قال عضو الكنيست دانييل بن سيمون، من حزب العمل،أن رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهوهو الوحيد القادر بين ساسة إسرائيل اليوم على تمرير اتفاقية سلام تقوم على المبادرة السعودية لحل لصراع العربي الإسرائيلي، معتبرا أن الدور الوحيد الممكن لليسار الإسرائيلي هو طرح الأفكار والحلول.

تل أبيب: توقععضو الكنيست دانييل بن سيمون، من حزب العمل في حوار مع quot;إيلافquot; وقوع عملية اغتيال سياسية على خلفية عملية السلام، معتبرا أن هناك نحو 2500 شخص في صفوف اليمين المتطرف والمستوطنين يمكن لأي فرد منهم أن يقوم بعملية اغتيال سياسي لرئيس حكومة في حال شعر هؤلاء أن السلام سيقتطع أجزاء من quot;ارض إسرائيلquot;، لأن طائفة من هؤلاء يقدسون الأرض قبل كل شيء ولا يمكن لهم أن يستوعبوا حالة تتنازل فيها إسرائيل عن أراض لصالح الفلسطينيين.

ومع أن بن سيمون يرى أن نتنياهو هو الوحيد القادر اليوم على تمرير اتفاق سلام مع الفلسطينيين إلا أنه يعترف بأن أحدا في إسرائيل لا يعرف تماما كيف يفكر نتنياهو، وما إذا كان نتنياهو يقصد ما يقول عندما يتحدث عن السلام لكنه على استعداد لإمهال نتنياهو ثلاثة شهور يعتقد بأنها كفيلة أن تفضح كل شيء فإما أن يسير نتنياهو على خطى شارون وبيغن ورابين وإما أن يتقوقع في عالمه الأيديولوجي المعارض لأي تنازل للفلسطينيين وهو يعترف بأنه يشعر بالخجل في كل أسبوع من اقتراحات القوانين العنصرية التي تطرح على الكنيست. وفيما يلي نص المقابلة:

إيلاف: تلقى حزب العمل، الذي تمثله في الكنيست، أو على الأقل معسكر اليسار فيه ضربة قوية الخميس عند استقالة عضو الكنيست أوفير باز من الكنيست وإعلانه أن حزب العمل لا يملك طريقا ولا زعيما، كيف تصف حالة حزبك اليوم؟

دانيل بن سيمون: quot;لقد كنا حتى يوم الخميس في غرفة العلاج المكثف وبينما كنا نتأهب لمغادرتها باتجاه غرفة الإنعاش تلقينا الضربة الجديدة وتمت إعادتنا من جديد لغرفة العلاج المكثف، أي أن ما أريد قوله هنا هو أن مشكلة حزب اعمل لا تزال قائمة، فقد فقدنا جمهور ناخبينا، وفقدنا الطريق ونحن نبحث عن أشخاص يمكن لهم إخراج الحزب من حالته الراهنة. إنني أقول لك وليكن واضحا، لست متأكدا من أن بمقدور براك قادر على إخراجنا من هذه الأزمة، لذلك يمكنني أن أقترح عليه، عبر موقعكم السعودي، فقد يصله الكلام أن يتنازل وأن يودع كرسي رئاسة الحزب وليبق وزيرا للدفاع، فالجمهور الإسرائيلي، لا يريد براك رئيسا للحزب أو للحكومة وإنما يريده وزيرا للدفاع إذ أن 61% من الإسرائيليين يؤيدون بقاءه وزيرا للدفاع ، ولكن كرئيس لحزب العمل فإنه يحصل على 5-6 مقاعد فقط، ولذلك فإنني أبحث اليوم عن شخص آخر يقود حزب العمل ويأخذه إلى المعارضة.

إيلاف: مع ذلك فإنك لم تتخذ موقفا حازما مع المتمردين الذين يسعون لترك الحزب أو جره على خارج الحكومة برئاسة نتنياهو؟

دانييل بن سيمون: أقولها بوضوح مرة أخرى لقد أعطيت نتنياهو فرصة، وأنا على استعداد لإعطائه فرصة أخرى، فأنا أعتقد أنه قادر على تحقيق السلام، ولكن يمكنني أن أعطيه فرصة من خارج الحكومة، من مقاعد المعارضة فأنا لست مدينا له للبقاء في الائتلاف الحكومي، لست ملزما بالدخول إلى الحكومة، إلى نفس السرير مع حزب يسرائيل بيتنا، فالأمور لا تدور على ما يرام في هذا الائتلاف لست مضطرا لأكون في نفس السرير مع أفيغدور ليبرمان.

