عدنان الاسدي

كشف عدنان الأسدي،الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقيةعن أن الأردن هيالمركز الأساسي الذي يتم تهريب آثار بلاده عبر أراضيها لأنها مفتوحة على جميع الدول تقريبًا،داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على هذه الكنوز الحضارية من النهب.

بغداد: قال عدنان الاسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية إن تهريب وسرقة الآثار العراقية متواصل منذ أعوام بعيدة، وأن العراق مهدد بفقدان تاريخه وارثه الاثاريالمهيب أن لم تستنفر القوى الوطنية- جهودها بخصوص هذا الملف الهام.

واضاف الاسدي: انه في الوقت الذي يتواصل الصراع السياسي على المناصب وتوزيعها،يبقى الغموض والقلق يلف مصير ملفات أساسية وحيوية تهم العراق ومصلحته منها ملف الآثار العراقية.

وقال الاسدي: حماية المواقع الاثارية تحتاج الى المال وأفراد لحمايتها، لدينا في العراق قرابة 30 الف موقع آثاري مهم حسب دراسة حديثة لمجلس الوزراء، وتلك المواقع لا تحظى بالحماية التي تحتاجها.

واردف: قياسا لعدد المواقع الاثارية فان القوات العسكرية المكلفة بحمايتها لا تتعدى اصابع اليد.. بل ان الغالبية العظمى من تلك المواقع الاثارية لا تحظى باي نوع من أنواع الحماية. والسبب ليس لقصور في نظرتنا لكن لأن الواقع الامني العراقي كما يعرف الجميع كان متدهورًا جدًّا. كان من الصعب إيقاف عمليات تهريب الآثار ونهبها. الحدود تقريبًا مفتوحة كما إن حماية الاثار كانت عملية صعبة. ويواصل: في العام 2009 بعد ان استقر الوضع الأمني بشكل لافت أصبح من الممكن الانتباه أكثر الى حماية الآثار وصيانتها.

ولفت الاسدي الى انه تقدم بفكرة عملية اولية لتوفير حماية محكمة للمواقع الاثارية في العراق الى مجلس الوزراء. وملخص الفكرة يقتضي توفير الحماية لـ30 الف موقع اثاري اعتمادا على افراد شرطة(F.B.S)-حماية المنشآت-، فبدلاً من المشروع الذي تم طرحه والقاضي بالاستغناء عن خدمات الشرطة F.B.S الذين يقدر عددهم حوالى 100 الف شرطي، فالمقترح ينفذ عن طرق تحويلهم الى شرطة حماية الآثار، ووضع خطة لتدريبهم وتوفير الآليات الحديثة، لأن الآثار في العراق بحاجة الى حماية فعلية وتحرك سريع وحاسم.

وتابع الوكيل الاقدم: quot;هذه الفكرة واحدة من افكار عديدة تتم دراستهالتوفير حماية سريعة للمواقع الاثارية، لكن المطلوب هو توفير حماية اكبر وتوفير المال اللازملتشكيل مديرية حماية الاثار والتركيز عليها ليصبح عملها اكثر احترافية ومهنية.

تهريب الآثار العراقية يتم عن طريق الاردن

وبخصوص الدول الرئيسة التي يتم تهريب الاثار العراقية عن طريقها قال الاسدي إن الأردن هيالمركز الأساسي التي يتم تهريب الآثار العراقية عبر أراضيها لانها مفتوحة على جميع الدول تقريبا. ويتمركز تجار تهريب الآثار الكبار في الأردن وقد جمعوا ثروات طائلة وإمبراطوريات عن طريق تهريب الآثار العراقية.

ولكن الاسدي أثنى على الأردن ولبنان والكثير من الدول التي بادرت لإحباط عمليات تهريب آثار كبيرة تمت على أراضيها. وقال بهذا الصدد: أعادت السطات في الاردن وفي لبنان الكثير من الآثار العراقية المهربة عبر أراضيها.وأرسلنا في وزارة الداخلية ضباطًا لإعادة الآثار وتسليمها الى الدوائر المختصة. وتابع: أصبحت الكثير من الدول تبدي تعاونًا أكبر بهذا الشأن.

جرائم تهريب الاثار في المناطق الجنوبية والوسطى

وطبقًا للجداول المؤشرة فيوزارة الداخلية فإن الاثار المهربة يتم تهريبها عدد الاثار التي يتم تهريبها منالمناطق الجنوبية والوسطى اكبر بكثير من باقي المناطق العراقية. ويعزو السبب في ذلك إلى غنى وثراء تلك المناطق بالاثار التي تمتد لحضارة عمرها اكثر من 5000 الاف سنة.

