دعا رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني مواطني الإقليم إلى توحيد صفوفهم في مواجهة ما أسماهها مخاطر وخطط وهجمات تخريب الأوضاع في العراق عمومًا وكردستان خصوصًا، والحفاظ عليها من التدهور من خلال إتخاذ أقصى حالات الحيطة والحذر والتعاون مؤكدًا أنَّ الإقليم يمر اليوم بأوقات مصيريَّة وحسَّاسة من خلال مسائل تتعلق بالمصالح العليا للشعب الكردستاني، وذلك إثر تصاعد الإتهامات السياسيَّة التي أثارها اغتيال الصحافي الكردي الشاب سردشت عثمان مؤخرًا .

لندن: في رسالة وجهها بارزاني الى quot;جماهير كردستان الصامدةquot; ووزعتها رئاسة الاقليم اليوم اشار قائلا quot; نمر اليوم بأوقات مصيرية وحساسة حيث هناك العديد من المسائل الضرورية والمتعلقة بالمصالح العليا للشعب الكردستاني وعلى مستوى الاقليم والعراق إذ أن ذلك يستوجب منا وحدة الصف والموقف والشعور العالي بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق كل فرد من أبناء إقليم الاقليم ومواجهة مخاطر وخطط وهجمات تخريب الاوضاع في العراق عمومًا وكردستان خصوصًا والحفاظ عليها من التدهور من خلال اتخاذ أقصى غايات الحيطة والحذر والتعاونquot;.

واضاف انه quot;في هذه اللحضات الحرجة ومع مزيد من الاسف فقد تمكن الارهابيون في وقت سابق من الوصول وإغتيال الطالب سردشت عثمان وان هذا الحادث الاجرامي أصابنا جميعًا من دون إستثاء بالأسى والامتعاض ناهيك عن الحزن الشديد وهنا أجدد مرة أخرة إدانتي الشديدة لحادث إلاغتيال كما أدين بشدة كافة العمليات الارهابيةquot;.

وكان الصحافي سردشت (23 عامًا) الذي عرف بأنتقاداته الحادة للمسؤولين الاكراد وحديثه عن حالات الفساد التي تسود الاقليم قد اختطف من امام جامعة صلاح الدين في اربيل عاصمة الاقليم (220 كم شمال بغداد) مطلع الشهر الحالي ثم عثر على جثته بعد يومين في ضواحي مدينة الموصل (375 كم شمال بغداد) .

وكان سردشت طالبًا في السنة النهائية بقسم اللغة الإنكليزية في الجامعة ويعمل في الوقت نفسه صحافيًا بصحيفة quot;أشتي نامةquot; وقد نشر مؤخرًا مقالاً انتقد فيه مسعود بارزاني . وافاد شقيق الضحية أن جثة أخيه عندما عثر عليها كانت تحمل آثار تعذيب كما تشير الى انه قد أُطلق عليه الرصاص في فمه على أيدي الذين اختطفوه وقتلوه.

وعبر بارزاني في رسالته عن quot;الاسى والاسف الشديدينquot; لتمكن quot;موجة الارهاب الاسود في مناطق العراق الاخرى من حصد أرواح العديد من شباب هذا البلد بيد أن كردستان نعمت بالأمن والاستقرار وبشكل ملحوظ للعيان وأن تعودنا على هذا الامن والاستقرار تسبب لنا في فقدان أحد شباب وطننا في حادث إرهابي مؤثر ومفجع وقد ترك آثاره على نفوس وعقول كل فرد من أبناء البلد والمجتمعquot;.

واكد ان الجميع في الاقليم يترقبون حاليا quot;من المؤسسات ذات العلاقة بالأمن والمسؤولين على حماية أمن واستقرار هذا البلد عدم فسح المجال مجددا لارتكاب أي حادث من هذا النوع وعلى مسؤولي الأمن أن يعملوا بمنتهى الحرص والمسؤولية على إيجاد مرتكبي هذا الحادث الاجرامي بغية تقديمهم للعدالة ونيلهم الجزاء العادل أمام القضاءquot;.