إيلاف: أنت مستعد لإعطاء فرصة لمن قلت في كتابك عن انتخابات العام 1996 أنه فاز فقط بفضل تعاويذ الراب كادوري ودعوات ودعم الراب عوفاديا يوسيف؟

دانييل بن سيمون: اسمع لماذا أؤيد نتنياهو؟ أنا أؤيد نتنياهو لأنه فعلا شخص يهودي ، لأنه يحظى بأصوات اليهود وليس مثلنا في اليسار أناس ما بعد اليهودية، إسرائيليون في هويتهم لا يصوتون لليمين، وأنا أقول لك، من أجل تحقيق السلام ومن أجل قبول المبادرة السعودية واعتمادها ، فأنت ملزم بتأييد من اليهود، وليس فقط اليهود الذين يعيشون في إسرائيل، وإنما اليهود الذين يحملون هوية يهودية،هوية تاريخية، توراتية، يهود يتضامنون ويتماهون مع قصة التراث اليهودي وحكاياته التوراتية، ولأسفي الشديد لست كذلك فأنا أنظر للأمور من زاوية مختلفة بعض الشيء ، وهذه النظرة تشمل أيضا اليسار الإسرائيلي، فهو يسار علماني، حداثوي آني، بل ما بعد الحداثة، ومن يحدد مستقبل الدولة في إسرائيل ، منذ مناحيم بيغن ولغاية اليوم، هو اليمين الإسرائيلي، لذلك ما الذي تبقى لليسار أن يفعله، هو إعطاء الأفكار والمقترحات بشأن التسوية المطلوبة، وأن يقوم اليمين بتنفيذ الأمر، على أن يحدث شيء ما في إسرائيل يغير الصورة، ولكن في الظروف الراهنة، فأنا أعتقد أن نتنياهو هو رئيس الحكومة القادر، ولكن أمرا واحدا لا أعرفه، هو ما الذي يخفيه في قلبه، وهل يريد ذلك، هل هو جاد أم أنه يقوم بخداعنا!

إيلاف: لكن أفعاله الميدانية تقول وتكشف ما في قلبه؟

دانييل بن سيمون: سنعرف حقيقة مواقفه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر من الآن. لأنه إذا لم يقرر السير في هذا الاتجاه (السلام) بصورة جادة، فمن الواضح أنه لن يستطيع بعد تجميد الاستيطان لعشرة أشهر، خصوصا وأننا سنشهد خلال شهر استئناف للمفاوضات ومحادثات قمة مع أبو مازن، وعندها لن يعود للبناء من جديد في المستوطنات، وبالتالي سنعرف سريعا وخلال وقت قصير ما الذي يضمره في قلبه. هذه هي المشكلة، هذه هي مشكلتي ومشكلة الجميع فلا أحد يعرف، بمن في ذلك إيهود براك، ما هو الهدف الرئيسي لنتنياهو. ولكن عليك أن تعلم أن الرجل يحكم بالجمهور وله تأييد واسع، بسبب ما ذكرته عن الراب كادوري، وهو إلى جانب ذلك أيضا رجل العالم الواسع المنفتح على الدنيا، فهو يمزج بين الاثنين، فعندما يضع على رأسه الكيباه، تبدو عليه طبيعية للغاية. فهو رجل تزوج ثلاث مرات، ومع ذلك لم يتفوه اليهود الأصوليون quot;الحريديمquot; بكلمة واحدة سيئة ضده.