ويتم تهريب الآثار ونقلها من المناطق الجنوبية الى المناطق الغربية في العراق، ومن هناك يتم تهريبا بشكل اسهل برا الى الدول الاخرى. لكن مهربي الاثار الجنوبيين لا يحصلون على مبالغ عالية قياسًا بتلك التي يحصل عليها تجار الآثار في المنطقة الغربية من العراق. حيث يبيع مهرب الآثار الجنوبي بضاعته بسعر رخيص بالنسبة لتاجر الآثار في المنطقة الغربية. لكن مهربي الاثار الكبار الذين يستقر اغلبهم في الاردن يتقاضون الارباح الاكبر لأنهم يبيعونها في السوق السوداء في العالم . وتفوق ارباح تجارة تهريب الاثار العراقية ملايين الدولارات.

لكن الاسدي اشاد بالوعي المتزايد عند الناس بضرورة الحفاظ على الآثار كونها تمثل تاريخ العراق وحضارته. مما دفع بالكثيرين منهم الى إعادة آثار مسروقة كثيرة. لكنه دعا الى مزيد من الحرص،وخص المجتمع الدولي بضرورة مساندة العراق في استعادة آثاره وإحباط عمليات تهريب الآثار المنتظمة والمستمرة والتي تدر على حققت لتجارها ثروات طائلة.

نبش عشوائي ومواقع أثرية مهددة بالفقدان

من الجدير بالذكر، ان المواقع الاثارية العراقيةتتعرض للنهب والتهريب المستمر منذ الخمسينيات والستينيات وصولا الى يومنا هذا. وكانت عوائل عديدة تعتاش على المردود الذي يتحصلون عليه من جراء نبش وتنقية ما يجدونه في القبور والمواقع الأثرية بعد نبشها وحفرها. لكن سرقة الاثار وتهريبها كبرت بشكل واضح خلالدخول القوات الأميركية العراق منذ العام 2003. بل وقد تورط العديد من الضباط الأميركيين أنفسهم بتهريب الآثار.

ويعتبر فشل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في توفير الحماية للمواقع الاثارية سببًا أساسيًا لتمادي مهربي الآثار في نبش المواقع الاثاري وهدمها وتعريضها للتلف.

ولفت عبد الامير الطالقاني المستشار في وزارة الثقافة والإعلام الى ان امتداد المواقع الاثارية في مناطق واسعة ومفتوحة وعدم تطويق تلك المناطق وتوفير الحماية الفعلية لها. لهو امر يتركها في متناول المهربين الذين لا يلقون مواجهة رادعة، وبالتالي فإنهم ينبشون تلك المواقع الأثرية ويحفرونها ويحصلون على ما يريدونه بمنتهى السهولة.

وبسبب انعدام الحماية، فإن الكثير من المواقع الاثرية معرضة للتخريب ومهددة بالفقدان. وقال الطالطقانيquot; انعدام الحماية للمواقع الاثرية واهمالها يؤدي الى تركها صيدًا سهلاً للمهربين الذين يعتمدون علىالنبش العشوائي عادة للحصول على قطع اثرية يقومون بتهريبها. ويؤدي النبش العشوائي الى تخريب المواقع الاثرية وهدمها وبالتالي فقدانها.

واضاف: اثار مثل مدينة الوركاء مترامية الاطراف بحاجة الى حماية تمتد على طول رقعتها الجغرافية وهو امر لم نتمكن من توفيره.ويشمل الامر كل المواقع الاثرية الاخرى.

ارقام صعبة

ويصعب تحديد أرقام الآثار والكنوز المسروقة من المواقع الاثرية في العراق بسبب عدم وجود تنقيبات دقيقة واحصائيات، بل ان قسمًا كبيرًا من تلك الاثار لم يتم تدوينه في سجلات خاصة لهذا الغرض. وحسب كلام المستشار الاعلامي فان اثار حضارة سومر مثلا تنشر على طول العراق وعرضه والأغلبية منها مدفونة تحت الارض .لكنها تتركز في البصرة وميسان واسط وبابل وكربلاء والنجف والديوانية والانبار.

واضاف: عندما تم نهب مقتنيات المتحف الوطني العراقي واجهنا صعوبات شديدة في تحديد المسروقات لان اغلبها لم يتم تدوينه في سجل المتحف. وكان المتحف وكأنه ملكا صرفا لإفرادعائلة صدام حسين. ولا ندري اين اختفت كنوز الحضارة العراقية الممتدة لاكثر من 5 الاف سنة! وتشكل تلك الكنوز تيجان لملكات وملوكوقلائد ومقتنيات ذهبية ضخمة ومخطوطات نفيسة وغيره.

ويواصل: الارقام الرسمية تقول بفقدان قرابة 150 الف قطعة اثرية ثمينة خلال نهب المتحف الوطني بعد دخول القوات الاميركية في التاسع من نسيان وما تلاه. وبلغ عدد قطع الآثار التي استردها العراق بين أربعة آلاف وسبعة آلاف قطعة أثرية من تلك التي فقدت خلال عمليات السلب والنهب وتشتمل المسروقات على تعويذات، وقطع عاج آشورية، ورؤوس منحوتة، وأوان طقسية، وخواتم اسطوانية يتم تهريبها والتعامل بها في أوساط فنية وأسواق سوداء في العالم.