملك عبد الله وعدد كبير من المستشارين والوزراء والرسميين.

وفي أول اجتماعات اللجنة تم الإعلان عن عدة لجان منبثقة كانت أولى مهماتها حصر الأضرار وتعويض المتضررين في ما بدأت قيادات اللجنة في التحضير لاستدعاء المعنيين بالكارثة من مسؤولين ورجال أعمال.

وكان الأمر الملكي الأول الذي قضى بتشكيل اللجنة لقي ترحيبًا واسعًا في الداخل السعودي مع إصرار على كشف كل الحقائق ومحاسبة المتسببين علناً، وأعلن مجلس الشورى السعودي عقب الأمر ترحيبه ودعمه الكامل لكل ما من شأنه إنجاح عمل اللجنة، وسط تحرك أول من الأخيرة حينما أنشأت موقعًا إلكترونيًا وخطوطًا هاتفية وفتحت الباب على مصراعيه للمواطنين والمقيمين للمشاركة في التحقيقات عبر الإدلاء بمعلومات أو اقتراحات تسهم في سرعة عمل اللجنة ودقتها.

ونصّ الأمر الملكي حينها على تعويض عائلة كلّ متوفٍّ بمبلغ مليون ريال في ما بدأت شركات التأمين متناقضة بين أن تعوض المتضررين أو أن تنتظر ما تسفر عنه نتائج التحقيق.

سيول جدة التي كانت هي الأعنف في تاريخها الحديث سببت سجالاً كبيرًا بين جهات حكومية حيث رمى بعضهم المسؤولية على الآخر، مثلما قالت أمانة جدة إنها لا تتسلم اعتمادات كافية وترفض طلباتها كثيرًا، بينما ردت وزارة المالية بأنها خصصت لأمانة جدة أكثر من أي مدينة أخرى في المملكة بما فيها العاصمة الرياض التي تفوق جدة مساحة وسكانًا وبنية تحتية.

وهو أمر حدث بين الأمانة والمجلس البلدي حينما اتهم بعضهما الآخر في عدم التجاوب خلال إجراءات التحقيق.
وتوالت أنباء اللجنة في استدعاء الكثير من المسؤولين ورجال الأعمال في جدة وخصوصًا من أمانة جدة التي تعرضت لهجوم إعلامي غير مسبوق في الصحف السعودية ووصلت إلى ما يشبه الاتهام المباشر حول مسؤوليتها في الكارثة.

وعلق احمد التيهاني وهو إعلامي وأديب سعودي على الأمر الملكي بقوله ، إن هذا الأمر كان منتظراً من جميع الأوساط في السعودية ، إذ كان المواطنون ينتظرون إجراء حازمًا ليعطي تحولاً مهمًا في مسيرة الإصلاح الوطني ، مضيفًا التيهاني بقوله، ذلك أن إجتثاث جذور الفساد غير ممكن إلا بعمليات مؤلمة تتجاوز النمطي والشائع وتطرح فكرة المدارة .
وأضاف التيهاني في حديثه مع إيلاف بعد صدور أمر العاهل السعودي ، أن أهمية هذا الأمر يتجاوزه في ذاته بوصفه حالة أو أنموذجًا إلى غيره لتصير المحاسبة نهجًا وطنيًا لا يفرق بين ذوي النفوذ وسواهم مما يحقق العدالة الاجتماعية التي يطالب بها أهل الأدبيات منذ عقود.
وختم التيهاني حديثه بقوله، الملفت في هذا الأمر الملكي هو الصياغة القانونية التي تكرس فينا ثقافة مهمة وهي ثقافة القانون التي من خلالها يعرف المواطن حقوقه وحدود واجباته.

التسلسل الزمني لأبرز أحداث كارثة جدة :
الأربعاء 25-11-2009، أمطار غزيرة تهطل على مدينة جدة الساحلية وتستمر لعدة ساعات دون توقف وحصيلة اولية تفيد بوفاة 10 مواطنين وإنقاذ أكثر من 100 شخص.

* الخميس 26-11-2009، الدفاع المدني السعودي يعلن ارتفاع حصيلة الضحايا جراء الامطار الغزيرة والسيول الى 48 شخص، وإنقاذ 900 آخرين حاصرتهم الأمطار، وتعلن عن استخدامها القوارب المطاطية في عمليات الانقاذ.

* الجمعة 27-11-2009، مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة يدعو الأهالي إلى الابتعاد عن تجمعات المياه والسيول خشية الأمراض التي قد تسببها، والإعلان عن ارتفاع حصيلة الضحايا الى 83 شخصًا، وسط مخاوف من تعرض المدينة لسيول جديدة، وطائرات الدفاع المدني تواصل محاولاتها لانقاذ المحاصرين وسط المياه.

* السبت 28-11-2009، الإعلان عن ارتفاع حصيلة الضحايا الى 106، والمحامي السعودي وليد أبو الخير يقول انه سيقاضي أمانة جدة مؤكدًا أن عائلات ضحايا السيول تدعم مسعاه وأنه يعتزم التنديد بفشل نظام الصرف الصحي في المدينة.