إيلاف: هل أنت على يقين من ذلك فالرجل تربى على قيم الحركة الصهيونية التصحيحية، فهل ما تقوله اليوم عن قدرته على إحلال السلام هو في الواقع العبرة المستخلصة من اغتيال رابين، والتهديدات الأخيرة باغتيال براك، هل هناك حاجة في إسرائيل لرئيس حكومة يميني يحظى بتأييد اليسار اليهودي وليس العربي، لأنه في حال كانت الحكومة من اليسار فستكون بحاجة لأصوات أعضاء الكنيست العرب؟

دانييل بن سيمون:أوافقك على ما تقول ولذلك أقول لك، إنه على المدى القريب، وطالما كان هناك صارع شديد، فليس واردا أن يصوت الإسرائيليون لليسار، وعندما يصوتون لليسار فإنهم يبحثون على يسار يقوده شخص مثل رابين الذي هو في الواقع رجل يميني، ولإيهود براك، وهو عمليا يميني في مواقفه، فاليسار الذي نعرفه، كما عهدناه سابقان يسار يحب السلام والمساواة ، يسار من الطراز الرومانسي، هو يسار لن يحظى بأصوات الإسرائيليين، لن الإسرائيليين تربوا على معادلة واحدة تقول بأن الشرق الأوسط هو منطقة خطيرة، هي بمثابة وجبة فإما أن تكون مفترسا وإما أن تكون الفريسة والإسرائيليون يحبون أن يكونوا المفترس وليس الفريسة، والوحيد القادر على ضمان ذلك هو زعيم قوي.

إيلاف ولكن في حديثك عن الزعيم القوي أنت تغفل التهديد الذي أرسل لبراك، وهو تهديد قد يطبق على نتنياهو إذاquot;تنازل عن ارض إسرائيلquot;؟

دانييل بن سيمون: هذا صحيح، فأنا أقرأ تاريخ اليهود منذ 2000 عام وأنا ملزم بالقول لك أن جين التمرد مطبوع في دم اليهود وقد تمردوا كثيرا على مر التاريخ درجة أنهم قضوا على زعمائهم، والنقاش القائم اليوم، كان قائما يومها وهو : هل اليهود هم شعب كباقي الشعوب وجزء منها أم أنه شعب يجب أن يعيش بمعزل عن غيره من الشعوب وما يذهلني أن هذا النقاش هو نفس النقاش التاريخي والقديم؟

إيلاف: ولكن ما هي احتمالات وقوع اغتيال سياسي جديد، خصوصا وأن الوزير بن اليعيزر، دعا إلى التعامل مع هذا التهديد بمنتهى الجدية؟

دانييل بن سيمون: أستطيع أن أقول لك، كمن عمل مراسلا في الراضي الفلسطينية لعشرات السنين، هناك مئات الأشخاص المستعدون اليوم لإطلاق الرصاص وتنفيذ جريمة اغتيال سياسي ضد كل من يمكن أن يمس بأرض إسرائيل وهؤلاء هم quot;الجهاد اليهوديquot; وهي بالنسبة لهم مهمة مقدسة ولذلك فإن كل الموضوع السياسي يبدو لهم quot;كلام فاضيquot; (قالها بالعربية)، فبالنسبة لهم المهم هو التوراة quot;الوعد الإلهيquot; الذي لا يمكن لأحد مواجهته والاعتراض عليه، وهو يسيرون وهم يحملون هذا quot;الكوشانquot; ولذلك عندما وضعت عنوانا لكتابي عن انتخابات العام 1996 بلاد أخرى، قصدت أن هذه هي بلاد غريبة لا يعرفها اليسار الإسرائيلي، فهؤلاء أناس على استعداد للموت من أجل هذه الأرض، تماما مثل يغئال عمير، وهم لا يريدون الخدمة في الجيش ولكن إذا كان لا بد من الموت والتضحية فهم على استعداد للموت من أجل الأرض، والخليل... وأنا أسأل نفسي من يستطيع أن يرضي ويهدئ هؤلاء الناس، وجوابي هو فقط شخص مثل أريئيل شارون، فقد أخرج شارون 8000 مستوطن من غزة ومع ذلك وخرج من المر بسهولة، في المقابل فإن شمعون بيرس لم يخرج مستوطنا واحدا، ورابين لم يخرج مستوطنا واحدا بل أضافوا مستوطنات. وقد قتل رابين مع أنه أبرم الاتفاق الذي منح الفلسطينيين الحد الأدنى الممكن ولم يعد شبرا واحدا، أما شارون فأعاد غزة بأكملها وحظي بمعاملة البطل، ومناحيم بيغن أعاد في حينه كل شبه جزيرة سيناء وفكك مستوطنة يميت مع ذلك اعتبر بطلا ، وقد كنت في الشارع عندما وصل السادات لإسرائيل، ورأيت مئات الآلاف وهم يهتفون له. لو كانت غولدا مئير في الحكم يومها لما فعلت ذلك، ولا رابين. وأنا أقول إن إسرائيل عندما يتعلق الأمر بالسلام فهي تعتمد فقط وتتكل فقط على اليمين. وبالتالي فالمهمة الوحيدة المتبقية لليسار هي طرح الأفكار ودعم اتفاقيات السلام التي تتوصل إليها حكومات اليمين، ولذلك ندعم اليوم بينيامين نتنياهو..

