وصل ديمتري مدفيديف الى دمشق في اول زيارة رسمية يقوم بها رئيس روسي لسوريا، وسيبحث ميدفيديف في دمشق مؤتمر السلام والوضع في لبنان كما يوقع ست اتفاقيات ذات طابع اقتصادي وعلمي.
الاسد مستقبلا ميدفيديف |
دمشق: وصفت مصادر دبلوماسية روسية زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى دمشق والتي بدأت مساء الاثنين بأنها quot;هامة وطبيعية جداًquot;، وأعربت عن قناعتها بأنها quot;تعبّر عن رغبة روسية في تجدد العلاقة مع بلد صديق منذ عقودquot;. واشارت إلى أنه سيتم خلالها quot;التأكيد على رغبة روسيا في تطوير العلاقات مع سورية في العديد من المجالات السياسية والاقتصاديةquot; .
وأوضحت المصادر أن quot;مؤتمر السلام المتعلق بالشرق الأوسط، والمفاوضات غير المباشرة السوري ـ الإسرائيلية المتوقفة، وموقف كلا البلدين من تشكيل الحكومة العراقية والوضع في لبنان سيكون ضمن الأمور التي سيناقشها الزعيمانquot;، ونفت أن يتم التوقيع على أي اتفاق عسكري خلال الزيارة.
ووصل الرئيس مديفيديف مساء اليوم إلى دمشق في زيارةتستمر يومين يجري خلالها مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد تتناول توطيد العلاقات السياسية الاقتصادية بين البلدين، ويستعرضان خلالها الأوضاع في المنطقة وخاصة عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط.
وأقام الأسد مأدبة عشاء على شرف نظيره الروسي، وألقى كلمة خلال المأدبة أشار فيها إلى مكانة روسيا لدى الشعب السوري بحكم مواقفها الداعمة لقضايانا العربية ووجود رابط بشري وأسري بين مواطني البلدين.
وقال الأسد إن هذه الزيارة ستشكل محطة تاريخية هامة على طريق تعزيز وتطوير علاقات البلدين التي تعود إلى مئات السنين والتي لعب التواصل الثقافي دوراً كبيراً في توطيدها. وأضاف أن سياسة روسيا الداعمة لنضال شعوب العالم الثالث من أجل التحرر والاستقلال التي لعبتها في عهد الاتحاد السوفيتي وتلعبها اليوم قد ثبتت مكانتها العالية لدى شعوب منطقة الشرق الأوسط مشيراً سيادته إلى أن السوريين لن ينسوا وقوفها إلى جانب سورية من أجل تحرير الجولان وجميع الأراضي العربية المحتلة وسعيها الدؤوب من أجل إقامة السلام العادل والشامل في المنطقة.
كما أكد الرئيس الأسد على إرادة سوريا والعرب للسلام وسعيهم لتحقيقه مشيراً إلى أنه ورغم الكثير من الجهود المبذولة والمبادرات العربية فإن المنطقة ما زالت بعيدة عن السلام بسبب الرفض الإسرائيلي وهي ما زالت تعاني من الاحتلال الإسرائيلي وتهديداته المستمرة بالهجوم على الدول العربية.(...)
وأكد الأسد على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي لملف إيران النووي ورفض أي مغامرة عسكرية ستكون عواقبها كارثية على المنطقة والعالم. كما أعرب عن تأييد سوريا لجهود تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والحد من انتشارها داعياً روسيا إلى الإسهام في جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وخاصة النووية منها وصولاً إلى عالم خال من هذه الأسلحة.
كما ألقى الرئيس ميدفيديف كلمة أعرب فيها عن سعادته لزيارة سوريا التي تعرف بملتقى الحضارات ومهد الحضارة البشرية مستشهداً بقول المؤرخ الفرنسي أندريه باروت لكل إنسان موطنان.. بلده وسوريا.
وأشار الرئيس الروسي إلى روابط الصداقة والاحترام التي تجمع البلدين(...) ، وقال إن التغيرات الجذرية التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة لم تترك آثاراً سلبية على علاقات البلدين بل زادتها رسوخاً معرباً عن أمله بتطوير الحوار السياسي بين البلدين وزيادة التعاون الثقافي والاقتصادي والاستثماري والعلمي والتقني.
كما أعرب الرئيس ميدفيديف عن ثقته بقدرة روسيا وسوريا على حل العديد من القضايا الإقليمية والدولية مشيراً بشكل خاص إلى بذل الجهود لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي.
وكان الرئيسان الأسد وميدفيديف قد عقدا اجتماعاً ثنائياً عقب وصول الرئيس الضيف استعرضا خلاله علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكانت قد جرت مراسم استقبال رسمية للرئيس ميدفيديف لدى وصوله إلى قصر الشعب حيث كان في مقدمة مستقبليه الرئيس الأسد ثم عزف النشيدان الوطنيان لجمهورية روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية بعد ذلك جرى استعراض حرس الشرف بينما كانت المدفعية تطلق احدى وعشرين طلقة تحية لضيف سورية الكبير.
ويرافق مديفيديف وفد حكومي روسي، وآخر يمثل رجال الأعمال الروس، ومن المقرر أن يوقع الجانبان على ست اتفاقيات ذات طابع اقتصادي وعلمي في مجالات السياحة والبيئة وخدمات النقل الجوي والتعاون بين غرف تجارة البلدين ومجالس رجال الأعمال والاتصالات والتقانة.
وتأتي زيارة الرئيس الروسي إلى سورية ضمن جولة شرق أوسطية تشمل تركيا أيضاً التي يزورها الثلاثاء وتستغرق يومين.
وتعتبر زيارة مديفيديف إلى سوريا هي الأولى لرئيس روسي، بينما يعتبر اللقاء بين الزعيمين هو الثاني من نوعه حيث سبق وأن التقيا خلال زيارة الرئيس الأسد لروسيا في آب/أغسطس ألفين وثمانية.
وتنظر سوريا إلى الزيارة بخصوصية شديدة، وتأمل أن تشكًل نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وأن ترتقي إلى علاقة استراتيجية، وأن تطال اتفاقات عسكرية دفاعية مشتركة في مرحلة لاحقة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي نحو 1.3 مليار دولار، وهو يشكل نحو 20% من إجمالي التبادل التجاري الروسي مع جميع الدول العربية، وتتوقع بعض المصادر السورية أن يرتفع إلى ملياري دولار العام الجاري.
وتسعى دمشق للتزود بأسلحة روسية صاروخية أو غير صاروخية لتحمي سماء سورية، وكذلك تمتين العلاقات السياسية مع روسيا للاستفادة القصوى من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن ومن دورها السياسي العالمي المتنامي. فيما تحاول روسيا استثمار عدم نجاح الولايات المتحدة في أكثر من ملف في الشرق الأوسط لتفرض لنفسها دور هام في المنطقة.
وتؤكد روسيا على حق سورية في استرجاع الجولان المحتل، وتؤيد فكرة عقد مؤتمر حول السلام في المنطقة، لكنها تتحفظ على فكرة بيع أسلحة متطورة لسورية، وتقول إنها قد توافق على بيع أنواعاً من الأسلحة الدفاعية التي quot;لا تنتهك بأي شكل من الأشكال التوازن الاستراتيجي للقوى في المنطقةquot;، فيما تطمح سورية للحصول على صواريخ دفاعية متطورة للدفاع الجوي وصواريخ متوسطة المدى، وتأمل كذلك أن تعتمد روسيا ميناء طرطوس (غرب) كقاعدة عسكرية له في المتوسط وليس كمحطة إقليمية لتخديم الأسطول الروسي فقط.
التعليقات