يوارى الثرى يوم الثلاثاء عبد العزيز مزيان بلفقيه مستشار العاهل المغربي الذي كان يعرف بـquot;صانع النخبquot;.

الدار البيضاء: توفي مساء الأحد عبد العزيز مزيان بلفقيه، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، في مستشفى الشيخ زايد في العاصمة الرباط.

ومن المنتظر أن تجري مراسم تشييع جنازة الفقيد، في مسقط رأسه في مدينة تاوريرت، يوم الثلاثاء، بعد صلاة الظهر.

ولد عبد العزيز مزيان بلفقيه، المعروف بـ quot;صانع النخبquot;، سنة 1944 في مدينة تاوريرت. وبدأ الراحل مشواره المهني سنة 1968 في وزارة الأشغال العمومية بصفة مهندس إعداد سد مولاي يوسف على نهر تاساوت.

وشغل الراحل عدة مناصب، إذ عين سنة 1974 رئيسا للقسم التقني في مديرية الطرق ثم رئيسا لدائرة الأشغال العمومية والمواصلات في الرباط.

كما عين غداة المسيرة الخضراء منسقا بالعيون لمجموع مصالح وزارة الأشغال العمومية والمواصلات في الأقاليم الجنوبية.

وعند عودته إلى الرباط سنة 1978 شغل على التوالي، مناصب مدير المفتشية العامة في وزارة التجهيز والإنعاش الوطني ما بين 1978 و1980، ومدير الطرق والسير على الطرق من 1980 إلى 1983، وكاتب عام لوزارة الأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر ابتداء من سنة 1983 إلى غاية 1992. كما عين في17 تشرين الثاني- نوفبر1993 وزيرا للفلاحة والإصلاح الزراعي.

وفي شباط (فبراير) 1995 عين وزيرا للأشغال العمومية، وفي 13 آب (أغسطس) 1997 عين وزيرا للفلاحة والتجهيز والبيئة، وهو المنصب الذي شغله إلى غاية آذار (مارس) 1998. وفي 24 نيسان (أبريل) 1998 عينه جلالة المغفور له الحسن الثاني مستشارا في الديوان الملكي.

وكان الراحل يتمتع بقدرة هائلة على وضع الخطط والاستراتيجيات، واقتراح المنفذين، واستشراف مؤهلاتهم وقدرتهم على الاندماج والتضامن.

وأكبر امتحان واجهه مزيان بلفقيه، الذي يعد رجلا غير عادي في التاريخ السياسي المغربي، هو الإشراف على صياغة الميثاق الوطني للتربية والتعليم.

في كتابه الأخير، الصادر في حزيران (يونيو) 2009، حول الانتقال الديمقراطي غير المكتمل في المغرب، قال بيير فريموران، وهو أستاذ جامعي فرنسي سبق له أن درس في المغرب لمدة سبع سنوات، إن الثورة الليبرالية والعولمة الرأسمالية وصدمة التكنولوجيات الجديدة مست المغرب، والملكية لا يمكن أن تواجهها بأدوات الماضي.

وأضاف أنه في هذه المرحلة الجديدة، هناك رجلان اضطلعا بدور رئيس هما أندري أزولاي، ومزيان بلفقيه. ففي سنة 1993، أقنع الأول الحسن الثاني بتشكيل quot;حكومة تكنوقراطيةquot;. ثم ابتكرا سنة 1996 quot;مجموعة 14quot;، وفق منظور إيجابي يرى في صورة التكنوقراطي بديلا من السياسي.

هذه المجموعة عهد إليها بابتكار حكومة تلائم العولمة الليبرالية ومتطلباتها، بهدف تفادي أن يعصف برنامج تقويم هيكلي جديد، تفرضه المؤسسات المالية الدولية، بالبناء السياسي والاجتماعي.

وأكدت شخصيات اشتغلت إلى جانب الراحل لدى بلورة تقرير الخمسينية حول التنمية البشرية، وكرئيس منتدب للمجلس الأعلى للتعليم، أن الفقيد الذي تولى تدبير ملفات جد مهمة بحكمة وخبرة قل نظيرهما، أسهم في إرساء لبنات المغرب الحديث، وبذل مجهودا كبيرا في سبيل بناء مدرسة وطنية بهوية مغربية وبمواصفات كونية.

وكان مزيان بلفقيه قال، خلال مداخلة له في إطار يوم دراسي نظمه الفريق الاشتراكي (غالبية حكومية)، حول quot;تقرير الخمسينية، دروس الماضي وآفاق المستقبلquot;، إن المغرب حاليا على مفترق طرق، ومستقبله بين أيدي ابنائه، ما يتوجب معه إثارة نقاش عام، مشيرا إلى أن التعامل مع الماضي يشكل تمرينا صعبا يتطلب الكثير من التأني والتواضع، مع استبعاد التعامل العدمي والنظرة التمجيديةquot;.

وأضاف بلفقيه أن تقرير الخمسين سنة من التنمية، الذي اشرف عليه، اقترح نوعا من التشخيص المشترك يتفق فيه الجميع اليوم على أن المغرب صار مختلفا تماما عن الذي تركه الاستعمار قبل خمسين عاما، مشيرا إلى أن المكتسبات المهمة التي تحققت لا يمكن أن تخفي مكامن التعثر، فالبلاد تحتل المرتبة 124 في سلم التنمية البشرية العالمي، بسبب انتشار الأمية والفقر.