إيلاف: مع ذلك ألست قلقا من الوضع الراهن ومن تمرد اليمين المتطرف والمستوطنين على الجيش والدولة؟

دانييل بن سيمون: أنا قلق للغاية فنحن نتحدث عن دولة داخل دولة. فالمجتمع الإسرائيلي والدولة، ومنذ العام 1967 يوفرون يغذون هذه quot;الدولةquot; ويمدونها بالوقود الذي يبقيها على قيد الحياة، بالمال والموارد والجيش. فقد خدم ابني على سبيل المثال أربع سنوات في الخليل وهو يحتقر المستوطنات، لكنه مع ذلك قام بحراستها فنحو ثلث الجنود في الجيش يحرسون المستوطنين.
لو كنت رئيسا للحكومة أو وزيرا للدفاع لكنت أصدرت أوامر اعتقال إدارية لنحو 2500 شخص أعرف أن القاتل القادم المحتمل هو من بينهم. ولكنت وضعت جدولا زمنيا لإخلاء كافة المستوطنات، والإبقاء ربما على كتلة أو كتلتين استيطانيتين. وأنا أقول لك عندي خطة، أوامر اعتقال إدارية ضد 2500 شخص يحملون رصاصة يمكن لهم أن ينفذوا بواسطتها اغتيال الديموقراطية الإسرائيلية. يجب وضع تاريخ نهائي لإخلاء آخر مستوطن، فهكذا حدث في الجزائر، حيث تم إخلاء مليون فرنسي خلال شهر واحد من الجزائر، ولم يستغرق الأمر عدو سنوات، بينما نحن لم ننه بعد ملف الانسحاب من غزة ومسألة تعويضات المستوطنين. مليون شخص انتقلوا من قارة لأخرى؟

إيلاف: ربما تحتاج إسرائيل زعيما مثل بيغن، فهو خلافا لرابين، أصدر أوامره للجيش بينما كان رابين يتشاور مع قادة الجيش حول خطوط الانسحاب؟

دانييل بن سيمون: أنا أؤيد هذا التوجه، ان يكون هنا زعيم مثل بيغن، يهودي. فقد كان زعيما كبيرا، تماما مثل ديغول، وشارون عند إقراره الانسحاب من غزة، ورابين عند إقرار اتفاق أوسلو، أما الباقي فليس هناك ما يقال عنهم. ولذلك أقول إذا كان هناك زعيم إسرائيلي يمكن أن يكون ديغول الجديد فهو بينيامين نتنياهو. لذلك يجب أن نقل للمجتمع الإسرائيلي أن علينا أن ننهي هذا الملف وهذه الخدعة، فنحن من يغذي هذه المستوطنات ويمدها بإكسير الحياة، ولكن عندما يحين الوقت يجب حسم الأمر وآمل أن يقوم حزب العمل بأن يخرج للمعارضة وأن يعيد تنظيم صفوفه من جديد لتحديد هذه الأهداف. أقول لك إنني لست متأكدا من أن براك يؤيد إخلاء المستوطنات، لست متأكدا، أعتقد أنه يحب المستوطنين، وبن اليعزر أيضا، كما أن بيرس باعتقادي يحبهم وأعتقد أن سمحون ومتان فيلنائي يحبان المستوطنين فهذه هي المشكلة فإذا كانوا يحبون المستوطنين فإنهم سيمدونهم بالموارد والمال والحماية. أعتقد أنهم يعرضون المستقبل الديمقراطي والوجودي لدولة إسرائيل. يجب إنهاء هذا الملف، وأعتقد أنه يمكن إنهائه خلال عام عاو ونصف، لكن المشكلة هي بأن القيادات السياسية والحزبية في إسرائيل غير ناضجة لاتخاذ هذا القرار.