واشار الى ان المسؤول الاول والأخير عن حماية أمن وسلامة وأرواح المواطنين في إقليم كردستان هو رئاسة الاقليم وحكومته وقال quot;ان الدفاع والمحافظة على حقوق وحماية أرواح وممتلكات كل مواطن سواء كان مؤيدًا ومناصرًا لي أو كان معارضًا ومخالفًا هي مسؤوليتي بالدرجة الاساس ولايستوجب على أحد بتاتًا المزايدة حول هذا الشيءquot;. واضاف quot;لذا فاني آمل من الجميع عدم وضع العقبات والعراقيل أمام الجهات ذات العلاقة والمؤسسات الرسمية التي تعمل جاهدة من أجل القيام بمهامها ومسؤولياتها ومتابعة مثل هذه الملفات الملقاة على عاتقهاquot;.

واوضح قائلا quot;نحس جميعا من خلال الاتهامات الباطلة وغير المستندة الى أدلة وبراهين ان البعض يهدف الى تحويل المسألة والحادث لغايات سياسية مما أدى الى خلق وضع حساس وغير سليم كما أن الافعال وردات الفعل للاعلام بلغت حدا يبعث على الاستياء والامتعاض ناهيك عن الرفض الشديد لهاquot;.

وطالب بارزاني quot;الجميعquot; بالعمل وفق مبدأ الشعور بالمسؤولية وتوجيه الانتقادات بكل حرية والتعبير عن آرائهم بمطلق الحرية وقال quot;الا أنه في الوقت ذاته عليكم حماية واحترام العادات والتصرفات والتقاليد الكردية والاعلامية وعدم التعدي عليها والاهم عدم توجيه التهم الباطلة لاي شخص جزافا بدون أدلة ملموسة وموثقةquot;.

وبين انه حين تتوفر الادلة في أي وقت من الاوقات ضد أي شخص أو جهة أو تنظيم يتعلق بالحادث المروع لاغتيال سردشت quot;فان على الجميع إبتداءً مني والى آخر شخص في هذا المجتمع الانصياع للقانون والنظام وان تطلب الامر المثول أمام المحاكم إذ ليس هناك شخص فوق القانون وإن الذين يرمون التهم جزافا وبدون أدلة لاي جهة أو مؤسسة أو شخص يجب أيضًا التعامل معهم وفق القانون والنظامquot;.

وشدد غلى ضرورة quot;إحترام القانون وثمار دماء الشهداء وأن يطمئن الجميع ان كردستان ستبقى آمنة ومستقرة وان أرواح وممتلكات المواطنين محمية ومحفوظة ولن نسمح لأي شخص أو جهة مهما كانت خلق المخاطر على التجربة في الاقليمquot;.

وكانت حركة التغيير الكردية المعارضة بقيادة نوشيروان مصطفى قد وجهت اتهامات الى مسرور نجل مسعود بارزاني الذي يتولى رئاسة وكالة حماية امن الاقليم بالمسؤولية عن جريمة قتل سردشت الامر الذي نفاه مسرور بشدة وقال في بيان ان quot;الإعلام التابع لحركة تغيير quot;كورانquot; قام بعد الحادث المأساوي لاغتيال الشاب (سردشت عثمان) بخلق جو معقد مستخدمًا دماءه لاغراضه ومرامه الشخصية والسياسية موجها ذلك ضد السلطات في إقليم كردستان وقياداته وشخصياته.

حيث قامت مجلة quot;لفينquot; التابعة للحركة بتلفيق بعض التهم المفبركة لكي تربط إسمه وشخصيته بحادث إغتيال الصحفي الشاب مدعية الى أنه حينما نظمت ندوة لمسرور بارزاني لطلبة الأقسام الانكليزية في جامعة صلاح الدين مؤخرا أبدى سردشت عثمان إنتقادات حادة وجهها خلال الندوة وان ذلك أدى حسب قول المجلة الى إمتعاض وإستياء مسرور تجاه هذا الطالبquot;.

