أحدثت الإنتخابات البرلمانيَّة التشيكيَّة زلزالاً سياسيًّا تمثل بتراجع قوة الحزبين الأقويين في البلاد.

براغ: تتواجد تشيكيااليوم أمام واقع سياسي جديد بعد أن أحدثت الانتخابات البرلمانية التي جرت فيها يومي الجمعة والسبت الماضيين زلزالاً سياسيًّا، تمثل بتراجع قوةالحزبين الاقويين في البلاد منذ فترة طويلة، وهما الحزب المدني الديمقراطي وهو حزب يميني محافظ، والحزب الاجتماعيالديمقراطي الذي يصنف بانه من تيار يسار الوسط، وباستقالة ثلاثةرؤساءأحزاب سياسية هم ييرجي باروبيك رئيس الحزب الاجتماعي، وتسيريل سفوبودا رئيس حزب الشعب، وميلوش زيمان رئيس حزب حقوق المواطنين .

وعلى خلاف الانتخابات العديدة السابقة فان الفائز الأكبر في هذه الانتخابات لم يكن الحزب المدنيأو الاجتماعي على الرغم من تحقيق الحزب الأخير النسبة الأعلى من الأصوات وهي 22,08%، وإنما حزب توب 09وهو حزب من تيار يمين الوسط، تشكل قبل عام بعد حدوث انشقاقات في حزب الشعب، وذلك بعد حصوله على 16,70% من الأصوات، وحزب قضايا عامةالذي حصل على 10,88%، وهو حزب جديد نسبيا أيضابدأت شعبيته تتصاعد مع تسلم الصحافي التشيكي المشهور راديك يون رئاسته، وتشديدهعلى ضرورة مكافحة الفساد وإيقاف ما اسماه يون بالديناصوريينالسياسيين

ويرىالمحلل السياسي التشيكيكارل فوندراتشيك في حديث quot;لإيلافquot;أن الانتخابات كانت نوعا من الاحتجاج على سياسات الحزبين المدني والاجتماعي وعلى فضائحهما الكثيرة، وإشارة إلى دعمالناخبين، ولاسيما الشباب منهم للأحزاب الصغيرة الجديدة أي توب 09، وقضايا عامة، مع أن الحزبين لم يعدا الناس سوى بإجراء المزيد من التقشف وضبط الموازنة كي تتوقف تشيكيا عن السير في الطريق اليوناني .

ورأى أن التخويف من السيناريو اليوناني الذي ركزت عليه الأحزاب اليمينية اثر بشكل جيد على توجهاتالناخبين ولذلكمنحو الأحزاب اليمينية تفويضا كبيرا من خلال المئة وثمانية عشر مقعداالتي حصلت عليها أحزاب المدني وتوب 09 وقضايا عامة، من اصل 200 مقعد مقابل 82 مقعدالليسار ممثلا بالحزب الاجتماعي والحزب الشيوعي .

وتوقع فوندراتسيك أن يعمد اليمين ممثلا بهذه الأحزاب إلى تشكيل الحكومة القادمة على الرغممن فوز الحزب الاجتماعي في هذه الانتخابات لان الرئيس كلاوس سيعطي الأولوية للمشروع السياسي الذي يمتلك الفرصة للتنفيذ .

وبالنظر لكون حزبي توب 09 وقضايا عامة أكدا قبل وبعد الانتخابات بان التعاون مع الحزب الاجتماعي ليس ممكنا الآن على الرغممن استقالة باروبيككون برنامجه يختلف عن برنامجهما فان تكليف الرئيس كلاوس المسؤول الأول الآن فيالحزب الاجتماعي سوبوتكا بتشكيل الحكومة القادمة، لن يكون أمرا واقعيا الأمر الذياعترف به سوبوتكا بنفسه .

ويلاحظ في هذه الانتخابات تراجع مرتبة الشيوعيين التشيك إلى المرتبة الرابعة لأول مرة منذ سقوط النظام الشيوعيفي عام 1989، الأمر الذي يمثل تطورا سياسيا جديدا يؤكد أن هذه الحزب لا يمتلك أفقا سياسيا مزدهرابالنظر لاستمرار تمسكه باسمه الشيوعي وعدم اتخاذه المزيد من المواقف التي تؤكد انفصاله عن التجربة الشيوعية السيئةالتي حكمت البلاد حتى عام 1989 .

وبغض النظر عن طبيعة الحكومة الجديدة التي يتوقع إن تتشكل بسرعة على ضوء نتائج هذه الانتخابات برئاسة رئيس الحزب المدني الجديد بيتر نيتشاس فان السياسة الخارجية لتشيكيا لن تشهد تغييرا ملموسا فيما ستكون التحديات كبيرة على المستوى المحلي ولاسيما في المجالين الاقتصادي والمالي حيث يواجه الاقتصاد المحلي حالة واضحة من الانكماش بدأت العام الماضي، وترافق ذلك بتنامي المديونية وارتفاع العجز فيميزانية الدولة ولذلك فان أولوية الحكومة القادمةستكون لاتخاذ إجراءات توفيرية وتقشفية على حساب الامتيازات الاجتماعية والصحية للمواطنين لمنع استمرار تقدم البلادعلى الطريق اليوناني السيئ .

وأذا أراد الناخبون التشيك التغيير في قياداتهم السياسية ولكنهم سيشهدون أيضا مع ذلك تغيرا في حياتهم الاجتماعية والصحيةوالمعيشيةلان حزمةمن الإصلاحات والإجراءات التقشفيةستكون بانتظارهمبذريعة ضرورة الابتعادعن السيناريو اليوناني .