* الأحد 29-11-2009، محاولات الانقاذ مستمرة في المدينة المنكوبة، واهتمام اعلامي غير مسبوق بالسيول وما خلفته من اعداد كبيرة من الضحايا، وكُتّاب سعوديون ينتقدون أمانة جدة ويتهموها بالتقصير وعدم تقدير الأمور على نحو جيد.

* الاثنين 30-11-2009، كارثة جدة تلقي بظلالها على سفر حركة سفر وعودة الحجاج الى بلدانهم نتيجة تأخر رحلاتهم بسبب تعطل النظام الآلي في مبنى الحجز، الأمر الذي يدفع المسؤولين الى انهاء اجراءات المسافر يدويًّا، فيما تستمر عمليات البحث عن مفقودين.

* الاثنين 30-11-2009، مساء يعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز تشكيل لجنة تحقيق في كارثة جدة ويمنحها صلاحية استدعاء أي مسؤول للتحقيق، ويترأس اللجنة الأمير خالد بن فيصل حاكم منطقة مكة، ويوعز للجهات المختصة بصرف تعويض يبلغ مليون ريال لكل عائلة ضحية، وتقديم مساعدات وإيواء جميع المتضررين جراء الفيضانات.

* الثلاثاء 1-12-2009، ترقب رسمي وشعبي لبدء لجنة التحقيق أعمالها، وإشادة واسعة باهتمام الملك وقراره تشكيل اللجنة وتقديم مساعدات عاجلة لذوي الضحايا، بينما تواصل السلطات جهودها وتنفيذ خططها الاحترازية بشكل واسع في المؤشرات عن استقرار وضع بحيرة quot;المسكquot;.

* الخميس 3-12-2009، عمليات البحث عن مفقودين مستمرة، والإعلان عن اسماء 108 متوفين جراء السيول، والدفاع المدني ينشأ مركز اسناد للطوارئ لمتابعة مستجدات السيول ومحاصرة بحيرة المسك.

* السبت 5-12-2009، اللجنة المشكّلة من قبل العاهل السعودي للتحقيق في كارثة جدة تعقد اول اجتماعاتها برئاسة الامير خالد الفيصل، وبحسب ما تمخض عن الإجتماع فإنه تقرر تشكيل عدة لجان منبثقة وتم تكليفها بمهام اولية ياتي في مقدمتها حصر الأضرار والبدء في ترتيب صرف الاعانة الحكومية لذوي الضحايا البالغة مليون ريال لكل أسرى متوفى.

* الأحد 6-12-2009، مجلس الشورى السعودي يؤكد دعمه لأعمال لجنة التحقيق في كارثة جدة، ويشيد بصدور الأمر الملكي بهذا الخصوص، ويشير الى انه سيعمل من جانبه على متابعة تداعيات فاجعة سيول جدة عبر ما يكفله له نظامه وصلاحياته الرقابية.

*الاثنين 7-12-2009، اللجنة المشكلة لتقصي الحقائق تطلق موقعًا إلكترونيًا وتشرك المواطنين والمقيمين في الإدلاء بمعلومات تفيد التحقيق، وتبدأ باستدعاء شخصيات من داخل وخارج أمانة جدة وسط شائعات عن منع لبعض المتورطين من السفر.

*الأربعاء 9-12-2009، المتحدث الإعلامي لأمانة جدة أحمد الغامدي يتحدث لإيلاف quot;نحن متهمون...والتحقيق لن يتوقف عند الفقيهquot; ويروي لإيلاف التسلسل المتوقع للمتوقع مثولهم أمام لجنة التحقيق.

*الخميس 10-12-2009، ارتفاع عدد القتلى إلى 116 قتيل وتضاؤل فرص العثور على ناجين.

*السبت 12-12-2009، الدفاع المدني يعلن العثور على 5 ناجين من عائلة واحدة فيما يرتفع عدد القتلى إلى 120 قتيلاً فيما تقلص عدد المفقودين إلى 32.

*الخميس 17-12-2009، تضاؤل فرص العثور على ناجين بعد الكارثة وارتفاع عدد القتلى إلى 121 ولجنة التحقيق تواصل عملها دون إعلان مجريات التحقيق.

*الاثنين 21-12-2009، ارتفاع عدد القتلى إلى 122 بحسب بيان الدفاع المدني وجهود التطوع تستأثر بالمشهد في جدة.
*الاحد 10-1-2010 ، ارتفاع عدد القتلى إلى 123 بعد العثور على جثة في إحدى المستنقعات المائية.
*الجمعة 19-2-2010، بدء صرف الدفعة الأولى من تعويضات المتضررين.

*الجمعة 5-3 -2010، العاهل السعودي يتسلم تقرير لجنة التحقيق.
* الأثنين 10-6-2010، العاهل السعودي يصدر أمره بإحالة المتورطين للتحقيق ويصدر سلسلة توجيهات تتعلق بتتابعات الكارثة