يرى معظم المصوّتين في استفتاء ايلاف الأسبوعي أنه لا مبرر لاستمرار حالة الطوارئ في مصر، حيث صوّت ما نسبته 68.87% مع ذلك، بينما قالت نسبة 18.20% انهم يرون أن العمل في قانون الطوارئ مبرّرًا.

بيروت: أبدت أغلبية المشاركين في الإستفتاء الأسبوعي لـ quot;إيلافquot; عدم اقتناعها بالأسباب التي حدت الحكومة المصرية إلى تمديد العمل بقانون الطوارئ وإن معدلاً بعدما حصرته في التعامل مع جرائم المخدرات والإرهاب، بدليل ان 68.87 في المئة أي 4776 مشاركًا من أصل 6935 أجابوا بـ quot;لاquot; على السؤال المطروح وهو: هل ترى استمرار العمل بقانون الطوارئ في مصر مبرّرًا؟ في حين أجابت أقلية بنسبة 18.20 أي 1262 مشاركًا بـ quot;نعمquot;، ولزمت موقف quot;لا أهتمquot; نسبة 12.93 في المئة أي 897 مشاركًا.

وكان مجلس الشعب المصريقدوافق يوم الثلاثاء في 11 من أيار/مايو الجاري على تمديد تمديد العمل بقانون الطوارئ الساري المفعول منذ 29 عامًا، لسنتين إضافيتين بأغلبية 68 في المئة من عدد النواب، ولكن مع إقرار تعديل طلبته الحكومة ويقصر تطبيق قانون الطوارئ على القضايا التي تنطبق عليها صفات الإرهاب والمخدرات. ونال القانون المعدل أغلبية 308 أعضاء من إجمالي عدد أعضاء البرلمان البالغ عددهم 454 عضوًا. علمًا أن 103 نواب من بينهم جميع أعضاء جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، التي فازت العام 2005 بـ88 مقعدًا، صوتوا ضد تمديد القانون.

ولفت اعتبار نواب الحزب الوطني الحاكم إن رئيس الوزراء المصري طلب إلغاء تطبيق حالة الطوارئ في نص صريح للمرة الأولى وتقييد استخدام القانون إلا في مجالي مكافحة الإرهاب والجرائم المرتبطة بالاتجار في المخدرات، أما قوى المعارضة فرفضت تلك الصيغة واعتبرتها التفافًا على مطالبتها المتكررة بإلغاء العمل بقانون الطوارئ quot;كضرورة لإرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مصرquot;، كما اعتبرت أن موقف الحكومة هو مجرد تبرير لمزيد من القمع السياسي وذلك من غير أن تلقي بالاً للمسوغات التي بنت عليها الحكومة المصرية طلب تمديد قانون الطوارئ في صيغته المعدلة بدل إلغائه.

ويتبين بنظرة إلى الموضوع وتطوراته أن الحكومة لم تلغ قانون الطوارئ وفقا لما تصرعليه المعارضة، لكنها قدمت في المقابل صيغة معدلة لا تبقي باب التوقيفات السياسية مفتوحًا لأسباب تتعلق بالرأي. وسيترتب على القرار الجديد تقييد، واستبعاد، عدد كبير من الإجراءات والتدابير المرتبطة بحالة الطوارئ والمنصوص عليها في البنود أرقام 2 و3 و4 و6 المتعلقة بالمادة الثالثة في قانون الطوارئ.

وبذلك لا يعود متاحًا للسلطات استخدام حالة الطوارئ للقيام بأي إجراءات تتعلق بمراقبة الرسائل أيًا يكن نوعها، ولا حظر مراقبة الصحف والمنشورات والمطبوعات، وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان أو ضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، وكذلك لا تعود قادرة قانونيًا على حظر تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها والاستيلاء على أي منقول، أو عقار، وإخلاء بعض المناطق وعزلها، وغيرها من التدابير الأخرى.

على الرغم من ذلك، تعتبر قوى المعارضة وفقًا للمشترك بين بيانات مكوناتها، وكذلك لمواقف العديد من جمعيات حقوق الإنسان التي توافقها الرأي، إن السلطات الواسعة التي يعطيها قانون الطوارئ للسلطة التنفيذية هي سلطات واسعة وتمكنها من تعطيل كل البنود الخاصة بالحريات العامة وحقوق الإنسان في المواثيق والمعاهدات الدولية، وهي تمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق والضمانات التي أكدها الدستور المصري.

ويبرز عامل عدم الثقة في أقوال تتكرر على أسنة المعارضين وفي أدبياتهم، محورها أن السلطات المصرية تستخدم قانون الطوارئ في غير الغرض المخصص له، فتناقض ما تتعهد به كل مرة عند تمديد قانون الطوارئ الذي توسعت باستخدامه سابقًا ضد معارضيها السياسيين، ولا سيمًا منهم قادة quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; الذين عُرضوا أمام المحاكم العسكرية طبقًا لقانون الطوارئ أعوام 1995 و1996 و1999 و2001و2008، وحُكم على عدد منهم بالسجن لمدد تصل إلى 10 سنوات.

ويذهب بعض المعترضين على غرار quot;حركة شباب 6 أبريلquot; إلى تفسير تمديد العمل بالقانون سنتين بالقول إن الغاية من ذلك إجراء انتخابات مجلس الشورى وانتخابات مجلس الشعب بعد سبعة أشهر وانتخابات رئاسة الجمهورية السنة المقبلة 2011 تحت مظلة قانون الطوارئ، الأمر الذي يسهّل التزوير في غياب أدنى ضمانات نزاهة الانتخابات.

ويتجاهل المعترضون في مصر وخارجها واقع إن كل الدول العربية تعيش في ظل قوانين طوارىء معلنة أو خفية لا فرق، وإن الإعتراض على هذا الواقع المفروض في بلدان عربية أخرى يعرض صاحبه لأقسى النتائج، وإن قصر تطبيق القانون على جرائم الإرهاب والمخدرات يعني التزامًا قانونيًا من السلطات بإطلاق كل موقوف يثبت أن هذيم الحالتين لا تنطبقان على قضيته. وهذا تطور يجب أن يؤخذ في الإعتبار، خصوصًا أن مصر والدول العربية الأخرى لم تصل بعد إلى مستوى سويسرا على سبيل المثال، في ثقافة شعبها لسياسية والإستقرار الذي تتنعم به منذ عقود وعقود .

وقد يكون صحيحًا أن تغيير وضع قديم يلزمه وقت أطول مما يطلب المستعجلون والذين ملّوا مماطلة السلطات في الإنفتاح على العصر ومواكبة الديمقراطية كما يجب أن تكون وليس وفق المصالح والحسابات الضيق، ولكن يبقى المهم أيضًا أن مسيرة الألف تبدأ بخطوة وقد خطتها مصر فعلاً.