ووصف مسرور هذه المعلومات التي نشرتها المجلة بأنها quot;تلفيقات بعيدة عن مبادىء واسس الاخلاق الصحافية وهي تروم من ذلك حض ودفع أصحابها لرد الفعل المغاير وتهدف من ذلك ال استخدام دم هذا الصحافي واستغلاله لمرامها وغاياتها الشخصية والا كان من السهل جدا حين الاستفسار من بعض أصدقائه ومعارفه يتبين ويتضح لهم بأن ذلك غير صحيح إطلاقا وليس له أي أساس من الصحة وأن الشهيد لم يوجه أي سؤال الى مسرور بارزانيquot;.

وكان نوشيروان مصطفى القيادي السابق في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني قد انشق مع مجموعة من القياديين الاخرين عن الحزب العام الماضي وشكل حركة تغيير. وحصلت الحركة على 8 مقاعد في مجلس النواب العراقي خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة وعلى 25 مقعدا في برلمان كردستان خلال الانتخابات التي جرت في كردستان في تموز (يوليو) الماضي .

ومن جهتها فقد دعت منظمة العفو الدولية رئيس اقليم كردستان الى quot;إصدار أمر بإجراء تحقيق فوري ومستقل بشأن اختطاف وقتل سردشت عثمان وغيره من ضحايا الاعتداءات وأعمال القتل التي تعرض لها الصحافيون والناقدون في إقليم كردستان العراق وغيره من المناطق التي تخضع لسيطرة حكومة كردستان العراق في الواقع الفعليquot;.

واشارت المنظمة في بيان لها الى ان الأعوام الأخيرة قد شهدت نمطاً مطرداً من الاعتداءات البدنية على الصحافيين وغيرهم في إقليم كردستان العراق والمناطق المجاورة له ممن أعربوا عن انتقادهم لقياديين أو مسؤولين في الحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة الرئيس جلال طالباني) والحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) اللذين يهيمنان معاً على السلطة في حكومة كردستان العراق .

وكتب سردشت (23 عامًا) مقالات انتقد فيها سياسة السلطات الكردية في الاقليم والمحسوبية والفساد الاداري. وكان من ابرز كتاباته التي نشرها موقع quot;كردستان بوستquot; المعارض لسياسة الاحزاب الكردية مقال بعنوان quot;انا اعشق بنت مسعود بارزانيquot;.

وفي المقال الذي تناوله بصورة ساخرة يروي سردشت حلما اذا فعلا تزوج بنت رئيس اقليم كردستان كيف تنفتح له الافاق ويتحول من رجل فقير الى مترف. وقال quot;عندما اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في اميركا. سانقل بيتي من حيينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلاً كلاب اميركا البوليسية وحراس اسرائيليونquot;.

وفي مقاله الاخير قبيل مقتله كشف سردشت انه تعرض الى تهديدات وبلغ عميد كليته عنها لكنه لم يابه لها وقال له ان قضية اعرضها للشرطة. وقال quot;في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومةquot;. واضاف quot;لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب وسأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتيquot;.

وناشد من يهددونه قائلا quot;ادعو ان يعطونني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية .. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموتquot;. واوضح ان quot;همي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي .. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل .. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائهاquot;.

ويأتي هذا التصعيد في المواجهة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة تغيير بعد ايام قليلة من اعلان ائتلاف القوى الكردية الفائزة في الانتخابات العراقية والاتفاق على برنامج موحد تجاه القضايا الخلافية مع الحكومة المركزية في بغداد .

وتخشى مصادر كردية من ان يؤثر هذا التصعيد على وحدة مواقف الائتلاف الذي اعلن الاحد الماضي خلال المفاوضات التي سيجريها وفد من هذا الائتلاف في العاصمة بعد ايام حول تشكيل الحكومة الجديدة والقضايا الخلافية مع بغداد . ويضم الائتلاف التحالف حالف الكردستاني بحزبيه الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية الكردستانية.

وحصلت قائمة التحالف الكردستاني المشكلة من 12 حزبًا كرديًا أبرزها الديموقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني على 43 مقعدًا في الانتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من آذار (مارس) الماضي فيما حصلت حركة التغييرعلى 8 مقاعد والاتحاد الاسلامي الكردستاني على 4 مقاعد والجماعة الاسلامية الكردستانية على مقعدين ليصبح المجموع الكلي لمقاعد الاكراد في مجلس النواب العراقي الجديد 57 من مجموع مقاعد المجلس البالغة 325.